أثينا

 

كانت
أثينا قديماً عاصمة لأتيكا، أحد أقسام بلاد اليونان، والآن هي عاصمة بلاد اليونان
 ، ويربطها بمينائها " ببرية " طريق طوله ميلان . ونقرأ في
الأصحاح السابع عشر من سفر الأعمال عما فعله بولس في ذهابه إليها وحيداً، فقد وصل
إليها بحراً وسار في الطريق الجديد، وكانت تقوم على جانبيه مذابح لآلهة مجهولة،
ودخل المدينة من الغرب ومر بمدافن المدينة التي مازالت ترى إلى هذا اليوم . كما مر
" بالسيزيوم " أجمل ما بقى من المعابد اليونانية، ومنه إلى الأجورا (السوق)
شمالي الأكروبول الذي يقوم على تل شديد الانحدار بارتفاع 200 قدم في قلب المدينة،
بدأ " كيمون " في إقامته ليكون قلعة، وأكمله " بركليس " وحوله
إلى معبد للآلهة أثينا حامية المدينة . وقد بني " منسكل " (437 – 432)
البوابة المعروفة باسم " بروبيليا " التي كان يفخر الأثينيون بها .
ويقوم على اليسار تمثال من البرونز من عمل " فيدياس " . وإلى اليمين كان
يوجد البارثنون . وكان يوجد في هذا المعبد التمثال الشهير للآلهة أثينا المصنوع من
الذهب والعاج . وفي المقصورة الشرقية نحت يمثل ولادة الآلهة (محفوظ الآن في المتحف
البريطاني) . أما في المقصروة الغربية فالنحت يمثل صراعها مع بوسيدون على السيادة
على أتيكا . وللأسف دمر البنادقةهذا الأثر – الذي يعد من أروع ما خلفه اليونان –
تدميراً جزئياً في سنة 1687 . ويوجد فوق الأكروبول معابد أخرى مثل " أركتيوم
" و " النصر بلا أجنحة " . وكانت شوارع المدينة ضيقة جداً وشديدة
التعرج، وكانت سقوف المنازل مسطحة . وكان يحف بالأجورا (السوق) العديد من الأروقة
بعضها مزخرف برسومات تاريخية . وهناك تقابل بولس مع الأبيكوريين والرواقيين وتحاور
معهم كل يوم . وعلى مقربة من ذلك كان يوجد مجلس الشيوخ الذي كان يتسع لخمسمائة من
المستشارين، وساحة أريوس باغوس التي واجه فيها سقراط (399 ق.م) المشتكين عليه،
وجاء بولس بعده بنحو خمسة قرون، ليكرز بالإنجيل للأثينيين عن الإله المجهول . كما
كان يوجد بالقرب من ذلك "برج الرياح " والساعة المائية التي لا بد استلفتت
نظر بولس، كما تستلفت نظرنا الآن . كما تحاور بولس مع اليهود في المجمع (أع 17: 17)
. وقد وجد لوح في أسفل جبل هيميتس (في شرقي المدينة ويرتفع إلى نحو ثلاثة آلاف قدم)
منقوشاً عليه: " هذا الباب للرب . الصديقون يدخلون فيه " (مز 118: 20)
وكان يظن أن هذا اللوح يحدد موقع المجمع، ولكن المعتقد الآن أن هذا اللوح يعود إلى
القرن الثالث أو الرابع، فقد وجدت في المدينة نفسها، ألواح تحمل كتابات يهودية
.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس س ساقٍ ٍ

 

وكان
سكان أثينا يبلغون ربع المليون على الأقل . جاء في الأساطير أن كيكروبس – أول ملك
لها – جاء من مصر حوالي 1556 ق.م، وبزواجه بابنة أكتايون، استولى على الحكم . وقد
وحّد سيسيوس مقاطعات أتيكا الاثنتي عشرة وجعل أثينا العاصمة . وبعد موت كودروس
(1068 ق.م)
انتقلت السلطة إلى أيدي أراخنة (رؤساء) يتولون وظائفهم مدى الحياة . وفي سنة 753 ق.م
اختير الأراخنة لمدة سنة واحدة . وفي سنة 620 ق.م وضع " دراكو " قوانينه
وكتبها بالدم . وفي سنة 594 ق.م أختير " صولون " أرخنا، فوضع للولاية
دستوراً، ولكن الطاغية " بيزاستراتوس " استولى على الحكم من 541 – 527 ق.م
واغتيل ابنه " هيباركوس " سنة 514 ق.م ثم غير " كلستين "
الدستور وادخل عقوبة " النفي بلا محاكمة " . وفي سنة 490 ق.م هزم
الأثينيون الفرس في موقعةماراثون، ثم في موقعة سلاميس البحرية سنة 480 ق.م. وفي
سنة 476 ق.م نظم " أرستيدس " الحلف الأثيني العظيم، وبعد موته أصبح
" كونون" زعيماً لحزب المحافظين . وعندما قُتل الجنرال " كيمون
" أصبح بركليس زعيماُ للشعب . وفي سنة 431 ق.م اندلعت نيران الحروب البلونية
واستمرت حتى سنة 404 ق.م عندما استسلمت أثينا لأسبرطة، و قامت حكومة أقلية على
رأسها كريتياس و ترامينس، فنشبت الحرب مرة اخرى ولكن تم الصلح بمعاهدة أنتالسيدس
سنة 387 ق.م . وقد انهكت أثينا نفسها في الحرب المقدسة (من 357 – 355 ق.م) .
وعندما بدأ فيليب المقدوني يتدخل في شئون اليونايين، لم تستطع أثينا إعلان الحرب
التي كان ديموستينس الخطيب يحرض عليها، كما لم تستطع أيضاً عقد صلح مع فيليب،
وأخيراً اتحدت مع طيبة في المقاومة المسلحة، ولكن رغم استبسالها البطولي في
كارونيا، انهزمت سنة 338 ق.م، ثم قتل فيليب سنة 236 ق.م، وأصبحت السيادة لإسكندر
الأكبر
وعندما
خضعت بلاد اليونان للرومان، وضع الرومان أثينا تحت إشراف حاكم مقدونيا مع إعطائها
استقلالاً ذاتياً تقديراً لتاريخها العريق
.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ت ترجمات البيبليا القديمة ة

 

وقد
لعبت أثينا دوراً بارزاً – رغم خضوعها للرومان – فكانت مركزاً للفن والعلم، وأصبحت
المدينة الجامعية في العالم الروماني، مركز إشعاع للنور روحياً وفكرياً، ومنها
انتقل إلى طرسوس وأنطاكية والإسكندرية . ويقول فيلو اليهودي إن الأثينيين ذوو ذكاء
حاد، ثم يردف ذلك بالقول: إن أثينا لليونانيين مثل الحدقة للعين أو العقل للنفس
.

 

ومع
أن المدينة كانت قد فقدت استقلالها إلا أن الشعب احتفظ بمميزاته، فظلوا على
اهتمامهم بالفن والأدب والفلسفة . ولربما زار بولس مسرح ديونيس (تحت السفح الجنوبي
الشرقي للأكروبول) . وقد أرسل كثيرون من الملوك الأجانب هدايا لأثينا، فأتالوس
الأول ملك برغامس أوقف مالا على الأكاديمية، وأيومينس أضاف رواقاً فخماً للمسرح،
وأنطيوكس أبيفانوس بدأ في إقامة الأوليمبيم (مازال 15 عموداً منه قائمة حتى الآن) .
وصارت أثينا مقاماً طيباً للكتّاب الأجانب الذين وضعوا أسس علوم التاريخ
والجغرافيا والأدب . وقد أقام بالمدينة بعض الوقت هوراس وبروتوس وكاسيوس
.

 

و
يقول يوسيفوس إن الأثينيين كانوا أكثر اليونانيين تعبداً وخشية للآلهة . ويذكر سفر
الأعمال أن الأثينيين أجمعين " لا يتفرغون لشيء آخر إلا أن يتكلموا أو يسمعوا
شيئاً حديثاً " (أع 17: 21)
.

 

 

 

 

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي