أقول لهم أنا لا الرب

كورنثوس الأولى 7

10 وَأَمَّا الْمُتَزَوِّجُونَ
فَأُوصِيهِمْ لاَ أَنَا بَلِ الرَّبُّأَنْ لاَ تُفَارِقَ الْمَرْأَةُ رَجُلَهَا.

12 وَأَمَّا الْبَاقُونَ
فَأَقُولُ لَهُمْ أَنَا لاَ الرَّبُّ: إِنْ كَانَ أَخٌ لَهُ امْرَأَةٌ غَيْرُ مُؤْمِنَةٍ وَهِيَ تَرْتَضِي أَنْ تَسْكُنَ مَعَهُ فَلاَ يَتْرُكْهَا.

 

هل الآية 12 من كلام الله أم بولس؟؟

إن قلت كلام الله، يعترض البعض إذن لماذا قال بولس (أنا لا الرب)؟

وإن قلت كلام بولس فيصبح الكتاب المقدس به كلام شخصى لبولس الرسول ليس موحى به من الرب وهذا يدخلنا فى موضوع كيف نفرق بين كلام بولس الشخصى وكلام الله لبولس

 

الرد:

اولا: نرد ونقول كل الكتاب المقدس بعهديه هو كلام الله بدون كلمه واحدة خارجة عنه

لأنه مكتوب

عالمين هذا اولا ان كل نبوة الكتاب ليست من تفسير خاص (2بط 1: 20)

لانه لم تات نبوة قط بمشيئة انسان بل تكلم اناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس (2بط 1: 21)

إذا فاكتاب المقدس كله كلام الله

 

ثانيا: إذا لماذا قال بولس (انا لا الرب)؟؟

بعد ان اوضح الرسول بولس كلام الله لشعبه المؤمن بالمسيحية (فى ذلك الوقت) ما هو الزواج وما هى البتولية وايهما افضل واسباب ذلك واسباب تلك ذهب الى الحِل والربط الذى فى المسيح على جميع المسيحين حيث قال:

 

آية 10: واما المتزوجون فاوصيهم لا انا بل الرب ان لا تفارق المراة رجلها.

أوصيهم لا أنا بل الرب = يقصد الرسول أن المسيح سبق وعلم بهذا، أن لا تنفصل المرأة عن رجلها.

فهى وصية سابقة وليست بجديدة

فالمسيح علم بأنه لا طلاق إلاّ لعلة الزنا (مت 5: 32) + (مر 10: 1 – 12) + (لو 16: 18).

وبولس لم يشير لموضوع الزنا كعلة للطلاق، فهو لا يقدم بحثاً كاملاً عن الموضوع.

 

آية 11: وان فارقته فلتلبث غير متزوجة او لتصالح رجلها ولا يترك الرجل امراته.

كثيراً ما تحدث منازعات بين الرجل وامرأته ليس لعلة الزنا، بل لأي سبب آخر، فتترك الزوجة منزل رجلها = فارقته وهنا لا يسمح بالطلاق لكن يظلوا منفصلين. فإن لم تستطع الزوجة أن تضبط نفسها فلتعود إلي زوجها فهذا أفضل، وعلي الرجل أن لا يترك امرأته تفارق بيتها بل عليه أن يحاول أن يصلحها.

والى هنا انتهى امر الرب على من هم فى الإيمان بالمسيحية

ومن ثم سوف يبدأ الرسول بولس بشرح امر الله على غير المؤمنين (كنوع من النصيحة) إذ ان الغير مسيحى لا تطبق عليه احكام المسيحية فى الزواج وكذلك المسلم واليهودى والبوذى والوثنيون.. إلخ فيقول:

 

آية 12: واما الباقون فاقول لهم انا لا الرب ان كان اخ له امراة غير مؤمنة وهي ترتضي ان تسكن معه فلا يتركها.

الباقون = هنا سؤال مهم وجهه أهل كورنثوس لبولس الرسول. إن كان هناك زوجين وثنيين وقَبِلَ أحدهم الإيمان، فهل ينفصل المؤمن عن الطرف غير المؤمن بسبب عدم إيمانه. الرسول يوصي بأن لا يفارق، حتى لا تنهار البيوت ويتشرد الأطفال. أنا لا الرب = أي أن الرب يسوع لم يناقش هذا الموضوع، ولم يذكر وصايا في هذا الموضوع.الدعوة المسيحية إذن لا تحل الزواج القائم بل تزيده حباً وإرتباطاً. أمّا إذا شاء غير المؤمن أن يفارق ليرتبط بطرف آخر فينطبق عليه وضع الزاني، ويسمح للطرف المؤمن بالزواج ثانية، علي أن يتزوج من مؤمن في هذه الحال كما قال في آية 39 ” لكي تتزوج بمن تريد في الرب فقط”.

 

إذا ففى البداية تكلم بولس بكلام الرب للمؤمنين به (الرب) وقال احكام الرب لهم وبعدها تكلم عن الغير مؤمنين ومن المنطقى ان احكام المسيحية (شريعتها) لا تطبق الا على المسيحى فقال هذا لأجل هذا السبب

 

ثالثا: التفاسير

التفسير التطبيقى للكتاب المقدس

1كو 7: 12

فأمر بولس بدوام الزواج يستند أيضا على العهد القديم وأقوال الرب يسوع، فكلامه مبني على أمر الله، وهو يطبقه على الموقف الذي كان يواجهه الكورنثيون. ويضع الرسول بولس أمر الرب في مكانة أسمى من أقواله هو، لأن أمر الرب مبدأ أزلي، بينما أقواله هو فلمواجهة موقف معين. ورغم ذلك فإن نصيحة الرسول بولس هي أفضل شيء لأناس في مثل هذه المواقف، فقد كان بولس رجل الله كما أنه رسول فكر المسيح.

 

تفسير القس انطونيوس فكرى

الباقون = هنا سؤال مهم وجهه أهل كورنثوس لبولس الرسول. إن كان هناك زوجين وثنيين وقَبِلَ أحدهم الإيمان، فهل ينفصل المؤمن عن الطرف غير المؤمن بسبب عدم إيمانه. الرسول يوصي بأن لا يفارق، حتى لا تنهار البيوت ويتشرد الأطفال. أنا لا الرب = أي أن الرب يسوع لم يناقش هذا الموضوع، ولم يذكر وصايا في هذا الموضوع.الدعوة المسيحية إذن لا تحل الزواج القائم بل تزيده حباً وإرتباطاً. أمّا إذا شاء غير المؤمن أن يفارق ليرتبط بطرف آخر فينطبق عليه وضع الزاني، ويسمح للطرف المؤمن بالزواج ثانية، علي أن يتزوج من مؤمن في هذه الحال كما قال في آية 39 ” لكي تتزوج بمن تريد في الرب فقط”.

 

تفسير القمص تادرس يعقوب ملطى

السماح بالبقاء مع غير المؤمنين 10-16

يقصد بالباقين الذين قبِل أحد الطرفين منهما الإيمان المسيحي وبقي الآخر غير مسيحي، فإن الأمر في يدّ غير المؤمن؛ إن أراد البقاء فليبقَ، وإن فارق فليفارق، ولا يكون الطرف الآخر مستعبدًا له.. أي يجوز له أن يتزوج بمسيحي. هنا يتحدث عن زيجات سابقة للإيمان، وقبل طرف دون آخر الإيمان. لا يتشكك المؤمن بالتصاقه بغير المؤمن مادام الزواج قد تمّ قبل دخوله الإيمان.. الآخر مقدس ليس في ذاته إنما في المؤمن، وأولاده مقدسون فيه.

واضح أن المرأة التي ترتبط بعابد وثنٍ هي معه جسد واحد. حسنًا! هما جسد واحد، ومع ذلك لا تصير دنسة، بل طهارة الزوجة تغلب دنس الزوج. مرة أخرى فإن طهارة الزوج المؤمن تغلب دنس الزوجة غير المؤمنة. كيف إذن في هذه الحالة الدنس يُغلب ويسمح بالعلاقة بينهما، بينما في حالة المرأة الزانية لا يُدان الرجل عندما يفارقها؟ لأنه هنا يوجد رجاء أن العضو الضائع قد يخلص خلال الزواج، أما في الحالة الأخرى فالزواج قد انحلّ فعلاً وكلاهما قد فسدا، أما هنا فالخطأ من جانب واحد لا من جانب الاثنين..

لكن الأمر هنا ليس بخصوص شخصين لم يجتمعا بعد (الزواج) بل بخصوص الذين ارتبطوا فعلاً به. إنه لم يقل إن أراد أحد أن يأخذ له زوجة غير مؤمنة، بل قال: “إن كان أخ له امرأة غير مؤمنة” (12).. ماذا إذن هل اليوناني (الأممي غير المؤمن) مقدس؟ بالتأكيد لا، إذ لم يقل أنه مقدس بل قال أنه “مقدس في زوجته”، قال هذا لا ليعني أنه مقدس (في ذاته)، وإنما لكي يخلص المرأة تمامًا قدر المستطاع من مخاوفها ويقود الرجل لكي يرغب في الحق.

 

القديس يوحنا الذهبي الفم

يقول بولس هذا عن حالة اثنين أمميين, أحدهما صار مؤمنًا. عادة الوثني يكره المسيحية, والمسيحي لا يريد أن يتأثر بالوثنية, ولهذا يقول بولس إن كان الاثنان سعيدان في عيشتهما معًا يلزم أن يستمرا.

 

أمبروسياستر

لا يعنى بولس أن المرأة ملتزمة أن تتزوج غير مؤمن وإنما هي ملتزمة أن تبقى معه ما دامت كانت أصلاً متزوجة (قبل قبولها الإيمان).

 

سيفريان أسقف جبالة

الزواج عطية روحية, ولكن لا تكون هكذا إن تمت مع غير المؤمنين. لا يُعطى روح اللَّه ليسكن في هؤلاء الذين هم غير مؤمنين.

 

عندما يقول لنا: “أما المتزجون فأوصيهم لا أنا بل الرب” وبعدها “أما الباقون فأقول لهم أنا لا الرب”، لا يزعم في ذلك أن أقواله مباينة في فحواها لأقوال الرب. إذ أن من كان لديه المسيح ناطقاً في أعماقه، ومن لم يكن ليهتم بالحياة نفسها حتى يحيا المسيح فيه (غلا 20: 2)، ومن كان المُلك والحياة والملائكة والقوات وكل خليقة أخرى – بل وكل شيء – يأتي بعد حبه للمسيح، هذا كيف يقبل بالتكلم، لا بل بالتفكر في شأن لم يوافق المسيح عليه ولا سيما إذن شرعه؟

 

ماذا تعني إذن هاتان العبارتان: “أنا” و”لا أنا”؟

لقد أعطانا المسيح النواميس والعقائد، بعضاً منه مباشرة وبعضاً من خلال رسله، ولكنه لم يسنّها كلها بنفسه. إسمع ما يقوله: “عندي أشياء كثيرة أقولها لكم، غير أنكم لا تطيقون الآن حملها” (يو16: 12). وعليه فالوصية بأن “لا تفارق المرأة رجلها” قد سبق فأصدرها هو بشخصه لما كان على الأرض، وأما فيما يتعلق بغير المؤمنين فلم يتفوه الرب بشيء، بل في إلهامه نفس بولس في هذا الإتجاه اشترع قائلاً: “إن كان أحد له امرأة غير مؤمنة وهي ترتضي أن تقيم معه فلا يتركها والمرأة التي لها رجل غير مؤمن وهو يرتضي أن يساكنها فلا تترك رجلها”. ولأجل هذا السبب يقول بولس “أنا لا الرب”.

 

هو لا يريد الدلالة على أن كلامه من مصدر بشري – وكيف يكون ذلك؟ – بل على أن الرب إن لم يُعطِ هذه الوصية لتلاميذه لما كان فيما بينهم، فلكي يعطيها الآن من خلاله. وكما أن عبارة “لا أنا بل الرب” لا تعارض وصايا المسيح، كذلك عبارة “أنا لا الرب” لا تعني رأياً شخصياً مناهضاً للمشيئة الإلهية، بل تُظهر ببساطة أن الوصية قد أعطيت الآن بواسطته.

 

فعندما يتكلم بشأن الأرملة مثلاً يقول: “إنها تكون أكثر غبطة على ما أرى إن بقيت على ما هي عليه، لكن لئلا تُفهم عبارة “على ما أرى” على أنها كلام بشري يُضيف قاطعاً المجال أمام هذا الإفتراض بقوله: “وأظن أنني أنا أيضاً فيَّ روح الله”، وما يعرضه من قبل الروح يدعوه من ثم رأيه، دون أن يكون في استطاعتنا من ذلك الإدعاء بأن إبلاغه بشري. كذلك هي الحال الآن عندما يقول “أنا الذي يقول لا الرب”، وحيث لا ينبغي الإستنتاج بأن الكلام لبولس، وذلك لأن لديه المسيح ناطقاً فيه، ولأنه لم يكن ليجرؤ البتة على أن يصوغ اعتقاداً صريحاً كهذا لو لم يُعطنا هذا الناموس بإلهام من الرب.

 

كان من الممكن في الواقع التوجه إليه بهذا الكلام: “إني لا أستطيع تحمل العيش أنا المؤمن مع امرأة غير مؤمنة وأنا النقي، مع امرأة ليست نقية (بعد). لقد صرحت أنت نفسك بأنك أنت الذي قال ذلك، لا الرب، فما الذي يضمن ويؤكد لي ما تقول؟ فيجيبه بولس قائلاً: “لا تخف. قلت بأن لدي المسيح ناطقاً فيَّ وأنّي أظن بأن فيَّ روح الله، فهذا لئلا تشتبه أنت بأي فكر بشري في هذه الأقوال، وإلا لما كنت قد نسبت إلى أفكاري الخاصة سلطاناً كهذا، فإن أفكار المائتين قاصرة وخواطرهم غير راسخة (حك 14: 9).

 

زد على أن الكنيسة المسكونية برمتها تُثبت هي أيضاً قوة هذا الناموس في تقيّدها به بعد التدقيق، وهذا ما لم تكن لتفعله لو لم تكن متيقنة بدقة من أن هذه الأقوال وصيّة من المسيح”. إنتهى.

 

إنتهى شرح ذهبى الفم، وهناك فكرة رئيسية نستخلصها من الشرح: أننا لسنا أمام سلطتين أو مصدرين للتعليم فى الإيمان المسيحى. نحن لسنا أمام سلطة الوحى وسلطة بولس، بل أمام كلام المسيح وكلام بولس. المبدأ الذى يعتمده النص يتضح فى السياق أكثر، خاصةً مع المقارنة بالعدد العاشر. فيه يقول بولس: “وَأَمَّا الْمُتَزَوِّجُونَ فَأُوصِيهِمْ لاَ أَنَا بَلِ الرَّبُّ أَنْ لاَ تُفَارِقَ الْمَرْأَةُ رَجُلَهَا”. لقد أكد العلماء أن بولس هنا لا يقصد بحديث الرب الوحى، وإنما بتقليد المسيح وهو على الأرض. يبرز هذا بالأكثر، حينما نرى كم أكد المسيح على ضرورة فردية الزوجة (أنظر كمثال: مت 19: 6؛ مر 10: 8). لذلك لا يجب فهم النص على أنه مقابلة بين سلطة وحى السماء وسلطة بولس الإنسان الأرضى، بل هو تمييز أو تفريق بين تعليم المسيح وهو على الأرض، وبين ما يكتبه بولس الآن. هذا يظهر بوضوح حينما نرى أن أمر الرب فى ع 10 مرتبط بالمؤمنين، أما بولس فى ع 12 فيخاطب الوثنيين، الذين لم يُوجِه لهم الرب حديثاً وهو على الأرض. سواء كان ما يكتبه بولس هو وحى من الله أم لا، فهذا موضوع آخر، ولا علاقة لهذا النص به. لقد دافع العالم جوردون فى عن هذا التمييز ببراعة، وأكمله العالم الكاثوليكى جوزيف فيتزمير.

 

تلخيصاً لمعنى النص: بولس يقابل بين ما قاله المسيح على الأرض فى موقف معين، وبين ما يقوله هو الآن بعد صعود الرب عن موقف آخر مختلف. سواء كان ما يقوله بولس هو وحى أو لا، فأريد التأكيد على أنه أمر آخر غير مرتبط بهذا النص، ولا يجب ربط مسألة ماهية كتابات بولس بهذا النص.

 

للتفاصيل أكثر، أنظر المراجع التالية والتى استفاض فيها العلماء فى شرح النص نقدياً:

Anthony C. Thiselton, The First Epistle To The Corinthians: A Commentary on The Greek Text, The New International Greek Testament Commentary, Eerdmans 2000, P. 525

Archibald Robertson & Alfred Plummer, A Critical and Exegetical Commentary on The First Epistle of St. Paul To The Corinthians, reprint: T & T Clark 1999, P. 141

David E. Garland, First Corinthians, Baker Exegetical Commentary on The New Testament, Baker Academic 2003, P. 285

Gordon D. Fee, The First Epistle To The Corinthians, The New International Commentary On The New Testament, Eerdmans 1987, P. 291-292

Hans Conzelmann, A Commentary on The First Epistle to The Corinthians, Hermeneia Series, English Translation By James W. Dunkly, Edited By W. MaRae; Fortress Press 1975, P. 121

Joseph A. Fitzmyer, First Corinthians: A New Translation with Introduction & Commentary, The Anchor Yale Bible, Vol 32, Yale University Press 2008, P. 298

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي