جثا على ركبتيه وصلى

ما معنى الأية: ” جثا على ركبتيه وصلى ” (لو 22: 41)؟

وَانْفَصَلَ عَنْهُمْ نَحْوَ رَمْيَةِ حَجَرٍ وَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَلَّى

الجواب:

* فى وقت الشدة والحزن المرير أوصى السيد تلاميذه قائلاً: ” صلو لكى لا تدخلوا فى تجربة ” (لو 40: 22) وكما اوصاهم هكذا فعل، مقدماً نفسه مثالاً لكل إنسان ونائباً عن البشرية فى أوجاعها وأحزانها التى أستحقتها لسبب الخطية فى أتضاع عجيب جثا على ركبتي وصلى، بكل الأنسحاق وبنفس منسكبة وفى ضراعة عميقة وصراخ من القلب.. ” وإذا كان فى جهاد كان يصلى بأشد لجاجة وصار عرقه كقطرات دم نازلة على الأرض ” (لو 44: 22).

* هذه الصلاة الحارة العميقة قد أجذبت أنتباه السمائيين: ” وظهر له ملاك من السماء يقوية ” (لو 43: 22) ربما كان الملاك يردد ذلك النغم الخالد: (لك القوة والمجد والبركة والعزة).. أو كان يردد تسبخ=حة الثلاث تقديسات ” (قدوس الله. قدوس القوى. قدوس الحى الذى لا يموت).. أو ليعلن إعجاب السمائيين بذلك الحب العجيب الذى أحتمل الأحزان لأنه ” إذ كان قد أحب خاصته الذين فى العالم أحبهم إلى المنتهى ” (يو 1: 13).. وفى كل الأحوال فإن ظهور الملاك قد أكد مشاركة الجند السمائيين فى وقت التجربة والحزن والألم.

* وقد وصف معلمنا بولس الرسول تلك الصلوات الحارة والمنسحقة التى قدمها السيد المسيح أثناء آلامه وأحزانه فقال: ” الذى فى أيام جسده إذ قدم بصراخ شديد ودموع طلبات وتضرعات للقادر أن يخلصه من الموت. وسمع له من أجل تقواه من كونه أبناً تعلم الطاعة مما تألم به وإذ كمل صار لجميع الذين يطيعون سبب خلاص أبدى “. (عب 5: 7-9).

* كل ما قيل عن تضرعات السيد المسيح أمام الآب فى وقت الآلام والأحزان، ينبغى أن ننظر إليه فى ضوء أن الأبن الوحيد قد أخلى ذاته أخذاً صورة عبد (انظر فى 7: 2). لكنه مع هذا بقى هو هو نفسه كلمة الله

القادر على كل شئ ولكن من حيث أنه قد تجسد وصار نائباً عن البشرية ” إذ وجد فى الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع حتى الموت.. موت الصليب ” (فى 8: 2).

* ولذلك يقول: ” مع كونه أبناً تعلم الطاعة مما تألم به ” (عب 8: 5) أى أنه مع كونه ابن الله الذى له نفس الجوهر مع الآب وقدراته وإرادته فإنه كنائب عن البشرية قد أظهر الطاعة فى قبول للآلام والأحزان، مرضياً لقلب الآب السماوى.

* وهى فى صلاته وتضرعة كان يطلب من أجل خلاص البشرية من براثن الموت وقبضته. وقد أقامه الآب من الأموات بنفس القدرة الإلهية التى أقام بها هو نفسه والتى أقامه بها الروح القدس. لأن قدرة الثالوث هى قدرة إلهية واحدة. ولكنه مع كونه ابناً قد تضرع إلى الآب من أجل القيامة من الأموات لأنه فى هذا قد ناب عن البشرية فى استرضاء قلب الآب السماوى وفى إيفاء العدل الإلهى حقه بالكامل، وفى الحصول على الحياة الأبدية.

* ويقول الكتاب: ” وسمع له من أجل تقواه ” (عب 7: 5) فلم يكن الأمر تنازلاً عن حق العدل الإلهى الذى لا يمكن أن يتغير بل بالفعل أو فى الإنسان يسوع المسيح حق العدل الإلهى، وإستجاب الآب لما طلبه ابن الإنسان البار القدوس الذى بلا خطية، حينما قدم نفسه ذبيحة إثم ” حمل خطايا كثيرين وشفع فى المذنبين ” (إش 12: 53).

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي