شركاء الطبيعة الإلهية

قرأت تفسيرات عديدة عن تفسير عبارة “شركاء الطبيعة الإلهية” التى وردت فى (2بط 1: 4)

وهى
تتحدث عن تأليه الإنسان ومنها:

1-
يقول البعض ” شركاء الطبيعة الإلهية، هى الحصول على عطية التبنى. ورفض ذلك هو عودة صريحة إلى اليهودية “.

2-
إن الله صار إنساناً، ليصير الإنسان إلها.

3-
قال البعض ” نشترك فى لاهوت الكلمة ” يلبسنا ما يخصه أى اللاهوت.

4-
يقولون أيضاً ” إن الشركة فى الطبيعة الإلهية تظهر بوضوع فى: سلطان الإنسان علىىالشياطين، وفى السماء، وفى حياة عدم الفساد

5-
يقولون لما اتحد المسيح بالناسوت، آله الناسوت ومن ذلك إعطاء الناسوت قدرة على القيامة من الأموات.

6-
يقول البعض عن حلول القدس فى يوم الخمسين إنه فى ذلك اليوم ” حدث غتحاد بين طبيعة إلهية وطبيعة بشرية “. ويقولون عن ذلك إنه ” حلول أقنومى “

فما هو المفهوم الحقيقى للآية، وما الحكم على كل هذه الأفكار التى قراتها فى كتابين، كاتب كل منهما أرثوذكسى؟

 

الرد:

المفروض قبل تفسير أية آية من الكتاب، أن نفهم أولا المعنى اللاهوتى، ثم نفسرها على اساسه.

والقاعدة اللاهوتية أنه من المستحيل أن يشترك أحد فى جوهر اللاهوت، ولا فى صفاته اللاهوتية الخاصة به وحده.

وإلا يكون ذلك لونا من تعدد الآلهة، ومن الشرك بالله.

ولندخل معا فى تفاصيل هذه النقطة، ونرى إستحالة أشتراك الإنسان فى جوهر اللاهوت وفى الصفات اللاهوتية.

 

*الله مثلا غير محدود، فهل يوجد إنسان هكذا؟!

الله غير محدود من جهة المكان. فهو موجوده فى كل مكان: فى السماء والأرض وما بينهما، ولا يسعه مكان. فهل يوجد إنسان له هذه الصفة الإلهية؟ محال بلا شك.

 

*الله غير محدود من جهة قدرته.

فهو قادر على شئ. فهل يوجد إنسان هكذا، مهما بلغت قدرته؟! الله هو صانع العجائب، ويمشى على الماء، وينتهر الريح، ويدخل من الأبواب المغلقة إلخ. فهل الإشتراك فى الطبيعة الإلهية، هو إشتراك فى هذه القدرة غير المحدودة؟! مستحيل

القديسون الكبار الذين صنعوا معجزات، إنما عملوا هذه المعجزات بقوة الله، وبالصلاة، وليس بطبيعتهم البشرية مهما تقدست.

 

*الله غير محدود فى معرفته.

يعرف الخفيات. يعرف الغيب والمستقبل. يفحص القلوب، ويقرأ الأفكار ويعرف المشاعر والنيات. ويعرف ما فى باطن الأرض والبحر. ويعرف أعمال البشر جميعا. ويعرف كل خليقته الأرضية والسمائية بالتفاصيل كل ذلك بدون وسائل فهل يوجد إنسان يشترك مع الله فى هذه المعرفة؟!

 

*الله الأزلى، لا بداية له. الله واجب الوجود. الله خالق الله غير مرئى، غير محوى، غير مفحوص فهل يشترك إنسان فى هذه الصفات؟! هل يقدر إنسان أن يشترك فى هذه الطبيعة الإلهية؟!

 

1-يمكن أن تعنى الشركة مع الله فى العمل.

لا نشترك معه فى اللاهوت، إنما فى العمل. كما قال القديس بولس الرسول عن نفسه وعن زميلة أبولس ” نحن عاملان مع الله ” (1كو 3: 9). وكما نقول فى أوشية المسافرين ” اشترك فى العمل مع عبيدك فى كل عمل صالح “.

 

وخدام الله يشتركون معه فى العمل، باعتبارهم وكلاء الله. الأنبياء مثلا كانوا يسمعون الكلمة من فمه ويوصلونها إلى الناس (مز 33: 7).

 

2-وعلى مستوى ضئيل: الإشتراك مع الطبيعة الإلهية فى القداسة.

 

*ولعل هذا هو ما قصده القديس بطرس الرسول فى (2بط 1: 4) حينما قال” قد وهب لنا المواعيد لكى تصيروا بها شركاء الطبيعة الإلهية، هاربين من الفساد الذى العالم بالشهوة. ولهذا عينه – وأنتم بازلون كل لإجتهاد – قدموا فى إيمانكم فضيلة، وفى الفضيلة معرفة وفى التقوى مودة اخوية ” (2بط 1: 4 – 7).

 

وهذا أيضاً ما قصده القديس بطرس فى رسالته الولى بقوله: ” نظير القدوس الذى دعاكم، كونوا أنتم أنتم أيضاً قديسين فى كل سيرة لأنه مكتوب: كونوا قديسين، لأنى أنا قدوس ” (1بط 1: 15، 16).

 

*تكون شركة الطبيعة الإلهية، معناها العوده إلى الصورة الإلهية التى خلقنا بها.

والصورة الإلهية، لا تعنى أننا خلقنا آلهة!! وإنما تعنى على صورة الله فى البر، وفى العقل إلخ.

 

*وهذا المعنى ينطوى على ما وعدنا به الله فى الأبدية.

ولهذا قال القديس بطرس ” قد وهب لنا المواعيد لكى تصيروا بها شركاء الطبيعة الإلهية، هاربين من الفساد”. ولعل هذا أيضاً يفسره قول القديس بولس الرسول ” وأخيرا وضع لى أكليل البر، الذى يهبه لى فى ذلك اليوم الديان العادل وليس لى فقط بل لجميع الذين يحبون ظهوره أيضاً ” (2تى 4: 8).

شركة الطبيعة الإلهية إذن بهذا المعنى، هى شركة فى القداسة والبر، على حسب ما تحتمل طبيعتنا المحدودة، لأن الله فى بره وقداسته غير محدود.

ولكننا فى هذا لسنا مثله، إنما مجرد صورة وشبه فى ذلك أيضاً يبقى الفارق بين المحدود وغير المحدود

 

يذكرنا هذا أيضاً بقول السيد المسيح ” كونوا أنتم كاملين، كما أن أباكم الذى فى السموات هو كامل ” (مت 5: 48).

وفى كل ذلك أيضاً يبقى الفارق بين المحدود وغير المحدود.

الله بطبيعته كامل، ونحن نسعى نحو الكمال، لنكون شركاء الطبيعة الإلهية فى هذه الصفة. ولكن كمال الله غير محدود. وما نصل إليه نحن من كمال، هو كمال نسبى، حسبما يهبنا الله من نعمته.

 

1-عبارة ” صار الله إنسانا، لكى يصير الإنسان إلها “، توصحها عبارة:

صار الله غبنا للإنسان، لكى يصير الإنسان إبنا لله

وشتان ما بين بنوة وبنوة. فنحن أبناء بالتبنى. أما المسيح فهو إبن الله: من جوهره، ولاهوته، وطبيعته الإلهية. لذلك سمى الإبن الوحيد، كما فى (يو 1: 18) (يو3: 16، 18) (1يو 4: 9)

 

*وطبعا عبارة التبنى غير عبارة البنوة

لقب أبناء الله اعطى لنا عن طريق التشريف أو المحبة. كما قيل عن الرب “أما كل الذين قبلوه فاعطاهم سلطانا أن يصيروا اولاد الله، أى المؤمنون باسمه ” (يو1: 12). كما قيل ط أنظروا أية محبة ا‘طانا الاب حتى ندعى اولاد الله ” (1يو 3: 1).

 

*تعبير لايدل إطلاقا على شركة فى طبيعة الله أو جوهره.

مجرد شهادة لإيماننا، أو المحبة الله لنا. ندعى بها أولاد الله، ولكن لسنا أبناء من نوع غبن الله الوحيد. ولسنا مثل (الكلمة) الذى هو الوحيد الذى يشترك مع الآب فى لاهوته وفى جوهره، لذلك قال ط أنا الآب واحد ” (يو 10: 30).

 

*والدليل على ذلك إننا ما نزال ندعى عبيدا.

على الرغم من هذه البنوة التشريفية فالله فى اليوم الأخير سيقول لكل قديس يستحق النعيم الأبدى ” نعما أيها العبد الصالح والأمين، كنت أمينا فى القليل، فأقيمك علىالكثير. أدخل إلى فرح سيدك ” (مت 25: 21، 23).

وحتى الرعاة، شأنهم شأن باقى المؤمنين فى ذلك، إذ يقول الرب ” يا ترى من هو الوكيل الأمين الحكيم

الذى يقيمه سيده على عبيده، ليعطيهم طعامهم فى حينه طوبى لذلك العبد الذى إذا جاء سيده يجده يفعل هكذا ” (لو 12: 42، 43).

 

*التبنى إذن لا يدل على تأله الإنسان.

إلا لو كان المقصود بالتأله هو هذا التبنى. وحينئذ لا يكون معناه شركة فى طبيعة الله. إنما هى مسألة مسميات وتعبيرات لغوية ننتقل بعد ذلك غلى عبارة أخرى وهى:

 

2- قولهم رفض التبنى هو عدة صريحة إلى اليهودية:

ونحن نرد على هذا الكلام بأن اليهودية تحدثت على البشر كأولاد الله، منذ أن قيل قبل الطوفان ” رأى أبناء الله بنات الناس أنهن حسنات ” (تك 6: 2)، وكان المقصود بهم أولاد شيث وأنوش (تك 4: 26).

 

بل إن سفر أشعياء يقول ” والآن يا رب أنت أبونا ” (اش 64: 8). وهكذا ما قاله الرب فى أول هذا السفر عن شعبه حتى فى حالة خطيئة هذا الشعب. قال ” ربيت بنين ونشأتهم، أما هم فعصوا على ” (أش 1: 2)

 

الله يدعو كل واحد من شعبه، ويقول له ” يا إبنى أعطنى قلبك ” (أم 2: 26). إذن اليهودية تدعو إلى بنوة الشعب لله. وقد قال الرب ” إسرائيل إبنى البكر ” (خر 4: 22).

إذن ما معنى عبارة ” رفض التبنى هو عودة صريحة إلى اليهودية “، بينما اليهودية لا تنكر هذا التبنى.

 

وواضح قول بولس الرسول ” إخوتى وأنسبائى حسب الجسد، اليهود الذين هم إسرائيليون، ولهم التبنى والمجد والعهود والإشتراع ” (رو 9:، 4).

 

إنما ظهرت هذه البنوة بوضوح أكثر فى العهد الجديد، وانتشرت فيه عبارة ” ابوكم السماوى ” ” وأبانا الذى فى السموات “.

إننا لا نوافق أن يرفض أحد التبنى. ولكن الخطأ هو إعتبار أن هذا الرفض عودة صريحة إلى اليهودية.

 

3-و التبنى لا يعنى المشاركة فى الطبيعة الإلهية، إنما هو الرجوع إلى الصورة الإلهية فى القداسة والبر، كما يقول الرسول: ” كل من ولد من الله لا يخطئ ” (1يو 5: 18)

 

وأيضاً قوله ” كل من هو مولود من الله لا يفعل خطية ولا يستطيع أن يخطئ، لأنه مولود من الله ” (1يو: 19). وكذلك قوله ” إن علمتم أنه بار هو، فاعلموا أن كل من يصنع البر مولود منه ” (1يو 2: 29).

 

هناك آيات أخرى عن التبنى المنتظرالذى نرجوه فداء أجسادنا ” (رو 8: 21، 22). أو التبنى بمعنى أننا لم نأخذ روح العبودية للخوف، بل روح التبنى الذى به نصرخ يا آبا، الآب ” (رو 8: 15) أى أيها الآب أبونا (أنظر أيضاً غل 4: 5).

 

4-هنا وأريد أن أشرح تفسير نقطة هامة وهى: معنى كلمة (إله) أو (آلهة) حينما تطلق على البشر

*إنها تطلق أحيانا بمعنى (سيد)كما قال الله لموسى النبى “جعلتك إلها لفرعون “أى سيدا له هيبته عليه، وليس بمعنى الخالق غير المحدود!

 

*وقد وردت كلمة إله بمعنى آخر فى حديث الله مع موسى عن هارون أخيه. قال له ” نكلمه وتضع الكلمات فى فمه. وأنا أكون مع فمك وفمه هو يكون لك فما، وأنت تكون له إلها ” (خر 4: 15، 16). أى أنك توحى إليه بالكلام، وهو ينطق به.

 

*وردت كلمة (
آ
لهة) فى (مز 82: 7) ” ألم أقل إنكم آلهة، وبنى العلى تدعون. ولكنكم مثل البشر تموتون وكأحد الرؤساء تسقطون “0 وواضح أن الذين يموتون ويسقطون ليسوا هم ألهة بالحقيقة وقد فسر السيد المسيح هذه الآية هكذا ” قال آلهة لأولئك الذين صارت إليهم كلمة الله، ولا يمكن أن ينقض المكتوب (يو 10: 34، 35).

 

5-أما قولهم ” إن الشركة فى الطبيعة الإلهية تظهر بوضوح فى سلطان الإنسان على السياطين، وفى حياة عدم الفساد، وفى القدرة على القيامة من الأموات ” فنقول:

 

كل هذه نعم من الله، وليست قدرة خاصة من الطبيعة البشرية. فالطبيعة البشرية ليس لها بذاتها سلطان على الشياطين،إنما الرب منحها هذه القدرة، أو منحها للقديسين المؤمنين به.

 

كذلك ليس للطبيعة البشرية قدرة على القيامة من الأموات، وإنما الله هو الذى يقيمها. وحينما يقيمها يمنحها عدم الفساد0 كلها منح من الله، وليست تأليها للطبيعة.

 

إلا لو كانت عبارة تأليه تستخدم لمجرد المشابهة لله فى سلطانه على الشياطين، وفى القيامة، وفى سكنى السماء والمشابهة شئ، والإشتراك فى الطبيعة الإلهية شئ آخر

 

1-بقول البعض إن قصد الله منذ البدء هو تأليه الإنسان، ولكن أخطأ الإنسان فى الوسيلة التى يصل بها إلى ذلك، كما أخطأ الشيطان فى ذلك أيضاً. فما حكمكم على هذا القول؟

 

2-أليس السيد المسيح قد اتحد بطبيعتنا البشرية، أخذ الخليقة كلها وأتحد بها فى ألوهيته، كما يقول البعض. إذن يكون قد أله هذه الطبيعة

 

3-ما عقيدة الكنيسة فى الإتحاد الإقنومى؟ وهل نحن نتحد أقنوميا بالله بحلول الروح القدس فينا؟

 

لقد منح الله للإنسان أمجاداً عديدة. ولكن مجد الألوهية هو خاص بالله وحده، لم يمنحه لأحد، ولن يمنحه، لأنه جزء من الطبيعة الإلهية. وقد قال الله – تبارك إسمه – فى ذلك:

 

“أنا الرب، هذا إسمى. ومجدى لا أعطية لآخر ” (أش 42: 8).

خلق الله الإنسان على صورته كشبهه (اتك 1: 26) وما كان قصده إطلاقا أن يجعل هذا الإنسان إلها، وإلا ما كان قد قال له عن ثمر الشجرة المحرومة ” يوم تأكل منها، موتا تموت ” (تك 2: 17)، والموت ليس من صفات الإلوهية.

إذن لم يكن قصد الله أن يؤله الإنسان.

 

وإلا لكان قد خلقه معصوما، أو خلقه غير قابل للموت. ولو كان يريد تأليه هذا افنسان، ما كان قد خلقه من تراب، وجعل المادة من تكوينه، بينما ” الله روح ” (يو 4: 24). وبخلقه من تراب ” وضعه قليلا عن الملائكة ” (مز 8: 5).

 

إذن لم يكن السبب فى عدم تأليه الإنسان – كما قيل – إنه أخطأ الوسيلة. فمهما أحسن، لا يمكن وصوله إلى الإلوهية، لأنه مخلوق. مر وقت لم يكن فيه موجودا، وكان الكون كونا من غيره. إذن لا تنطبق عليه ما يتصف عليه ما يتصفبه الله من أنه ” أزلى “، ” واجب الوجود “.

 

وهنا نذكر قول الله فى سفر أشعياء النبى:

مهما حاول البشر أن يبالغوا فى تمجيد أنفسهم، لا يجوز أنيصلوا فى تمجيدهم إلى مستوى التأله وليتذكروا أن هيرودس حينما قبل مثل هذا التمجيد، ولم يعط مجد لله، ضربه ملاك الرب فى الحال ” فصار يأكله الدود ومات ” (أع 12: 22، 23)

“أنا هو. قبلى لم يصور اله، وبعدى لا يكون ” (أش 42: 10)

” أنا أنا الرب، وليس غيرى ” أش 42: 1) ” أنا الرب وليس آخر، لا إله سواى ” أش 45: 5). إذن الشركة فى طبيعة الله اللاهوتية، هى تجديف على لاهوت الله. وهى ضد قانون الإيمان الذى نقول فيه ” بالحقيقة نؤمن بإله واحد “. وهى ايضا ضد الوصية الأولى التى يقول الله فيها ” أنا الرب إلهك لا تكن لك آلهة أخرى أمامى ” (خر 20: 2، 3).

 

ننتقل إلى نقطه أخرى للرد عليها وهى:

هل السيد المسيح فى تجسده قد أله الطبيعة البشرية إذ اتحد بها؟! وهل أخذ الخيقة كلها واتحد بها فى ألوهيته؟!

وذلك كما ينقل صاحب السؤال عن أحد الكتاب:

نحب أن نقول هنا إن عبارة الكاتب فى أن الله اتحد بالخليقة كلها فى ألوهيته!! إنما يقود إلى بدعة ” وحدة الوجود ” فالخليقة تعنى أموراً عديدة، منها الطبيعة والحيوان والحشرات والنبات والإنسان والملائكة

 

فإن كان الكاتب – بغير تدقيق – يقصد مجرد البشر، فإننا نقول:

إن لاهوت السيد المسيح إتحد بجسد واحد وروح واحدة، وليس بكل الطبيعة البشرية.

فى هذا اتحد ناسوته بلاهوته. ولكن لاهوته لم يتحد بكل الناس، وبقى البشر بشرا ” هلك منهم من هلك. والأبرار فيهم يحتاجون أن يتمموا خلاصهم بخوف ورعدة (فى 2: 12) لقد بارك الطبيعة البشرية، ولكنه لم يؤلهها. 0أتحد إتحاداً أقنوميا بالطبيعة البشرية التى أخذها بمبلاده من العذراء مريم. ولكنه لم يتحد أقنوميا بكل البشر، وبكل إنسان على حدة!! وإلا ما كنا نخطئ هنا وننتقل غلى نقطة أخرى وهى:

 

هل يوجد أحد من البشر يتحد بالله اتحاداً أقنوميا؟ كلا، فهذه بدعة. وهنا نفرق بين الحلول والإتحاد

انظروا ماذا يقول الكتاب ” لكى يعطيكم بحسب غنى مجده، أن تتأيدوا بالقوة بروحه فى الإنسان الباطن، ليحل المسيح بالإيمان فى قلوبكم ” (أف 3: 16، 17).

 

هل هذا حلول أقنومى،ام هو حلول بالإيمان؟ وبهذا المعنى نفهم ما يقوله الرسول أيضاً ” مع المسيح صلبت. فأحيا لا أنا، بل المسيح يحيا فى ” (غل 2: 20). فلا هو قد صلب حرفيا، ولا المسيح يحيا فيه أقنوميا، وإلا صار بولس إلها. وإنما قال ” أنا ما أنا، ونعمته المعطاة لى لم تكن باطلة ولكن لا انا، بل نعمة الله التى معى ” (اكو 15: 10). أيضا هناك فرق بين الحلول والإتحاد

 

والحلول الإقنومى لم يحدث إلا فى بطن العذراء من أجل التجسد الإلهى. واستخدام هذا التعبير بالنسبة إلى البشر هو هرطقة

 

6-أخيرا، أنتقل بكم إلى ما قيل فى يوم العنصرة إنه: ” حدث إتحاد بين طبيعة إلهية وطبيعة بشرية!!

فى الواقع أن الوحيد الذى حدث فيه إتحاد بين الطبيعة الإلهية والطبيعة البشرية هو السيد المسيح وحده

وإطلاق هذا التعبير على البشر هو محاولة إقامة مساواة لاهوتية بينهم وبين التجسد الإلهى. ولذلك فإن صاحب هذا الكلام قال إن التجسد الإلهى قد كمل فى يوم الخمسين.

 

وقد قمنا بالرد على هذا الكلام فى كتابنا ” سنوات مع أس
ئ
لة الناس

الجزء الرابع من ص 32 إلى ص 34

 

7-وحلول الروح القدس فينا (1كو 3، 6) لا يعنى تأليهنا.

فما أسهل أننا نحزن الروح القدس، أو نطفئ الروح، أو نقاوم الروح وتقديس الله للإنسان لا يعنى تأليه الإنسان وكما قال القديس بولس الرسول ” الذين سبق فعرفهم، سبق فعينهم، ليكونوا مشابهين الكتاب

 

وهكذا أيضاً نفهم حلول الروح القدس فينا.

يقول الرسول ” أما تعلمون انكم هيكل الله، وروح الله يسكن فيكم. إن كان أحد يفسد هيكل الله، فسيفسده الله. لأن هيكل الله مقدس، الذى أنتم هو ” (1كو 3: 16، 17). فما الذى نفهمه من هذا؟! الأمر واضح جداً. لو كان سكنى الروح القدس فينا إتحادا أقنوميا أو حتى حلولا إقنوميا، ما كان يمكن أن يوجد احتمال بإفساد هذا الهيكل الذى حل فيه روح الله أقنوميا (حسب قول ذلك الكاتب)!!

 

الإتحاد بأقنوم الروح القدس أى الإتحاد بالله يهنى العصمة. ومع ذلك يقول الرسول: ” ألستم تعلمون أن أجسادكم هى أعضاء المسيح؟ أفآخذ أعضاء المسيح وأجعلها أعضاء زانية؟! حاشا أم لستم تعلمون أن جسدكم هو هيكل الروح القدس الذى فيكم ” (1كو 6: 15، 19).

 

إذن سكنى الروح القدس فينا، وكوننا هياكل الله، وأجسادنا أعضاء للمسيح، كل هذا لا يمنع إحتمال أن يسلك افنسان فى الزنا ويفسد هيكل الله وكل هذا ينفى تماما مشاركة الطبيعة الإلهية بالمعنى اللاهوتى، كما يمنع فهم حلول الله بأنه حلول أقنومى

 

إن حلول الروح فينا، لا يمنع أننا أحيانا نحزن الروح ونطفئ الروح. كما يقول الرسول ” لا تحزنوا روح الله الذى به ختمتم ليوم الفداء؟ ” (أف 3: 30). إذن فهم الختم الإلهى لا يمنع أن الإنسان قد يحزن روح الله. وحينما يحزنه لا يكون متحدا معه فى المشيئة، فأين الإتحادالإقنومى إذن؟ وأين مشاركة الطبيعة الإلهية؟!

 

وبنفس المعنى نفهم عبارة ” لا تطفئوا الروح ” (1تس 5: 19). فالذى يطفئ الحرارة التى يشعلها الروح القدس فى قلبه، لا يكون مشاركا للروح فى المشيئة. والتالى لا يمكن أن يكون متحدا معه إتحادا أقنوميا

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي