يا أولاد الأفاعي
(متى12: 34)”
يَا أَوْلاَدَ الأَفَاعِي! كَيْفَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَتَكَلَّمُوا بِالصَّالِحَاتِ وَأَنْتُمْ أَشْرَارٌ؟.
(متى23: 33)
أَيُّهَا الْحَيَّاتُ أَوْلاَدَ الأَفَاعِي! كَيْفَ تَهْرُبُونَ مِنْ دَيْنُونَةِ جَهَنَّمَ؟
هل كان السيد المسيح يشتم؟
الرد:
لكي نرد على مثل هذا الإدعاء علينا أولا أن نستوضح بعض الأشياء:
ما هو المقصود من كلمة أفاعى وحيات؟؟
هناك المعني الحرفي لهذه الكلمة وهو أن يكون الشخص إبن بالمعني الحرفي للأفعى وهذا لا يستقيم، لأن الابن يكون من طبيعة الأب.
وهناك المعنى الرمزي،وهو ما سنتوسع في شرحه قليلا..
(تكوين3: 1) وَكَانَتِ الْحَيَّةُ أَحْيَلَ جَمِيعِ حَيَوَانَاتِ الْبَرِّيَّةِ الَّتِي عَمِلَهَا الرَّبُّ الإِلهُ، فَقَالَتْ لِلْمَرْأَةِ: «أَحَقًّا قَالَ اللهُ لاَ تَأْكُلاَ مِنْ كُلِّ شَجَرِ الْجَنَّةِ؟»
و تعليقا على هذا العدد جاء في سفر الجليان:
(رؤيا12: 9) فَطُرِحَ التِّنِّينُ الْعَظِيمُ، الْحَيَّةُ الْقَدِيمَةُ الْمَدْعُوُّ إِبْلِيسَ وَالشَّيْطَانَ، الَّذِي يُضِلُّ الْعَالَمَ كُلَّهُ، طُرِحَ إِلَى الأَرْضِ، وَطُرِحَتْ مَعَهُ مَلاَئِكَتُهُ.
(رؤيا20: 2) فَقَبَضَ عَلَى التِّنِّينِ، الْحَيَّةِ الْقَدِيمَةِ، الَّذِي هُوَ إِبْلِيسُ وَالشَّيْطَانُ، وَقَيَّدَهُ أَلْفَ سَنَةٍ،
إذن الحية في معناها الرمزي في الكتاب المقدس تشير إلى الشيطان كما هو واضح في الأعداد السابقة.
إذن السيد المسيح هنا لا يقول أن اليهود أولاد لحيوانات عجماوات،و لكنه يقول أن الفريسيين أولاد لإبليس الذي هو الحية القديمة، ولذلك قال عنهم أنهم أولاد أفاعي (الشياطين)
وهذا التعبير استخدمه أيضا القديس يوحنا المعمدان عندما قال:
(متى3: 7) فَلَمَّا رَأَى كَثِيرِينَ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ وَالصَّدُّوقِيِّينَ يَأْتُونَ إِلَى مَعْمُودِيَّتِهِ، قَالَ لَهُمْ: «يَاأَوْلاَدَ الأَفَاعِي، مَنْ أَرَاكُمْ أَنْ تَهْرُبُوا مِنَ الْغَضَب الآتِي؟”
(لوقا3: 7) وَكَانَ يَقُولُ لِلْجُمُوعِ الَّذِينَ خَرَجُوا لِيَعْتَمِدُوا مِنْهُ: «يَا أَوْلاَدَ الأَفَاعِي، مَنْ أَرَاكُمْ أَنْ تَهْرُبُوا مِنَ الْغَضَبِ الآتِي؟
وبولس الرسول يقول أيضا:
(أعمال13: 10) وَقَالَ: «أَيُّهَا الْمُمْتَلِئُ كُلَّ غِشٍّ وَكُلَّ خُبْثٍ! يَا ابْنَ إِبْلِيسَ! يَاعَدُوَّ كُلِّ بِرّ! أَلاَ تَزَالُ تُفْسِدُ سُبُلَ اللهِ الْمُسْتَقِيمَةَ؟”
إذن هذا ليس بمصطلح غريب أو شاذ في هذه الفترة، ولكن ننتقل إلى المرحلة التالية من السؤال وهي:
هل يصح أن يقوم السيد المسيح بتوجيه شتيمه لأي شخص بأن يقول له أنه ابن الشيطان؟؟
بالطبع السيد المسيح لم يكن يشتم الفريسيين، لأنه هو من قال من منكم يبكتني على خطية،إذن فإن هناك مغزى من قول السيد المسيح عن الفريسيين بأنهم أولاد للشيطان.
يجب أن نستوضح مفهوم معين قبل الشروع في سرد بعض الأدلة…
في سفر التكوين نقرأ:
(تكوين3: 15)
وَاضَعُ عَدَاوَةً بَيْنَكِ وَبَيْنَ الْمَرْاةِ وَبَيْنَ نَسْلِكِ وَنَسْلِهَا. هُوَ يَسْحَقُ رَاسَكِ وَانْتِ تَسْحَقِينَ عَقِبَهُ»
نفهم من كلمات الله هنا للحية أن هناك تفرقة واضحة وعداوة موضوعة بين نسل المرأة (البشر) ونسل الحية (الشياطين)، وهذا كان منذ البدء..
وكانت هذه التفرقة بين النسلين، والعداوة بينهما معروفة لليهود تماما..
فالفرق بين الخراف والجداء معروف…
(متى25: 32-33)
والفرق بين النور والظلمة واضح للجميع، ومعروف…
(ومي يؤكد دراية اليهود بمعنى هذا المصطلح، هو استخدام الكثيرين له غير السيد المسيح، كيوحنا المعمدان، والقديس بولس الرسول)
وننتقل الآن لشرح المغزى من هذه الكلمات…
وهذا واضح من قول السيد المسيح:
(لوقا6: 43-44)” 43 «لأَنَّهُ مَا مِنْ شَجَرَةٍ جَيِّدَةٍ تُثْمِرُ ثَمَرًا رَدِيًّا، وَلاَ شَجَرَةٍ رَدِيَّةٍ تُثْمِرُ ثَمَرًا جَيِّدًا. 44 لأَنَّ كُلَّ شَجَرَةٍ تُعْرَفُ مِنْ ثَمَرِهَا. فَإِنَّهُمْ لاَ يَجْتَنُونَ مِنَ الشَّوْكِ تِينًا، وَلاَ يَقْطِفُونَ مِنَ الْعُلَّيْقِ عِنَبًا.”
(يوحنا8: 39)” 39 أَجَابُوا وَقَالُوا لَهُ: «أَبُونَا هُوَ إِبْرَاهِيمُ». قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «لَوْ كُنْتُمْ أَوْلاَدَ إِبْرَاهِيمَ، لَكُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أَعْمَالَ إِبْرَاهِيمَ!”
توضيح هذا القول:
عندما قال اليهود أنهم أولاد إبراهيم فإنهم لم يكذبوا في ذلك، لانهم فعلا أولاد إبراهيم، ولكن السيد المسيح رد عليهم بأنهم ليسوا أولادا لإبراهيم، فكيف يكون هذا؟؟؟
قام السيد المسيح بإيضاح مقصده من هذا الجواب قائلا: لو كنتم اولاد حق لإبراهيم لكنتم تعملون أعماله الخيّره، إذن يقصد السيد المسيح هنا الأبوه بالأعمال،التي لم تتحقق في حالة اليهود لأنهم بالفعل أبناء لإبراهيم بالجسد، وهذا يتطلب أن يكون الابن من نفس طبيعة الأب، ولكن الأبوه بتشابه الأعمال لا تتطلب أن يكون الابن من نفس طبيعة الأب،و من هذا المقياس ننطلق في شرح كلمة أولاد إبليس.. فقد أكمل السيد المسيح حديثه مع اليهود قائلا:
(يوحنا8: 44) أَنْتُمْ مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْلِيسُ، وَشَهَوَاتِ أَبِيكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا. ذَاكَ كَانَ قَتَّالاً لِلنَّاسِ مِنَ الْبَدْءِ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الْحَقِّ لأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَق. مَتَى تَكَلَّمَ بِالْكَذِبِ فَإِنَّمَا يَتَكَلَّمُ مِمَّا لَهُ، لأَنَّهُ كَذَّابٌ وَأَبُو الْكَذَّابِ.”
أي أن ابن إبليس هو من يعمل شهوات إبليس، ويقتل الناس كما هو حال إبليس،و كذاب كما هو إبليس أيضا.
و على نفس المنوال نقرأ في كلمات القديس بولس الرسول:
(أعمال13: 10) وَقَالَ: «أَيُّهَا الْمُمْتَلِئُ كُلَّ غِشٍّ وَكُلَّ خُبْثٍ! يَا ابْنَ إِبْلِيسَ! يَاعَدُوَّ كُلِّ بِرّ! أَلاَ تَزَالُ تُفْسِدُ سُبُلَ اللهِ الْمُسْتَقِيمَةَ؟
يقول القديس بولس لعليم الساحر: أنه ممتليء غش وخبث، ثم أردف بقوله أنه ابن لإبليس.
بالطبع هو ليس ابن لإبليس بالطبيعة ولكنه إبن لإبليس بالأعمال لأنه غشاش وخبيث وكاذب مثل إبليس.
تلخيص:
كلمة ابن ابليس لا تتضمن في طياتها أي شتيمة، ولكنها تقرير لحالة أعمال الشخص، فإن من كان يعمل أعمال إبليس، فهو ابنا لإبليس بالأعمال كما أوضحنا ولا داعي لتكرار الأدلة
نقطة أخيرة، وهي أن النص اليوناني هو:
أفاعي
γεννήματα
نسل
ἐχιδνῶν
γεννήματα
معناها نتاج، ونسل وسلالة وذرية وأولاد
أي أن هؤلاء اليهود هم من نسل، وذرية، ونتاج الأفاعي التي ترمز للشياطين.