أناة
(صبر
)

Patience

مقدمة

العهد
القديم

أولاً:
أناة الله

العهد
الجديد

ثانياً:
صبر الإنسان

1. أمام الله:

02 ازاء مضايقات الاخوة:

 

 

مقدمة

يظهر
الله أناته في معاملته لشعبه "الصلب الرقبة"، كما في معاملته للشعوب
الآتمة، لأنه يحبهم ويريد خلاصهم. وعلى الإنسان أن يتمثّل بالأناة الإلهية التي
يقدّم عنها يسوع الإعلان الرسمي، والأنموذج الكامل (أفسس 5: 1، متى 5: 45). سوف
يواجه التلميذ، على مثال معلمه، الاضطهاد والتجارب، وعليه أن يتحمّلها في أمانة
غير متزعزعة، ممتلئة فرحاً ورجاء، بل بكيفية أكثر تواضعاً عليه أن يحتمل يومياً
عيوب الآخرين بوداعة ومحبة.

العهد
القديم

أولاً:
أناة الله

يظهر
الله برّه.بمغفرة الخطايا السالفة التي احتملها بحلمه الإلهي (رومة 3: 25- 26). و
يعتبر بولس الرسول فترة العهد القديم زمناً احتمل فيه الله خطايا شعبه، وخطايا
الأمم من أجل اظهار برّه الخلاصي، "في الزمن الحاضر" (راجع بطرس 3: 20،
رومة 9: 22- 24). وأدرك الشعب المختار على مدى تاريخه أناة الله هذه بعمق متزايد.
وبمناسبة الوحي الإلهي لموسى، يعلن الرب أنه هو "إله رحيم ورؤوف طويل الأناة
كثير المراحم والوفاء، يحفظ الرحمة لألوف، ويغفر الذنب والمعصية والخطيئة".
لكنّه هو أيضاً الذي "لا يتزكّى أمامه الخاطئ. ويفتقد ذنوب الآباء في البنين
وأبناء البنين إلى الجيل الثالث والرابع (خروج 34: 6 – 7، راجع عدد 18: 14
).

وسوف
تلحّ النبوات التالية أكثر فأكثر في تأكيد أناة الآب ومحبته الرحيمة، فهو
"العالم بجبلتنا، الرؤوف الرحيم، الطويل الأناة والكثير الرحمة… فلا
يعاملنا بحسب خطايانا" (مزمور 103: 8، راجع سيراخ 18: 8- 14). وان كان
الأنبياء لا يزالون ينذرون بالغضب والدينونة، الاّ أنهم يركّزون أكثر على المغفرة
الالهية. وتظهر بعض النصوص استعداد الله التام في الرجوع عن تهديداته (يوئيل 2: 13-
14، يونان 4: 2). ولكنّ هذه الأناة الالهية ليست قط ضعفاً، بل دعوة إلى التوبة: "توبوا
إلى الرب الهكم، فانه رؤوف رحيم، طويل الأناة وكثير الرحمة" (يوئيل 2: 13،
راجع إشعيا55: 6). ويفهم اسرائيل تدريجياً أنه ليس هو وحده الذي يجني ثمار هذه
الأناة: فالأمم أيضاً هم موضع محبة الله، وتذكّرنا قصة يونان بأن باب الرحمة
الالهية مفتوح أمام كل أمة تتّقي الله وتتوب إليه.

هل تبحث عن  هوت مقارن تبسيط الإيمان 00

العهد
الجديد

01 ان يسوع، بموقفه ازاء الخطأة وبتعاليمه الخلاصية،
يعلن الأناة الإلهية، ويجسّدها في شخصه. فهو يؤاخذ تلاميذه لعدم صبرهم وميلهم
للانتقام (لوقا 9: 55). وأمثال شجرة التين غير المثمرة (13: 6- 9)، والابن الضال
(15)، والعبد الشرير (متى 18: 23- 35)، كلها تكشف أناة الله الذي يريد خلاص الخطأة،
كلها أنها تقدّم دروساً بليغة لتلاميذه في الصبر والمحبة. وستصبح الشجاعة التي
أظهرها يسوع في آلامه، والتي يعزّزها لوقا بصفة خاصة، المثال الأعلى لكل إنسان
يعافي من الاضطهاد، ويبدأ في تفهّم معنى هذه الآلام وقيمتها الفدائية.

2. ويرى الرسل في الابطاء الظاهري لمجيء يسوع الثاني
شاهداً لطول أناة الله. "الرب لا يؤخر اتمام وعده. ولكنه يصبرعليكم، لأنه لا
يشاء أن يهلك أحد منكم، بل أن يقبل الجميع إلى التوبة (2 بطرس 3: 9 و15). لكن إن
"ازدرى أحد جزيل لطفه ورفقه وطول أناته، فإنه يذخّر لنفسه، بقساوته وقلبه غير
التائب، غضباً ليوم الغضب، اذ ينكشف قضاء الله العادل" (رومة2: 5) ولهذا
السبب، فما دام زمن أناة الله ودعوته قائماً، ينبغي أن يسمع المختارون كلمته،
ويسعوا في الدخول إلى راحة الله (عبرانيين 3: 7 إلى 4: 11
).

ثانياً:
صبر الإنسان

يجب
على الإنسان أن يستلهم أناة الله وأناة يسوع في تصرفاته. وينبغي أن يستمد في
الآلام والاضطهادات قوته من الله ذاته الذي سمح بها، ويهبه في الوقت نفسه الرجاء
والخلاص. وفي حياته اليومية، سيظهر، بصبره تجاه أخوته، محبته الحقيقية.

1. أمام الله:

الذي
يختبر بالآلام، أو يسمح بالاضطهادات، يكتشف الإنسان تدريجياً معنى هذه الآلام،
ويتعلم كيف يتفاعل معها بصبر "يأتي بثمار" (يوحنا 15: 2
).

هل تبحث عن  الكتاب المقدس يسوعية كاثوليكية عهد قديم سفر يشوع بن سيراخ 17

يدرك
أيوب أن الآلام لا تشكل بالضرورة عقاباً للخطيئة، ويبدي الصبر ازاءها: انه بصدد
اختبار لايمانه. وأمام هذا السر، يخضع في تواضع، ولو أنه لم يدرك بعد معنى محنته
أو قدرها. وهكذا أيضاً يصبر الشعب اليهودي، الواقع تحت الاضطهاد، ويحتمل محنه في
ثبات، متطلّعاً نحو مجيء الملكوت المسياني (مكابيين الأول والثاني، دانيال 12: 12)،
وهو يعلم أن على التيار المضطهد أن يتّكل بثبات لا يتزعزع، على كلمة الله ومحبته
(مزمور 130: 5، 25: 3 و5 و21، سيراخ 2
).

ويعرف
المؤمن أن المسيح "كان يجب أن يتألم ليدخل إلى مجده"، ولذا، فعليه،
اقتداءً بمثله، أن يحتمل بثبات كافة الاضطهادات. فهو يحتملها على رجاء الخلاص، عند
مجيء المسيح الثاني المجيد، ويعلم أنه يساهم هكذا، بآلامه وصبره، في العمل الفدائي،
وأنه "يشترك في آلام المسيح لكي يتمجّد معه" (فيليبي 3: 10، رومة 8: 17).
وفي الشدائد، عليه أن "يقتدي بالأنبياء الذين تكلموا باسم الرب في جلدهم
وصبرهم (يعقوب 5: 10). وأن يتمثل بصفة عامة بكبار عبيد الله في العهد القديم
(عبرانيين 6: 12، 11)، لاسيّما ابراهيم (عبرانيين 6: 15) وأيوب (يعقوب 5: 11). ولكن
فوق كل شيء. سوف يقتدي بصبر يسوع (أعمال 8: 32، عبرانيين 12: 2- 3، 2 تسالونيكي 3:
5)، ويجعله دوماً نصب عينيه، "فيجري بعزم في ميدان التجربة التي عرضت
عليه" (عبرانيين 12: 1- 2
).

هذا
الصبر هو، مثل المحبة تماماً من "ثمر الروح" (غلاطية 5: 22، راجع 1
كورنتس/ 10: 13، كولسي 1: 11) ينضج بالشدائد (رومة 5: 3 – 5، يعقوب 1: 2- 4)،
وينتج بدوره "الرجاء الذي لا يخيّب صاحبه" (رومة 5: 5
).

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس القس أنطونيوس فكرى عهد قديم سفر إرميا 45

واستناداً
إلى قوة الله والى تعزية الكتب المقدسة (رومة 15: 4)، يستطيع المسيحي أن يبقى
أميناً في احتمال التجارب التي يقاسيها من أجل اسم يسوع (رؤيا 2: 10، 3: 21).
وهكذا يستحق التطويب الذي وعد به الرب من يثبت إلى النهاية (متى 10: 22، راجع متى
5: 11- 12، يعقوب 1: 12، 5: 11، راجع دانيال 12: 12). وهذا ما سوف يتحقق بالأكثر،
أثناء الضيقات الشديدة الني ستتمّ في آخر الأيام (مرقس 13: 13، لوقا 21: 19
).

أما
عن الرسل، فانهم مدعوون إلى اتحاد أوثق بآلام المسيح وصبره. "فبصبرهم في
الشدائد والكرب والمشقات"، يظهرون أنفسهم في كل شيء، بمثابة خدّام الله
وخدّام المسيح (2 كورنتس 6: 4، 12: 12،1 تيموتاوس 6: 11، 2 تيموتاوس 2: 10، 3: 10).
وبآلامهم وصبرهم تظهر حياة المسيح في أجسادهم. فالموت الذي يعمل فيهم يحقق الحياة،
لمن يبشّرونه (2 كورنتس 4: 10- 12
).

02 ازاء مضايقات الاخوة:

سوف
يتذكر المؤمن أن "الطويل الأناة خير من الجبّار، والذي يسود على روحه أفضل
ممن يأخذ المدن" (أمثال 16: 32، راجع 25: 15، جامعة 7: 8). وهو بخاصة سوف يقتدي
بصبر يسوع نحو رسله وإزاء الخطأة. فلن يكون قاسياً (متى 18: 23- 35)، بل متسامحاً
(5: 45)، وسوف تظهر محبته من خلال ممارسته اليومية للصبر (1 كورنتس 13: 4). ولكي
يحيا وفق دعوته، "سوف يحتمل الآخرين بمحبة، في كل تواضع ووداعة وصبر"
(أفسس 4: 2، كولسي 3: 12- 13، 1 تسالونيكي 5: 14). وهكذا سوف يصبح ابناً حقيقياً
لله، الطويل الأناة والمحب، الغفور الذي يريد خلاص الجميع، وتلميذاً ليسوع الوديع
والمتواضع القلب (متى 11: 29
).

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي