ملاك واحد ولا ملاكين

(متى 28: 1-5) 1وَبَعْدَ السَّبْتِ عِنْدَ فَجْرِ أَوَّلِ الأُسْبُوعِ جَاءَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ الأُخْرَى لِتَنْظُرَا الْقَبْرَ. 2وَإِذَا زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ حَدَثَتْ لأَنَّ مَلاَكَ الرَّبِّ نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ وَجَاءَ وَدَحْرَجَ الْحَجَرَ عَنِ الْبَابِ وَجَلَسَ عَلَيْهِ. 3وَكَانَ مَنْظَرُهُ كَالْبَرْقِ وَلِبَاسُهُ أَبْيَضَ كَالثَّلْجِ. 4فَمِنْ خَوْفِهِ ارْتَعَدَ الْحُرَّاسُ وَصَارُوا كَأَمْوَاتٍ. 5فَقَالَ الْمَلاَكُ لِلْمَرْأَتَيْنِ: «لاَ تَخَافَا أَنْتُمَا فَإِنِّي أَعْلَمُ أَنَّكُمَا تَطْلُبَانِ يَسُوعَ الْمَصْلُوبَ.

(مرقس 16: 5) وَلَمَّا دَخَلْنَ الْقَبْرَ رَأَيْنَ شَابّاً جَالِساً عَنِ الْيَمِينِ لاَبِساً حُلَّةً بَيْضَاءَ فَانْدَهَشْنَ.

(لوقا 24: 3) وَفِيمَا هُنَّ مُحْتَارَاتٌ فِي ذَلِكَ إِذَا رَجُلاَنِ وَقَفَا بِهِنَّ بِثِيَابٍ بَرَّاقَةٍ.

(يوحنا 20: 11-12) 11أَمَّا مَرْيَمُ فَكَانَتْ وَاقِفَةً عِنْدَ الْقَبْرِ خَارِجاً تَبْكِي. وَفِيمَا هِيَ تَبْكِي انْحَنَتْ إِلَى الْقَبْرِ 12فَنَظَرَتْ ملاَكَيْنِ بِثِيَابٍ بِيضٍ جَالِسَيْنِ وَاحِداً عِنْدَ الرَّأْسِ وَالآخَرَ عِنْدَ الرِّجْلَيْنِ حَيْثُ كَانَ جَسَدُ يَسُوعَ مَوْضُوعاً.

يقول المعترض

(متى 28: 2) يذكر أن مريم المجدلية ومن معها رأوا عند القبر ملاكاً واحداً

(مرقس 16: 5) يذكر أن مريم المجدلية ومن معها رأوا عند القبر شاباً واحداً فقط.

(لوقا 24: 3) يذكر أن مريم المجدلية رأت عند القبر رجلين

(يوحنا 20: 12) يذكر أن مريم المجدلية رأت عند القبر ملاكين.

 

الرد:

متى ومرقس يقولان إن ملاكاً واحداً كلّم النساء

بينما لوقا ويوحنا يذكران أن ملاكين كانا عند القبر وزفَّا بشارة القيامة إلى أولئك النساء.

فيقول الملحدون إن هذا تناقض ظاهر. ولكن القارئ المدقق يرى خطأ قولهم هذا. هل متى ومرقس يقولان إنه لم يكن عند القبر إلا ملاك واحد؟ كلَّا. لأن إشارتهما إلى ملاك واحد لا تمنع إمكانية وجود ملاكين أو أكثر عند القبر.

ولنتأمل فيما حدث عند ميلاد المسيح، إذ ظهر ملاك واحد للرعاة. وفي الحال ظهر معه جمهور من الجند السماوي. وربما كان سبب ذكر متى ملاكاً واحداً أن ملاك الرب نزل من السماء وجاء ودحرج الحجر عن الباب وجلس عليه (متى 28: 2). فهو يخص بالإشارة هذا الملاك، وهو الذي كلم النساء.

ولما كانت مأمورية الملاك هذه على جانب عظيم من الأهمية، ذكر متى هذا الملاك فقط، دون أن يعلّق أهمية على وجود سواه من الملائكة عند القبر.

كما أن عدم إشارة مرقس إلى وجود ملاك آخر قد يكون راجعاً إلى اهتمامه بالملاك الذي حمل بشرى قيامة المسيح. ولعل ما كان مهماً في نظره هو أن النساء لم يتلقَّيْن هذه البشرى من أحد الرسل، بل من ملاك مرسَل من الله. فسواء كان عند القبر ملاك واحد أو ملاكان، هذا أمر ثانوي. ولا يخفى أن عدم الإشارة إلى وجود شخص ما في ظرف معيَّن لا ينفي وجوده.

فلنفرض مثلاً أنك قد حظيت بالمثول بين يدي رئيس الدولة، وكان رئيس الوزراء حاضراً.

وعند رجوعك إلى البيت قد تقول لأهلك: رأيت رئيس الدولة، وقال لي كذا وكذا.

ثم تقابل صديقاً لك وتقول له: رأيت هذا الصباح رئيس الدولة ورئيس الوزراء، وقالا لي كذا وكذا.

وإذا قابلت صديقاً آخر تقول له: اُتيحت لي رؤية رئيس الدولة ورئيس الوزراء هذا الصباح، فقال لي رئيس الدولة كذا وكذا. فهل يجرؤ أحدٌ على اتّهامك بالتناقض في هذه الأقوال الثلاثة؟

 

وعليه يجب أن نعامل الكتاب المقدس عند الحكم على ما جاء به بمبدأ العدل الذي نطلبه لأنفسنا، فنجده خالياً من كل تناقض. فمن المحتمل في قضية القيامة أن أحد الملاكين هو الذي نطق بالبشارة. ومن المحتمل أيضاً أن الثاني كان يردّد كلام الأول تأييداً له. وكيفما كانت الحال، فالبشيرون لهم الحق أن يشيروا إلى أحدهما أو كليهما معاً.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي