سفر يهوديت

مَنْ هي يهوديت؟

هي بطلة يهودية معروف عنها التقوى والغيرة وأنقذت شعبها بمعونة الرب من ظلم الأعداء.

وكلمة يهوديت كلمة عبرية معناها (يهودية) وقد ورد ذكر اسم (يهوديت) في الكتاب المقدس كإحدى زوجات عيسو ابن اسحق ابن إبراهيم.

كاتب السفر:

كاتب السفر هو مجهول ولكن يُظن إنه “يواقيم” الكاهن الأعظم في أورشليم.

زمن كتابة السفر:

حدد العلماء الفترة التي لابد وأن السفر قد كتب خلالها وهي الفترة من القرن السابع قبل الميلاد حتى القرن الثاني قبل الميلاد.

 وهناك ثلاث نظريات عن زمان كتابة السفر وهم:

النظرية الأولى:

 يمكن أن تكون في الفترة التي كان فيها الملك مَنسّى مأسور في بلاد ما بين النهرين.

 وفي ذلك الحين يقوم ملك الشمال بحملة نحو الجنوب ماراً باليهودية.

النظرية الثانية:

 عندما قام الملك سنحاريب الآشوري بحملة تأديب بعد هزيمته في فجر القرن السابع قبل الميلاد منتقماً أولاً من أرفكشاد صديق اليهود ثم متجهاً نحو اليهودية جنوباً.

النظرية الثالثة:

 يُقترح القرن الرابع قبل الميلاد في عصر أرتحشتا الثالث وحملته الجنوبية والتي توقفت في اليهودية.

أغراض السفر:

 كان هذا السفر يُقرأ عند اليهود في عيد التجديد وتتلخص أغراض السفر في:

أ-الإيمان: وأهميته مهما كان ضعفنا شديداً وقوة الأعداء جبارة والظروف سيئة.

ب-الجهاد الروحي: في الاستعداد للحرب، وتحصين المدن وقتل رئيس الجيش والهجوم على الأعداء.

ج-التمسك بشريعة الله: حتى وسط الضيقات.

د-الاتكال والتسليم المطلق لمشيئة الله: واثقين في عنايته فلا نشترط عليه شروط لإتمام عنايته بنا.

ه-الصلاة: وأهميته في الضيقة والشكر لله عندما ينقذنا.

النسخ الأصلية للسفر:

 يتفق العلماء على أن النسخة الأصلية للسفر والأرجح هي العبرية وليست الآرامية كما ظن البعض.

 وبما أن الأصل العبراني للسفر مفقود فإن أقدم صورة وصلت إلينا فيها هي الترجمة اليونانية.

 هذا وتعتبر النسخ اليونانية المختلفة لسفر يهوديت أكثر تطابقاً فيما بينها بالنسبة لنُسخ سفر طوبيا.

أقسام السفر:

• (ص1-3) قوة جيوش الآشوريين واكتساحها لكل البلاد المحيطة.

• (ص4-7) استعداد اليهود للحرب، صومهم، صلواتهم وغضب أليفانا رئيس جيش الآشوريين.

• (ص8-13) صلوات يهوديت التقية ونجاحها في قتل أليفانا.

• (ص14-16) انتصار اليهود على الأعداء وسلب غنائمهم وتسبيحهم لله.

قانونية السفر:

1- مما يؤكد صحة السفر وقانونيته أن هناك أجزاء من العهد الجديد اُقتبست منه مثل: –

“فأما الذين لم يقبلوا البلايا بخشية الرب بل أبدو جزعهم وعاد تذمرهم على الرب فاستأصلهم المستأصل وهلكوا بالحيات” (يهو24: 8-25).

 وتجد المعنى متكرراً في العهد الجديد

“و لا نجرب المسيح كما جرب أيضاً أناس منهم فأهلكتهم الحيات” (1كو9: 10).

2- على الرغم من خلو قائمة الكتب المقدسة العبرية من السفر إلا إنه كان مستخدماً في العبادة اليهودية الجماعية مثل عيد التجديد (الحانوكا) المذكور(يو 10).

3- قَبَل اليهود سفر استير دون يهوديت مع إنهم متساويان في القيمة والمضمون وذلك لأن أحداث سفر استير وقعت في البلاط الملكي بينما وقعت أحداث يهوديت في مدينة صغيرة غير مشهورة.

4-المجامع التي أقرت قانونية السفر:

 وفيما يلي قائمة بالمجامع التي أقرت قانونية السفر:

مجمع نيقية سنة 325م.

مجمع هيبو سنة 393م.

 مجمع قرطاجنة الأول سنة 397م

مجمع قرطاجنة الثاني سنة 419م

ومن المجامع الكنسية الكاثولوليكية:

 مجمع فلورنسا سنة 1124م.

مجمع ترنت سنة 1546م. (و أعتبر الفولجاتا هي الترجمة المعتمدة لدى الروم والكاثوليك).

مجمع القسطنطينية سنة 1642م.(مجمع الروم).

مجمع الفاتيكان الأول سنة 1870م.

 

5- هناك أيضاً قديسين وعلماء أقروا قانونية السفر واقتبسوا منه في تعاليمهم وكتاباتهم مثل:

القديس إكليمندس الروماني (في رسالته إلى أهل كورونثوس) (فصل55/عدد5،4).

القديس إكلمندس السكندري (في كتاب المربى) (9: 4،7: 2).

العلامة ترتليانوس.

العلامة أوريجانوس تفسير إنجيل يوحنا وكتاب الصلاة(فصل29،13).

القديس اثانسيوس الرسولي في خطبته الثانية لأريوس(35: 2).

القديس امبروسيوس

القديس جيروم.(إيرونيموس) في اغلب رسائله وقام أيضاً بعمل ترجمة للسفر نفسه).

القديس اغسطينوس في كتابه مدينة الله.

القديس باسيليوس الكبير في تعليمه عن الروح.

البابا غريغوريوس الكبير

القديس يوحنا ذهبي الفم

 

قصة السفر

نبوخذنصر الملك الآشوري، بعدما أخضع بلاد مادي شرقا، أرسل يطلب تأييد بلاد الغرب ومساندتهم، ولكن الأخيرين سخروا من رسله، ورفعوا راية العصيان، فما كان منه إلا أن حمل عليهم بجيش كالجراد، وعتاد لا قبل لهم بمثله فانتقم منهم شر نقمة، وذلك عن طريق أليفانا قائد جيوشه،الذي حصد الرجال بالسيوف وأحرق محصولات الأرض، وفرض الجزية عينية ومادية.

 ومن ثم فقد أرسل إليه قواد المدن التي لم يصل إليها بعد بجيشه، يترضون وجهه معلنين طاعتهم وخضوعهم مقدمين المؤونة لجيشه الجرار. إلا اليهود الذين رفضوا أن يندرجوا ضمن الخاضعين، فلم يرسلوا معتذرين مستسلمين كالباقين، فلما علم قائد الجيوش بعصيانهم وعدم خضوعهم، تعجب وعقد (مجلس حرب) استحضر فيه قوات عمون وموآب يستفسر منهم عن طبيعة شعب اليهود ومن عساهم أن يكونوا حتى يتمردوا، ولكن وعلى الرغم من أن العمونيين والموآبيين هم الأعداء التقليديين لليهود، فقد حذر أحيور قائد بني عمون، أليفانا من خطر الإصتدام باليهود ناصحا إياه بالتحول عنهم لأن إله السماء يحارب عنهم، وقد عرض أحيور ذلك في شرح مطول.

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس تفاسير أخرى عهد جديد إنجيل متى مقدمة إنجيل متى ى

 غير أن القائد لم يقنع بشئ من هذا وإنما هدد أحيور بالقتل في حالة هزيمة اليهود ومن ثم أرساه اليهود ليلقي نفس مصيرهم، وكانت (بيت فلوى) هى الخط الأمامي لليهودية، وكان أهلها قد تلقوا تعليمات من رئيس الكهنة في أورشليم بأن يسدوا كل المنافذ التي يحتمل أن يتسلل العدو من خلالها، كذلك فقد كانت جغرافية الأرض تجعل من اقتحام الأعداء نوعا من المغامرة والمقامرة، مما جعل أليفانا يقبل نصيحة الناصحين باللجوء إلى الحصار وقطع موارد الماء عن المدينة وذلك بغية تحقيق هدفين أشار إليهما مشبرو أليفانا من جيران اليهود:

أولهما: تعرض الشعب للجوع والعطش مما يدفعهم إلى الضغط على قادتهم بتسليم المدينة.

و ثانيهما: إجبارهم على استهلاك نصيب الله من العشور والبكور مما يجلب غضبه عليهم فيسلمهم ليد أعدائهم.

وقد حدث بالفعل بعد مرور خمسة أسابيع من بدء الحصار، أن نفذ الماء من المدينة ولاحت المجاعة بوجهها القاسي الكريه، فلما هاج السكان على قادتهم الثلاثة هناك وعدوهم بتسليم المدينة.

هنا تخترق يهوديت أحداث السفر، وهى أرملة جميلة وغنية ومشهود لها بالتقوى من الجميع، فقد سمعت بعزم الرؤساء على تسليم المدينة، فجاءت توبخهم على تقلص ثقتهم في الله، وتطلب إليهم مهلة يصنع فيها الله خلاصا على يديها فوافقوها دون أن يعلموا خطتها ودون أن تطلب هى بدورها مساعدة من أحد، ومن ثم فقد قدمت صلاة طويلة في مكان تعبدها في علية بيتها، وبعد ذلك تزينت بكل ما تملك من مجوهرات كانت قد ألقتها جانبا منذ موت زوجها منسى، وانطلقت إلى باب المدينة ففتح لها الحراس الباب فخرجت مع جاريتها متجهة إلى معسكر الأعداء الذين بهرهم جمالها فأرسلوها إلى قائدهم كطلبها.

هناك سلبت عقل أليفانا لاسيما وقد خدعته بأن الشعب منهزم لا محالة وإنها هى قد هربت إليه لتنجوا من الهلاك المحقق، وتشير عليه بما يجب أن يعمل، وعليه أن ينتظر منها إشارة البدء والتي سوف تأخذها من الله، لذلك فعليه أن يسمح لها بالخروج للصلاة ليلا والاغتسال في الماء.

و بعد ثلاثة أيام دعاها أليفانا إلى وليمته، وبينما هو يفكر فيها بالشهوة كان الله يعد خلاصا لشعبه في تلك الليلة، حيث تثقل بالشراب فسكر مثل الميت، ولما تركه جنوده معها وخرجوا، وجدت يهوديت أن اللحظة الحاسمة قد جاءت، فاستنجدت بالله وجمعت أطراف شجاعتها ثم هوت بخنجر على عنقه مرتين فانفصل رأسه عنه، فأخذتها مرتجفة ووضعتها في مذود طعامها وحملتها مع جاريتها وخرجت من المعسكر كعادتها في كل ليلة فلم يعترضها أحد، ولما وصلت إلى سور المدينة نادت على الحراس ففتحوا لها، وصرخت فيهم معلنة أخبار النصرة، فانطلق الكل مرتجفين واجتمع الرؤساء والشعب.. وعلموا بالخبر فعلقوا الرأس على السور مقابل معسكر الأعداء، وفي الصبح أطلقوا أبواق الحرب، فقام الآشوريون مستخفين غاضبين ليوقظوا قائدهم ليصدر لهم الأمر بسحق أولئك الجاسورين فوجدوه قتيلا بلا رأس، وفي تلك اللحظة وقفوا على الأمر كله، وتجمعت أمامهم الفصول الكاملة للحيلة التي حبكتها امرأة عبرانية جريئة.

فانزعج الجيش وهرب الجنود بطريقة عشوائية، أتاحت مطاردتهم وتشتيتهم على الرغم من عددهم الذي كان يقدر وقتها بحوالي المائتى ألف ما بين جندي وفارس، ومن ثم فقد استولوا على أمتعتهم ومحتويات خيامهم، وصارا بيهوديت سلام لإسرائيل طوال أيام حياتها وبعدها أيضا لفترة طويلة.

كذلك فإن هناك محورا هاما أيضا في السفر وهو قانون (معادلة) النصر والهزيمة في لاهوت العهد القديم، حيث يلقي السفر الضوء على موازين الله في الحروب

 

معنى يهوديت:

كما أن الكلمة العبرية “يهودي” تعنى فى العربية “يهودي” أى من جنس اليهود

فإن كلمة “يهوديت” كلمة عبرية أيضاً تعنى “يهودية”. وقد وردت كلمة “يهوديت” فى الكتاب المقدس قبلاً كإسم لإحدى زوجات عيسو ابن اسحق ابن ابراهيم. وقد ورد عنها أنها ابنة بيرى الحثى. ودعيت أيضا باسم “أهو ليبامة”، وقد كانت مرارة نفس لاسحق ورفقة (أنظر تك26: 34، 35 و36: 2).

أما يهوديت التى هى محور هذا السفر، فهى بطلة يهودية مشهود لها بالتقوى والغيرة. وقد أنقذت بمعونة الرب وبذكائها وحكمتها وشغبها من بطش اعدائه.

وكاتب هذا السفر مجهول؛ غير أن البعض ينسب كتابته إلى “يواكيم” الحبر الأعظم. وقد كتب السفر أولاً بالغة العبرية. ولكن الأصل العبرى مفقود الآن. أما نصه باللغة اليونانية، فهو وارد ضمن باقى أسفار العهد القديم فى الترجمة السبعينية للتوراة. ويتكون السفر من ستة عشر أصحاحاً.

 

وفى المقدمة التى جائت فى كتاب (يهوديت) والتى كتبها القديس إيرونيموس تلميذ القديس إغريغوريوس الثيئولوغوس، قال أن مجمع نيقية الأول أقر قانونية هذا السفر واعتبره واحداً من الأسفار الموحى بها. كما أن مجمع قرطاجنة فى قانونه السابع والعشرين اعترف بأن هذا السفر من الأسفار القانونية للتوراة, هذا بالاضافة الى أن المجمعين اللذين عقد أحدهما فى مدينة القسطنطينية وأكمل فى ياش عام 1642، والذى عقد ثانيهما فى مدينة أورشليم عام 1672، قد أقر سفر يهوديت ضمن الكتب المقدسة الموحى بها قائلين عنها أنها (كتب مقدسة إلهية). كما صدر قرار بنفس هذا المعنى أيضاً من المجمع التريدنتينى اعترافاً بمجموعة الأسفار القانونية الثانية باعتبار أنها جميعاً واردة فى النسخة السبعينية التى ترجمت فيها التوراة للغة اليونانية سنة 280 قبل الميلاد (=عقد هذا المجمع فى ترينت عام 1456 م).

هل تبحث عن  م التاريخ مجامع الكنيسة مجامع مسكونية تاريخ المجامع 78

 

وقد ورد فى كتاب مشكاة الطلاب فى حل مشكلات الكتاب طبعة 1929 (صفحة 166) أن الكثيرمن القديسين من آباء الجيل الأول والثانى والثالث والرابع وغيرهم، استشهدوا بسفر يهوديت فى كتابتهم. ومن أمثلة هؤلاء الآباء القديسين إكليمندس الرومانى (= فى رسالتة الأولى إلى كورنثوس فصل 55) والقديس إكليمندس الإسكندرى (= فى كتابة المربى 2 ف7 و4 ف9) والقديس أوريجانوس (= فى كتابة الصلاة ف13، 29) والقديس البابا أثناسيوس الرسولى (=فى خطبته الثانية ضد أريوس2: 35) والقديس إيرونيموس والقديس أمبروسيوس وغيرهما فى كتاباتهم.

 

وبرغم اعتراض الكنيسة البروتستانتية على هذا السفر وغيره من أسفار مجموعة الأسفار التى جمعت بعد عزرا الكاهن، فإن بعض الكنائس البروتستانتية كالكنيسة الألمانية تقر هذا السفر وتعتبرة ضمن الأسفار القانونية. وقد كتب بعض مشاهير الكتاب والمؤلفين البروتستانت تقريظات عن هذا السفر، وإن كانوا لم يخفوا رفضهم له كسفر موحى به. ومن أمثله هؤلاء:

 

1- القس داود حداد من القدس (=فى قاموس الكتاب المقدس – مكتبة المشعل ببيروت، طبعة 1964 ص1084) وقد قال عنة (هو سفر تعتبرة الكنائس الكاثوليكية والكنائس الأرثوذكسية من ضمن الأسفار القانونية الثانية أو التى فى المرتبة الثانية بعد الوحى المدون فى الأسفار القانونية).

 

2- دكتور سمعان كهلون (= فى كتاب مرشد الطالبين إلى الكتاب المقدس الثمين – طبعة بيروت 1937 ص305 حيث تحدث عنة بالقول (موضوع هذا السفر انتصار اليهود على هولو فرنيس = يقصد ألفانا القائد = القائد الأشورى الغازى وذلك بالاعتماد على مساعدة أرملة يهودية ذات غنى وجمال وعلى جانب عظيم من التقوى والورع اسمها يهوديت. وكاتب السفر مجهول وتاريخ كتابتة أيضا غير معروف بالتأكيد. إلا أنة يظهر من الروح التى تتمشى فية أنة كتب فى عصر المكابيين).

 

لماذا رفض اليهود سفر يهوديت؟

بالرغم من أن سفر يهوديت في شكله السامي
Semitic
يضم كل ما يخص اليهودية الفلسطينية، مثل الحديث عن الله، والصلاة، والأطعمة المحللة، والذبيحة، والهيكل، وأورشليم، الأمر التي لم ترد هكذا في سفر إستير، لكنه لم يرد من بين قائمة الأسفار القانونية في فلسطين إذ في قمران، ولعل استبعادهم للسفر علته الأسباب التالية:

1. الأسينيون
Essenes
الذين عاشوا في تجمعات نسكية مثل جماعة قمران
Qumran
، رفضوا السفر من أجل العناصر الفريسية الواردة فيه.

2. رفض الربيون
Rabbis
وهم الذين كانوا مسئولين عن تقنين الأسفار في المراحل الأخيرة، رفضوا السفر من أجل اتجاهه الجامعي مثل قبوله الحديث عن مدن السامرة، وأيضًا ضم العمونيين (مثل أحيور) إلى الإيمان اليهودي.

3. يرى
Craven
أن الربيون
Rabbis
الذين قاموا بتقنين الأسفار تطلعوا إلى يهوديت كشخصية متطرفة راديكالية
radical
. فقد رأى بعض الحكماء اليهود القدامى في شخصيتها خطورة على المجتمع اليهودي. فمع أمانتها للناموس بحرفية لكنها لم تكن مدققة في طرق سلوكها حسب التقليد اليهودي. فإنها لم تخشى سوى يهوه وحده؛ إذ قامت بتوبيخ قادة المدينة، كما قامت بالتخطيط والتنفيذ دون أن تبوح بما في قلبها وفكرها حتى لقادة بلدها الخ.. يتساءل البعض: ماذا يكون حال المجتمع اليهودي لو اقتدت النساء جميعهن بيهوديت؟

ماذا يكون الحال إن صار من حق النساء توبيخ قادة المجتمعات؟

وإن كانت لهن الجرأة للتخطيط والتنفيذ في أمور تتعلق بالبلد كلها في سرية دون إباحة ما في أفكارهن للقادة؟

ماذا لو رفضت النساء الزواج مثل يهوديت؟

وماذا لو صارت للنساء ملكيتهن من أموال وعبيد وجواري؟

ماذا لو استأجرت النساء وصيفات يدبرن أموالهن مثلما فعلت يهوديت؟

هكذا تخيل الحكماء القدامي أن كل نساء المجتمع سيتمثلن بيهوديت ويحملن ذات مواهبها وقدراتها.

4. يرى
H. M. Orlinsky
ان الربيين رفضوا السفر لأنه يتعارض مع الحلقة[17]
Halakh
التي لهم حيث تطالب الأممي الذي يتهود أولاً أن يختتن ثم ينال العماد[18] لكي يصير يهوديًا.

5. يرى البعض أن السفر كان مرتبطًا بعيد الحانوكة
Hanuhkah
، وإذ لم يعد العيد مقبولاً بعد أسرة الحشمونيين
Hasmonean
أو المكابيين، صار السفر لدى البعض ليس بذي قيمة.

لم يقبل اليهود هذا السفر لأنه لم يوجد في عصر عزرا الكاتب الذي جمع أسفار العهد القديم، كما لم يورده يوسيفوس المؤرخ في قائمة الأسفار التي ذكرها. غير أننا لا ننسى أن بعض الأسفار القديمة لم يعثر عليها عزرا عندما جمع الأسفار المقدسة. هذا مع ملاحظة أن اليهود كانوا ينظرون إلى الكتبة في فترة ما بعد عزرا.

اعتاد اليهود قراءة بعض الأسفار في أعيادهم، مثل:

1. عيد الحانوكا (التجديد): سفر يهوديت.

2. عيد الفصح: سفر نشيد الأناشيد.

3. عيد الحصاد أو الأسابيع: سفر راعوث.

4. عيد المظال: سفر الجامعة.

5. عيد الفوريم: سفر إستير.

6. ذكرى خراب الهيكل: مراثي إرميا.

 

قانونية السفر

ترجمت النسخة السامية لسفر يهوديت إلى اليونانية لأجل نفع اليهود الذين لم يعرفوا العبرية. لذلك وُجد هذا العمل في أقدم النسخ للترجمة السبعينية، وقد اقتبس منه القديس إكليمنضس الروماني صديق القديس بولس[19]. لكنه لم يُعرف في العبرية، ولا أشار إليه المؤرخ يوسيفوس. جاء في مقدمة هذا العمل للقديس چيروم إن هذا السفر يُقرأ بين
Hagiographa
لدى اليهود باللغة الكلدانية. كما عرف هذا العمل أوريجينوس في الكتاب المقدس باليونانية[20].

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس القمص تادرس يعقوب عهد قديم سفر صموئيل الثانى 05

لم يدرج الربّانيون اليهود سفر يهوديت في المجموعة الرسمية للأسفار المقدسة. هذا أدى إلى شيء من التردد في الكنيسة الأولى، غير أن استخدام هذا السفر كان شائعًا عند آباء الكنيسة والكتَّاب المسيحيين حتى بين الذين لم يحسبوه ضمن الأسفار القانونية.

في الشرق رأى الآباء قانونية السفر، منهم القديس إكليمنضس السكندري، وكاتب العمل
Timothei et Aquilae Diaclectica
، وجونيلوس
Junilius
(حولي 542م)، وعبد يسوع (عبد جيسي)
Ebdjesu
.

وفي الغرب قبله الآباء هيلاري أسقف بواتيه وأغسطينوس وأيوسنت الأول (401-417) والمدعو جلسيوس
Pseudo-Gelasius
وكاسيودورس
Cassiodorus
(حوالي 485- حوالي 585) واسيذورس من ميليتس
Isidorus of Miletus (560-636
)، وورد في قوائم
Codex Claromonyanus and Libre saeramentasun
في القرن السادس / السابع م).

جاء في مقدمة سفر يهوديت التي كتبها القديس جيروم إن السفر لم يوجد في الكتاب المقدس العبري، وأن مجمع نيقية الأول أقر قانونية هذا السفر، واعتبره واحدًا من الأسفار المُوحى بها.

لا يظهر في مستندات مجمع نيقية وقوانينه إعلان عن قبول سفر يهوديت بين الأسفار القانونية. ربما يشير القديس چيروم إلى استخدام المجمع بعض عبارات من السفر أثناء المناقشات بكونها عبارات كتابية. ولعله توجد قوانين فرعية أو قوانين منسوبة للمجمع تشير إلى قانونية السفر.

كما أن مجمع قرطاجنة في قانونه السابع والعشرون اعترف بأن هذا السفر من الأسفار القانونية للتوراة[21]. هذا وقد جاء ضمن قائمة الأسفار القانونية التي وضعها اينوقنتيوس أسقف روما سنة 405م، وأيضًا في مجمع فلورنسا عام 1142م، وترينت عام 1546م.

من المؤكد أن الآباء في العصور الأولى كانوا يحسبونه سفرًا قانونيًا. فالقديس بولس اقتبس من النص اليوناني للسفر ما ورد في ١كو٢: ١٠ (يهو ٨: ١٤)؛ وأيضًا ١ كو١٠: ١٠ (يهو ٨: ٢٥). اقتبست الكنيسة الأولى عبارات من السفر بكونه سفرًا قانونيًا كما جاء في رسالة القديس إكليمنضس الروماني الأولى (ف ٥٥) والقديس إكليمنضس السكندري والعلامة أوريجينوس والعلامة ترتليان.

قصة يهوديت حقيقة تاريخية، وكما يقول
Leahy[22
]:

1. حسب التقليد اليهودي والمسيحي ومفسري الكتاب المقدس إلى القرن السادس عشر يتطلعون إلى السفر كسفرٍ تاريخي.

2. التفاصيل التاريخية والجغرافية والخاصة بالأحداث والأنساب تشير إلى أن القصة تمثل واقعًا تاريخيًا.

3. يتحدث الكاتب عن نسل أحور بكونهم أحياء في عهده (14: 6)، وأن الاحتفال السنوي لازال في أيامه قائمًا حيث يمجدون نصرة يهوديت (16: 31)[23].

4. يقول
Carey A.
Moore
: [مكيدة يهوديت بسيطة وصريحة بما فيه الكفاية مما يجعل القصة حقيقية واقعية أكثر منها خيال[24].]

5. هذا وقد قبل بعض الدارسين هذه القصة بكونها واقعية لأنها لا تحمل معجزات خارقة. وكتب
Carey Moore
: [دمار هولوفرنيس تحقق خلال مجهودات بشرية أكثر منها تدخل إلهي معجزي.. ولتأكد ذلك فإن يهوديت وشعبها دعوا الله بالصلاة والصوم (4: 1، 11: 13)، ومع هذا فقد تحققت النصرة بشجاعةٍ قاتلةٍ ومكرٍ. وبينما كل إسرائيل-ومن بينهم يهوديت، حسبوا الفضل الأول هو لله، وباتفاق جماعي حسبوا يهوديت كوسيلة لتحقيق ذلك (13: 15، 18، 20؛ 16: 5)[25].]

المجامع التي أقرت قانونية السفر

1. مجمع نيقية سنة 325م.

2. مجمع هيبو 393م.

3. مجمع قرطاجنة الأول سنة 397م.

4. مجمع قرطاجنة الثاني سنة 419م.

مجامع الكنائس الخلقيدونية

1. مجمع فلورنسا سنة 3124م.

2. مجمع ترنت سنة 1546م.

3. مجمع القسطنطينية سنة 1642م.

4. مجمع الفاتيكان الأول سنة 1870.

5. مجمع أورشليم (الكنيسة اليونانية) سنة 1672م.

سفر يهوديت والعهد الجديد

الشاهد

الآية

السفر

الشاهد

الآية

8: 24، 25

24 فأما الذين لم يقبلوا البلايا بخشية الرب بل أبدوا جزعهم وعاد تذمرهم على الرب.

25 فاستأصلهم المستأصل وهلكوا بالحيات.

كورنثوس الأولى

10: 9

ولا نجرب المسيح كما جرب أيضا أناس منهم فأهلكتهم الحيّات.

13: 23

مباركة أنت يا بنيه من الرب الإله العلي فوق جميع نساء الأرض.

إنجيل لوقا

1: 42

مباركة أنت في النساء.

 

واضح أن كتَّاب العهد الجديد قد عرفوا هذا السفر، وإن كانوا غالبًا لم يقتبسوا منه عبارات حرفية:

أ. “فأما الذين لم يقبلوا البلاد بخشية الرب، بل أبدوا جزعهم، وعاد تذمرهم على الرب، فاستأصلهم وهلكوا بالحيات (8: 24-25). وقد ورد في (1 كو 10: 9): “ولا نجرب المسيح كما جرب أيضًا أناس منهم فاهلكتهم الحيات”.

ب. “مباركة أنتِ في النساء” (13: 23؛ لو 1: 42).

راجع يهو 1: 11 مع لو 20: 11؛ يهو 8: 6 مع لو 2: 27؛ يهو 8: 14 مع 1 كو 2: 11؛ يهو 8: 25 مع يع 1: 2؛ يهو 13: 18 مع لو 1: 42؛ يهو 13: 19 مع مت 26: 13.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي