جدارا وجرجسة وجراسا


العقول الطائرة


:


“رداً على الخنازير الطائرة”


القمص عبد المسيح بسيط أبو الخير


كاهن كنيسة السيدة العذراء الأثرية بمسطرد


و


فادى – سان صمويل – حورس

 


الفهرس


تمهيد


مقدمة


الرد على الإعتراض الأول (مجنون واحد أم مجنونان؟)


الرد على الإعتراض الثانى (فى أى بلدة وقعت الحادثة؟)

 


مقدمة

هل هناك وجود لجرجسة؟!

جراسا وجدرا

اوريجانيوس ومنطقة حدوث المعجزة

هل تقع جراسا بداخل جدارا؟

هل تقع جدارا على بحيرة طبريا؟

شعب الجرجاشيين واقليم جدرا

أين غرقت الخنازير؟

 

الرد على الإعتراض الثالث (التحليل النصى)

الخاتمة

 


تمهيد

الأخ والصديق قارىء هذا الكتاب، يدور محور هذا الكتاب حول شبهة واحدة فقط بين الأناجيل الإزائية وهى حول معجزة إخراج الرب يسوع ل “لجيئون” – “جيش الشياطين” من مجنون المقابر. جائت هذه الحادثة فى الاناجيل الإزائية ثلاث مرات:

 

·
     


بحسب البشير متى: “وَلَمَّا جَاءَ إِلَى الْعَبْرِ إِلَى كُورَةِ الْجِرْجَسِيِّينَ اسْتَقْبَلَهُ مَجْنُونَانِ خَارِجَانِ مِنَ الْقُبُورِ هَائِجَانِ جِدَّاً حَتَّى لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَجْتَازَ مِنْ تِلْكَ الطَّرِيقِ. وَإِذَا هُمَا قَدْ صَرَخَا قَائِلَيْنِ: «مَا لَنَا وَلَكَ يَا يَسُوعُ ابْنَ اللَّهِ؟ أَجِئْتَ إِلَى هُنَا قَبْلَ الْوَقْتِ لِتُعَذِّبَنَا؟» وَكَانَ بَعِيداً مِنْهُمْ قَطِيعُ خَنَازِيرَ كَثِيرَةٍ تَرْعَى. فَالشَّيَاطِينُ طَلَبُوا إِلَيْهِ قَائِلِينَ: «إِنْ كُنْتَ تُخْرِجُنَا فَأْذَنْ لَنَا أَنْ نَذْهَبَ إِلَى قَطِيعِ الْخَنَازِيرِ». فَقَالَ لَهُمُ: «امْضُوا». فَخَرَجُوا وَمَضَوْا إِلَى قَطِيعِ الْخَنَازِيرِ وَإِذَا قَطِيعُ الْخَنَازِيرِ كُلُّهُ قَدِ انْدَفَعَ مِنْ عَلَى الْجُرْفِ إِلَى الْبَحْرِ وَمَاتَ فِي الْمِيَاهِ. أَمَّا الرُّعَاةُ فَهَرَبُوا وَمَضَوْا إِلَى الْمَدِينَةِ وَأَخْبَرُوا عَنْ كُلِّ شَيْءٍ وَعَنْ أَمْرِ الْمَجْنُونَيْنِ” (مت 8: 28: 33).

 

·
     


بحسب البشير مرقس: “وَجَاءُوا إِلَى عَبْرِ الْبَحْرِ إِلَى كُورَةِ الْجَدَرِيِّينَ. وَلَمَّا خَرَجَ مِنَ السَّفِينَةِ لِلْوَقْتِ اسْتَقْبَلَهُ مِنَ الْقُبُورِ إِنْسَانٌ بِهِ رُوحٌ نَجِسٌ كَانَ مَسْكَنُهُ فِي الْقُبُورِ وَلَمْ يَقْدِرْ أَحَدٌ أَنْ يَرْبِطَهُ وَلاَ بِسَلاَسِلَ لأَنَّهُ قَدْ رُبِطَ كَثِيراً بِقُيُودٍ وَسَلاَسِلَ فَقَطَّعَ السَّلاَسِلَ وَكَسَّرَ الْقُيُودَ فَلَمْ يَقْدِرْ أَحَدٌ أَنْ يُذَلِّلَهُ. وَكَانَ دَائِماً لَيْلاً وَنَهَاراً فِي الْجِبَالِ وَفِي الْقُبُورِ يَصِيحُ وَيُجَرِّحُ نَفْسَهُ بِالْحِجَارَةِ. فَلَمَّا رَأَى يَسُوعَ مِنْ بَعِيدٍ رَكَضَ وَسَجَدَ لَهُ وَصَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: «مَا لِي وَلَكَ يَا يَسُوعُ ابْنَ اللَّهِ الْعَلِيِّ! أَسْتَحْلِفُكَ بِاللَّهِ أَنْ لاَ تُعَذِّبَنِي!» لأَنَّهُ قَالَ لَهُ: «اخْرُجْ مِنَ الإِنْسَانِ يَا أَيُّهَا الرُّوحُ النَّجِسُ». وَسَأَلَهُ: «مَا اسْمُكَ؟» فَأَجَابَ: «اسْمِي لَجِئُونُ لأَنَّنَا كَثِيرُونَ». وَطَلَبَ إِلَيْهِ كَثِيراً أَنْ لاَ يُرْسِلَهُمْ إِلَى خَارِجِ الْكُورَةِ. وَكَانَ هُنَاكَ عِنْدَ الْجِبَالِ قَطِيعٌ كَبِيرٌ مِنَ الْخَنَازِيرِ يَرْعَى فَطَلَبَ إِلَيْهِ كُلُّ الشَّيَاطِينِ قَائِلِينَ: «أَرْسِلْنَا إِلَى الْخَنَازِيرِ لِنَدْخُلَ فِيهَا». فَأَذِنَ لَهُمْ يَسُوعُ لِلْوَقْتِ. فَخَرَجَتِ الأَرْوَاحُ النَّجِسَةُ وَدَخَلَتْ فِي الْخَنَازِيرِ فَانْدَفَعَ الْقَطِيعُ مِنْ عَلَى الْجُرْفِ إِلَى الْبَحْرِ – وَكَانَ نَحْوَ أَلْفَيْنِ فَاخْتَنَقَ فِي الْبَحْرِ. وَأَمَّا رُعَاةُ الْخَنَازِيرِ فَهَرَبُوا وَأَخْبَرُوا فِي الْمَدِينَةِ وَفِي الضِّيَاعِ فَخَرَجُوا لِيَرَوْا مَا جَرَى.” (مر5: 1 – 14).

 

·
     


بحسب البشير لوقا: “وَسَارُوا إِلَى كُورَةِ الْجَدَرِيِّينَ الَّتِي هِيَ مُقَابِلَ الْجَلِيلِ. وَلَمَّا خَرَجَ إِلَى الأَرْضِ اسْتَقْبَلَهُ رَجُلٌ مِنَ الْمَدِينَةِ كَانَ فِيهِ شَيَاطِينُ مُنْذُ زَمَانٍ طَوِيلٍ وَكَانَ لاَ يَلْبَسُ ثَوْباً وَلاَ يُقِيمُ فِي بَيْتٍ بَلْ فِي الْقُبُورِ. فَلَمَّا رَأَى يَسُوعَ صَرَخَ وَخَرَّ لَهُ وَقَالَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: «مَا لِي وَلَكَ يَا يَسُوعُ ابْنَ اللهِ الْعَلِيِّ! أَطْلُبُ مِنْكَ أَنْ لاَ تُعَذِّبَنِي». لأَنَّهُ أَمَرَ الرُّوحَ النَّجِسَ أَنْ يَخْرُجَ مِنَ الإِنْسَانِ. لأَنَّهُ مُنْذُ زَمَانٍ كَثِيرٍ كَانَ يَخْطَفُهُ وَقَدْ رُبِطَ بِسَلاَسِلٍ وَقُيُودٍ مَحْرُوساً وَكَانَ يَقْطَعُ الرُّبُطَ وَيُسَاقُ مِنَ الشَّيْطَانِ إِلَى الْبَرَارِي. فَسَأَلَهُ يَسُوعُ: «مَا اسْمُكَ؟» فَقَالَ: «لَجِئُونُ». لأَنَّ شَيَاطِينَ كَثِيرَةً دَخَلَتْ فِيهِ. وَطَلَبَ إِلَيْهِ أَنْ لاَ يَأْمُرَهُمْ بِالذَّهَابِ إِلَى الْهَاوِيَةِ. وَكَانَ هُنَاكَ قَطِيعُ خَنَازِيرَ كَثِيرَةٍ تَرْعَى فِي الْجَبَلِ فَطَلَبُوا إِلَيْهِ أَنْ يَأْذِنَ لَهُمْ بِالدُّخُولِ فِيهَا فَأَذِنَ لَهُمْ. فَخَرَجَتِ الشَّيَاطِينُ مِنَ الإِنْسَانِ وَدَخَلَتْ فِي الْخَنَازِيرِ فَانْدَفَعَ الْقَطِيعُ مِنْ عَلَى الْجُرْفِ إِلَى الْبُحَيْرَةِ وَاخْتَنَقَ. فَلَمَّا رَأَى الرُّعَاةُ مَا كَانَ هَرَبُوا وَذَهَبُوا وَأَخْبَرُوا فِي الْمَدِينَةِ وَفِي الضِّيَاعِ فَخَرَجُوا لِيَرَوْا مَا جَرَى. وَجَاءُوا إِلَى يَسُوعَ فَوَجَدُوا الإِنْسَانَ الَّذِي كَانَتِ الشَّيَاطِينُ قَدْ خَرَجَتْ مِنْهُ لاَبِساً وَعَاقِلاً جَالِساً عِنْدَ قَدَمَيْ يَسُوعَ فَخَافُوا.” (لو 8: 26 – 35).

 

و فى هذا، يرى الكثير من غير المسيحيين تعارضاً، او تناقضاً بين السرد الإنجيلى بحسب البشيرين الثلاثة، واهمين ان هذا صحيح وبه يصح قولهم بتحريف الإنجيل!!!!!

 

خلاصة الشبهة هى كالتالى:

·
              


البشير متى ذكر مجنونين بينما ذكر مرقس ولوقا مجنون واحد.

·
     


البشير متى ذكر إسم الكورة التى حدث بها المعجزة “الجرجسيين” اى لبلدة “جرجسة” – على حد قول الناقد – بينما ذكر البشيرين مرقس ولوقا اسم الكورة “الجدريين”، وهذه بلدة وتلك بلدة أخرى.

·
              


يوجد قراءات لمكان حدوث المعجزة بحسب الأناجيل الثلاثة فى المخطوطات.

 

وسنأخذ على سبيل المثال البحث الذى كتبه الزميل “سيف الإسلام” والذى عنونه “الخنازير الطائرة”، نظراً لأنه أطول ما كُتب فى نقد هذا الموضوع من قِبل الإخوة المسلمين، وان كان الزميل على الريس تطرق فى كتابه لهذه النقطة ففى ردنا على الزميل سيف الإسلام، رداً ضمنياً على ما كتبه الزميل على الريس فى كتابه حول هذا الموضوع، ونرحب بأى نقد.

 

يمكن قراءة بحث الزميل فى الرابط التالى:


http://fatherbassit.com/forum/showthread.php?t=1375

 

فتفضل بقراءة الموضوع اولاً فى المنتدى، ثم تابع معنا هذه السطور…


 

مقدمة

ما زعمه الزميل من الأساس مبني على سوء الفهم بل الهوى لأن هدفه ليس الدراسة بل التشكيك في صحة الكتاب بمبدأ الغاية تبرر الوسيلة!! وكما سنرى فقد راح يقتطف جملة من هنا وأخرى من هناك، بل وراح يستعين ببعض الخرائط الخاصة بجغرافية الكتاب المقدس، ولكن بأسلوب ” ويل للمصلين”!! بل وصل به الأمر إلى قلب الحقائق وتزوير الخرائط وجعلها تقول ما ليس فيها فأبتعد تماماً عن الحقيقة!! ونقول له ولغيره أن هناك أصول وقواعد للبحث العلمي منها أنه عندما ندرس موضوع ما يختص بالكتاب المقدس، وخاصة الموضوع الذي نتحدث فيه والذي يخص بمواقع جغرافية وبلدان ومدن يجب أن نراعي الآتي:

 

(1) الزمن والعصر الذي كتب فيه، وعندما يختص الموضوع بالعهد الجديد، يجب أن نضع في الاعتبار أنه كتب منذ حوالى
2000
سنة، تغير فيها الناس والحكام، فقد كانت في أيام المسيح محكومة من قبل الرومان، واستمرت كذلك حوالي 700 سنة، وفي هذه الفترة تغير الحكام وتغير التقسيم الإداري للبلاد، بمعنى أن أحدى البلاد كانت تتبع مدينة في عهد حاكم معين ثم يضعها من يأتي بعده في تبعية مدينة أخرى أو أحدى المدن التي كانت تابعة لإقليم معين ويضعها أحد الحكام في تبعية إقليم آخر!! ثم عاد وتغير هذه التقسيم في أيام الدولة الإسلامية ثم في أيام الدولة العثمانية ثم في أيام الاحتلال الإنجليزي ثم في عهد الاحتلال الإسرائيلي!!

 

(2) نظرة كُتّاب العهد الجديد الموحى إليهم بالروح القدس ونوعية القراء الذين سوءا كانوا من اليهود الساكنين في فلسطين أم من الأجانب سواء الذي عاشوا في فلسطين أو الذين عاشوا خارجها، وعلى سبيل المثال فقد كتب القديس متى للمسيحيين الذين من اصل يهودي وليهود فلسطين وكان من الطبيعي أن يكتب من وجهة نظرهم وبحسب ما هم معتادون عليه تقسيم للمدن وموقعهم الجغرافي، في حين كتب القديس مرقس في روما وكان من الطبيعي أن يكتب بحسب مفهوم الرومان لهذه المناطق وما يعرفونه عنها وما هم معتادون عليه في فهمهم لتقسيم وجغرافية المنطقة، وكذلك القديس لوقا الذي كتب للعزيز ثاؤفيلس الذي لم يكن من فلسطين أو اليهودية.

 

(3) في جميع الأحوال كانوا يعبرون عن شيء واحد وحقيقة واحدة ولكن من وجهات متنوعة تعطينا نحن صورة متكاملة عما كان وبدقة شديدة.

 

(4) كانت المدن تعرف أما بأسمائها أو منسوبة لسكانها أو سكانها منسوبين إليها كبلدة جدرا أو جدارا وأهلها الجدريين أو الجداريين، كما كان نطق هذه الأسماء يختلف من نطق أصحاب البلاد الأصليين ونطق الأجانب لها، ومن هنا فقد كان الاسم يتنوع سواء نسبة للبلدة أو لسكانها أو من طريقة نطق المواطنين الأصليين أو من الأجانب!!

 

(5) وبسبب هذه الأسباب وغيرها وتشابه حروف اللغة اليونانية فقد تنوعت القراءات بحسب نطق النساخ وفهمهم لها!!

 

وعندما ندخل في موضوع الزميل الذي وضع الموضوع هنا نوضح الحقائق التالية: أجماع المفسرين عبر العصور على أنه كان هناك مجنونان أحدهم اشد خطورة والثاني أقل خطورة، كما أن كل من القديسين مرقس ولوقا أهتما في تسجيلهما للإنجيل بعمل الرب يسوع للمعجزات والقوات والآيات والعجائب وخاصة الأعمال التي تبين قدرته العظيمة ثم بتعليمه وأقواله وأمثاله، في حين أهتم القديس متى بتعليمه ومطابقة تعليمه وأعمالة مع ما سبق أن تنبأ به عنه العهد القديم وسرد الأحداث حسب تسلسلها التاريخي بقدر الإمكان ووضع المعجزات كمكملة لعمل وتعليم الرب يسوع المسيح، ومن هنا فقد ركز كل من القديسين مرقس ولوقا على المعجزة من جهة القدرة الفائقة والعظمة ومن ثم فقد ركزا على الأهم والأكثر خطورة أي شفاء الشخص الذي عمل معه الرب يسوع المسيح عملاً عظيماً يدل على قدرته غير المحدودة، ولكنهما لم يقولا مطلقا أنه كان هناك مجنون واحد فقط بل تكلما عن الذي خرج من القبور ولاقاه خارجها دون أن ينفيا وجود آخر معه. في حين ركز القديس متى على المعجزة ككل وذكر المجنونان دون أن يذكر اسم الشياطين التي كانت في أحدهما ولا عددهم. وبعد هذه المقدمة ندخل في تعليقنا وردنا على ما جاء فيما قدمه الزميل سيف الإسلام فيما تصور أنه ضد الكتاب المقدس أو أنه تناقض في الكتاب المقدس!!

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي