ملعون كل من علّق على خشبة

سؤال نرجو تفسير هذه الآية التى وردت فى (غل 3: 13) “لأنه مكتوب: ملعون كل من علّق على خشبة”. فهل هذه اللعنة أصابت المسيح؟

 

الرد
:

إن الآية بوضعها الكامل هى “المسيح افتدانا من لعنة الناموس، إذ صار لعنة لأجلنا، لأنه مكتوب: ملعون كل من علق على خشبة” (غل 3: 13). فى الواقع كانت هناك لعنات كثيرة لكل من يخالف الوصايا وقد وردت فى سفر التثنية (تث 27: 15 – 26) (تث 28: 15 – 68) ففى الفداء، كان لابد من إنسان بار ليس تحت اللعنة، لكى يحمل كل لعنات الآخرين، ليفديهم من لعنات الناموس. والوحيد الذى كانت تنطبق عليه هذه الصفة، ويقوم بهذا العمل الفدائى، هو السيد المسيح الذى قال عنه الكتاب “الكائن فوق الكل، إلهاً مباركاً إلى الأبد آمين” (رو 9: 5). فهو بطبيعته مبارك، وبركة. ولكنه فى موته عن العالم كله، حمل كل اللعنات التى تعرض لها العالم كله. هو بلا خطية، ولكنه حامل خطايا. وقد حمل خطايا العالم كله (يو 1: 29) (1يو 2: 2). وهو مبارك بلا لعنة، ولكنه حمل اللعنات التى يستحق العالم كله. هو فى حب كامل مع الآب. ولكن حمل غضب الآب بسبب كل خطايا العالم. هذا هو الكأس الذى شربه المسيح عنا. “كلنا كنغم ضللنا، ملنا كل واحد إلى طريقه. والرب وضع عليه إثم جميعنا” (أش 53: 6). ولو لم يحمل المسيح هذه اللعنة، لبقينا كلنا تحت اللعنة. مبارك هو فى كل ما حمله عنا.

 

 

لماذا مات
المسيح
مصلوباً؟ ولم يمت بطريقة أخري؟

ألم يرد في سفر التثنية أن المعلق علي خشبة ملعون (تث 21: 23).

فهل يطلق هذا الوصف علي المسيح؟

الرد:

اللعنه لم تصب علي المسيح، لكنه حمل اللعنه المحكوم بها علي الإنسان في شريعة العهد القديم (تث 27: 28). كما أن المسيح لم يخطئ أبداً، ولكنه حمل كل خطية الإنسان لكي يمحوها بدمه. فهو لم يكن خاطئاً، ولكنه كان حامل خطية. وهكذا حمل لعنتنا لكي يحمينا من لعنه الناموس.ز كان لابد أن يموت الإنسان عقوبة علي خطيئته، فمات المسيح نيابة عنه لكي يفديه.

وأختار موت الصليب، لأنه أبشع الميتات، وفيه يستوفي أقسي الآلام التي يستحقها الإنسان.

هناك ميتات تتم في لحظة أو لحظات وتنتهي. كأن يضرب إنسان بالسيف أو بآلة حادة علي رأسه فيموت في لحظة. وهكذا الذي يخنقونه فيموت للتو، والذي يرجمونه فيموت في لحظات. أما المصلوب فيقاسى آلاماً مرة، تتمزق فيها أنسجته وأعصابه، ويتصفي دمه، وماء جسده من التعب والإرهاق. وهكذا حمل المسيح أقسى الألم، لأجل الإنسان الذي ينبغي أن يتألم.

كذلك كانت عقوبة الصلب فيها العلانية والتشهير مما يتعب النفس

فالمعلق علي خشبة واضح أمام الناس، لم يقتل في الخفاء، إنما أمام الكل، وخارج المحلة حتي لا ينجسها! وكل من يراه يعرف أنه لابد مستحق الموت بسبب خطايا بشعة قد ارتكبها. واحتمل السيد المسيح كل هذا العار، لأجلنا لكي يفدينا.

 

مفهوم اللعنة:

1.     شرح معنى صار لعنة لاجلنا

2.     شرح معنى ملعون كل من علق على خشبة

3.     اثبات ان الرسول بولس بارك المسيح

4.     مباركة العهد الجديد بصورة عامة للمسيح

الموضوع مبني على النص المقتطف في غلاطية 3: 13

 

Gal 3: 13
اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ».

•       صار لعنة لاجلنا

حقيقةً ان الكتاب المقدس لم يذكر ابدا لفظ ان المسيح ملعون ابدا لا في اي العهدين ولا في اي سفر وهذا مما دفع البعض من المعارضين الجهلة ان يحاولوا نسب هذا النص الكريم بكونه اشارة الى ان المسيح ملعون, لكنهم فشلوا

 

فجملة “اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا” واضحة لأن المسيح افتدانا من هذا اللعنة

كيف افتدانا من هذه اللعنة؟ كيف يمكن للمسيح ان يتفدينا من لعنة الناموس؟

افتدانا اذ صار لعنة لأجلنا, لي حمل اللعنة عنا, وهي الطريقة الوحيدة التي يفتدينا المسيح من هذه اللعنة, بأن يحملها عنا وليس ان يصير ملعوناً هو, لانه لو صار ملوعناً لما استحق حمل اللعنة عنا, فصار لعنة لاجلنا اي حمل اللعنة, لعنة اللناموس عنا

 

هذا المصطلح استخدمه الرسول بولس بصورة مشابهة في رسالته الثانية لاهل كورنثوس وتحديديا في الاصحاح 5 والعدد 21:

لأَنَّهُ جَعَلَ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً، خَطِيَّةً لأَجْلِنَا، لِنَصِيرَ نَحْنُ بِرَّ اللهِ فِيهِ.

نلاحظ ان الذي لم يعرف خطيئة صار خطيئة لأجلنا, اي حمل خطيئتنا, لانه لو قلنا ان صار خطيئة لاجلنا تعني انه خاطئ لما قال انه لم يعرف الخطيئة بل بالاحرى انه حمل الخطيئة عنا مع بقاء عدم خطيئته وبره, فهو حمل اللعنة والخطيئة عنا دون ان يكون خاطئ ودون ان يكون ملعون

 

بنفس الطريقة وبنفس المصطلح نستطيع ان نقول الذي لم يكن ملعونا صار لعنة لاجلنا, فالجملتان متسويتان في المعنى الكتابي (راجع تفسير الاب تادرس وانطونيوس الموجود على موقعنا لتأكيد فكرة تفسير هذا النص رسميا وعلميا)

 

هذا كله في كف وما ذكر في العدد الباشر بعد العدد 13 في كف اخرى:

لِتَصِيرَ بَرَكَةُ إِبْرَاهِيمَ لِلأُمَمِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، لِنَنَالَ بِالإِيمَانِ مَوْعِدَ الرُّوحِ،

فلا يمكن لملعون ان تصير فيه بركة ابراهيم للأمم كلها, فها هو الرسول بولس يقول في العدد المباشر ان المسيح مبارك وله بركة ابراهيم التي للامم

إضافة الى ان من يتابع العهد الجديد بأكمله يرى كمال المسيح ونقاوته التي لا تشوبها خطيئة, فكيف ان يكون ملعونأً وهو لم يعرف خطيئة

من هو الملعون وكيف يكون ملعوناً؟ هذا ما سنتطرق اليه في الجزء الثاني

•       ملعون كل من علق على خشبة

الرسول بولس يذكر انه مكتوب ان كل من علق على خشبة هو ملعون, وهو يشير بذلك التثنية 21: 23

فَلا تَبِتْ جُثَّتُهُ عَلى الخَشَبَةِ بَل تَدْفِنُهُ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ لأَنَّ المُعَلقَ مَلعُونٌ مِنَ اللهِ. فَلا تُنَجِّسْ أَرْضَكَ التِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَصِيباً».

 

فمن هو الذي يعلق على الخشبة ومن هو الذي أخذ هذه اللعنة؟

العدد 22 يجيب على هذا السؤال:

«وَإِذَا كَانَ عَلى إِنْسَانٍ خَطِيَّةٌ حَقُّهَا المَوْتُ فَقُتِل وَعَلقْتَهُ عَلى خَشَبَةٍ

فالانسان الذي يعلق على الخشبة هو الانسان الخاطئ الذي فعل خطيئة تستحق الموت, فيعلق على خشبة (التعليق على الخشبة هو احد وسائل العقاب الاربعة في العهد القديم)

و نرى بالحقيقة ان المسيح لم يفعل اي خطيئة تستحق الموت, بل انه لم يفعل اي خطيئة ابدا (راجع كورنثوس الثانية 5: 21 مجددا)

اللعنة هي نتيجة الخطيئة, فسفر التثنية نفسه يوضح لنا متى تكون اللعنة على الانسان:

التثنية الأصحاح 11 العدد

28 وَاللعْنَةُ إِذَا لمْ تَسْمَعُوا لِوَصَايَا الرَّبِّ إِلهِكُمْ وَزُغْتُمْ عَنِ الطَّرِيقِ التِي أَنَا أُوصِيكُمْ بِهَا اليَوْمَ لِتَذْهَبُوا وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى لمْ تَعْرِفُوهَا.

اذن اللعنة هي لمن لا يسمع وصايا الرب ويزوغ عن طريقه, وهذا حال من يفعل خطيئة تستحق الموت, فهو زاغ عن الطريق ولم يسمع وصايا الرب التي تمنعه ان يفعل اي خطيئة تستحق الموت

اذن المسيح بالتالي غير مستحق عقاب التعليق على الخشبة ولا اللعنة التي هي نتيجة الخطيئة التي تستحق الموت والتعليق على الخشبة, لانه لم يفعل خطيئة ولم يكسر وصيته ابدا

 

هل بارك بولس المسيح؟

من اغرب من يقال من قبل المعترضين ان بولس يلعن المسيح متناسيا ومتجاهلا سواء بجهله ام بكذبه كا ما ذكر على لسان بولس من بركات للمسيح ونورد نصوصها:

رومية الأصحاح 15 العدد 29

وَأَنَا أَعْلَمُ أَنِّي إِذَا جِئْتُ إِلَيْكُمْ سَأَجِيءُ فِي مِلْءِ بَرَكَةِ إِنْجِيلِ الْمَسِيحِ.

غلاطية الأصحاح 3 العدد 14

لِتَصِيرَ بَرَكَةُ إِبْرَاهِيمَ لِلأُمَمِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، لِنَنَالَ بِالإِيمَانِ مَوْعِدَ الرُّوحِ،

أفسس الأصحاح 1 العدد 3

مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بَارَكَنَا بِكُلِّ بَرَكَةٍ رُوحِيَّةٍ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ،

رومية الأصحاح 1 العدد 25

الَّذِي هُوَ مُبَارَكٌ إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ.

رومية الأصحاح 9 العدد 5

وَلَهُمُ الآبَاءُ وَمِنْهُمُ الْمَسِيحُ حَسَبَ الْجَسَدِ الْكَائِنُ عَلَى الْكُلِّ إِلَهاً مُبَارَكاً إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ.

كورنثوس 2 الأصحاح 1 العدد 3 مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، أَبُو الرَّأْفَةِ وَإِلَهُ كُلِّ تَعْزِيَةٍ،

كورنثوس 2 الأصحاح 11 العدد 31 اَللَّهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي هُوَ مُبَارَكٌ إِلَى الأَبَدِ، يَعْلَمُ أَنِّي لَسْتُ أَكْذِبُ.

فهل يتوافق ما كتبه كتبة العهد الجديد مع ماذكره بولس من بركة للمسيح يسوع؟

هذا ما سنرد عليه في الجزء الرابع والاخير

 

• مباركة العهد الجديد للمسيح

و نقصد بها ما ذكره العهد الجديد عامة من نصوص بركة للمسيح واسمه, وبكونه متوافق مع ما ذكره الرسول بولس, بأن المسيح مبارك مبارك مبارك.

 

سنكتفي بذكر نص واحد في كل سفر لكي لا نطول لان الغرض هو الاثبات بالدليل والنصوص وليس الاغراق والتكثير من الرد, ايضا سنتحاشى نصوص الرسول بولس لاننا ذكرناها في الجزء الثالث

• متى الأصحاح 21 العدد 9 وَالْجُمُوعُ الَّذِينَ تَقَدَّمُوا وَالَّذِينَ تَبِعُوا كَانُوا يَصْرَخُونَ: «أُوصَنَّا لاِبْنِ دَاوُدَ! مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ! أُوصَنَّا فِي الأَعَالِي!».

• مرقس الأصحاح 11 العدد 9 وَالَّذِينَ تَقَدَّمُوا وَالَّذِينَ تَبِعُوا كَانُوا يَصْرُخُونَ قَائِلِينَ: «أُوصَنَّا! مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ!

• لوقا الأصحاح 1 العدد 68 «مُبَارَكٌ الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ لأَنَّهُ افْتَقَدَ وَصَنَعَ فِدَاءً لِشَعْبِهِ

• يوحنا الأصحاح 12 العدد 13 فَأَخَذُوا سُعُوفَ النَّخْلِ وَخَرَجُوا لِلِقَائِهِ وَكَانُوا يَصْرُخُونَ: «أُوصَنَّا! مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ!»

• رسالة يعقوب الأصحاح 3 العدد 9 بِهِ نُبَارِكُ اللَّهَ الآبَ

• بطرس 1 الأصحاح 1 العدد 3 مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي حَسَبَ رَحْمَتِهِ الْكَثِيرَةِ وَلَدَنَا ثَانِيَةً لِرَجَاءٍ حَيٍّ، بِقِيَامَةِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ مِنَ الأَمْوَاتِ،

• الة يهوذا الأصحاح 1 العدد 25 اَلإِلَهُ الْحَكِيمُ الْوَحِيدُ مُخَلِّصُنَا، لَهُ الْمَجْدُ وَالْعَظَمَةُ وَالْقُدْرَةُ وَالسُّلْطَانُ، الآنَ وَإِلَى كُلِّ الدُّهُورِ. آمِينَ.

الخلاصة

ان نص غلاطية 3: 13 لا يلعن المسيح بل يوضح ان المسيح حمل الخطيئة عنا, بنفس الشاكلة وبنفس الأسلوب نرى الرسول بولس في رسالته الثانية لكورنثوس 5: 21 يذكر ان المسيح صار خطيئة لاجلنا ويوضح ان معناها ليس ان المسيح خاطئ لانه لم يعرف خطيئة بل معناها ان المسيح حمل الخطيئة, حمل الخطيئة لا يجعل منه خاطئ, كما ان حمل اللعنة لا يجعل منه ملعون, بل ان الرسول بولس مباشرة في العدد 14 من الاصحاح 3 يذكر لنا ان المسيح مبارك وحلت فيه بركة كل الامم كما وعد الله ابراهيم ان يبارك نسله, فباركه بالمسيح.

 

ملعون كل من علق على خشبة اصلها العهد القديم وهي تخص من فعل خطيئة تستوجب الموت, واللعنة هي نتيجة الخطيئة وعصيان الله, والمسيح لم يكسر وصية بل كان كاملا ولم يعرف خطيئة قط, وبالتالي المسيح غير ملعون لتعليقه على الخشبة

 

الرسول بولس يذكر في اكثر من رسالة وفي اكثر من نص ان المسيح مبارك, بحق مبارك وكل من يحاول ان ينافي هذه الحقيقة هو جاهل لا يفقه شيئا في الكتاب المقدس

 

يتوافق كل كتاب العهد الجديد (بل الكتاب المقدس بجملته) بمباركة الرب يسوع المسيح بطريقة عظيمة ومهولة لم يقدمها اي احد في اي كتاب واي ديانة للمسيح, فبركته بركة الهية تامة

 

بهذا نكون فندنا غباء الاغبياء وشبهتهم واثبتنا ان المسيح يسوع هو مبارك, مبارك, نعم مبارك

 

و لا يسعني الا ان اختم ردي هذا بترديد ما قاله الرسول بولس:

لِتَصِيرَ بَرَكَةُ إِبْرَاهِيمَ لِلأُمَمِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، لِنَنَالَ بِالإِيمَانِ مَوْعِدَ الرُّوحِ،

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي