تجربة
المسيح

 

بعد
معمودية يسوع مباشرة: " للوقت أخرجه الروح إلى البرية، وكان هناك فى البرية
أربعين يوماً يجرب من الشيطان " (مرقس 1: 12 و 13). فحيث أن المعمودية كانت
نقطة الانطلاق لخدمته الجهارية، فلا عجب أن تسفر نهاية أيام التجربة عن مضمون
خدمته و أسلوبها.

فجبل
الكرانتانيا (قرنطل) وهو الجبل الذي يعتبره التقليد جبل التجربة هو منطقة مقفرة
تقع على بعد سبعة أميال إلي الشمال الغربي من أريحا.فإذا كان يسوع قد تعمد في بيت
عنيا عبر الأردن (يو 1: 28)، فيحتمل أن يكون المكان هو الضفة الصخرية الجرداء
للبحر الميت غير بعيد من قمران و الأناجيل لا تروي لنا سوى ختام أيام التجربة،
ولكنه مما لا شك فيه أنه في غضون الأربعين يوماً التي صام فيها، كانت المعركة مستمرة
و عنيفة. و سواء كان الشيطان قد ظهر في صورة منظورة أم لا، فإن الأناجيل تتحدث عن
صراع روحي حقيقي. "…. فلم يكن صراعاً داخلياً، بمعنى أنه لم يكن مجرد صراع
ذاتي، بل كان صراعا حقيقيا … هجوماً حقيقياً من شيطان حقيقي… لقد كانت تجربة
حقيقية للمسيح " (كما يقول أدرشيم)
.

ويخلط
كثيرون بين التجربة والخطية، فينزعجون من فكرة ان يجرب يسوع، ولكن يجب ان نعلم ان
التجارب تدور حول إشباع حاجات ورغبات مشروعة، اما الخطا فهو في محاولة إشباع هذه
الحاجات بطريقة لا تتفق مع إرادة الله، أو عندما يضع الناس تحقيق إرادتهم قبل إرادة
الله، و يستسلمون للتجربة فيخطئون (يع 1: 14 و 15). لقد رفض الرب يسوع أن يشبع
احتياجاته أو يفعل مشيئته بأي كيفية فيها أدنى أو ظل انحراف عن إرادة الآب…..

كانت
التجربة الأولى ذات طبيعة مادية، اغراء بتحويل الحجارة خبزا أمام حاجته الشديدة
للخبز بعد صيام أربعين يوما (مت 4: 1 4).وكان هذا امتحانا أساسياً ليس لحقيقة
تجسده فقط، و لكن لطبيعة ملكوته أيضاً. هل هو مجرد ظهور في صورة إنسان، يستخدم
قدرات اللاهوت الخارقة للتغلب على الصعاب و المشاكل؟ و هل ملكوته أساساً و قبل كل
شيء يتعلق بإشباع حاجات الجسد؟

هل تبحث عن  الكتاب المقدس يسوعية كاثوليكية عهد جديد رسالة بولس الرسول الأولى إلى تيموثاوس 01

ولقد
أجاب الرب يسوع على الأمرين. لقد صار إنسانا كاملاً، انقاد بالروح، وصام في البرية،
وكان اتمام مشيئة الله بالتمام و على الدوام أهم جداً من إشباع حاجته للطعام بعد
هذا الجوع الطويل.كما أن ملكوته هو ملكوت روحي و ليس من هذا العالم (انظر يوحنا 18:
36)
.

و
التجربة الثانية كما جاءت في إنجيل متى كان لها معنى مزدوج، فكانت تحمل إغراء
لطبيعته الروحية لاثبات اتكاله على الله. وفي الجانب الآخر لاستعراض قدرته
المعجزية أمام إسرائيل بطرح نفسه من فوق جناح الهيكل، و لم يكن لدى يسوع أي
استعداد للانحراف عن مشيئة الله في الناحية الروحية كما كان في الناحية الجسدية
سواء بسواء. فأن يلقي الإنسان بنفسه إلي الخطر بلا ضرورة، ليس اتكالاً على الله،
بل بالحري هو امتحان لأمانه الله: " لا تجرب الرب الهك " (مت 4: 7).ولم
يكن يسوع ليقنع إسرائيل بإبهارهم بمثل هذا العمل، بل بعمل الروح فيهم.

أما
التجربة الثالثة، فقد تناولت الهدف من مجئيه إلي العالم، و هو استرداد ممالك الأرض
لملكوت الآب. و بلوغ هذا الهدف عن الطريق الذي يرسمه الشيطان و استخدام سلطاته،
كان معناه اكتساب عالم هالك ضائع مازال غارقا في الخطية، وقد جاء يسوع لفداء الناس،
وليس لمجرد أن يحكمهم. و طريق الشيطان التى مازال يتبعها كثيرون لم تكن تستلزم
آلاما أو موتاً، لكن يسوع اختار طريق الله، طريق الصليب.

 

 

 

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي