أواني
خزفية

 

الخزف
هو ما عمل من طين وشوي بالنار فصار فخاراً:

أولاً:
تاريخ الصناعة:

(1)فيما قبل التاريخ: صناعة الخزف من أقدم الصناعات
التي عرفها الإنسان، ففي التلال الحجرية التي تكتنف وادي النيل في مصر العليا، كشف
المنقبون عن أواني خزفية مطلية باللون الحمر ترجع إلى عصور ما قبل التاريخ، وكانت
هذه الأواني مدفونة في قبور بيضاوية غير عميقة مع أكوام من جثث الموتى مع أسلحتهم
وأدواتهم المصنوعة من الصوان. وهذه الجرار هي أقدم نماذج لفن صناعة الخزف. ومما
يدعو للعجب أنه في بلاد بابل المنافس الأعظم لمصر في الحضارة في تلك العصور كانت
صناعة الخزف أقل تطوراً منها في مصر، ولكن لعل ذلك نتج عن الاختلاف في طبيعة
البلدين، فيحتمل أن أطلال وخرائب المدن في السهول البابلية التي تهدمت واندثرت قد
محت كل أثر لمخلفات سكان تلك البلاد في عصور ما قبل التاريخ
.

(2) في بابل: إن أقدم نماذج لصناعة الخزف في بابل
ترجع إلى العصور التاريخية القديمة، وتتكون من ألواح من الفخار المحروق المكتوب
عليه، ومن طوب وأنابيب للصرف، ومعابد عائلية صغيرة، وأواني لحفظ السوائل والفاكهة
وغيرها

.

وفيما
بين القرنين التاسع والسابع قبل الميلاد، تطورت صناعة الخزف وأصبحت على حال أفضل،
وتحدد ذلك التاريخ شظايا من الفخار تحمل اسم الملك آسر حدون.

(3) في مصر: في ختام العصر الحجري الحديث وبداية عصر
الأسرات (4500 4000 ق. م.) حدث تدهور في صناعة الخزف، فأصبحت الصناعة والأشكال أقل
جودة، ولم يحدث تقدم فيها إلا في عهد الأسرة الرابعة (عصر بناة الأهرامات)، وفي
تلك الأثناء اكتشفت طريقة "التزجيج"، وأصبحت صناعة الخزف المزجج الجميل
من أهم الحرف في مصر القديمة، ويرجح أنه في ذلك العصر اخترعت عجلة أو دولاب
الفخاري

.

(4) في فلسطين: بدأت صناعة الفخار في الأرض التي
أصبحت فيما بعد موطناً لبني إسرائيل، قبل أن يدخلها بنو إسرائيل بل قبل أن يمد
الفينيقيون الذين أنشأوا مدنهم على سواحل البحر المتوسط تجارتهم إلى المناطق
الداخلية ومعها الأواني الخزفية التي كانوا يصنعونها في صور أو صيدون. وكانت
النماذج الأولى من الأواني مصنوعة باليد كما كان الحال في مصر وبابل، أي بدون
الاستعانة بالعجلة
.

والأرجح
أن بني إسرائيل تعلموا هذه الصناعة من الفينيقيين أو من مصر في أثناء إقامتهم بها،
فواضح فيما خلَّفوه من قطع أنهم قلدوا فيها الفينيقيين . ومن الطبيعي أنهم في
اثناء تجوالهم في البرية لم يكن من اليسير عليهم دائماً استخدام الأواني الخزفية،
بل الأغلب أنهم استخدموا الأواني من جلود الحيوانات والقرع والخشب والمعادن، فهذه
كلها أقل عرضة للكسر في أثناء التنقل من الأواني الخزفية
.

ولكن
يبدو أنه عندما استقر بنو إسرائيل في موطنهم الجديد، لم يتأخروا عن استخدام
الأواني الخزفية لفوائدها الكثيرة، وأصبح لهم اسلوبهم الخاص في صناعتها رغم أنه
كان أقل مستوى عن غيرهم
.

وفي
ختام عصر الملكية ظهر مرة أخرى تأثرهم بالشعوب الأخرى فظهرت الأواني الخزفية
الحمراء والسوداء التي تميز بها اليونان، وبعد ذلك تأثروا بالفن الروماني ثم
بالعرب

.

ثانياً:
مادة الخزف: الخزف يصنع من مادة طينية تتكون من سيليكات الألمونيوم المائية مختلطة
بالعديد من الشوائب التي تختلف نسبها باختلاف التربة المأخوذ منها الطين. وكلما
زادت مادة الطين نقاوة، أصبحت أقل لدانة . وأنقى أنواع الطين هو الكاولين الذي
يصنع منه الخزف الصيني (البورسلين) وهو أفضل أنواعه. وتتأثر كل عمليات الصناعة من
تشكيل وتجفيف وحرق بنوع المادة الطينية
.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ى يوبال 1

وبعد
أن ينظف الطين من الحشائش والحجارة وغيرها، يشكل بالصورة المطلوبة، وعندما يجف
يحتفظ بالشكل الذي جف عليه . ثم بعد ذلك يحرق في قمائن حيث يحدث تفاعل كيمائي
يتحول به الطين إلى مادة جديدة، فيصبح نوعاً من الحجر ويكتسب لوناً جديداً يتوقف
على نوع الشوائب الموجودة في الطين وعلى نسبة وجودها . فوجود أكسيد الحديد يكسبه
لوناً يتدرج ما بين الأحمر والبني، ووجود هيدرات الحديد يكسبه لوناً يتدرج ما بين
الرمادي والسمني . كما أن كربونات الحديد تكسبه ظلالاً رمادية، ووجود مواد عضوية
تضفي عليه ظلالاً من الأسود إلى البني
.

ثالثاً:
تشكيل الطين: كان تشكيل الطين يتم في البداية باليد، ثم اخترعت العجلة أو الدولاب.
وكان استخدام الدولاب في صنع الواني الخزفية، هو السائد في العصور الكتابية. كما
كانت تستخدم أيضاً القوالب في تشكيل الطين كما في صناعة الطوب وعندما يجف الطين
ينفصل عن القالب . وكانت هذه الطريقة هي أكثر الطرق استخداماً في صنع التماثيل،
كما استخدمت من بداية العصر اليوناني في صنع المصابيح، ولعل هذا ما يشير إليه
القول: "تتحول كطين الخاتم" (أيوب 38: 14)، فكلمة "خاتم" هنا
قد تعني "قالباً
".

وكانت
تتم زخرفة الخزف بطرق كثيرة، كان أكثرها استخداماً هو طبع الأشكال والحليات
المطلوبة، عليه قبل أن يجف . وكانت هذه أشكال متنوعة من خطوط عرضية أو طولية أو
متقاطعة أو خطوط منكسرة، أو على شكل مسابح. كما كانت ترسم أشكال وصور بالألوان قبل
عملية الحرق في القمائن، وكان هذا هو الشائع في العصر البرونزي المتأخر، وهو
الحقبة السابقة لدخول بني إسرائيل بقيادة يشوع إلى أرض كنعان
.

وكانت
الأنواع الجيدة تطلى بطبقة من أنقى أنواع الطين الناعم الذي يتحول إلى ألوان جميلة.
وكان الصقل من الأساليب الفنية لإنتاج أجود الأنواع، إذ يكتسب سطح الإناء بريقاً
ولمعاناً . وقد بلغ هذا الفن ذروته في منتصف العصر البرونزي والعصر الحديدي الثاني
.

وهناك
إشارات في العهد القديم لعمليات صناعة الأواني الخزفية، فيرد ذكر
"الخزافيين" وأنهم "أقاموا مع الملك لشغله" (1أخ 4: 23، انظر
أيضاً مز 2: 9، إش 29: 16، إرميا 18: 2 6، مراثي 4: 2، زك 11: 13
).

كما
ترد إشارات إلى "دوس الطين" لإعداده لعملية التشكيل (ناحوم 3: 14، إش 41:
25). وكانت جودة الأواني تتوقف على مدى الدقة والمهارة في عملية الدوس
.

وبيت
الفخاري الذي تكلم عنه إرميا يقصد به المكان المخصص للصناعة، وكان لابد أن يكون
قريباً من حقل يتوفر فيه الطين ويتسع لنشر الأواني بعد صناعتها، تحت أشعة الشمس
لتجف تحت الرقابة المستمرة، وكذلك يتسع لتخزينها قبل وبعد حرقها في القمائن، ومكان
لإقامة القمينة أو القمائن، ومكان لإلقاء التالف والمكسور من الواني . وكان يجب أن
يكون للمكان الذي يوضع به الدولاب سقف أو مظلة لحماية الصانع من الجو وتقلباته
.

ومع
أن غالبية الأواني الخزفية في العصور الكتابية كانت تصنع على الدولاب، إلا أن هذا
الدولاب لم يذكر إلا في إرميا (18: 1 6). وكان هناك نوعان من الدواليب: نوع يدار
باليد وكان يتكون من قرصين من الحجر أو الخشب يعلو أحدهما الآخر، الأسفل منهما
ثقيل لكي يعطي كمية تحرك كبيرة تساعد على استمرار دوران القرص الأعلى الذي توضع
عليه قطعة الطين لتشكيلها بلمسات من يد الفخاري المدربة
.

هل تبحث عن  الكتاب المقدس كينج جيمس إنجليزى KJV عهد قديم سفر المزامير Psalms 88

أما
الدولاب الذي يدار بالرجل، فيتكون أيضاً من قرصين منفصلين، الأسفل منهما أكبر من
الأعلى، ويربط بينهما عمود شبه راسي، لنقل الحركة، فيدار القرص الأسفل برجل
الفخاري، بينما تعمل يده في تشكيل قطعة الطين التي توضع على مركز القرص الأعلى.
وقد جاء وصف عمل الفخاري في سفر حكمة يشوع بن سيراخ: " وهكذا الخزاف الجالس
على عمله المدير دولابه برجليه فإنه لا يزال مهتماً بعمله ويحصي جميع مصنوعاته.
بذراعه يعرك الطين وأمام قدميه يحنى قوته. قلبه في إتقان الدهان وسهره في تنظيف
الأتون" (سيراخ 38: 32 34
).

وقد
شاهد إرميا كيف يعمل الفخاري، ورأى كيف فسد الوعاء الذي كان يصنعه، وربما يرجع ذلك
إلى عدم جودة قطعة الطين المستخدمة، أو ربما لكثرة ما بها من شوائب أو حصى، أو
لنقص في خدمة عملية دوس الطين عند عجنه وإعداده، أو لعدم وضع قطعة الطين على مركز
القرص تماماً. وإذا فسد الإناء فالفخاري يستطيع أن يعيد عجن قطعة الطين، وتشكيلها
من جديد (إرميا 18: 1 6
).

وكانت
تصنع من الخزف باليد عرائس وأشكال حيوانات، كما كانت تصنع التماثيل الصغيرة
لعشتاروث وغيرها. وقد وجد من عصر إيزابل تمثال لعشتاروث رأسه مصنوعة بطريقة
"القالب"، أما جسمه فباليد ثم لحمت الرأس بالجسم. كما استخدمت الأختام
لطبع أسماء أو علامات مسجلة على أيدي الجرار واواني الطبخ لإثبات الملكية، وكانت
هذه الأختام تصنع أحياناً من الخزف أيضاً
.

رابعاً:
حرق الفخار: تتوقف جودة الفخار أيضاً على إتقان عملية الحرق ومهارة من يقوم بها في
مراقبة درجات حرارة القمينة طوال الوقت . ولا نجد في العهد القديم شيئاً عن كيفية
إجراء هذه العملية، و لا عجب في ذلك إذ كانت مثل هذه العمليات تعتبر من أسرار
الصناعة.

وقد
تكون عبارة "برج التنانير" (نح 3: 11، 12: 38) إشارة إلى قمائن الفخار
حيث أن "باب الفخار" (إرميا 19: 2) كان أهم معالم المنطقة. وكانت
الأواني التي تكسر أو تتلف أو تتفحم تلقى في مكان معين بالقرب من القمائن . وبعد
أن بدا إنشاء أحواض المياه، كانت هذه البقايا تطحن وتضاف إلى الجص وتطلى بها
أرضيات الأحواض وجدرانها لتسد مسامها وتجعلها صالحة لخزن المياه
.

خامساً:
الأنواع والأسماء المختلفة: يقول " كيلسو
" (Kilso) إنه توجد
في العهد القديم نحو أربعة وثلاثين كلمة عبرية وأرامية للدلالة على مختلف الأواني
الخزفية، منها عشر كلمات للدلالة على الأواني الكبيرة المتسعة مثل الطسوس التي كان
الواحد منها يسع نصف دم الثيران المذبوحة (خر 12: 22، 24: 6 8، 2 صم 17: 28، 1 مل
7: 50، 2 مل 12: 13، إش 22: 24، إرميا 52: 19). والأطباق الكبيرة والمنضحة (عدد 7:
13و19و25 … الخ)، والقصعة التي عثر فيها جدعون الجزة (قض 6: 38). وكان عشاء
الأسرة يقدم في صحن كبير (انظر 2 مل 21: 13). وكذلك المعاجن التي حمل فيها بنو
إسرائيل عجينهم عند خروجهم من مصر (خر 12: 34
).

وهناك
نوع آخر يشمل أواني الطبخ "القدور" وكانت متسعة وقليلة العمق، كما كانت
في البداية بلا أيدي، ثم أضيفت إليها فيما بعد يدان، وكانت تستخدم للطبخ (2 مل 4: 38
41)، وكذلك للاغتسال: "موآب مرحضتيى"(مز 60: 8). كما تذكر أيضاً
"المقلاة" (2 صم 13: 9
).

هل تبحث عن  الكتاب المقدس أخبار سارة عربية مشتركة عهد قديم سفر الخروج 19

كما
كانت هناك القوارير أو أوعية لحفظ الزيت مثلما كان لدى الأرملة التي صرخت لأليشع
النبي (2مل 4: 2 6). وكان لمثل هذه الأوعية مزراب ليسكب منه الزيت حسب الحاجة
.

كما
كان هناك نوع من الجرار متسع الفوهة يسمح بإدخال قبضة اليد لحفظ المواد الجافة مثل
الدقيق والحبوب، والسوائل أيضاً، مثل الجرة التي كانت تحملها رفقة عند البئر (تك
24: 15 20)، وكذلك الكوار الذي كانت تحتفظ فيه أرملة صرفة صيدا بالدقيق (1 مل 17: 12
16
).

وصنع
الإسرائيليون أيضاً الأقداح والطاسات لشرب الخمر أو الماء كتلك التي جعلها إرميا
أمام الركابيين (إرميا 35: 5)، والكاسات (2 صم 12: 3، 1 مل 7: 26 … الخ
).

وكانت
"الأباريق " من أدق أنواع الأواني الخزفية في زمن إرميا النبي، وكان
الماء عند خروجه من الفتحة الضيقة يحدث صوتاً معيناً (كركرة) ومن مميزاته أنه بذلك
يعمل على إذابة الهواء في الماء (انظر إرميا 19: 1و10، مراثي 4: 2). كما كان هناك
الكوز للماء والسوائل (1 صم 26: 11 16، 1 مل 17: 12 16
).

وكانت
هناك القنينة لحفظ الأطياب والعطور (1 صم 10: 1، 2 مل 9: 1 و3). كما كانت المسارج
(المصابيح) تصنع من الخزف، وكانت عبارة عن طبق صغير له نتوء جانبي ذو شفة توضع به
الفتيلة لتستمد زيتها من الزيت الموضوع في الطبق وكان نور السراج من أهو لوازم
الحياة (إرميا 25: 10
).

أما
في العهد الجديد فهناك "الجرن"(وهو في اليونانية "هودريا" أي
وعاء الماء يو 2: 6و7 وهي نفس الكلمة المترجمة "جرة
‎" (يو 4: 28).
وآنية الزيت في مثل العذارى (مت 25: 1 13) كانت شبيهة بآنية الأطياب في العهد
القديم ولكن أكثر استدارة . وكانت هناك أشكال متعددة من المصابيح الخزفية (مت 25: 1
8، أع 2: 8، رؤ 4: 5، 8: 10
).

وكان
ما يصنع في اليونان من افضل أنواع الخزف، وكان يصدر للخارج بكثرة وكذلك كان الخزف
الروماني

.

سادساً:
الاستخدام المجازي: كثيراً ما تستخدم كلمة "إناء" مجازياً للدلالة على
ضعف الإنسان، فالأشرار "مثل إناء خزاف تكسرهم" (مز 2: 9). ويقول الرب عن
بولس الرسول أنه "إناء مختار ليحمل اسمي أمام أمم وملوك…" (أع 9: 15).
كما أن الذين يرفضون الإنجيل هم "آنية غضب مهيأة للهلاك" (رو 9: 22) وفي
البيت الكبير "ليس آنية من ذهب وفضة فقط بل من خشب وخزف أيضاً، وتلك للكرامة
وهذه للهوان. فإن طهر أحد نفسه من هذه يكون إناء الكرامة مقدساً نافعاً للسيد
مستعداً لكل عمل صالح "(2 تي 2: 20و21). كما يوصي الرسول: "أن تمتنعوا
عن الزنى .أن يعرف كل واحد منكم أن يقتني إنائه بقداسة وكرامة " (1 تس 4: 3و4).
كما يوصي الرسول بطرس الرجال أن يكونوا "ساكنين بحسب الفطنة مع الإناء
النسائي كالأضعف معطين إياهن كرامة .. "(1 بط 3: 7
).

سابعاً:
أهمية الأثرية: تعتبر المخلفات الخزفية التي يكشف عنها الأثريون من أهم عناصر
تحديد تواريخ الطبقات التي يكشفون عنها ويعثرون فيها على أنواع من الأوعية الخزفية،
ومن طريقة صناعتها والمواد المستخدمة في صناعتها والأشكال والدقة والمهارة البادية
فيها، يستطيعون معرفة العصر الذي صنعت فيه وجهة صناعتها . كما أن الشقف (الخزف
المكسور) استخدم على نطاق واسع للكتابة عليه، وقد وجد الكثير من أحداث التاريخ
مسجلة على هذه القطعة الخزفية التي تذخر بها دور الآثار
.

 

 

 

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي