حصاد

Moisson

مقدمة

أولاً:
فرح الحَّصادين

ثانياً:
الحصاد والبذار

ثالثاً:
الحصاد، حكم الله

1. في يوم الرب:

2. في أزمنة المسيا:

أ)
الزارع والحاصد:

ب)
فعلة الحصاد:

ج)
في انتظار الحصاد الأخير:

 

 

مقدمة

إن
الحصاد، أسوة بجني العنب، يعني في نظر الفلاح ثمر عمله، وضمان قوته السنوي، وحكم
الطبيعة هذا على عمل الإنسان قد يعني أيضاً حكم الله.

أولاً:
فرح الحَّصادين

إن
حصاد الشعير (في أبريل= نيسان) وحصاد القمح (في مايو- أيار) هما من مناسبات
الأفراح الشعبية. ولا غرو، فغناء صفوف الحصادين ينتشر من أكمة إلى أكمة، فيجعلهم
ينسون تعب العمل الشاق وهم يحصدون بالمنجل تحت شمس مُرهقة (راعوت 2، إشعيا 9: 2،
إرميا 31: 12، مزمور 126: 6
).

وفي
هذا الفرح، لا ينسون الرب: فالحصاد هو علامة البركة الإلهية وثمرتها. فعلى الله
معطي النمو (1 كورنتس 3: 6 7)، ينبغي رفع الشكر (مزمور 67: 7، 85: 13
).

وهذا
الشكر يُعبَّر عنه بعيد الحصاد الطقسي، أي العنصرة، حيث تقدم بواكير" الحصاد
(خروج 23: 16، 34: 22)، ولا سيما الحزمة الأولى (لاويين 23: 10
).

وعلى
الحصّاد أيضاً أن يُشرك الآخرين في فرحه، بإظهار كرمه وسخائه. ولذا تأمر الشريعة: "
لا تكمّ الثور في دياسه " (تثنيه 25: 4، 1 كورنتس 9: 9)، وعلى وجه الخصوص: "لا
تستقص إلى أطراف حقلك الحصاد، ونثار حصيدك لا تلقطه" (لاويين 19: 9، تثنية 24:
19)، ليكون ذلك من نصيب الفقير والغريب.

هل تبحث عن  الكتاب المقدس كتاب الحياة عهد قديم سفر المزامير 51

إن
هذا الكرم هو الذي أتاح لبوعز ملاقاة راعوت الغريبة والزواج منها، وراعوت هذه
تُعدّ الجدة البعيدة لداود والمسيح (راعوت 2: 15-17، متى 1: 5
).

إلا
أن هذا الفرح المشروع والأخوي، ينبغي أن لا يجعل نظرة الفلاح مقصورة على الأرض.
ذلك على الأرجح ما كانت ترمي شريعة السنة السبتيةّ إلى أن تلقّنه وهي التي كانت
تلزم بترك الأرض لتستريح، كل سبع سنوات (لاويين 25: 4- 5)، داعية الفلاح إلى
العودة إلى الحياة الراعوية، وإلى تفويض أمره إلى الله وحده.

وذلك
ما يُوضحه يسوع: صعب أن نعتمد على الله أبينا السماوي، مثل "الغربان التي لا
تزرع ولا تحصد" (لوقا 12: 24
//).

ومن
ثم فلا يضعنّ الفلاح أمنه ورجاءه في أهرائه المليئة بالقمح، ولا يكزنّ لنفسه، بل
"من أجل الله" الذي ذات يوم، سيحصد نفسه (لوقا 12: 16-21، راجع إرميا 11:
17
).

ثانياً:
الحصاد والبذار

1. إن الحصاد هو ثمرة البذار، وبينهما تجاوب على
درجات متفاوتة: يحصد الإنسان ما زرع (غلاطية 6: 7)، فلا حصاد دون تعب (أمثال 20: 4)،
"من زرع الظلم يحصد السوء" (أمثال 22: 8)، إن الزارع بالعدل يحصد على
حسب الرحمة (هوشع 10: 12-13
).

إن
كل هذا يعني أن "الله يجزي كل إنسان بحسب ثمر أعماله" (إرميا 17: 10).
هذا ولا جدوى من الاحتجاج مع العبد الكسلان، إذ يقول: "إن الله يحصد ما لم
يزرع" (لوقا19: 21)، لأن الله وهو يخلق البشر ويغذيهم، قد غرس كلمته في كل
القلوب (يعقوب 1: 21، مرقس 4: 20
).

2. ومع أن الحصاد على علاقة بالبذار، فإنه كثيراً
ما يتحقق في مناخ روحي مختلف: "الذين يزرعون بالدموع يحصدون بالترنيم"
(مزمور 126: 5). وهو يختلف أيضاً في القدر، أجل، إن "من يزرع قليلاً يحصد
قليلاً، ومن يزرع كثيراً يحصد كثيراً". (2 كورنتس 9: 6)، إلا أن الحصاد، على
طريقة الله، الذي يفيض عطاء على الدوام في أعماله، قد يتجاوز قدر البذرة، فيذهب
إلى مائة ضعف قدرها، كما كان الحال بالنسبة إلى إسحق (تكوين 26: 12) لفائدة الأرض
الطيبة التي تقبل كلمة الله (متى 13: 8 و 23
//).

هل تبحث عن  م الكتاب المقدس إنجيل لوقا كيف كتب وكيف وصل إلينا ا

3. وأخيراً، ولو أن المطلب الأمثل هو أن يحصد
الإنسان ما زرع (إشعيا 37: 30)، فإن الله قد جعل أزمنة للبذار وأخرى للحصاد (تكوين
8: 22، إرميا 5: 24)، و إذا كان لا مفر للإنسان من أن يصبر حتى نضوج البذرة (مرقس
4: 26- 29)، ولكن بثقة كاملة، بالرغم من المثل القائل: "إن واحداً يزرع وآخر
يحصد" (يوحنا 4: 37
).

ثالثاً:
الحصاد، حكم الله

إن
الله، إذ يحصد أعمال البشر، يحكم فيها طبقاً لبرّه وعدله. وإن هذا الحكم، الذي
سيأتي عند نهاية الأزمنة واقع مقدماً بمجيء المسيح.

1. في يوم الرب:

إن
للحصاد وجهين. إنه يجمع، فيكون الفرح. وقد يقطع أو يطرح أرضاً أو يداس بالنورج،
وأخيراً يحرق التبن (إشعيا 28: 27- 28)، وهذا يكون العقاب.

فالله
أشبه بالقائم بالحصاد، يقطع ويسحق، ويغربل، عندما يعاقب إسرائيل (إشعيا 17: 5،
إرميا 13: 24)، أو بابل (إرميا 51: 2 و 33). وعندما يبلغ خبث البشر أشدّه، فلا
مناص من "إعمال المنجل: فإن الحصيد قد بلغ" (يوئيل 3: 13)، حصيد دينونة
الشعوب.

إلا
أنه، في الوقت نفسه، بتباين جذري تعكسه إعلانات الأنبياء، يحدث بغتة إعلان الحصاد
الفَرح، الذي يأتي مباشرة عقب التعب (يوئيل 183، عاموس 9: 13، هوشع 6: 11، مزمور: 126:
5- 6
).

2. في أزمنة المسيا:

يصبح
هذا الإعلان حقيقة بمجيء يسوع.

أ)
الزارع والحاصد:

بينما
المسيح بالنسبة إلى السابق، هو المغربل الذي يُنقِّي بيدره، ويعزل القمح عن التبن
(متى 3: 12//)، يرى المسيحيون أن يسوع هو في آن واحد، الزارع الأمثل، الذي ينشر
الكلمة في قلوب البشر (مرقس 4: 93//)، والحاصد الذي يُنثر المنجل في الحقل، حيث
يكون الحصاد قد حان (4: 29). فليس ثمة داع للإنتظار: "فالحقول قد ابيضًت
للحصاد…، وبهذا يشارك الزارع الحاصد فرحه" (يوحنا 4: 35- 36
).

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ن نسباس س

ب)
فعلة الحصاد:

فإذا
ما بلغ الحصاد نضجه، يدعو المعلم الفعلة إلى العمل (متى 9: 38//). فالتلاميذ وقد
أرسلوا في العالم، سيجمعون ثمر عمل سابقيهم، ولا سيما ثمر عمل يسوع، الذي دفع بدمه
ثمن تكفير حبة الحنطة. وفي ذلك يصدق المثل الذي يمّر بين الزارع والحصادين (يوحنا
4: 37). ومع ذلك فإن الحصادين أنفسهم "سيغربلون" بالاختبار والاضطهاد
(لوقا 22: 31
).

ج)
في انتظار الحصاد الأخير:

على
أنه إن كانت العنصرة" الجديدة تفتتح عهد حصاد الكنيسة، إلا أن هذا الحصاد لن
يكمل إلا في يوم الرب، حيث يأتي ابن الإنسان ويُعْمل منجله في الحصاد الذي بلغ
أخيراً نضجه (رؤيا 14: 14- 16، مرقس 4: 29
).

فحتى
مجيء تلك الساعة، سيبقى الزؤان مختلطاً بالحنطة الجّيدة، وعلى الكنيسة أن تدين
الشر وتشجبه، ولكن ليس من رسالتها إلقاء الشرير في النار. إن ابن الإنسان هو الذي
سيرسل ملائكته في آخر الأزمنة لتنفيذ الحكم، الذي يكون قد أصدره على أعمال البشر
(متى 13: 24- 30 و36 و43
).

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي