أوثان

Idoles

أولاً:
التحرر من الأوثان

ثانياً:
مفهوم عبادة الأوثان

1. الآلهة الأخرى:

2. بطلان الأوثان:

3. عبادة الأوثان تجربة دائمة:

 

 

أولاً:
التحرر من الأوثان

يعتبر
الكتاب المقدس- بنوع ما- تاريخ تحرير شعب الله من الأوثان. لقد "أخذ"
الله إبراهيم ذات يوم بينما كان "يخدم آلهة أخرى" (يشوع 24: 2- 3،
يهوديت 5: 6- 8). وهذه القطيعة الجذرية التي حققها إبراهيم، كان على ذريته أن تقوم
بها بدورها (تكوين 35: 2- 4، يشوع 24: 14- 23) وأن تجدد باستمرار اختيارها بأن
تتبع الاله الواحد بدلاً من أن "يقتفوا الباطل" (إرميا 2: 2- 5). وقد
تتسلل الوثنية بالفعل داخل عبادة "يهوه" نفسها. فمنذ الوصايا العشر،
يحرم على إسرائيل صنع الصور والتماثيل المنحوتة (خروج 20: 3- 5، تثنية 4: 15- 20)
لأن الإنسان وحده هو صورة الله الأصيلة (تكوين 1: 26- 27). وعندما نحتوا العجل
الذهبي- على سبيل المثال- ليمثل القوة الالهية، احتدّ غضب الله عليهم (خروج 32، 1
ملوك 12: 28، راجع قضاة 17- 18) ووبخهم الأنبياء بتوبيخات ساخرة (هوشع 8: 5، 13: 2).
ان الله ليعاقب الخيانة سواء أكان ذلك بعبادة آلهة أخرى مزيفة أم بتصوره هو ذاته
(تثنية 13). انه يترك الذين يتركونه أو يصورونه تصويراً خاطئاً، فيسلمهم إلى
البلايا الوطنية (قضاة 2: 11- 15، 2 ملوك 17: 7- 12، إرميا 32: 28- 35، حزقيال 16،20،
23). وعندما حصلت نكبة السبي لتثبيت هذه النظرة النبوية للتاريخ، عاد الشعب إلى
صوابه دون أن يختفي مع ذلك، بوجه قاطع، كل عابد للوثن (مزمور 31: 7)، وكل كافر
بالله (مزمور 10: 4 و 11- 13). وأخيراً، في زمن المكابيين، قامت عبادة الأوثان
(1مكابيين 1: 43) في انّباع حضارة وثنية لا تتفق مع الإيمان الذي ينتظره الله من
ذويه، ولذا وجب الاختيار بين الأوثان والاستشهاد (2 مكابيين 6: 18 إلى 7: 42، راجع
دانيال 3). ينهج العهد الجديد النهج ذاته، فإن المؤمنين، "وقد رجعوا عن
الأوثان ليعبدوا الله الحي الحقيقي" (1 تسالونيكي 1: 9)، لا يزالون معرّضين
لتجربة السقوط في الوثنية التي تتفشى في كل أمور الحياة (راجع 1 كورنتس 10: 25-
30). وللدخول إلى الملكوت، يتحتم الهروب من عبادة الأوثان (1 كورنتس 10: 14، 2
كورنتس 6: 16، غلاطية 5: 20، 1 يوحنا 5: 21، رؤيا 8: 21، 22: 15). والكنيسة تواصل
معركتها بلا رحمة ضد عالم يجذبها دوماً نحو عبادة "صورة الوحش" (رؤيا 13:
14، 16: 2)، ويستميلها إلى السكوت على اقامة "رجاسة الخراب" في هيكل
الله (متى 24: 15، راجع دانيال 9: 27
).

هل تبحث عن  م المسيح موقف المسيح من الشعوب الأخرى ى

ثانياً:
مفهوم عبادة الأوثان

لم
يحاول إسرائيل أن يتجاوب بأمانة مع نداء الله له فحسب، بل أخذ يفكر في طبيعة
"الأوثان البكم" (1 كورنتس 12: 2) التي تجتذبه. وسيصل الشعب تدريجياً
إلى التعبير الدقيق عن بطلان الأوثان.

1. الآلهة الأخرى:

ان
هذا التعبير، المتداول حتى عصر إرميا، يعطي انطباعاً بأن إسرائيل يقبل وجود آلهة
أخرى غير يهوه. والكلام هنا، ليس عن خرافات ناجمة من ديانات أخرى تكون قد امتزجت
بعبادة يهوه الشعبية، كما هو الحال في "أصنام الأسرة" (ترافيم) التي لها
مكانتها، خاصة لدى النساء (تكوين 31: 19-35، 1 صموئيل 19: 13-16)، أو في الحية
النحاسية (نحشتان) (2 ملوك 18: 4)، وانما المقصود "بالآلهة الأخرى" عدد
من آلهة البعل الكنعانيين التي صادفها إسرائيل عند استقراره في أرض الميعاد. وبدأت
حينئذ معركة بلا هوادة ضد البعل. وكان لجدعون الشرف الخالد باقامة هيكل يهوه مكان
الهيكل الذي دشّنه أبوه للبعل (قضاة 6: 25- 32). فاذا تكلم اسرائيل عن "آلهة
أخرى"، فإنما يفعل هذا ليصف معتقدات الآخرين (راجع 2 ملوك 5: 17) فهو من
ناحيته لا يتطرق اليه الشك في أن يهوه هو الهه الأوحد (راجع خروج 20: 3- 6، تثنية
4: 35
).

2. بطلان الأوثان:

وتستمر
المعركة الطاحنة ضد الأوثان، متخذة طابعاً ذهنياً في محاولة جادة لاظهار
"بطلان الأوثان" (مزمور 81: 10، 1 أخبار 16: 26). بسخر ايليا، ولو
بتعريض حياته للخطر، من الآلهة الذين لا يستطيعون اشعال نار المحرقة (1 ملوك 18: 18-
40). ويتضح لليهود الذين في السبي ان الأوثان لا معرفة لها، ما دامت عاجزة عن
التنبؤ بالمستقبل (أشعيا 48: 5)، وأن لا خلاص يرتجى منها (45: 20- 22)، "ولم
يصوّر اله قبلي ولا يكون بعدي" (43: 10). فاذا كان حالها هكذا، فهذا يرجع إلى
أن لا وجود لها حقيقياً، وما هي الا من صنيع الإنسان. وعندما يسخر الأنبياء
بالأوثان المصنوعة من خشب أو حجارة أو ذهب (عاموس 5: 26، هوشع 8: 4- 6، إرميا 10: 3-
5، أشعيا 41: 6- 7، 44: 9- 20)، فإنهم لا يندّدون بصورة رمزية وحسب، بل بالفساد
القائم في استبدال عبادة الخالق بعبادة من صنعة اليدين. يلقي كتاب الحكمة الضوء
على نتائج عبادة الأوثان هذه (حكمة 13، 14). انها لا تثمر الا الموت، ما دام انها
تعني ترك الله، ذاك الذي هو الحياة. وفي الوقت نفسه، يقدم كتاب الحكمة هذا للمؤمن
تفسيراً عن نشأة هذا الفساد. لقد بدأ بتأليه الموتى والشخصيات البارزة (14: 12-
21)، أو عبد قوى الطبيعة، التي كانت موجّهة بالأحرى لتقود الإنسان نحو خالقها (13:
1- 10). ويتابع بولس هذا التنديد بعبادة الأوثان، مرجعاً اياها إلى عبادة الشياطين:
"ما يذبح للأوثان إنما يذبح للشياطين" (1 كورنتس 10: 20- 21). وأخيراً،
في دفاع مريع يندد بولس بخطيئة البشر الشاملة، الذين بدلاً من التعرف على الخالق
من خلال خليقته، قد استبدلوا بمجد الله الخالد صوراً تمثل خلائقه، ومن هنا كان
انحطاطهم في جميع المجالات (رومة 1: 18- 32
).

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ل لودبار ر

3. عبادة الأوثان تجربة دائمة:

لم
تكن عبادة الأوثان حالة عابرة تم اجتيازها نهائياً. إنها تعود للظهور تحت أشكال
مختلفة: فكل مرة يكف الإنسان عن خدمة الرب، يصبح عبداً لمختلف الأسياد: المال (متى
6: 24)، الخمر (تيطس 2: 3) الجشع القائم في رغبة السيطرة على القريب (كولسي 3: 5،
أفسس 5: 5)، السلطان السياسي (رؤيا 13: 8)، الشهوة والحسد والبغض (رومة 6: 19،
تيطس 3: 3)، الخطيئة (رومة 6: 6)، التمسك الحرفي بالشريعة (غلاطية 8: 4-9). كل ذلك
إنما يقود إلى الموت (فيلبي 3: 19)، بينما ثمر الروح هو حياة (رومة 6: 21- 22).
ووراء كل هذه الرذائل، التي هي نوع من عبادة الأوثان، يكمن جهل الاله الأوحد، الذي
هو دون غيره جدير بثقتنا.

 

 

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي