غواية داود بإحصاء الشعب


من أغوى داود… الله أم الشيطان؟


+ (أخبار الأيام الأول 21)

1 وَوَقَفَ
الشَّيْطَانُ
ضِدَّ إِسْرَائِيلَ
وَأَغْوَى
دَاوُدَ لِيُحْصِيَ إِسْرَائِيلَ… 5فَدَفَعَ يُوآبُ جُمْلَةَ عَدَدِ الشَّعْبِ إِلَى دَاوُدَ,
فَكَانَ

كُلُّ

إِسْرَائِيلَ
مِلْيُوناً وَمِئَةَ أَلْفِ رَجُل
ٍ مُسْتَلِّي السَّيْفِ
وَيَهُوذَا أَرْبَعَ مِئَةٍ وَسَبْعِينَ أَلْفَ
رَجُلٍ مُسْتَلِّي السَّيْفِ
,… 11فَجَاءَ جَادُ إِلَى دَاوُدَ وَقَالَ لَهُ: «هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ: اقْبَلْ لِنَفْسِكَ 12إ
ِمَّا ثَلاَثَ سِنِينَ جُوعٌ,
أَوْ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ هَلاَكٌ أَمَامَ مُضَايِقِيكَ وَسَيْفُ أَعْدَائِكَ يُدْرِكُكَ, أَوْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ يَكُونُ فِيهَا سَيْفُ الرَّبِّ وَوَبَأٌ فِي الأَرْضِ.


+(صموئيل الثانى 24)

 1 وَعَادَ فَحَمِيَ غَضَبُ
الرَّبِّ
عَلَى إِسْرَائِيلَ
فَأَهَاجَ
عَلَيْهِمْ دَاوُدَ قَائِلاً: «امْضِ وَأَحْصِ إِسْرَائِيلَ وَيَهُوذَا»… 9فَدَفَعَ يُوآبُ جُمْلَةَ عَدَدِ الشَّعْبِ إِلَى الْمَلِكِ،
فَكَانَ إِسْرَائِيلُ ثَمَانَ مِئَةِ أَلْفِ رَجُلٍ

ذِي بَأْسٍ

مُسْتَلِّ السَّيْفِ
، وَرِجَالُ
يَهُوذَا خَمْسَ مِئَةِ أَلْفِ رَجُلٍ
… 13فَأَتَى جَادُ إِلَى دَاوُدَ وَقَالَ لَهُ: «
أَتَأْتِي عَلَيْكَ سَبْعُ سِنِي جُوعٍ
فِي أَرْضِكَ، أَمْ تَهْرُبُ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ أَمَامَ أَعْدَائِكَ وَهُمْ يَتْبَعُونَكَ، أَمْ يَكُونُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَبَأٌ فِي أَرْضِكَ؟».


 


الرد:


قد لا يعلم المسلم أن ذلك الحدث مذكور من أحد الأحاديث الإسلامية على لسان محمد نبى الإسلام ستجدة فى أخر الصفحة، والآن ننتقل إلى موضوع الشبهة:


(أولاً) غواية داود بإحصاء الشعب


من أغوى داود… الله أم الشيطان؟

+(صموئيل الثانى 24: 1) “
1وَعَادَ فَحَمِيَ غَضَبُ الرَّبِّ عَلَى إِسْرَائِيلَ فَأَهَاجَ عَلَيْهِمْ دَاوُدَ قَائِلاً: «امْضِ وَأَحْصِ إِسْرَائِيلَ وَيَهُوذَا».

+(أخبار الأيام الأول 21: 1)
“1وَوَقَفَ الشَّيْطَانُ ضِدَّ إِسْرَائِيلَ وَأَغْوَى دَاوُدَ لِيُحْصِيَ إِسْرَائِيلَ”.

 

لابد لنا أن نعرف أن هناك فرق بين سماح الله وإرادة اللة

فالله هنا سمح للشيطان أن يجرب داود، مثلما سمح له أن يجرب أيوب من قبل لكى يختبر قوة إيمانة، بل وسمح أيضاً للشيطان الحية القديمة أن يجرب آدم وحواء.

لم يكن هذا أمر إلهى من الله لداود أن يحصى الشعب، بل كانت رغبة داخلية فى نفس داود لكى يطمئن على قوة مملكتة، وعندما كشف الله لداود عن ما بداخل قلبة سارع فى تنفيذ ما يتمناه، ولم يقل داود لله حاشاً كيف أفعل ذلك!! لقد نسى داود أن الله هو مصدر قوتهم ونسى أنه هو الذى أخرجهم من أرض مصر وشق لهم البحر الأحمر، ونسى أن الله هو الذى أسقط أمام يشوع بن نون أسوار أريحا، بل ونسى أنه
بينما كان صموئيل يصعد المحرقة تقدم الفلسطينيون لمحاربة إسرائيل، إذ كانوا يعلمون أن بني إسرائيل
بلا سلاح وبلا حماية
. وكان دليل توبة إسرائيل الحقيقية ورجوعهم إلى الرب واضحاً في إيمانهم. فقالوا لصموئيل:
لا تكف عن الصراخ من أجلنا إلى الرب إلهنا فيخلصنا من يد الفلسطينيين
(صموئيل الأول 7: 8). فاستجاب الرب لصلاتهم، فهبت فجأة عاصفة رعدية على الفلسطينيين فهربوا خائفين، ولم يعودوا بعد للدخول في تخم إسرائيل. “
وكانت يد الرب على الفلسطينيين كل أيام صموئيل
” (صموئيل الأول 7: 13).

بل نسى داود نفسة أيضا عندما وقف أمام جليات الجبار أعزلاً بدون سلاح وقال له جملتة الشهيرة “
أَنْتَ تَأْتِي إِلَيَّ بِسَيْفٍ وَبِرُمْحٍ وَبِتُرْسٍ. وَأَنَا آتِي إِلَيْكَ بِاسْمِ رَبِّ الْجُنُودِ إِلَهِ صُفُوفِ إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ عَيَّرْتَهُمْ
” (صموئيل الأول 17: 45)

حتى أن يوآب قال له ما معناه ما هذا الذى انت ستفعلة ليزد الرب إلهك الشعب مئة ضعف، فلماذ سيدى الملك قادم على هذا الأمر؟ فما كان من داود أن وبخة وإشتد عليه بالكلام فأطاع يوآب أمر داود الملك. ولذلك تركة الله يفعل ما أغواه به الشيطان وتركة لقساوة قلبة كما نقرأ عن فرعون فى سفر الخروج: (الخروج 7: 3) ”
وَلَكِنِّي اقَسِّي قَلْبَ فِرْعَوْنَ وَاكَثِّرُ ايَاتِي وَعَجَائِبِي فِي ارْضِ مِصْرَ.

وقد قبح فى عينى الرب قيام داود بإحصاء الشعب، وداود نفسه إعترف بخطأه فى النهاية و
قال داود للرب: لقد أخطأت جدًا في ما فعلت، والآن يارب أزل إثم عبدك لأني انحمقت جدًا”، فهذا يوضح أن هذا الأمر لم يكن من قبل الرب بل كانت رغبة من داود.

راجع هنا تسلسل الآيات:

+(أخبار الأيام الأول 21: 6)
كَلاَمَ الْمَلِكِ كَانَ مَكْرُوهاً لَدَى يُوآبَ.

+(أخبار الأيام الأول 21: 7)
وَقَبُحَ فِي عَيْنَيِ اللَّهِ هَذَا الأَمْرُ فَضَرَبَ إِسْرَائِيلَ.

+(أخبار الأيام الأول 21: 8)
فَقَالَ دَاوُدُ لِلَّهِ: «لَقَدْ أَخْطَأْتُ جِدّاً حَيْثُ عَمِلْتُ هَذَا الأَمْرَ. وَالآنَ أَزِلْ إِثْمَ عَبْدِكَ لأَنِّي سَفِهْتُ جِدّاً.

 

إذن فالإغواء والإغراء والتضليل مصدرة الشيطان وليس الله حاشا!!

وقد ورد فى (رسالة يعقوب 1: 13-17) “
لاَ يَقُلْ أَحَدٌ إِذَا جُرِّبَ إِنِّي أُجَرَّبُ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ، لأَنَّ اللَّهَ غَيْرُ مُجَرَّبٍ بِالشُّرُورِ وَهُوَ لاَ يُجَرِّبُ أَحَداً. 14 وَلَكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُجَرَّبُ إِذَا انْجَذَبَ وَانْخَدَعَ مِنْ شَهْوَتِهِ. 15 ثُمَّ الشَّهْوَةُ إِذَا حَبِلَتْ تَلِدُ خَطِيَّةً، وَالْخَطِيَّةُ إِذَا كَمُلَتْ تُنْتِجُ مَوْتاً. 16 لاَ تَضِلُّوا يَا إِخْوَتِي الأَحِبَّاءَ. 17 كُلُّ عَطِيَّةٍ صَالِحَةٍ وَكُلُّ مَوْهِبَةٍ تَامَّةٍ هِيَ مِنْ فَوْقُ، نَازِلَةٌ مِنْ عِنْدِ أَبِي الأَنْوَارِ، الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ تَغْيِيرٌ وَلاَ ظِلُّ دَوَرَانٍ

كما جاء فى سفر التثنية

+(التثنية 30: 15)
أنظر. قد جعلت اليوم قدامك الحياة والخير، والموت والشر

+(التثنية 30: 19)
أشهد عليكم اليوم السماء والأرض. قد جعلت قدامك الحياة والموت. البركة واللعنة. فاختر الحياة لتحيا أنت ونسلك

كانت رسالة الله واضحة، فترك للإنسان الحرية فى إختيارة، ولكن أعلمة أن الخير أفضل من الشر، والحياة أفضل من الموت، فإختر الخير والحياة لتحيا أنت ونسلك، ولكن هنا داود إختار سكة الشر وطريق الموت، فغضب علية الرب هو وشعبة.

وهذا يعني أن عقاب وثواب الإنسان يكون بالنظر إلى ما يختار, والإغواء والإغراء يُنسَب إلى الشيطان لعلاقته السببية، فإنه لمَّا كان هو السبب في الشر والخطايا، نُسب إليه الإغواء،

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس د داود والهيكل ل

فلا شئ يحدث إلا بإذن وسماح من الله, وقد ورد صريحاً أن الله هو فاعل الخير بإرادته، وفاعل الشر بإذنه والسماح منه, وقد ورد ذلك فى سفر إشعياء:

+(إشعياء 45: 7)
“5 أَنَا الرَّبُّ وَلَيْسَ آخَرُ. لاَ إِلَهَ سِوَايَ. نَطَّقْتُكَ وَأَنْتَ لَمْ تَعْرِفْنِي. 6 لِيَعْلَمُوا مِنْ مَشْرِقِ الشَّمْسِ وَمِنْ مَغْرِبِهَا أَنْ لَيْسَ غَيْرِي. أَنَا الرَّبُّ وَلَيْسَ آخَرُ. 7 مُصَوِّرُ النُّورِ وَخَالِقُ الظُّلْمَةِ صَانِعُ السَّلاَمِ وَخَالِقُ الشَّرِّ. أَنَا الرَّبُّ صَانِعُ كُلِّ هَذِهِ.

ومعنى خالق الشر هنا أن بعض الأمم الوثنية ومنهم الفرس كان لهم إيمان بأن هناك إلهين، إله للخير وإله للشر، ومضمون هذه الأية أن الله خاطب رجلاً أممياً هو كورش الفارسى الوثنى الذى كان يعتقد هو وشعبة بوجود إلهين الأول إرمازد إله الخير، والثانى أهريمان إلة الشر، ولذلك وضح الله له خطأ هذا الإعتقاد وأنه هو الإله الواحد مصدر كل شئ، وجاء المعنى هنا ليوضح أنه ليس سوى إله واحد والشر هو بسماح منه.

للمزيد
راجع: الأنبا ايسذوروس- كتاب مشكاة الطلاب فى حل مشكلات الكتاب (ص 14-16)



http: //www.calloflove.net/avatony/bible/mashkat_eltolab.pdf

 

والله لا يتسبب في الشر أو الخطية، فالخطية هي عدم القدرة أو فشل الإنسان في أن يحيا في بر، فالزنا هو نتيجة فشل الإنسان أن يحيا طاهرا، والسرقة هي فشل الإنسان
أ
ن يحيا أمينا
ً.

ولكن الشر المقصود هنا هو ما
يحسبة
الإنسان شراًُ مثل الحروب والأمراض والموت، وهذه يسمح بها الله وهدفها تأديب الإنسان.

و كلمة شر هنا جاءت ليست بمعنى خطية ولكن ا
لأ
ثار التي تسببها الخطية من حزن وضيق وآلام.

هذه ا
لأث
ار هي نتيجة الخطية ولكن الله بمحبته حول هذه الآلام للتأديب للخلاص

وهنا معنى ما نصلى به فى القداس الغريغورى ”
حولت لي العقوبة خلاصاً“.

 

جاءت كلمة الشر
ra
لا بمعنى الخطية بل بمعنى ثمر الخطية وعقوبتها من حزن وضيق.

يقول القديس يوحنا الذهبي الفم:

يوجد شر هو بالحقيقة شر مثل الزنا، الدعارة، الطمع…الخ

كما يوجد شر هو في الحقيقة ليس شرًا بل هو حصاد ونتيجة الخطية، مثل المجاعة، الكارثة، الموت، المرض.

وهذه ليست شرورًا وإنما تدعى هكذا. لماذا؟

لأنها لو كانت شرورًا لما كانت تصبح مصدرًا لخيرنا، إذ تؤدب كبرياءنا وتكاسلنا، وتقودنا إلى الغيرة، وتجعلنا أكثر يقظة لخلاص نفوسنا
.

بنفس المعنى يقول الأب ثيؤدور في مناظرات القديس يوحنا كاسيان:

اعتاد الكتاب المقدس أن يستخدم تعبيريْ “شرور”، “أحزان” في معان غير مناسبة، فإنها ليست شريرة في طبيعتها وإنما دُعيت كذلك لأنه يظن أنها شرور بالنسبة لمن لم تسبب لهم خيرًا
.

نفس المضمون قد يتعرض الإنسان لتجارب وضيقات قد تبدو فى ظاهرها أنها شروراً وهى فى جوهرها ستكون مصدر خير له، تماماً كما حدث فى تجربة أيوب البار، فقد كانت كل الكوارث التى حلت عليه فى ظاهرها شروراً بالنسبة له، وهو لا يعلم أنها ستكون مصدر مجدة فيما بعد، فقد سمح الله للشيطان ان يجرب أيوب لكى ما يتمجد أيوب أكثر وأكثر ويصبح مثلاً يحتذى به فى الصبر والإحتمال عبر تاريخ كل أجيال البشرية.

 

وهنا سوف نستعرض بعض تفسيرات الآباء بخصوص قصة إغواء الشيطان لداود:

تفسير القس أنطونيوس فكرى – سِفْرُ صَمُوئِيلَ الثَّانِي – الإصحَاحُ الرَّابعُ وَالْعِشرُونَ

وعاد فحمي غضب الرب على إسرائيل فإهاج عليهم داود قائلا امض وأحص إسرائيل ويهوذا

لماذا غضب الله حينما قام داود بعمل هذا الإحصاء:

1-
هو لم يستشر الرب كعادته.

2-
بدأ داود يشعر أن سر قوته هو فى عدد رجالهُ وإمكانياته فبدأ يعتمد على هذا. ولو إفتكر داود كيف كانت بداية حياته وكيف أنه تحوّل من راعٍ للغنم إلى ملك جبار لفهم أن هذا قد تم بقوة ذراع الله وليس بذراع بشر.

3-
يبدو أن الدافع الرئيسى، هو الإعلان عن عظمته وقدراته وإمكانياته، كما كان يفعل ملوك الأمم حوله ليرعب الأمم المجاورة، ولقد شاركه الشعب هذه الروح لذلك كانت الخطية على الجميع وليس على داود وحدهُ. لقد حاول داود فى محبته أن ينسبها لنفسه ولبيت أبيه لكى يُصّب التأديب كله عليه دون الشعب.

4-
كان الشعب محتاجاً إلى تأديب وإلاّ لأدّب الله داود وحدهُ. ففى موضوع أوريا لم نسمع أن الله أدّب الشعب على خطأ داود بل التأديب إنصّب على من يستحق. لكن الآن نسمع أن الضربة موجهة للشعب إذاً فهو المستحق. ولقد سمح الله بخطأ الراعى لتأديب الرعية، فهى مستحقة للتأديب.

عموماً نستطيع أن نقول أن سقطة داود هنا ومعهُ الشعب هى نفس سقطة إبليس وآدم، هى الأكل من الشجرة المحرمة. فإبليس خلقه الله جميلاً قوياً فرأى جماله وقوته ونسبها لنفسه فإنفصل عن الله ومات وهلك وهكذا فعل آدم وأكل من نفس الشجرة فمات وهلك وحلّت اللعنات بالأرض وبالإنسان. وكان لابد أن يأتى المسيح بجسده ليرفع هذه اللعنة ويؤسس هيكله.

5-
ربما قصد داود بهذا الإحصاء إثارة حروب جديدة لم يأمر بها الله لتوسيع مملكته ولزيادة مجده.

6-
وربما أراد تسخير الشعب بوضع جزية مالية ثقيلة لحسابه الخاص أو حساب الخزانة وليس لحساب خيمة الإجتماع.

7-
كان التعداد الذى يسمح بِهِ الله مرتبطاً بتحصيل نصف شاقل عن كل إنسان. (وهذا رمزاً للفداء… راجع سفر الخروج) وداود لم يحصل النصف الشاقل بمعنى رمزى، أنه يريد العدد فقط، يريد شعباً غير مفدى بالدم وغير المفديين تستمر عليهم اللعنة فهم ليسوا من جسد المسيح وليسوا من أحجار الهيكل.

8-
لقد أدرك يوآب بالرغم من دمويته خطأ داود وحاول تنبيهه لكن داود أصّر على خطأه.

9-
نسى داود أن الشعب هو شعب الرب وليس شعبه هو وإن الرب قادر أن يزيد الشعب كما حدث فى مصر إن أراد وهو قادر أن ينقصه كما حدث هنا. والله قادر أن يجعل النصرة بأقل عدد كما حدث فى أيام جدعون.

هل تبحث عن  الكتاب المقدس يسوعية كاثوليكية عهد قديم سفر الملوك الأول 07

10-
الخطأ كما قلنا هنا هو خطأ مزدوج فهو خطأ داود وخطأ الشعب فكلاهما شَعَر بأنه قوى وبدأ الشعور بالغرور والإنتفاخ وبالتالى الشعور بعدم الإحتياج لله والإبتعاد عنهُ، بدأ يتسلل للشعب وهذا الإحساس سريعاً ما يؤدى للسقوط فى خطايا كثيرة والله سمح لداود بأن يقوم بالتعداد حتى بعد أن يرى غضب الله يعرف خطأهُ وهذا ما حدث مع بلعام. فكثيراً ما ينبهنا الله لخطأٍ ما مرة وأكثر فنصر على الخطأ فيتركنا الله لنسقط ونرى مرارة عملنا ويكون هذا هو التأديب.

قال الرب لداود فى (2 صم 24: 9) أمض
وأحصِ إسرائيل: هنا الذى قال هو الرب

ثم فى (1أى1: 21) ووقف الشيطان ضد إسرائيل وأغوى داود ليحصى إسرائيل.

وتفسير هذا
أن الله
سمح للشيطان أن يغوى داود حتى تظهر الخطيئة المستترة فى قلب
داود
وفى قلوب شعبه وهى إنتفاخهم أى حبهم لقوتهم وإعجابهم بأنفسهم وإفتخارهم بذواتهم.

وهى خطية مستترة أى لا تراها عيونهم
ولكنها
ليست مستترة عن الله فالله فاحص القلوب والكلى.

و
لكنها مستترة ومخفية عن عيونهم بدليل أن يوآب نبّه داود أن هذا خطأ لكن داود مع هذا لم يستطع أن يرى الخطأ.

ولو ترك الله المرض الخبيث (الكبرياء) داخل داود لهلك بِهِ فسمح الله بهذا أن الشيطان يغوى داود فيعمل داود الإحصاء فيضرب الله الشعب، كل هذا لينقذ الله داود وشعبه من الكبرياء فيشفى إرتدادهم (هو4: 14).

ودليل أن هذه الدعوة للتعداد كانت ضد رغبة الله أن داود لم يشعر بالفرح من عَمَلَهُ ولا هو سبّح الله كما هى عادته بل نسمع أن قلبهُ ضربهُ على هذا العمل (أية 10).

فلو كان العمل حسب إرادة الله لفرح به وسبح الله عليه.

أحصِ إسرائيل ويهوذا: يذكر يهوذا هنا مميزة عن إسرائيل وهذا راجع إمّا لأن السفر قد كتب بعد إنفصال المملكتين أو لأن يهوذا سبط الملك. أو لأن داود ملك على يهوذاً أولاً.

 

تفسير القمص تادرس يعقوب –
سِفْرُ صَمُوئِيلَ الثَّانِي – الإصحَاحُ الرَّابعُ وَالْعِشرُونَ

١. إحصاء الشعب:

غضب الرب على داود ليس لأجل قيامه بالإحصاء في حد ذاته، فقد سبق أن أحصاهم موسى ثلاث مرات أو أكثر (خر ٣٨: ٢٦؛ عد ١: ٢-٣؛ عد ٢٦)، إلهنا إله نظام لا تشويش.

إنما غضب الرب للأسباب التالية أو بعضها:

أ. لم يستشر الرب كعادته.

ب. بدأ داود يعتمد على عدد رجاله وإمكانياته مع أنه لو تطلع إلى حياته كلها منذ صبوته لوجد نفسه قد انطلق من رعاية الغنيمات القليلة التي لأبيه إلى استلام المملكة كلها بقوة إلهية، وليس بذراعه أو ذراع بشر. وفي مواقف كثيرة سواء لمقاومة الأعداء له أو المنشقين عليه كان الله يتدخل من حيث لا يدري أحد.

ج. ربما قصد داود بهذا الإحصاء إثارة حروب جديدة لتوسيع مملكته وازدياد مجده.

د. لعله أراد تسخير الشعب بوضع جزية مالية ثقيلة لحسابه الخاص أو حساب الخزانة وليس لحساب خيمة الاجتماع.

ه. يبدو أن الدافع الرئيسي هو الإعلان عن عظمته وقدراته وإمكانياته، كما كان يفعل ملوك الأمم حوله ليرعب الأمم المجاورة، وقد شاركه الشعب هذه الروح، لذلك كانت الخطية على الجميع وليس على داود وحده. لقد حاول داود في حبه أن ينسبها لنفسه ولبيت أبيه لكي يُصب التأديب كله عليه دون الشعب!

و. كان الشعب محتاجًا إلى تأديب، فالله يسمح أحيانًا بخطأ الراعي لتأديب الرعية، لأنها مستحقة للتأديب، إذ يقول الكتاب: “وعاد فحمى غضب الرب على إسرائيل فأهاج عليهم داود قائلاً امض وأحص…”.

ز. يرى البعض أن خطأ داود ينصب في إصداره أمرًا ليوآب أن يحصي الشعب بما في ذلك هم أقل من
20
ع
ام
مادامت هيئتهم وطاقاتهم تناسب الحرب؛
و
هذا التصرف ضد الشريعة والناموس (
أخبار الأيام الأول 27:
٢٣-٢٤).

ح. كما انصب الخطأ على عدم طلب نصف شاقل كان يجب دفعه للخيمة متى أُحصى الشعب كفدية عن نفوسهم (خر ٣٠: 12).

لقد أدرك يوآب خطأ داود فحاول تنبيهه إلى ذلك لكن داود أصر. قال له يوآب: “ليزد الرب إلهك الشعب أمثالهم مئة ضعف وعينا سيدي الملك ناظرتان. ولكن لماذا يُسر سيدي الملك بهذا الأمر؟” فاشتد كلام الملك على يوآب وعلى رؤساء الجيش، فخضعوا لأمره.

 

تفسير القمص تادرس يعقوب –
سِفْرُ أََََخْبَارِِِ الأَيَّامِ الأَوَّلُ – الإصحَاحُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ

خطية داود في لأمر إحصاء الشعب:

يختص هذا الأصحاح بأكبر خطية اقترفها داود… وخطية داود في أسر احصاء الشعب سُجلّت في هذا الأصحاح لأن التكفير عن هذه الخطية أدى إلى الاشارة للمكان الذي سيقدّم عليه الهيكل.

“ووقف الشيطان ضد إسرائيل واغوى داود ليحصي إسرائيل…”(1أيام 21: 1، 6).

يُظًن أن احصاء الشعب ليس بشيء رديء، لماذا لا يعرف الراعي عدد رعيته؟ ولكن نظرة الله ليست كالإنسان، فمن الواضح أن داود أخطأ في هذا العمل وكان سببًا في غضب الله لأنه عمل ذلك نتيجة خواطر كبرياء قلب وقلة ثقة في الله بالاعتماد على الأعداد، فليس هناك خطية أكثر تناقضًا
وبالتالي إساءة إلى الله أكثر من الكبرياء وقلة الإيمان والخطية كانت من داود وكان يجب أن يتحمل اللوم عليها وحده ولكننا أُخبرنا:

أ. كيف كان المُجرِّب فعاًلا في هذه الحالة (عدد 1): “ووقف الشيطان ضد إسرائيل واغوى داود ليفعلها”، وقد ذُكر في (2صم 24: 1) أن “غضب الرب حمى على إسرائيل فأهاج عليهم داود ليفعلها”.

إن أحكام الله الصالحة يجب أن تُلاحظ ويُعترف بها حتى في الخطايا وعدم الصلاح في الإنسان، فنحن متأكدون أن الله لا يتسبب في الخطية “فهو لا يُجرب أحدًا”، لذلك عندما يُقال أنه أهاج داود ليفعلها فيجب التوضيح أنه لأجل هدف حكيم ومُقدس سمح الله للشيطان أن يفعلها.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ح حجر حجارة ة

فليس غريبًا أن الشيطان -الذي هو عدو الله وكل خير- أن يقف ضد إسرائيل

ولكن من الممكن التعجب كيف أنه يؤثر على داود ليفعل شيئًا خاطئًا وهو الرجل الذي قلبه مثل قلب الله، فهو يُظن فيه أنه من أولئك الذين لا يمسهم الشرير. أبدًا يجب أن نعلم أن أقدس القديسين لا يجب أن يفكروا أنهم ليسوا في متناول تجارب الشيطان، وهذا يذكرنا بالقديس مقاريوس الكبير الذي كان الشيطان يقول له “لقد وصلت يا مقارة” فاستمر يجيبه “لم أصل” إلى أن سلّم روحه في يد خالقه فقال “الآن وصلت” والآن لما نوى الشيطان أن يحيق إذا بإسرائيل أيّ طريق أتخذ؟ أنه لم “يهيج الله ضدهم ليبتلعهم” (أي 2: 3) ولكنه هيج داود أعز صديق لهم لكي يَحْصهم وبذلك يُغضب الله ويثيره ضدهم، ونلاحظ:

وكيف كان الإحصاء غير مُجْد! إن يوآب الذي استخدمه داود كان رجل ذو شأن في الأعمال العامة، ولكنه أُرغم على هذا العمل وفعله بأقصى ما يمكن تصوره من التردد:

لقد قدّم احتجاجًا على هذا العمل قبل أن يبدأه، فلم يكن هناك إنسان أكثر منه تقدمًا في أيّ شيء يؤول إلى ما فيه مجد الملك وخير المملكة، ولكن في هذا الأمر كان يود أن يُعفى مسرورًا لأنه:

أ. رأى أنه كان شيئًا لا داعي له ولم يكن له أيّ مناسبة، فالله قد وعد أن يُكثّر شعبه ولم يكن عند يوآب أيّ تساؤل من جهة تنفيذ هذا الوعد، فكل الشعب خدامه ولم يكن عنده شك في ولائهم ومحبتهم له، فعددهم مهما كان قضية القوة التي يشدوها.

ب. إن هذا الأمر خطير والقيام به قد يكون سبب تعدي لإسرائيل وربما يثير غضب الله عليهم، وهنا فهمه يوأب ولكن داود لم يفهمه، فأكثر الناس علمًا بنواميس الله ليسوا دائمًا أكثر الناس بديهية في تطبيقها.

2. لقد كان مُضجرًا من هذا الأمر قبل أن يقوم به: “لأن كلام الملك كان مكروهًا لدى يوآب” (عدد 6)، أو قبل ذلك فكل ما صنع الملك داود كان حسنًا في أعين جميع الشعب (2صم 3: 36)، ولكن الآن هناك اشمئزاز عام على هذه الأوامر وهو الشيء الذي ثبّت كُره يوآب لها.

هناك تباين كبير بين هذه الحادثة بالمقارنة مع ما حدث لداود الصبي الراعي عندما جاء إلى حقل المعركة ورأى جليات الجبار يجول مختاًلا ومعيرًا لإسرائيل، ذاك الراعي الصغير لم يرغب في عمل تعداد ولم يحصي عدد الجيش، ولكنه قال “دعني أواجهه”، لماذا كانت عنده الشجاعة ليفعل ذلك؟ لأنه وثق في الرب. وداود تعلم الدرس من حادثة الإحصاء وقال في مزاميره: “الأحتماء بالرب خير من التوكل على إنسان. الاحتماء بالرب خير من التوكل على الرؤساء” (مز 118: 8- 9)، “بك يارب احتميت فلا أخزى إلى الدهر” (مز 71: 1).

“وقبح في عيني الله هذا الأمر فضرب إسرائيل…” (1أيام 21: 7، 17) هنا داود وقع تحت عصا التأديب بسبب إحصاء الشعب، عصا التأديب هذه التي تطرد الحماقة من القلب، حماقة الكبرياء والأعتماد على الأعداد بدًلا من الثقة في الله.

 


وأخيراً أورد إبن الجوزى فى كتابه (الكامل فى التاريخ) – الجزء الأول تلك الحادثة:


روى أحمد بن حنبل:


18176 – حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ صُهَيْبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَانَ أَيَّامَ حُنَيْنٍ يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ بِشَيْءٍ لَمْ نَكُنْ نَرَاهُ يَفْعَلُهُ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَرَاكَ تَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ تَكُنْ تَفْعَلُهُ فَمَا هَذَا الَّذِي تُحَرِّكُ شَفَتَيْكَ قَالَ إِنَّ نَبِيًّا فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ أَعْجَبَتْهُ كَثْرَةُ أُمَّتِهِ فَقَالَ لَنْ يَرُومَ هَؤُلَاءِ شَيْءٌ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنْ خَيِّرْ أُمَّتَكَ بَيْنَ


إِحْدَى ثَلَاثٍ إِمَّا أَنْ نُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ فَيَسْتَبِيحَهُمْ أَوْ الْجُوعَ وَإِمَّا أَنْ أُرْسِلَ عَلَيْهِمْ الْمَوْتَ


فَشَاوَرَهُمْ فَقَالُوا أَمَّا الْعَدُوُّ فَلَا طَاقَةَ لَنَا بِهِمْ وَأَمَّا الْجُوعُ فَلَا صَبْرَ لَنَا عَلَيْهِ وَلَكِنْ الْمَوْتُ فَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ الْمَوْتَ فَمَاتَ مِنْهُمْ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ سَبْعُونَ أَلْفًا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ فَأَنَا أَقُولُ الْآنَ حَيْثُ رَأَى كَثْرَتَهُمْ اللَّهُمَّ بِكَ أُحَاوِلُ وَبِكَ أُصَاوِلُ وَبِكَ أُقَاتِلُ


 


22801 – حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ صُهَيْبٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ إِذَا صَلَّى هَمَسَ شَيْئًا لَا أَفْهَمُهُ وَلَا يُخْبِرُنَا بِهِ قَالَ أَفَطِنْتُمْ لِي قُلْنَا نَعَمْ قَالَ إِنِّي ذَكَرْتُ نَبِيًّا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ أُعْطِيَ جُنُودًا مِنْ قَوْمِهِ فَقَالَ مَنْ يُكَافِئُ هَؤُلَاءِ أَوْ مَنْ يَقُومُ لِهَؤُلَاءِ أَوْ غَيْرَهَا مِنْ الْكَلَامِ فَأُوحِيَ إِلَيْهِ أَنْ


اخْتَرْ لِقَوْمِكَ إِحْدَى ثَلَاثٍ إِمَّا أَنْ نُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ أَوْ الْجُوعَ أَوْ الْمَوْتَ


فَاسْتَشَارَ قَوْمَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالُوا أَنْتَ نَبِيُّ اللَّهِ فَكُلُّ ذَلِكَ إِلَيْكَ خِرْ لَنَا فَقَامَ إِلَى الصَّلَاةِ وَكَانُوا إِذَا فَزِعُوا فَزِعُوا إِلَى الصَّلَاةِ فَصَلَّى مَا شَاءَ اللَّهُ قَالَ ثُمَّ قَالَ أَيْ رَبِّ أَمَّا عَدُوٌّ مِنْ غَيْرِهِمْ فَلَا أَوْ الْجُوعُ فَلَا وَلَكِنْ الْمَوْتُ فَسُلِّطَ عَلَيْهِمْ الْمَوْتُ


فَمَاتَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ أَلْفًا


فَهَمْسِي الَّذِي تَرَوْنَ أَنِّي أَقُولُ اللَّهُمَّ بِكَ أُقَاتِلُ وَبِكَ أُصَاوِلُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ


 


وهي إشارة واضحة لخطية داود وإن كان رسول الإسلام قد إلتبس علية الأمر بين خطيئة داوود بالزنا مع زوجة أوريا الحثي، وخطية إحصاء الشعب، وتوبيخ النبي ناثان له، على الرغم من أن المسلمين اللاحقين نادوا بعصمة الأنبياء
، ولكنبعض المؤرخين والعلماء يتحدثون عن خطية داوود بمنتهى البساطة والعقلانية مثل إبن الجوزى.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي