خضوع الإبن للآب

(كورنثوس الأولى 15: 22-28) 22لأَنَّهُ كَمَا فِي آدَمَ يَمُوتُ الْجَمِيعُ هَكَذَا فِي الْمَسِيحِ سَيُحْيَا الْجَمِيعُ. 23وَلَكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ فِي رُتْبَتِهِ. الْمَسِيحُ بَاكُورَةٌ ثُمَّ الَّذِينَ لِلْمَسِيحِ فِي مَجِيئِهِ. 24وَبَعْدَ ذَلِكَ النِّهَايَةُ مَتَى سَلَّمَ الْمُلْكَ لِلَّهِ الآبِ مَتَى أَبْطَلَ كُلَّ رِيَاسَةٍ وَكُلَّ سُلْطَانٍ وَكُلَّ قُوَّةٍ. 25لأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَمْلِكَ حَتَّى يَضَعَ جَمِيعَ الأَعْدَاءِ تَحْتَ قَدَمَيْهِ. 26آخِرُ عَدُوٍّ يُبْطَلُ هُوَ الْمَوْتُ. 27لأَنَّهُ أَخْضَعَ كُلَّ شَيْءٍ تَحْتَ قَدَمَيْهِ. وَلَكِنْ حِينَمَا يَقُولُ «إِنَّ كُلَّ شَيْءٍ قَدْ أُخْضِعَ» فَوَاضِحٌ أَنَّهُ غَيْرُ الَّذِي أَخْضَعَ لَهُ الْكُلَّ. 28وَمَتَى أُخْضِعَ لَهُ الْكُلُّ فَحِينَئِذٍ الِابْنُ نَفْسُهُ أَيْضاً سَيَخْضَعُ لِلَّذِي أَخْضَعَ لَهُ الْكُلَّ كَيْ يَكُونَ اللهُ الْكُلَّ فِي الْكُلِّ.

يقول المعترض:
الابن نفسه أيضا سيخضع للذي أخضع له الكل وهذا يوضح عدم مساواة الابن بالآب.

 

الرد:

لقد كان غرض الله حين خلق الإنسان كما نقرأ
«
فخلق الله الإنسان على صورته على صورة الله خلقه. ذكرا وأنثى خلقهم. وباركهم الله وقال لهم أثمروا واكثروا واملأوا الأرض وأخضعوها وتسلطوا على سمك البحر وعلى طير السماء وعلى كل حيوان يدب على الأرض» (تكوين 27: 1, 28) وقيل عنه في (مزمور 3: 8 – 6) «
تسلطه على أعمال يديك. جعلت كل شيء تحت قدميه»
لكن بسبب السقوط, ومخالفة الله وعدم الطاعة له, فشل الإنسان في إتمام غرض الله في إخضاع كل ما على الأرض. وجاء الرب يسوع, وأخذ صورة الإنسان, ليس فقط ليفدي الإنسان, بل لكي يتم قصد الله في الإنسان وهو إخضاع كل شيء تحت قدمي الإنسان ورد السلطة المفقودة منه بسبب السقوط.

ومع أن الإنسان البشري فقد سيادته بسبب سقوطه, ولكننا نرى داود في المزمور الثامن يؤكد سيادة الإنسان. وهو بهذا التأكيد يشير إلى «
ابن الله»
الذي سيأخذ صورة الإنسان, وليتمم غرض الله الذي أراده من البداية للإنسان كما هو واضح في(عبرانيين 5: 2 – 9).

وبالعودة إلى الأصحاح الذي منه هذا الجزء موضوع الاعتراض على لاهوت المسيح, نجد أن الرسول فيه يتكلم عن «
ناسوت المسيح كثيرا» وفي ذات الوقت يؤكد لاهوته. فمثلا يقول: «
فإنه إذ الموت بإنسان بإنسان أيضا قيامة الأموات» (1كورنثوس21: 15) وأيضا «آدم الأول» و«
آدم الأخير» وأيضا «
الإنسان الأول من الأرض ترأبي والإنسان الثاني الرب من السماء» (1كورنثوس47: 15).

وإذ فشل الجميع «
جاء ابن الله في صورة إنسان» ليخضع الخليقة لله, وله كل المجد بعد أن يتم إخضاع كل شيء يسلم الملك لله الآب. حيث لا تكون حاجة أن الإنسان يقوم بالعمل نيابة عن اللاهوت وعندئذ في الحالة الأبدية نرى الثالوث الأقدس «
الآب والابن والروح القدس».

في الإنسان يسوع المسيح الذي مكتوب عنه «
سر أن يحل فيه كل ملء اللاهوت جسديا».

وبهذا الاعتبار سيخضع الله الآب كل شيء تحت قدميه. وتقول الكلمات «
ومتى أخضع له الكل» من الذي سيخضع له الكل? الله الآب سيخضع للمسيح الإنسان كل شيء.

ومتى أخضع الله الآب كل شيء للمسيح باعتباره رأسا وممثلا للإنسانية يأتي المسيح بهذا الاعتبار فيسلم الملك لله الآب, ويخضع له معترفا بأن القوة التي فيه لم تكن قوة إنسانية بل كانت قوة الله القادر على كل شيء.

وكأنه يقول: الآن قد انتهت مهمتي تماما كإنسان, فلقد كان الفادي للإنسان والممجد لله كالإنسان أيضا , وبموته كالإنسان أيضا أباد ذاك الذي له سلطان الموت وأنهى سيادته على الإنسان وبالتالي قد انتهت سيادة الموت أيضا.

وحيث إنه تمم كل عمل لأجله قد جاء كالإنسان أو كابن الإنسان, ولابد أن يسلم الملك للآب, حتى يرى المفديون الله في ثالوثه الآب والابن والروح القدس الله الأزلي في ملكه الأبدي في الإنسان يسوع المسيح حسب الجسد
(عبرانيين 5: 2 – 8).

بالرغم مما سبق ووضوح لاهوت المسيح كوضوح الشمس في رابعة النهار لكن لا يكف المضادون لشخصه. فهم يسألون قائلين:

في ظهوراته في العهد القديم قيل عنه إنه «
ملاك الرب» فهل هذا القول «
ملاك الرب» لا يثبت أنه مخلوق لأن كل الملائكة مخلوقون.

وللإجابة نقول:

ينبغي أن نعلم أن كل الظهورات في العهد القديم هي ظهورات أقنوم الابن
, وكلمة «
ملاك» تعني:

«
مرسل» وكلمة «
ملاك الرب» تعني: «
الرب المرسل».

وفي كل حادثة ظهور بينما كان يتكلم كملاك, لكن كان يكشف عن ذاته أنه الله نفسه.

ولنأخذ على سبيل المثال:

ظهوره لهاجر, «
وقال لها ملاك الرب تكثيرا أكثر نسلك» (تكوين 6: 16). وهذا ليس في سلطان أي ملاك, لكن هذا في سلطان الرب وحده.

وواضح من الآية السابقة أن الله يتكلم بسلطانه.

ولكن بعد هذا نقرأ أن ملاك الرب قال لهاجر «
لأن الرب قد سمع مذلتك» (تكوين 11: 16) وهنا نراه كأنه سفير مرسل من السماء ثم نقرأ بعد ذلك عن هاجر «
فدعت اسم الرب الذي تكلم معها إيل رئي(تكوين 13: 16)
أي الرب رآني.

وفي العهد الجديد نقرأ أن الرب يسوع قال لنثنائيل: «
قبل أن دعاك فيلبس وأنت تحت التينة رأيتك» (يوحنا48: 1). وفي (تكوين 9: 22 – 12) نرى أن ملاك الرب هذا منع إبراهيم أن يقدم ابنه اسحق ذبيحة «
فلما أتيا إلى الموضع الذي قال له الله, بني هناك إبراهيم المذبح.. ثم مد إبراهيم يده وأخذ السكين ليذبح ابنه فناداه ملاك الرب من السماء وقال إبراهيم إبراهيم. فقال هاأنذا فقال لا تمد يدك إلى الغلام ولا تفعل به شيئا لأني الآن علمت أنك خائف الله فلم ت مسك ابنك وحيدك عني».

وهنا نرى أن ملاك الرب قد أظهر ذاته أنه الله الذي قد م إبراهيم له الطاعة ولم يمسك ابنه وحيده عنه.

وظهوره ليعقوب في (تكوين 11: 31 – 13) «
وقال لي ملاك الله في الحلم يا يعقوب فقلت هاأنذا فقال ارفع عينيك وانظر جميع الفحول الصاعدة على الغنم مخططة ورقطاء ومنمرة لأني قد رأيت كل ما يصنع بك لابان. أنا إله بيت إيل حيث مسحت عمودا حيث نذرت لي نذرا. الآن قم اخرج من هذه الأرض وارجع إلى أرض ميلادك». وواضح من هذه العبارات مع ربطها بتكوين (18: 28 – 20), عندما نذر يعقوب نذره أن ملاك الله هو الله ذاته إله إبراهيم وإله إسحق.

وكذلك أيضا ظهوره لموسى إذ يقول في (خر 1: 3 – 6) «
وأما موسى فكان يرعى غنم يثرون حميه وظهر له ملاك الرب بلهيب نار من وسط عليقة, فنظر وإذ العليقة تتوقد بالنار والعليقة لم تحترق. فقال موسى أميل لأنظر هذا المنظر العظيم. لماذا لا تحترق العليقة? فلما رأي الرب أنه مال لينظر ناداه الله من وسط العليقة وقال: موسى موسى.. ثم قال أنا إله أبيك, إله إبراهيم وإله إسحق وإله يعقوب».

وهنا نرى أن ملاك الرب هو بذاته إله إبراهيم وإله إسحق وإله يعقوب.

وهكذا أيضا مع ظهوره ليشوع في (يش 13: 5 – 15).

وظهوره لجدعون في (قض 12: 6 – 14).

وظهوره لمنوح وزوجته في (قض 9: 13 – 22).

هكذا في كل مرة نلتقي مع ملاك الله في الكتاب فإننا نجد الصفات الإلهية والأمجاد الإلهية والأعمال الإلهية والأسماء الإلهية. وهذه جميعها هي صفات خاصة بالرب يسوع رب العهد القديم والجديد.

أبعد هذا نقول إن الرب يسوع هو ملاك الرب وليس هو الرب?

ليفتح الرب البصائر والقلوب (راجع الجزء الخاص ب هل المسيح ملاك?).

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي