متبررين مجاناً بالنعمة

ما دام الكتاب يقول “متبررين مجاناً بالنعمة” (رو 3: 24)،

إذن فهو خلاص مجاني. لماذا إذن نربطه بالمعمودية وهي عمل؟!

 

الرد:

عبارة ” متبررين مجاناً ” تعني أننا لاندفع ثمناً لهذا التبرير. ذلك لأن ” أجرة الخطية هي موت ” (رو 6: 23)، كما ورد في نفس الرسالة إلي رومية.. وهذا الثمن دفعه المسيح بموته، بسفك دمه علي الصليب.

ونحن نتبرر بدون دفع هذا الثمن، أي مجاناً.

أما المعمودية فهي ليست الثمن، إنما الوسيلة.

مثال ذلك حينما يقول الأخوة البروتستانت إننا نخلص بالإيمان. فالإيمان هو الوسيلة، وليس هو الثمن. لأن الثمن هو دم المسيح وليس غير، كما يقول الكتاب ” بدون سفك دم لا تحصل مغفرة ” (عب 9: 22).و قد جمع السيد المسيح هاتين الوسيلتين معاً، الإيمان والمعمودية في قوله: ” من آمن واعتمد خلص ” (مر 16: 16). لسنا نحن إذن الذين نربط الخلاص بالمعمودية، إنما السيد المسيح نفسه، وأيضاً رسله القديسون مثلما قال القديس بطرس الرسول عن فلك نوح ” الذي فيه خلص قليلون، أي ثماني أنفس بالماء، الذي مثاله يخلصنا نحن الآن أي المعمودية ” (1 بط 3: 20: 21). وكذلك قال القديس بولس الرسول أيضاً “.. بل بمقتضي رحمته خلصنا بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس ” (تي 3: 5).

ولعلك تحتج وتقول: وهل إذا لم أعتمد أهلك، والمسيح قد مات من أجلي؟!

نعم إن المسيح قد مات من أجلك. ولكن ينبغي أن تسلك في الوسيلة التي وضعها السيد المسيح نفسه لخلاصك، الوسيلة التي تنال بها الخلاص الذي قدمه لك المسيح مجاناً..

فعلي الرغم من دم المسيح هل يمكن أن تخلص مثلاً بدون توبة؟

دم المسيح موجود وكاف للخلاص. ولكن موجود أيضاً قول السيد المسيح ” إن لم تتوبوا، فجميعكم كذلك تهلكون ” (لو 13: 3، 5). والتوبة ليست ثمناً للخلاص، إنما هي وسيلة ضرورية لازمة تتبرر بها مجاناً بدم المسيح. والمعمودية هي أيضاً وسيلة ضرورية لازمة تتبرر بها مجاناً بدم المسيح. والسيد المسيح نفسه قد قال ” إن كان أحد لا يولد من الماء والروح، لا يقدر أن يدخل ملكوت الله “(يو 3: 5). والإيمان أيضاً وسيلة ضرورية ولازمة لنوال التبرير المجاني الذي تم بدم المسيح.

 

إذن ينبغي أن نفرق بين الثمن والوسيلة.

ثمن التبرير هو دم المسيح وحده.

والوسيلة الضرورية اللازمة هي الإيمان والمعمودية والتوبة.

وقد ربط القديس بطرس الرسول بين هذه الوسائط الثلاث في يوم الخمسين بعد أن اَمن اليهود ونخسوا في قلوبهم، وسألوا ماذا نعمل؟ فأجابهم الرسول القديس:

” توبوا،و ليعتمد كل واحد منكم علي إسم يسوع المسيح لغفران الخطايا، فتقبلوا عطية الروح القدس ” (أع 2: 38). أمامنا هنا الثلاث وسائط: إيمان علي إسم يسوع المسيح،و توبة ومعمودية…

 

كلها وسائط، والثمن الوحيد للتبرير هو دم المسيح، وقد دفعه المسيح وحده لأجلنا.

ونحن ننال هذا التبرير مجاناً، لأننا لم ندفع ثمنه، أي الدم. نناله بالإيمان والتوبة والمعمودية: الثلاث وسائط معاً.. كلها وسائط، الثمن الوحيد للتبرير هو دم المسيح. ثم ندخل في العمل البار، الذي هو ثمر للإيمان وثمر للتوبة، وثمر لعمل الروح القدس فينا الذي نلناه بسر الميرون،و ثمر للتجديد وللبنوة الذين نلناهما في المعمودية…و يقول القديس يوحنا الرسول عن هذا البر:

 

“إن علمتم أنه بار هو، فاعلموا أن كل من يفعل البر هو مولود منه ” (1 يو 2: 29).

إن السيد المسيح قد دفع ثمناً لتبريرك هو دمه. وقدم لك هذا التبرير مجاناً – أي بدون دفع الثمن مرة أخري – وبقي عليك أن تسلك في الوسائط التي حددها الرب نفسه…و لتفسير ذلك، أقول لك مثلاً: لنفرض أن معك شيكاً بمبلغ كبير جداً من المال، حصلت عليه مجاناً نتيجة لميراث مثلاً، غير أنك لم تذهب إلي البنك لتقبض قيمة هذا الشيك، ستظل طبعاً بدون هذا المبلغ، مع أنه موجود لصالحك. ولكنك لم تسلك في الوسيلة… نقولها مرة ثالثة: إن الثمن الوحيد للتبرير هو دم المسيح لا غير. ونحن ننال هذا التبرير مجاناً عن طريق الإيمان والمعمودية والتوبة.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي