بيسيدية

 

(1)الموقع: كان اسم بيسيدية يطلق أساساً على
الإقليم الجبلي الذى كان يمتد من سلسلة جبال طوروس التي تشرف على سهول بمفيلية
الساحلية إلى الوديان التي كانت تربط اباميا وانطاكية بايقونية. وكانت تحدها ليكية
من الغرب، وفريجية من الشمال، وايسورية من الشرق. ولم تكن هناك حدود طبيعية تفصل
بين ايسورية وبيسيدية.

 

(2)تاريخها: يذكر زينوفون أن البيسيديين كانوا
مستقلين عن ملك فارس في أواخر القرن الخامس قبل الميلاد. وقد وجد الإسكندر مشقة في
إخضاع مدن بيسيدية. وعلى مدى التاريخ القديم، كان يسكن جبال بيسيدية شعب محارب
شديد المراس يميل إلى السلب والنهب. وقد اسند الرومان إلى أمينتاس ملك غلاطية، مهمة
إخضاع هذا الشعب. وعند موته في 25 ق.م. أصبحت بيسيدية مع سائر أملاكه جزءاً من
ولاية غلاطية الرومانية. وقد أخذ أوغسطس على عاتقه العمل على استتباب الأمن في
جبال بيسيدية وإيسورية في الشرق، فأقام خمس مستعمرات عسكرية في بيسيدية والجبال
الشرقية: في كريمنا وكوماما واولباسا وباريس ولسترة. وكانت تربط بيهما جميعا طرق
عسكرية. وكان مقر الحامية الرئيسية في انطاكية التي كانت تقع في فريجية غلاطية
بالقرب من حدود بيسيدية الشمالية. وقد اكتشف في 1912 م نقش جاء فيه أن كيرينيوس
المذكور في إنجيل لوقا (2: 2) وكان والياً على سورية في سنة ولادة المسيح كان
حاكماً فخرياً لمستعمرة أنطاكية، وقد بدات صلته بأنطاكية من وقت حملته العسكرية
على الهوموناديين الذين قاوموا أمينتاس وقتلوه في نحو 8 ق.م. وقد أطلق على أنطاكية
هذه اسم " أنطاكية بيسيدية " تمييزا لها عن غيرها من المدن المسماة بهذا
الاسم.

وقد
ظلت بيسيدية جزءاً من ولاية غلاطية حتى 74م، حين ضم الجزء الأكبر منها إلى الولاية
التي تكونت من ليكية وبمفيلية، وأصبحت المدن البيسيدية في هذا الجزء تنتمى إلى
بمفيلية، وظل الجزء الشمالي من بيسيدية تابعاً لغلاطية حتى عصر دقلديانوس حين ضم الجزء
الجنوبي من ولاية غلاطية (بما فيه مدينتنا أنطاكية وأيقونية) مع أجزاء من ليكأونية
وأسيا في ولاية واحدة باسم " بيسيدية " وعاصمتها أنطاكية، وبذلك اصبحت
أنطاكية لأول مرة مدينة بيسيدية ولو أن هناك مايدعو للأعتقاد بأن كلمة "
بيسيدية " كانت تتسع في مرماها العام لتشمل على الأقل جزءاً من فريجية غلاطية،
ولعل هذا يفسر لنا عبارة " أنطاكية بيسيدية "، وهي عبارة لها مدلول
سياسي وإداري أكثر منه جغرافي. وظلت أنطاكية مدينة فريجية. وقد اكتشفت مؤخراً نقوش
تثبت أن اللغة الفريجية ظلت مستخدمة فيما حول أنطاكية حتى القرن الثالث بعد
الميلاد.

هل تبحث عن  م المسيح المسيح إبن الله هل تجسد 12

(3)الرسول بولس في بيسيدية: اجتاز الرسول بولس في
بيسيدية في طريقه من برجة إلى أنطاكية (أع 13: 14). وكذلك في رحلة العودة (أع 14: 24).
ولايذكر سفر أعمال الرسل هاتين الرحلتين بالتفصيل. ويرى البعض أن الرسول بولس يشير
بقوله: " بأخطار سيول. بأخطار لصوص " (2كو 11: 26) إلى ما عاناه في
رحلاته في بيسيدية. ويؤيد سير وليم رمزى ذلك بأن نقوشاً بيسيدية كثيرة تشير إلى
رجال الشرطة المسلحين والجنود الذين كانوا يحافظون على الأمن في تلك الربوع. بينما
تشير نقوش أخرى إلى الصراع ضد اللصوص والنجاة من الغرق في الأنهار. ومدينة "
أداد" التي تقع على الطريق الذي سار فيه بولس من برجه إلى أنطاكية، يسميها
الأتراك الآن " كارابولو " (أي مدينة بولس)، ولا شك أن ذلك نتيجة تقليد
قديم يربط هذه المدينة والرسول بولس.

وقد
ظلت بيسيدية غير متأثرة بالحضارة الهلينية، وكان احتلال الرومان لها في زمن الرسول
بولس مجرد أحتلال عسكري، ولذلك فمن غير المحتمل أن يكون الرسول بولس قد كرز
بالإنجيل في بيسيدية في تلك الأثناء، فلم تكتشف أي نقوش مسيحية في بيسيدية فيما
عدا في الجزء الشمالي الغربي منها ترجع إلى ما قبل عصر قسطنطين وأعتراف الدولة
بالمسيحية، وهذا أمر على النقيض تماما مما اكتشف في فريجية.

 

 

 

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي