ملعون كل من علّق على خشبة

(غلاطية 3: 13) اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ».

يدعى البعض أن ما جاء على لسان بولس تصريح بأن المسيح ملعون, فهل حقا المسيح ملعون؟

 

الرد:

الرد سيكون مقسم الى عدة اقسام لتفنيد هذه الشبهة:

شرح معنى صار لعنة لاجلنا

شرح معنى ملعون كل من علق على خشبة

اثبات ان الرسول بولس بارك المسيح

مباركة العهد الجديد بصورة عامة للمسيح

الموضوع مبني على النص المقتطف في غلاطية 3: 13

 

شرح معنى صار لعنة لاجلنا

(غلاطية 3: 13) اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ».

 

حقيقةً ان الكتاب المقدس لم يذكر ابدا لفظ ان المسيح ملعون ابدا لا في اي العهدين ولا في اي سفر وهذا مما دفع البعض من المعارضين الجهلة ان يحاولوا نسب هذا النص الكريم بكونه اشارة الى ان المسيح ملعون, لكنهم فشلوا

فجملة “اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا” واضحة لأن المسيح افتدانا من هذا اللعنة

كيف افتدانا من هذه اللعنة؟ كيف يمكن للمسيح ان يتفدينا من لعنة الناموس؟

افتدانا اذ صار لعنة لأجلنا, لي حمل اللعنة عنا, وهي الطريقة الوحيدة التي يفتدينا المسيح من هذه اللعنة, بأن يحملها عنا وليس ان يصير ملعوناً هو, لانه لو صار ملوعناً لما استحق حمل اللعنة عنا, فصار لعنة لاجلنا اي حمل اللعنة, لعنة اللناموس عنا

 

هذا المصطلح استخدمه الرسول بولس بصورة مشابهة في رسالته الثانية لاهل كورنثوس

(كورنثوس الثانية 5: 21) لأَنَّهُ جَعَلَ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً، خَطِيَّةً لأَجْلِنَا، لِنَصِيرَ نَحْنُ بِرَّ اللهِ فِيهِ.

 

نلاحظ ان الذي لم يعرف خطيئة صار خطيئة لأجلنا, اي حمل خطيئتنا, لانه لو قلنا ان صار خطيئة لاجلنا تعني انه خاطئ لما قال انه لم يعرف الخطيئة بل بالاحرى انه حمل الخطيئة عنا مع بقاء عدم خطيئته وبره, فهو حمل اللعنة والخطيئة عنا دون ان يكون خاطئ ودون ان يكون ملعون

 

بنفس الطريقة وبنفس المصطلح نستطيع ان نقول الذي لم يكن ملعونا صار لعنة لاجلنا, فالجملتان متسويتان في المعنى الكتابي (راجع تفسير الاب تادرس وانطونيوس الموجود على موقعنا لتأكيد فكرة تفسير هذا النص رسميا وعلميا)

 

هذا كله في كف وما ذكر في العدد المباشر بعد العدد 13 في كف اخرى:

(غلاطية 3: 14) لِتَصِيرَ بَرَكَةُ إِبْرَاهِيمَ لِلأُمَمِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، لِنَنَالَ بِالإِيمَانِ مَوْعِدَ الرُّوحِ،

 

فلا يمكن لملعون ان تصير فيه بركة ابراهيم للأمم كلها, فها هو الرسول بولس يقول في العدد المباشر ان المسيح مبارك وله بركة ابراهيم التي للامم

 

إضافة الى ان من يتابع العهد الجديد بأكمله يرى كمال المسيح ونقاوته التي لا تشوبها خطيئة, فكيف ان يكون ملعونأً وهو لم يعرف خطيئة

من هو الملعون وكيف يكون ملعوناً؟ هذا ما سنتطرق اليه في الجزء الثاني

 

ملعون كل من علق على خشبة

الرسول بولس يذكر انه مكتوب ان كل من علق على خشبة هو ملعون, وهو يشير بذلك

(تثنية 21: 23) فَلا تَبِتْ جُثَّتُهُ عَلى الخَشَبَةِ بَل تَدْفِنُهُ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ لأَنَّ المُعَلقَ مَلعُونٌ مِنَ اللهِ. فَلا تُنَجِّسْ أَرْضَكَ التِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَصِيباً».

 

فمن هو الذي يعلق على الخشبة ومن هو الذي أخذ هذه اللعنة؟

سفر العدد يجيب على هذا السؤال:

(عدد 21: 22) «وَإِذَا كَانَ عَلى إِنْسَانٍ خَطِيَّةٌ حَقُّهَا المَوْتُ فَقُتِل وَعَلقْتَهُ عَلى خَشَبَةٍ

 

فالانسان الذي يعلق على الخشبة هو الانسان الخاطئ الذي فعل خطيئة تستحق الموت, فيعلق على خشبة (التعليق على الخشبة هو احد وسائل العقاب الاربعة في العهد القديم)

و نرى بالحقيقة ان المسيح لم يفعل اي خطيئة تستحق الموت, بل انه لم يفعل اي خطيئة ابدا (راجع كورنثوس الثانية 5: 21 مجددا)

اللعنة هي نتيجة الخطيئة, فسفر التثنية نفسه يوضح لنا متى تكون اللعنة على الانسان:

(تثنية 11: 28) 28 وَاللعْنَةُ إِذَا لمْ تَسْمَعُوا لِوَصَايَا الرَّبِّ إِلهِكُمْ وَزُغْتُمْ عَنِ الطَّرِيقِ التِي أَنَا أُوصِيكُمْ بِهَا اليَوْمَ لِتَذْهَبُوا وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى لمْ تَعْرِفُوهَا.

 

اذن اللعنة هي لمن لا يسمع وصايا الرب ويزوغ عن طريقه, وهذا حال من يفعل خطيئة تستحق الموت, فهو زاغ عن الطريق ولم يسمع وصايا الرب التي تمنعه ان يفعل اي خطيئة تستحق الموت

اذن المسيح بالتالي غير مستحق عقاب التعليق على الخشبة ولا اللعنة التي هي نتيجة الخطيئة التي تستحق الموت والتعليق على الخشبة, لانه لم يفعل خطيئة ولم يكسر وصيته ابدا

 

هل بارك بولس المسيح؟

هذا ما سنلاحظه في الجزء الثالث

الرسول بولس بارك المسيح

من اغرب من يقال من قبل المعترضين ان بولس يلعن المسيح متناسيا ومتجاهلا سواء بجهله ام بكذبه كا ما ذكر على لسان بولس من بركات للمسيح ونورد نصوصها:

 

(رومية 15: 29) وَأَنَا أَعْلَمُ أَنِّي إِذَا جِئْتُ إِلَيْكُمْ سَأَجِيءُ فِي مِلْءِ بَرَكَةِ إِنْجِيلِ الْمَسِيحِ.

(غلاطية 3: 14) لِتَصِيرَ بَرَكَةُ إِبْرَاهِيمَ لِلأُمَمِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، لِنَنَالَ بِالإِيمَانِ مَوْعِدَ الرُّوحِ،

(أفسس 1: 3) مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بَارَكَنَا بِكُلِّ بَرَكَةٍ رُوحِيَّةٍ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ

(رومية 1: 25) الَّذِي هُوَ مُبَارَكٌ إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ.

(رومية 9: 5) وَلَهُمُ الآبَاءُ وَمِنْهُمُ الْمَسِيحُ حَسَبَ الْجَسَدِ الْكَائِنُ عَلَى الْكُلِّ إِلَهاً مُبَارَكاً إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ.

(كورنثوس الثانية 1: 3) مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، أَبُو الرَّأْفَةِ وَإِلَهُ كُلِّ تَعْزِيَةٍ.

(كورنثوس الثانية 11: 31) اَللَّهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي هُوَ مُبَارَكٌ إِلَى الأَبَدِ، يَعْلَمُ أَنِّي لَسْتُ أَكْذِبُ.

 

فهل يتوافق ما كتبه كتبة العهد الجديد مع ماذكره بولس من بركة للمسيح يسوع؟

هذا ما سنرد عليه في الجزء الرابع والاخير

 

مباركة العهد الجديد للمسيح

ونقصد بها ما ذكره العهد الجديد عامة من نصوص بركة للمسيح واسمه, وبكونه متوافق مع ما ذكره الرسول بولس, بأن المسيح مبارك مبارك مبارك.

 

سنكتفي بذكر نص واحد في كل سفر لكي لا نطول لان الغرض هو الاثبات بالدليل والنصوص وليس الاغراق والتكثير من الرد, ايضا سنتحاشى نصوص الرسول بولس لاننا ذكرناها في الجزء الثالث

 

(متى 21: 9) وَالْجُمُوعُ الَّذِينَ تَقَدَّمُوا وَالَّذِينَ تَبِعُوا كَانُوا يَصْرَخُونَ: «أُوصَنَّا لاِبْنِ دَاوُدَ! مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ! أُوصَنَّا فِي الأَعَالِي!».

(مرقس 11: 9) وَالَّذِينَ تَقَدَّمُوا وَالَّذِينَ تَبِعُوا كَانُوا يَصْرُخُونَ قَائِلِينَ: «أُوصَنَّا! مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ!

(لوقا 1: 68) «مُبَارَكٌ الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ لأَنَّهُ افْتَقَدَ وَصَنَعَ فِدَاءً لِشَعْبِهِ

(يوحنا 12: 13) فَأَخَذُوا سُعُوفَ النَّخْلِ وَخَرَجُوا لِلِقَائِهِ وَكَانُوا يَصْرُخُونَ: «أُوصَنَّا! مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ!»

(رسالة يعقوب 3: 9) بِهِ نُبَارِكُ اللَّهَ الآبَ

(بطرس الأولى 1: 3) مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي حَسَبَ رَحْمَتِهِ الْكَثِيرَةِ وَلَدَنَا ثَانِيَةً لِرَجَاءٍ حَيٍّ، بِقِيَامَةِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ مِنَ الأَمْوَاتِ،

(يهوذا 1: 25) اَلإِلَهُ الْحَكِيمُ الْوَحِيدُ مُخَلِّصُنَا، لَهُ الْمَجْدُ وَالْعَظَمَةُ وَالْقُدْرَةُ وَالسُّلْطَانُ، الآنَ وَإِلَى كُلِّ الدُّهُورِ. آمِينَ.

 

الخلاصة

ان نص غلاطية 3: 13 لا يلعن المسيح بل يوضح ان المسيح حمل الخطيئة عنا, بنفس الشاكلة وبنفس الأسلوب نرى الرسول بولس في رسالته الثانية لكورنثوس 5: 21 يذكر ان المسيح صار خطيئة لاجلنا ويوضح ان معناها ليس ان المسيح خاطئ لانه لم يعرف خطيئة بل معناها ان المسيح حمل الخطيئة, حمل الخطيئة لا يجعل منه خاطئ, كما ان حمل اللعنة لا يجعل منه ملعون, بل ان الرسول بولس مباشرة في العدد 14 من الاصحاح 3 يذكر لنا ان المسيح مبارك وحلت فيه بركة كل الامم كما وعد الله ابراهيم ان يبارك نسله, فباركه بالمسيح.

 

ملعون كل من علق على خشبة اصلها العهد القديم وهي تخص من فعل خطيئة تستوجب الموت, واللعنة هي نتيجة الخطيئة وعصيان الله, والمسيح لم يكسر وصية بل كان كاملا ولم يعرف خطيئة قط, وبالتالي المسيح غير ملعون لتعليقه على الخشبة

 

الرسول بولس يذكر في اكثر من رسالة وفي اكثر من نص ان المسيح مبارك, بحق مبارك وكل من يحاول ان ينافي هذه الحقيقة هو جاهل لا يفقه شيئا في الكتاب المقدس

 

يتوافق كل كتاب العهد الجديد (بل الكتاب المقدس بجملته) بمباركة الرب يسوع المسيح بطريقة عظيمة ومهولة لم يقدمها اي احد في اي كتاب واي ديانة للمسيح, فبركته بركة الهية تامة

بهذا نكون اثبتنا ان المسيح يسوع هو مبارك, مبارك, نعم مبارك

ونختم بما قاله الرسول بولس:

لِتَصِيرَ بَرَكَةُ إِبْرَاهِيمَ لِلأُمَمِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، لِنَنَالَ بِالإِيمَانِ مَوْعِدَ الرُّوحِ،

مبارك اسمك يارب, فبَارِكنَا بِكُلِّ بَرَكَةٍ رُوحِيَّةٍ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي