الفصل الرابع


العشق الإلهى والإبتداع فى الدين


بعد كل ماسبق إيضاحه قد يقفز إلى ذهنك تساؤل وهو:



ألست معي أن ما يقال عن الحب الإلهي أو العشق الإلهي إنما هو بدعة في الدين؟




.


 

 لا ياعزيزي أنا لست معك في ذلك، وأسوق إليك كلمات رجل مسلم متمسك بدينه هو
الأستاذ مأمون غريب في(
كتاب رابعة العدوية في محراب الحب الإلهيص 19) حيث يقول: “لم يكن الصوفية
مبتدعينوهم يريدون من تعبدهم لله أن تشرق عليهم الأنوار الإلهية”. ويعود ليؤكد هذه الحقيقة في (نفس
الكتابص80) بقوله “الحب الإلهي إذن هو غاية الصالحين،
وليس بدعة أو اختراع

.


 


واسمع الدكتور علي صافي حسين في كتابه الأدب الصوفي في مصر 221)

يقول: “وكان
ذو النون المصريأول شاعر صوفي تحدث في شعره عن
العشق الإلهيأو
المحبة الربانية… ولم يكن يختلف في شيء ذي بال عما كان عليه شعر الغزل بمعناه العام”. (ص221)

.

 

وأسوق إليك شعر محمد الكيزاني أحد الصوفيين الكبار، من (كتاب الأدب الصوفي في مصر ص
(20)


.


 


ولقد أودعَ الغرامُ بقلبي     زفراتٍ أضحى بها مصدوعا


وإذا أطنب العزول فقد      عاهدت سمعي ألا أكون سميعا


وحرامٌ علَىَ التلهفِ ألا يري حَ أويحرقَ الحشا والضلوعا

 

ومن الشعر الحديث في العشق الإلهي أنشد قداسة البابا شنودة الثالث قصيدته العصماء التي بعنوان “همسة حب” أقتطف لك بعض أبياتها:


قلبي الخفاق أضحى مضجعك       في حنايا الصدر أخفي موضعك


ليس لي فكر ولا رأي ولا   شهوة أخرى سوى أن أتبعك


قد نسيت الأهل والأصحاب بل      قد نسيت النفس أيضا في هواك


قد نسيت الكل في حبك يا   متعة القلب فلا تنسى فتاك

هل تبحث عن  م التاريخ كنيسة أنطاكية تاريخ كنيسة أنطاكية 15


في سماء أنت حقا إنما      كل قلب عاش في الحب سماك


عرشك الأقدس قلب قد خلا من هوى الكل فلا يحوي سواك

 

هذه عينات من قصائد العشق الإلهي. ونشيدُ الأن
ا
ش
ي
د في الواقع هو الينبوع الذي نهل منه كل هذا الكمِّ من عشاق الحب الإلهي. إنه المشعل الوقاد الذي ألهب مشاعرهم، وأنار دروبهم، وسبى قلوبهم، وأسكر عقولهم، فانطلقت أرواحهم معبرة عن مذاقة الملكوت الحلوة، لتعزف سيمفونية العشق الإلهي الخالدة، والمتجددة على مدى الأزمان.

العشق الإلهي ياعزيزي درجة سامية في العلاقة مع الله، لا ينكرها إلا من لم يتذوقها. وهل يستطيع الأعمى أن ينكر ضياء الشمس لأنه لا يراها
؟
؟؟!!!
.

 

لعلي بهذا قد أجبت تساؤلك يا عزيزي
القارئ
عن هوية العاشق والعشيقة في سفر نشيد الأناشيد، السفر المعبر عن الحب الإلهي الخاص لوجه الله، الذي ينبغي أن يكون ركيزة العبادة لله، فالعبادة في مفهومها هي أسمى درجات الحب كما نقول في لغتنا أن فلان يحب فلانا لدرجة العبادة، أي أنه لا يستطيع مفارقته.

 

والواقع أن المشكلة الأساسية في قصور الإنسان عن إدراك أبعاد العلاقة مع الله تكمن في أن الدين أصبح عند العامة هو مجرد فروض وواجبات، دون علاقة حبية بين القلب وبين الله. فكتابنا المقدس يقول: “الله محبة” و”نحن نحبه (نحب الله) لأنه هو أحبنا أولا” (1يو4: 8
،
19)
.

 

هل تريد يا عزيزي أن تراجع علاقتك بالله هل هي مجرد عبادة الفرض وعلى رأي المثل: يعمل الفرض وينقب الأرض”؟ أم تريد أن تكون علاقة حبية من الآن مع الله. قل له يارب علمني أن أحبك، واسكب حبك في قلبي.

والواقع أنني أعرف كثيرين من أحبائنا المسلمين يعجبون بفكرة المسيحية في الحب الإلهي، وأعلم أيضا أن كثيرين لهم موقف من الإسلام، ويعلنون عدم اقتناعهم به، وفي نفس الوقت يخشون الانضمام إلى المسيحية، حتى لا يتعرضوا للعذاب أو السجن أو حتى القتل، ولهذا يكتفون بإعلان إلحادهم أهون لهم من انضمامهم للمسيحية.

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس تفاسير أخرى عهد قديم سفر نشيد الأنشاد متى بهنام 11

 

وأحب أن أؤكد أنني لا أدعو أحباءنا المسلمين المستنيرين والمعترضين على الإسلام، إلى ترك الإسلام، ولا أن يلجأوا إلى الاحتماء بالإلحاد، بل أدعوهم أن يظلوا في موقعهم، وبأسمائهم كما هي: محمد ومحمدين، وحسن وحسين. وأن يتجهوا بقلوبهم إتجاها روحيا حبيا في علاقتهم مع الله، تماما مثلما فعل الصوفيون المسلمون أمثال: رابعة العدوية، ومحيي الدين ابن عربي، وابن الفارض، وغيرهم.

 

وبالمناسبة أقول أن الصوفية المسلمة مع إتجاهها الروحي، تسمح بالزواج، فلا تظن أنك بالاتجاه الروحي إلى الله يلزم أن تكون راهبا أو متبتلا! فلا تعارض بين حب الله وممارسة جوانب الحياة المختلفة. ومن خلال الاتجاه الروحي والعلاقة الحبية مع الله سيعلن الرب لكل واحد الطريق السليم الكامل، لأن الكتاب المقدس يقول: “المقوم طريقه أريه خلاص الرب” (مز50: 23). فقط كن طائعا لله واقرأ من بين ما تقرأ الكتاب المقدس، لتعرف الطريق الحقيقي، وتدخل الحياة المرضية والمقبولة لدى الله.
ويمكنك أن تجد
الكتاب المقدس على الانترنيت
على الموقع:


www.arabicbible.com

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي