رؤية الله

(يوحنا 1: 18) “الله لم يره أحد قط”

(تيموثاوس الأولى 6: 16) “[الله] الذي وحده له عدم الموت، ساكنا في نور لا يدنى منه الذي لم يره أحد من الناس ولا يقدر أن يراه الذي له الكرامة والقدرة الأبدية. آمين”

(خروج 33: 11) “ويكلم الرب موسى وجها لوجه، كما يكلم الرجل صاحبه”


 


سؤال:

يتهم ديدات الكتاب المقدس بالتناقض فيقول في (كتاب عتاد الجهاد ص 24) أن الكتاب المقدس يقول في بعض الآيات أن

الله لا يمكن رؤيته
، ويقول في آيات أخرى العكس. فما رأيك؟


الإجابة:

1 اقتبس الشيخ ديدات آية من (بشارة يوحنا 1: 18) التي تقول: ”

الله لم يره أحد قط

2 ومن (تيموثاوس الأولى 6: 16) “[الله] الذي وحده له عدم الموت، ساكنا في نور لا يدنى منه

الذي لم يره أحد من الناس
ولا يقدر أن يراه الذي له الكرامة والقدرة الأبدية. آمين”

3 وهذه حقيقة لا يستطيع أحد أن ينكرها.

 


سؤال:

ثم اشار إلى آيات يرى فيها

تناقضا
مع هذه الآيات التي ذكرتها.


الإجابة:

1 اقتبس من (خروج 33: 11) “ويكلم الرب موسى

وجها لوجه
، كما يكلم الرجل صاحبه”

2

مشكلة
الشيخ ديدات هي مشكلة من لا يعرف

أسرار اللغة وأساليبها
. فكما قلت وأقول أن في اللغة يوجد كلام

حقيقي لازم معناه
، ويوجد

كلام مجازي
يرمز أو يكني عن معانٍ أخرى.

3 فتعبير

“وجها لوجه”
ليس كما فهمه الشيخ ديدات الذي يجهل اللغة، وهو معذور كما قلنا لأنه لم يدرس في أي معهد علوم اللغة وفنونها.

4 ويلاحظ أن الكتاب لم يقل أن موسى

رأى وجه الله
، بل ”

يكلم
الرب موسى وجها لوجه”. فتعبير وجها لوجه يكني عن

الكلام المباشر
بدون وسيط، وليس عن

الرؤية المباشرة
.

5 أما أن يدَّعي ديدات أن موسى رأى

شخص الله
فهذا ما ينفيه الكتاب نفسه في نفس الإصحاح (خروج33: 19و20 “فقال [موسى]:

أرني مجدك
.. فقال له [الله]

لا تقدر
أن

ترى وجهي
لأن الإنسان لا يراني ويعيش”

6 وأكد الرب ذلك في نفس الإصحاح (خروج 33: 23) ”

أما وجهي فلا يرى
“.

 


سؤال:

يقتبس ديدات من (سفر الخروج 24: 911) أن موسى وآخرون ”

رأوا إله
إسرائيل” فما رأيك؟


الإجابة:

 1 الواقع أن ديدات لم يكن يبحث عن الحقيقة، ولكنه

يخطف تعبيرا يفصله عن سياق الكلام
، ليكيل الاتهامات للكتاب المقدس، تماما على وزن “لا تقربوا الصلاة”

2 ولو كان الرجل مخلصا في معرفة الحق لقرأ توضيح موسى النبي لهذه اللقاءات مع الله، فيقول في (سفر التثنية 4: 12و15) “وأنتم

سامعون صوت كلام
، ولكن

لم تروا صورة بل صوتا
.. فإنكم

لم تروا صورة ما
يوم كلمكم الرب”

3 إذن فتعبير “رأوا إله إسرائيل” لا تفيد

رؤية وجه الرب أو شخص الرب
بالمعنى الحرفي، إنما هي مجاز يفيد إلى الوجود في حضرته

والاستماع لصوته
فقط.

4 فالحقيقة أن الباحث في نصوص الكتاب المقدس يحتاج أن تتوفر فيه أمورٌ كثيرة من أبسطها:

 * أن يكون ملما

بعلوم اللغة
: الفصاحة والبلاغة بما فيها من علم المعاني، والبيان وما فيه من: تشبيه واستعارة وكناية واستعارة مكنية، ومجاز مرسل، وعلم البديع بما فيه من: طباق وتورية، ومقابلة وتضاد، وتوافق وتبديل.. إلخ

* والأمر الثاني هو الربط بين النصوص

وسياق الحديث
، لا أن يعزل النص عن سياقه.

5 وهذه أبسط قواعد البحث، التي كان يجهلها أو يتجاهلها العلامة الشيخ أحمد ديدات.

6 ولذلك وقع المسكين في ورطة ما رآه

متناقضا
في نصوص الكتاب المقدس. وليس هو بتناقض، وإنما اختلاف التعبير بين الحقيقة والمجاز.

7 وإن كان الشيخ ديدات يعترض على ما يراه متناقضا في الكتاب المقدس، وقد ثبت له أنه لا تناقض فيما افترى. فما رأيه أو رأي أمثاله وأتباعه في

تضارب القرآن والأحاديث
بخصوص رؤية الله؟

 


سؤال:

ما هو هذا التضارب؟


الإجابة:

تضارب بخصوص رؤية الله هنا على الأرض، فهناك من يقول بإمكانية ذلك وهناك من ينفي ذلك.


**


رؤية موسى لله:

1 في (

سورة الأعراف 143)
“وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ

قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ
قَالَ

لَنْ تَرَانِي
وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ

فَسَوْفَ تَرَانِي
فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا”.


2

وفي

تفسير القرطبي لهذه اللآية:
سَأَلَ موسى النَّظَرَ إِلَي الله ; وَاشْتَاقَ إِلَى

رُؤْيَتِهِ
. وَذَكَرَ الْقَاضِي أَبِي بَكْر بْن الطَّيِّب: أَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام

رَأَى اللَّه
فَلِذَلِكَ خَرَّ صَعِقًا، وَأَنَّ

الْجَبَل رَأَى رَبّه
فَصَارَ دَكًّا. ثُمَّ قَالَ

وَتَجَلَّى
مَعْنَاهُ

ظَهَرَ
;

وَتَجَلَّى الشَّيْء اِنْكَشَفَ.

 


سؤال:

عجبا إن كان القرآن والمفسرون يقرون

بإمكانية تجلي الله
في المادة فلماذا ينكرون تجلي الله في السيد المسيح؟


الإجابة:

(1) ملاحظة ذكية وسؤال هام يجيب عليه المشاهد بنفسه.

(2) ولكن اسمح لي أن

أكمل موضوع التناقض
بين إمكانية رؤية الله من عدمه.


(3)
رؤية محمد لله:

1 جاء في (تفسير القرطبي):

“عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّ محمدا رَآى ربه مرتين مرة بِعَيْنِهِ،
ومرة

بفؤاده، وَحُجَّته قَوْله تَعَالَى: ” مَا كَذَبَ الْفُؤَاد مَا رَأَى ” [النَّجْم: 11]
.


2 و

في
(
المستدرك على الصحيحين للإمام محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري.. كتاب التفسير.. باب تفسير سورة الأنعام) ”
عن ابن عباس أنه سئل هل
رأى محمد ربه؟ قال:



نعم رأى كأن قدميه على خضرة دونه ستر من لؤلؤ!

فقلت يا ابن عباس أليس يقول الله:

لا تدركه الأبصاروهو يدرك الأبصار؟
قال:

يا لا أمٌّ لك..
إذا تجلى بنوره لا يدركه شيء
. هذا حديث صحيح الإسناد”


3

ثُمَّ قَالَ اِبْن عَبَّاس: أَتَعْجَبُونَ أَنَّ الْخُلَّة تَكُون لِإِبْرَاهِيم وَالْكَلَام لِمُوسَى،

وَالرُّؤْيَة لِمُحَمَّدٍ
. قَالَ: فَكَبَّرَ كَعْب حَتَّى جَاوَبَتْهُ الْجِبَال.


4

وَحَكَى عَبْد الرَّزَّاق أَنَّ الْحَسَن كَانَ يَحْلِف بِاَللَّهِ

لَقَدْ رَأَى مُحَمَّد رَبّه
. وَحَكَاهُ أَبُو عُمَر الطَّلَمَنْكِيّ عَنْ عِكْرِمَة, وَحَكَاهُ بَعْض الْمُتَكَلِّمِينَ عَنْ اِبْن مَسْعُود.


6

وَحَكَى اِبْن إِسْحَاق أَنَّ مَرْوَان سَأَلَ أَبَا هُرَيْرَة:

هَلْ رَأَى مُحَمَّد رَبّه؟ فَقَالَ نَعَمْ.


7

وَحَكَى النَّقَّاش عَنْ

أَحْمَد بْن حَنْبَل أَنَّهُ قَالَ: أَنَا أَقُول بِحَدِيثِ اِبْن عَبَّاس: بِعَيْنِهِ رَآهُ رَآهُ! حَتَّى اِنْقَطَعَ نَفَسه, يَعْنِي نَفَس أَحْمَد
.


8

وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الشَّيْخ أَبُو الْحَسَن الْأَشْعَرِيّ وَجَمَاعَة مِنْ أَصْحَابه أَنَّ مُحَمَّدًا

رَأَى اللَّه بِبَصَرِهِ وَعَيْنَيْ رَأْسه
.


9

هذا يتناقض مع الأقوال الآتية:

 


سؤال:

وهل بعد هذه الأدلة يوجد ما يناقضها؟


الإجابة:

إليك ما يناقضها:

عدم إمكانية رؤية الله:

1 جاء في (سورة الأنعام 103)
“ل
َا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ
وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ”

2 وجاء في

(الشُّورَى: 51) “
وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمهُ اللَّه إِلا

وَحَيًّا أَوْ مِنْ وَرَاء حِجَاب أَوْ يُرْسِل رَسُولا”

3 وجاء في(تفسير القرطبي):
قَالَ السُّدِّيّ فِي قَوْله “لَا تُدْرِكهُ الْأَبْصَار وَهُوَ يُدْرِك الْأَبْصَار ”

لَا يَرَاهُ شَيْء”

4 وجاء أيضا في (تفسير القرطبي لهذه الآية): فِي صَحِيح مُسْلِم
عَنْ
مَسْرُوق
قَالَ: كُنْت مُتَّكِئًا عِنْد عَائِشَة، فَقَالَتْ: مَنْ تَكَلَّمَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّه الْفِرْيَة. قُلْت: مَا هُنَّ؟ قَالَتْ: مَنْ

زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَأَى رَبّه
فَقَدْ

أَعْظَمَ عَلَى اللَّه الْفِرْيَة
. أَوَلَمْ تَسْمَع أَنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ يَقُول:


وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمهُ اللَّه إِلا

وَحَيًّا أَوْ مِنْ وَرَاء حِجَاب أَوْ يُرْسِل رَسُولا”

5 أفبعد كل هذا التناقض والتضارب في القرآن والأحاديث يدَّعي الشيخ ديدات أن التناقض هو في الكتاب المقدس، إنها بالفعل

سياسة قلب المائدة
. وما أبعد الدين عن السياسة، “فلادين في السياسة ولا سياسة في الدين” على رأي الله يرحمه.


سؤال:

1 إنها محاولة فاشلة من فضيلة الشيخ ديدات، وشكرا لله الذي يكشف الحقائق.

2 وما رأي المسيحية والإسلام بخصوص رؤية الله في الآخرة؟


الإجابة:

1 أولا تؤمن المسيحية أنه عندما يأتي المسيح في مجيئه الثاني، سوف يأخذ المؤمنين به، بعد أن يحول أجسادهم المادية إلى أجساد روحانية تستطيع أن تعيش في سماء الروح.

2 هكذا يقول الكتاب المقدس: (في رسالة فيلبي3: 20و21) “فإن سيرتنا نحن هي في السماوات التي منها ننتظر مخلصا هو الرب يسوع المسيح الذي

سيغير شكل جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده

3 وهناك سوف يعطي هذه الأجساد النورانية إمكانية رؤيته متجليا في وجه يسوع المسيح (1يوحنا3: 2) “نعلم أنه متى أظهر نكون مثله لأننا سنراه كما هو”

 


سؤال:

هذا رأي المسيحية، وما هو رأي

الإسلام
بخصوص

رؤية الله
؟


الإجابة:

1 (سورة القيامة 22و23) “وُجُوه يَوْمئِذٍ نَاضِرَة.

إِلَى رَبّهَا نَاظِرَة

2 في (صحيح البخاري.. كتاب التوحيد.. باب ‏قول الله تعالى وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة‏) “إِنَّمَا

نَنْتَظِرُ



رَبَّنَا

قَالَ

فَيَأْتِيهِمْ الْجَبَّارُ فِي صُورَةٍ غَيْرِ صُورَتِهِ
الَّتِي

رَأَوْهُ فِيهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ فَيَقُولُ

أَنَا رَبُّكُمْ
فَيَقُولُونَ أَنْتَ

رَبُّنَا؟.. فَيَقُولُ هَلْ بَيْنَكُمْ
وَبَيْنَهُ آيَةٌ تَعْرِفُونَهُ بها؟ فَيَقُولُونَ:

السَّاق.



فَيَكْشِفُ


عَنْ


سَاقِهِ

فَيَسْجُدُ
لَهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ”

3 وإني أتساءل يا رجل الفقه، هل لله ساق؟ وكيف يكشف الله عن ساقه؟ هل الله وهو روح يلبس ثيابا؟

 


سؤال:

قد يردون بأن هذه أحاديث إسرائيلية مدسوسة؟


الإجابة:

1 هل بعد 14 قرن يكتشفون ذلك؟

2 أين كان حماة الدين حتى يتركوا الإسرائيليين يدسون هذه الخزعبلات في كتبهم؟

3 هل استطاع الإسرائيليون أن يضحكوا على كل علماء وفقهاء الدين، في مكة والمدينة والبصرة والكوفة والشام في عصور الإسلام الأولى.

4 وإن كان الإسرائيليون قد نجحوا في دس هذه القصص في الأحاديث فلماذا لا يحتمل أن يكونوا قد دسوا

إسرائيليات أيضا في القرآن
؟

 


سؤال:

قد يعترضوا بأن القرآن له وضع آخر فقد حافظ عليه المسلمون أشد ما يكون الحفظ. فما رأيك؟


الإجابة:

1 إن كانوا قد حافظوا على القرآن بهذه الصورة. فأين القرآن الذي كتب في

عهد محمد
على الرُّقاع [وهو الصحف المصنوعة من الجلد]، واللِّخاف [وهو الحجر الأبيض الرقيق]، والعُسُب [جريد النخل]، وأكتاف النعام [أي العظم]؟

2 خاصة وقد جاء في (موقع الأزهر على الإنترنيت تحت موضوع: القرآن بقلم الأستاذ الكتور عبد الغفور محمود مصطفى) كانت المرة الأولى لجمع القرآن

بإملاء النبي
، وكان يأمر الكاتب أن يقرأ ما كتب حتى يقومه.

3 وتضيف الموسوعة الإسلامية بالإنترنيت (


www.islampedia.com


)
“لقد اعتنى النبي بكتابة القرآن عناية بالغة جدا، فكان كلما نزل عليه شيء منه، دعا الكتاب ومنهم: علي بن أبي طالبن وأبيَّ بن كعب، وزيد بن ثابت، ومعاوية بن أبي سفيان، فأملاه عليهم”

4 ويضيف هذا الموقع (الموسوعة الإسلامية) أن هؤلاء الكتاب

قد كتبوا القرآن كله
. في عهد محمد.

5
وطالما كان هذا أمر الجمع الأول للقرآن فلماذا لم يحتفظوا به بحرص شديد؟

 


سؤال:

هل ضاع هذا القرآن المكتوب في عهد محمد؟


الإجابة:

1 بالتأكيد، وإلاَّ لماذا يكلف أبو بكر الصديق، بعد عامين من موت محمد،

زيدا بن ثابت
بمهمة جمع مصحف آخر من صدور الرواة، ولم يُذكر شيء عن المصحف السابق (دائرة المعارف الإسلامية ج26 ص 8172)؟

2
ولماذا لم يحفظوا هذا القرآن في

جمعه الثاني
في عهد أبي بكر بحرص الشديد؟

 


سؤال:

هل ضاع هذا القرآن الآخر؟


الإجابة:

1 وإلاَّ فلماذا يكلف عثمان بن عفان زيدا بن ثابت أيضا ليجمع القرآن من جديد؟

2 والعجيب أن نقرأ في (موقع الأزهر على الإنترنيت السابق الإشارة إليه) أن زيدا في هذه المرة جمع ستة مصاحف مختلفة.

 3 وتقول (الموسوعة العربية الميسرة ص 1187) أن عثمان حرق كل المصاحف ولم يبق إلا على واحد منها فقط.

4 أليست

هذه الحقائق
الموثقة من المراجع الإسلامية تثير الشك في كل من

القرآن والأحاديث
.

5 يا ترى ما رأي الشيخ أحمد ديدات في ذلك؟

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي