تتمة سفر دانيال

من هو دانيال؟

يقدم لنا هذا السفر شخصية دانيال الفريدة وهو النبي المنشغل بالإدارة دون مزج بينها وبين العمل الروحي وهو الرائي المحبوب وأب التاريخ الأممي ونبي الأحلام والرؤى. فهو دائماً يتحدى المذلة والصعوبات وقد آمن أن كل سلطة هي من يد الله. وكان يتسم بالذكاء منذ صباه وقدراته الموهوبة. ودانيال أو دانيئيل هو كلمة عبرية من مقطعين ومعناه”الله قضى”.

 

وقد أطلق هذا الاسم على عدة أشخاص ذكرهم الكتاب المقدس وكان أشهرهم “دانيال” النبي الذي كتب السفر المعروف باسمه وهؤلاء الأشخاص هم:

1- كاهن من رؤوس الآباء الذين صعدوا مع عزرا في ملك أرتحشستا الملك من بابل.

2- واحد من أبناء داود الملك وأمه هي أبيجابل.

 3- شخص ثالث في ذكر في سفر حزقيال أكثر من مرة ويقول البعض أنه هو نفسه”دانيال” النبي صاحب سفر دانيال. غير أن علماء آخرين يرجحون أن دانيال هذا المذكور في حزقيال هو غير دانيال صاحب السفر.

 

كاتب السفر:

الكاتب هو دانيال النبي من سبط يهوذا من أسرة شريفة سبى حوالي سنة 605ق. م. إلى بابل ومعه رفقائه الثلاثة فتية.

 

مكان وزمان الكتابة:

إن الكاتب قد كتبه في بابل وأورشليم على مرحلتين. وبينما يرى البعض أن السفر بينما وقعت أحداثه في السبي فقد صيغ كله في القرن الثاني قبل الميلاد وهو رأي خاطئ فإن العض الآخر يرى أنه أشتهر فقط في القرن الثاني قبل الميلاد وبالتحديد بعد إعادة تجديد الهيكل وممارسة العبادة فيه.

 

اللغة الأصلية:

قد كتب سفر دانيال كله باللغة العبرانية فيما عدا الجزء من(دانيال: 2: 4- دانيال 7: 28) الذي كتب باللغة الكلدانية التي كان يجيدها دانيال. وقد حاول اليهود منذ البداية تغييرها عن اللغة العبرية ونسبها إلى اليونانية في محاولة للحط من قيمتها ولكنهم فشلوا ويقول العلامة أوريجانوس أنه متيقن من قانونية تتمة سفر دانيال. فإنه أيضاً يتهم اليهود لحذفهم الإضافات من الكتاب العبري. وكثير من البروتستانت يرون أيضاً أن النسخة اليونانية للإضافات قد ترجمت عن أصل سامي وقد بنى هؤلاء العلماء رأيهم اعتماداً على أن النسخة اليونانية مليئة بالتعبيرات العبرية.

 

 قانونية التتمة:

 1- يكفي أن نؤكد صحة السفر ككل من اقتباس السيد المسيح نبوة دانبال فيما أورده البشير متى الإنجيلي بلسانه قائلاً (فمتى نظرتم رجسة الخراب التي قال عنها دانيال النبي قائمة في المكان المقدس-ليفهم القارئ-).

 

 2-ومن الآباء الذين اقتبسوا من هذا السفر: (القديس كليمندس الروماني- القديس أثاناسيوس الرسولي- العلامة أوريجانوس- القديس يوحنا ذهبي الفم- القديس جيروم).

 

3- من المجامع التي أقرت قانونية السفر:

• مجمع نيقية 325 م.

• مجمع هيبو 393 م.

• مجمع قرطاج الأول والثاني 397 م.- 419 م.

• مجمع فلورانسا سنة 1439 م.

• مجمع ترينت 1546 م.

• مجمع أورشليم لليونان الأرثوذكس سنة 1682 م.

 

أقسام التتمة:

• تسبحة الثلاثة فتية القديسين

• ص13 وهو قصة سوسنة العفيفة.

• ص14 ويحوي قصة الصنم بال والتنين.

 

أولاً: تسبحة الثلاثة فتية القديسين:

وتبدأ بصلاة عزريا للرب طالباً رحمته على شعبه. ثم يرد بعد ذلك ارتفاع اللهيب فوق الأتون تسعا وأربعين ذراعاً حتى أحرق كل الكلدانيين المحيطين به. أما حننيا وعزريا وميشائيل فلم تمسهم النار بضرر لأن ملاك الرب نزل وطرد اللهيب عنهم وجعله ربحاً ذات ندى تهب عليهم (حينئذ سبح الثلاثة بفم واحد ومجدوا وباركوا الله في الأتون)3: 5 وفي تسبحتهم طلبوا إلى كل الخلائق أن تشترك معهم وتبارك الرب وقالوا: (سبحوه وارفعوه إلى الدهر لأنه أنقذنا من الجحيم وخلصنا من يد الموت ونجانا من وسط أتون اللهيب المضطرم ومن وسط النار اعترفوا للرب لأنه صالح لأن إلى الأبد رحمته) 3: 88، 89 ومن العجيب أن تشترك في التسبيح كل الخلائق وأعمال الرب.

 

ثانياً: قصة سوسنة العفيفة:

 سوسنة العفيفة الجميلة بنت حلقيا هي زوجة يواقيم أحد أغنياء اليهود الذي سبي مع زوجته سوسنة في بابل ولما كان بيتهم محل التقاء كل من له دعوة من بني إسرائيل، فقد كان يتردد على البيت من وقت إلى آخر شيخان قاضيان للحكم في هذه القضايا ولعب الشيطان بعقلي الشيخين متفكرين كل في نفسه- بالشر في سوسنة العفيفة.

وبعد أن انقض جميع المتقاضين وظنت سوسنة أن حديقة الدار خلت تماماً من الناس وقامت تغتسل، باغتها الشيخان المختبآن في الحديقة بينما كان جارياتها قد دخلتا الدار لإحضار بعض الأطياب فلما طلب القاضيان أن ترتكب معهما الخطيئة أو يشهدان عليها زوراً، تنهدت، ورفضت فعل الشر وصرخت فأسرع أحدهما وفتح أبواب الحديقة،

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ع عبور صحراء سيناء ء

وفي الغد اجتمع الناس واستدعيت سوسنة (فرفعت طرفها إلى السماء وهي باكية لأن قلبها كان متوكلاً على الرب). وادعى الشيخان أنهما بالأمس بينما كانا يتمشيان في الحديقة دخلت سوسنة ومعها جاريتان وأغلقت أبواب الحديقة ثم صرفت الجاريتين (فأتاها شاب كان مختبأ ووقع عليها. وكنا نحن في زاوية من الحديقة فلما رأينا الإثم أسرعنا إليها ورأيناهما متعانقين. أما ذاك فلم نستطع أن نمسكه لأنه كان أقوى منا ففتح الأبواب وفر).

فصدقهما الشعب وحكموا عليها بالموت فصرخت سوسنة إلى الله البصير بالخفايا فنبه الرب روح دانيال وكان وقتذاك حدثاً صغير السن فصرخ بصوت عظيم أنا برئ من دم هذه) ووبخ الناس على غباوتهم لأنهم لم يتحققوا الأمر فأسرع الشعب كله ورجع وأمر دانيال بتفريق الشيخين عن بعضهما. ثم سأل كل شيخ على إنفراد (تحت أي شجرة رأيتهما يتحدثان؟) فقال أحد الشيخين: تحت الضروة. وقال الشيخ الثاني: تحت السنديانة. وعندئذ ظهر كذب الشيخان وتبرأت سوسنة (فقتلوهما وخلص الدم الذكي في ذاك اليوم

 

ثالثاً: قصة (الصنم بال- التنين):

أ- قصة الصنم بال:

اعترض دانيال أن يشترك مع ملك بابل(كورش) وأهلها في عبادة صنم من نحاس اسمه (بال) كانوا يقدمون إليه كل يوم أثنى عشر أردي سمين وأربعين شاة وستة أمتار من الخمر بدعوى أنه يأكلها جميعاً. وأراد الملك أن يثبت لدانيال أن الصنم(بال) حي يأكل ويشرب فصرف الملك كهنة الصنم السبعين ووضع الأطعمة لبال وجاء غلمان دانيال وذروا رماداً في هيكل الصنم بحضور الملك. ثم خرجوا وأغلقوا الباب وختموا عليه بخاتم الملك وانصرفوا فلما كان الليل دخل الكهنة هم ونساؤهم وأولادهم من أبواب خفية تحت المائدة وأكلوا جميع الأطعمة والأشربة وفي الصباح بكر الملك ودانيال فوجدوا الأختام سليمة. لكنهم لما دخلوا وجدوا على الرماد آثار أقدام الرجال والنساء والأولاد. ولما عرف الملك بحيلة الكهنة غضب وقتلهم هم وعائلاتهم وقام دانيال فحطم الصنم وهيكله.

 

ب- قصة التنين:

وعاد الملك وأهل بابل لعبادة وثنية أخرى ولكنهم في هذه المرة كان معبودهم تنين عظيم حي (فقال الملك لدانيال أتقول عن هذا أيضاً أنه نحاس؟ ها أنه حي يأكل ويشرب ولا تستطيع أن تقول أنه ليس إلهاً فأسجد له) 14: 23 لكن دانيال رفض أمر الملك وأستأذنه أن يقتل التنين معبودهم فطبخ دانيال زفتاً وشحماً معاً وصنع منهما أقراصاً أعطاها للتنين فأكلها فانشق ومات (فقال انظروا معبوداتكم) فلما رأى أهل بابل أن الصنم بال قد تحطم وأن التنين قد قتل وأن الكهنة قد ذبحوا، قالوا إن الملك صار يهودياً، وثاروا عليه وطالبوه يسلم لهم دانيال وإلا قتلوه مع كل بيته الملكي. فسلم الملك دانيال إليهم وألقوا دانيال في جب الأسود وتركوه في الجب وكان به سبعة أسود. ومع أتهم اعتادوا أن يلقوا للأسود في كل يوم جثتين ونعجتين لكنهم لم يعطوها طعاماً لمدة ستة أيام لكي تفترس دانيال ولم ينسى الرب دانيال بل أرسل إليه الملاك حاملا حبقوق النبي من شعر رأسه وآتياً إليه من أرض يهوذا ومعه خبز وطبخ كان قد أعده للحاصدين (فقال دانيال يحبونك وقام دانيال وأكل ورد ملاك الرب حبقوق من ساعته إلى موضعه) وجاء الملك في اليوم السابع لدى دانيال موقناً أنه مات. ولما رأى أن دانيال لم يمت آمن بإله دانيال وأخرجه من الجب وألقى فيه كل من سعى لهلاك دانيال فافترسهم الأسود.

 

 

دانيال أو دانيئيل هو كلمة عبرية من مقطعين ومعناه “الله قضى”. وقد أطلق هذا الإسم على عدة أشخاص ذكرهم الكتاب المقدس وكان أشهرهم “دانيال” النبي الذي كُتِبَ السفر المعروف باسمه. وهؤلاء الأشخاص هم:

1- كاهن من رؤوس الآباء الذين صعدوا مع عزرا في مُلك أرتحشستا من بابل. وهو من بني إيثامار (عز1: 8و2)، وقد ذكر عن هذا الكاهن في (نح10: 6) أنه كان من بين الذين ختموا العهد والميثاق الذي قطعه الرؤساء واللاويون والكهنة والشعب في أيام نحميا بأن يحفظوا شريعة الله ويصغوا إلى وصاياه وشهاداته.

2- واحد من أبناء داود الملك. وأمه هي أبيجايل إمرأة نابال الكرملي. وهو ثاني أولاد داود الملك بعد بكره أمنون. وقد ولد في حبرون. وقد ذكر اسمه مرة باسم “كيلاب” ومرة أخرى باسم “دانيئيل” والإسمان لشخص واحد (1صم2: 3و3؛ أخ1: 3).

3- شخص ثالث ذُكِرَ في سفر حزقيال أكثر من مرة (حز14: 14و20؛ 3: 28) ويقول البعض أنه هو نفسه “دانيال” النبى صاحب سفر دانيال الذي وصفه حزقيال في سفره بأنه “حكيم وسرٌ ما لا يخفى عليه” (حز3: 28). وهو وصف يتفق مع ما ورد عنه في سفره بأنه قد أُعطيَ “معرفة وعقلاً في كل كتابة وحِكمة. وكان دانيال فهيماً بكل الرؤى والأحلام” (دا17: 1)، وأنه ورفاقه الثلاثة لما وقفوا أمام الملك “في كل أمر حِكمة فهم الذين سألهم الملك وجدهم عشرة أضعاف فوق كل المجوس والسحرة الذين في كل مملكته” (دا20: 1). ومن جهة معرفة الأسرار وكشف غوامض الأحلام قيل عنه “حينئذ لدانيال كُشِفَ السر في رؤيا الليل” (دا19: 2)، وقيل أيضاً عنه أنه “رجل فيه روح الآلهة القدوسين.. وُجِدَت فيه نيِّرةٌ وفطنةٌ وحكمةٌ.. حكمة الآلِهة.. من حيث إن روحاً فاضلة ومعرفة وفطنة وتعبير الأحلام وتبيين ألغاز وحل عقد وُجِدَت في دانيال” (دا11: 5و12).

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ى يوب ب

 غير أن علماء آخرين يرجحون أن دانيال المذكور في (حز14: 14و20؛ 3: 28) هو غير دانيال صاحب السفر المعروف باسمه الذي كان مُعاصِراً لحزقيال. وحجتهم في هذا أنه في نصوص السفر (حز14: 14و20) كان مذكوراً مع نوح ومع أيوب مما يدل أنه عاش مثلهما في زمن مبكر جداً سابق لزمن حزقيال. ويقولون أيضاً أن إسم “دانيال” المكتوب في أصل سفر حزقيال ينقصه حرف الياء “دانال”، بينما هذا الحرف موجود في إسم دانيال صاحب سفر دانيال. ومن ثم فهم يظنون أنه كان بطلاً عاش في القديم وكان معروفاً بتقواه وإنصافه للأرامل والأيتام. وقد ذكره في نصوص “أوجريت” من رأس الشمراء في نحو القرن الخامس عشر أو الرابع عشر قبل الميلاد (=قاموس الكتاب المقدس – طبعة بيروت 1964 – د. مراد كامل – بحث عن دانيال ص360 العمود الثاني 3).

 أما دانيال صاحب السفر فهو دانيال النبي، واحد من الأنبياء الأربعة الكبار الذين هم إشعياء وإرميا وحزقيال ودانيال. وقد وصفه الوحي بأنه وزملاؤه الثلاثة “شدرخ وميشخ وعبدناغو” كانوا من بني يهوذا (دا6: 1) ومما جاء عنهم في (دا3: 1) نستنتج أنه ولد في مدينة أورشليم وعاش طفولته الأولى فيها (=قابل يوسفيوس). ودانيال إذاً، صاحب السفر وكاتبه، كان شريفاً من أشراف سبط يهوذا ومن النسل الملكي ممن سُبوا مع أشراف كثيرين آخرين؛ في السنة الثالثة من مُلك يهوياقيم ملك يهوذا. وقد قيل عنهم أنهم كانوا “من نسل الملك ومن الشرفا؛ فِتياناً لا عيب فيهم حُسان المنظر وحاذِقين في كل حكمة ومعارفين معرفة وذوي فهم بالعلم..” (دا3: 1و4)، فأوقفوهم ومن بينهم دانيال في قصر الملك نبوخذ نصَّر ملك بابل وعيّنوهم في بلاط الملك. وقد أمر الملك رئيس خصيانه “أشغنز” بالإشراف على تربيتهم. وأدخلهم مدرسة خاصة تعلّمواف فيها كتابة الكلدانيين ولِسانهم. وأدخلهم مدرسة خاصة تعلّموا فيها كتابة الكلدانيين ولسانهم. وإستمرّوا كذلك ثلاث سنين عند نهايتها وقفوا قدام الملك. وقد تغيَّرَت أسماؤهم إلى أسماء كلدانية؛ فصار لدانيال اسم بلطشاصر (إسم إله وثني). ورغم أن الأربعة فتية رفضوا التنجس بأطايب الملك وخمر مشروبه وكانوا يكتفون في طعامهم بالقطاني (=ويُقصَد به الحبوب والبقول التي تُطبَخ التي هي الفول والعدس والماش واللوبيا والحمص) وفي شرابهم بالماء. فبعد أن جرّبوهم كذلك لمدة عشرة أيام ظهورا في نهايتها أنهم أحسن وأسمن وأكثر معرفة وعقلاً وحكمة من غيرهم. ولما سألهم الملك نبوخذ نصر وإختبرهم، وجدهم عشرة أضعاف فوق كل المجوس (=كلمة فارسية بمعنى كهنة، وكانوا يشغلون أيضاً وظائف الحكماء والملوك في بلاد مادي وفارس) والسحرة الذين في كل مملكته. وكان دانيال بينهم فهيماً بكل الرؤى والأحلام. وقد قام بتبيان الحلم الأول الذي رآه الملك نبوخذ نصّر وهو الخاص بالتمثال العظيم الذي سحقه حجرٌ مقطوع بغير يدين. وإستطاع دانيال دون غيره من المجوس والسحرة والعرّافين والكلدانيين على تفسير هذا الحلم الذي أنبأ فيه عن تتابع الممالك الأربعة (البابلية فالفارسية فاليونانية فالرومانية)، ثم سقوطها وإنتهائها جميعاً بمُلك المسيح وإنتشار الكرازة بإسمه وإنتشار ملكوته. وكافأه الملك على ذلك بأن جعله عظيماً جداً في باب الملك وسلَّطه على كل ولاية بابل، وجعله رئيس الشِّحَن على جميع حكماء بابل. كما عيَّن رفقاءه شدرخ ومشيخ وعبد نغو على أعمال ولاية بابل (دا2).

 وقد كُتِبَ سفر دانيال كله باللغة العبرانية فيما عدا الجزء من (دا4: 2 – 28: 7) الذي كُتِبَ باللغة الكلدانية التي كان يجديها دانيال. ويأتي ترتيب السفر بعد سفر حزقيال، وهي نفس الترتيب الذي سارَت عليه الترجمة السبعينية للتوراة، وكذا ترجمة الفولجا اللاتينية، وكافة الترجمات الحديثة للكتاب المقدس. أما في الأصل العبرى فيقع السفر في القسم الثالث من العهد القديم المعروف باسم الكتوبيم (=بمعنى الكتب).

 

 ويحتوي سفر دانيال المدوَّن في طبعة دار الكتاب المقدس على إثنى عشر إصحاحاً. غير أن الكنائس الأرثوذكسيه والكاثوليكيه تضيف إليه تّتِمَّة حَذَفها البروتستانت رغم تصديق المجامع وآباء الكنيسة الأولى على صحتها وقانونيّتها. وهذه الإضافات موجودة أصلاً في الترجمة السبعينية التي تُرْجِمَت من هلالها التوراه إلى اليونانيه في حوالي القرن الثالث قبل الميلاد. وهذه الإضافات هي:

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس حيوانات ت

 

1- تسبحة الثلاثة فتية القديسين، وتتكوَّن من 67 عدداً. وتقع في الإصحاح الثالث بين عدد 23 و24.

2- الاصحاح الثالث عشر، ويحتوي قصة سوسنة العفيفة.

3- الأصحاح الرابع، ويحتوي قصَّتيّ الصنم بال والتنين.

 

 وقد أحصى آباء الأجيال الأولى تتمة دانيال ضمن الأسفار القانونية للتوراة. ومن أشهر هؤلاء الذين أكّدوا قانونيّتها كل من القديس إكليمندس الروماني (=مشكاة الطلاب في حل مشكلات الكتاب – طبعة 1929 ص168) واكليمندس الاسكندرى الذي كتب عنها في كتابه المعروف باسم “الطروناتيون” يقول: “إن خبر سوسَنَّة وقصة بيل وتسبحة الثلاثة فتية القديسين قانونية وضمن سفر دانيال.

 

 وقد إستشهد بهذه الإضافات القانونية الكثير من الآباء القُدامى في كتبهم ومقالاتهم وخطبهم. ومن أمثلة هؤلاء القديس إكليمندس الروماني (=في رسالته الأولى إلى كورنثوس) واوريجانوس (=في رسالته إلى يوليانوس الأفريقي) وإيرونيموس (=في رسالته إلى إينوشنسوس) والبابا أثناسيوس الرسولى (=في خطبة ضد أريوس) وكبريانوس (=في رسالته الأربعين وأيضاً في كتابه الصلاه الربانية) وأيضاً كل من إيريناؤس وترتوليانوس في كتاباتهما. والعجيب أن البروتوستانت لم ينكروا وجوده هذه الإستشهادات؛ فقد وُرِدَ ذلك في كتابهم (اللاهوت العقيدي) تأليف فياست.

 

 ويكفي أن نوكِّد صحة السفر ككل من إقتباس السيد المسيح نبوّة دانيال فيما أورده البشير متى الإنجيلي بلسانه قائلاً: “فمتى نظرتم رجسة الخراب التي قال عنها دانيال النبي قائمة في المكان المقدس، ليفهم القارئ!” (مت15: 24).

 

 كما تأكّدَت صحة السفر أيضاً من كتابات يوسفيوس المؤرخ اليهودى (=الكتاب العاشر، آثار، الفقرة 11) الذي كتب بأن دانيال كان “نبياً عظيماً”، والذي ذكر بأن نبوّاته كانت موجودة قبل عصر الإسكندر الأكبر أي قبل 330ق.ن. وعلاوة على ذلك فقد ذكر أمر نجاة الثلاثة من أتون النار وكذا نجاة دانيال من جب الاسود في (1مك59: 2، 60).

 

 هذا وقد ثبت من الكشوف الأثرية الحديثة صحة وصدق ما ورد في السفر من أحداث وأشخاص. فبينما شك كثيرون من العلماء مؤخراً في وجود ملك لبابل خليفة لنبوخذ نصر وابناً له (دا11: 5) يُسمّى بيلشاصر، فقد ثبت أن العُرف كان مألوفاً في مملكة بابل بأن يعتبر بلشاصر إبناً لنبوخَذ نصَّر؛ لأنه إبن إبنته جاء من سلالته وليس من صُلبه. كما ثبت أيضاً أن بيلشاصر شخصية حقيقية، وهو ابن الملك “نبونيدس” ملك بابل. وقد حمل بيلشاصر لقب ملك بابل بإعتبار أنه كان يتولّى المُلك في غياب أبيه الذي طال بسبب تركه بابل وسُكناه في قصور بناها في “تيماء” شمال الصحراء العربية. وقد ثبت أيضاً من الكشوف الأثرية أن الذي كان يتولّى الملك في بابل ليلة غزو الملك داريوس المادي لبابل هو بيلشاصر بسبب غياب أبيه عن عاصمة ملكه “دا30: 5، 31). كما ثبت من الكشوف أيضاً أن لقب “نبونيدس” ملك الكلدانيين كان “أول المملكة” بإعتباره الملك الفعلي، وأن لقب بيلشاصر إبنه كان “ثاني المملكة” بإعتباره نائباً لأبيه. ولعل هذا هو السبب في أن بيلشاصر لما أراد تكريم وكافأة دانيال بسبب تفسيره معنى الكتابة الغربية التي ظهرت على مكلّس حائط قصره، أمر بأن ينادوا عليه “مُتَسَلِّطاً ثالثاً في المملكة” أي بعد أبيه وبعده (دا29: 5). هذا، والآثار الموجودة في بابل وغيرها تتفِق مع ما ذُكِرَ عن نبوخذ نصر بأنه كان يُلَقَّب بملك الملوك (دا30: 4)؛ فقد أثبتت الحفريات والآثار المُكتشَفة أنه حفر القنوات للري وبنى الحدائق المعلقة. كما بنى في بابل سورين حول المدينة وكذا أبواب الآلهة عشتار وهيكل زيجورات الهرمي المدرج وكذا بعض المعابد الأخرى وشارعاً للمواكب. وبالإضافة لهذا، فقد ثبت أيضاً من الكتابات البابلية الأثرية المُكتشفة حديثاً أن كورش ملك فارس الوارِد ذكره في سفر دانيال (دا1: 10 و38: 6) هو شخصية تاريخيّة حقيقيّة وقد كان نائباً للملك في بابل. كما أنه كان إبناً لقمبيز وحفيداً لكورش آخر، وجميعهم مع أجدادهم وكانوا يملكون في شرقي عيلام (=وهي بلاد فيما وراء دجلة شرقي بابل وغربي مملكة فارس وشمالي خليج العجم)، حيث كانت “شوشان” عاصمة ملكهم منذ سنة 550ق.م. تقريباً. وقد أسس كورش المملكة الفارسية وغزا مدينة بابل وممالك أخرى وجمع في شخصه قوة مملكتيّ مادي وفارس. وقد كان دانيال في بلاد الملك كورش (دا38: 6)، وقد مات كورش من جرح أصابه في الحرب عام 529ق.م. ومازالت مقبرته موجودة حتى الآن في بلدة “بسار جدي” بإيران.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي