حضور
الله

Presence de Dieu

مقدمة

العهد
القديم

أولاً:
الوعد بحضور الله

ثانياً
علامات حضور الله

ثالثاً:
شروط حضور الله

1. البحث عن الله:

2. عطية الله:

العهد
الجديد

أولاً:
عطية حضور الله في شخص يسوع المسيح

ثانياً:
سرّ الحضور في الروح القدس

ثالثاً:
كمال الحضور في مجد الآب

 

 

مقدمة

ليس
إله الكتاب المقدس هو العلي فقط، بل هو القريب جداً (مزمور 119: 151). إنه كائن
أعلى لا يعزله كماله عن العالم، وفي الآن ذاته يتميز عنه. هو الإله الخالق، الحاضر
في عمله (حكمة 11: 25، رومة 1: 20)، الإله المخلص الحاضر في شعبه (خروج 19: 4- 6)،
والإله الآب الحاضر في ابنه (يوحنا 8: 29)، وفي جميع الذين يحييهم روح ابنه،
والذين يحبونه حباً بنوياً (رومة 8: 14، 28). إنه حاضر فقط كل الأزمنة، لأنه
يسيطرعلى الزمن.، هو الأول والآخر (إشعيا 44: 6، 48: 12، رؤيا 1: 8، 17، 22: 13
).

إن
حضور الله حقيقة واقعية وإن كانت غير مادية. وإن ظهر بعلامات محسوسة، إلا أنه بظل
حضور الكائن الروحي الذي يغمر خليقته بحبه (حكمة 11: 24، مزمور 139) ويهبها الحياة
(أعمال 17: 25 -28)، ويرغب حبه في أن يمنح ذاته للإنسان ليجعل منه شاهداً نيّراً
لحضوره (يوحنا 17: 21
).

العهد
القديم

إن
الله الذي خلق الإنسان يريد أن يكون حاضراً فيه. وإن كان الإنسان بالخطيئة يهرب من
هذا الحضور، فإن الله لا يزال يلاحقه بندائه خلال التاريخ: "أين أنت يا
آدم" (تكوين 3: 8- 9
).

أولاً:
الوعد بحضور الله

يتجلى
الله أولاً لأناس محظوظين يقويهم ويثبتهم بحضوره، يظهر للآباء الذين يبرم معهم
عهداً (تكوين 17: 7، 26: 4، 28: 15)، ولموسى الذي يكلفه بتحرير شعبه (خروج 3: 12).
ويوحي لهذا الشعب باسمه وبمعنى هذا الاسم، ويضمن له هكذا أن إله آبائه سوف يكون
معه مثلما كان معهم. إذ يسمي الله نفسه يهوه، يعرّف ذاته هكذا: "أنا
الكائن" ومعناه أنا الأزلي الذي لا يتغير والأمين، وأيضاً: "أنا الذي
هو". أي الكائن هنا، دائماً وفي كل مكان، المرافق لشعبه (3: 13- 15، 33: 16
).

إن
الوعد بهذا الحضور الكلي القدرة، الذي نطق به الله، أثناء إقامة العهد (34: 9- 10)،
قد يجدده الله لمختاريه الذين يقود بهم شعبه: مثل يشوع والقضاة (يشوع 1: 5، قضاة 6:
16، 1 صموئيل 3: 19)، والملوك والأنبياء (2 صموئيل 7: 9، 2 ملوك 18: 7، إرميا 1: 8
و 19). وكم يحمل معنى بعيداً أيضاً اسم الطفل الذي أنبأ إشعيا بميلاده، والذي عليه
يقوم خلاص الشعب: إن اسمه عمانوئيل، ومعناه "الله معنا" (إشعيا 7: 14،
راجع مزمور 46: 8
).

وحتى
عندما يضطر الله أن يعاقب شعبه بالسبي، أو لا يتركه. ولهذا الشعب، الذي لا يزال
خادم الله وشاهداً له (إشعيا 1 4: 8- 10، 43: . 1-12)، يظل الله هو الراعي (حزقيال
34: 5 1- 16ُ وا3. إشعيا 40: 10- 11)، والملك (إشعيا 52: 7)، والعريس والفادي
(إشعيا 54: 5- 6، 60: 16). فيعلن الله بأنه سيحقق خلاصه مجاناً حتى يظل أميناً على
وعوده. (إشعيا 52: 3، 6)، وبأن مجده سوف يرجع إلى المدينة المقدسة التي تسمى من
الآن فصاعداً "الرب هناك" (حزقيال 48: 35)، فهكذا سوف يعلن حضوره لجميع
الأمم (إشعيا 45: 4ا- 15)، ويجمعها في أورشليم ويضيئها بنوره (إشعيا .6). وفي
النهاية، في اليوم الأخير، سوف يكون حاضراً كديان وكملك على العالم كله (ملاخي 3: 1،
زكريا 14: 5، 9
).

هل تبحث عن  الكتاب المقدس أخبار سارة عربية مشتركة عهد قديم سفر طوبيا 08

ثانياً
علامات حضور الله

يتجلى
الله بعلامات مختلفة. إن ظهور الله في جبل سيناء يثير رهبة مقدسة مما يصحبه من
عاصفة، ووعد، ونار، ورياح (خروج 20: 18- 20)، مما نصادفه في تدخلات ولكن الله يظهر
أيضاً في جوّ يختلف عَما سبق، في جوّ سلام عدن، حيث يهبّ نسيم خفيف (تكوين 3: 8)،
عندما يتحدث الله مع أخلائه، إبراهيم (تكوين 8 1: 23- 33)، وموسى (خروج 33: 11)،
وإيليا (1 ملوك 19: 11- 13
).

ولكن
مهما كانت علامات حضور الله متسمة بالنور (مزمور 104: 2) فهو يتشح بهالة من السر
والغموض. فهو على شكل عمود غمام ونار، يقود شعبه في الصحراء (خروج 13: 21)، وهو
يقيم في وسط شعبه، ومجده يملأ الخيمة التي تحوي تابوت العهد (خروج 40: 34)، وسيملأ
فيما بعد قدس الأقداس (1 ملوك 8: 10- 12
).

ثالثاً:
شروط حضور الله

لا
بدّ للدنو من هذا الحضور الخفي والقدسيَ، من شروط يجب توافرها، ولا بد للإنسان أن
يتلقنها من الله.

1. البحث عن الله:

لا
بدّ للإنسان من أن يتجاوب مع العلامات التي يدعوه الله بها. ولذا فالإنسان يقدم
لله 1 عبادة في أمكنة ترتبط بذكرى ظهور إلهي، مثل بئر سبع أو بيت إيل (تكوين 26: 23-
25، 28: 16- 19
).

غير
أن الله لا يتقيد بأي مكان ولا بأي مسكن مادي. بل إن حضوره الذي يرمز إليه تابوت
العهد، يرافق الشعب ويقوده خلال الصحراء جاعلاً منهم مسكنه الحي والقدوس (خروج5: 19،2
صموئيل 7: 5-6 و11- 16
).

ويريد
الله أن يسكن مع نسل داود الذي هو بيته. وإذ قبل أن يبني له سليمان هيكلاً، فإنه
يصرح أن هذا الهيكل غير قادر على أن يسعه (ملوك 8: 27، راجع إشعيا 66 0 1). ولن
يلتقي الناس به هناك، إلا بقدر ما يدعون اسمه بالحق (1 ملوك 8: 29- 30 و41- 43،
مزمور145: 18)، أي بقدر ما يبتغون حضوره عن طريق عبادة حقيقية، عبادة القلب الأمين.

ومن
أجل الحصول على مثل هذه العبادة مع استبعاد عبادة المشارف العليا وفسادها، قررت
حركة الإصلاح، التي قامت بها مدرسة التثنية، الصعود ثلاث مرات في السنة للحج في
أورشليم، وإلغاء تقديم الذبائح في غير هذا المكان (تثنية 12: 5، 16: 16). ولا يعني
هذا أنه يكفي الصعود إلى الهيكل للقاء مع الرب، ولكن لا بدّ من تقديم عبادة تعبر
عن الإحترام اللائق بالله الذي يرانا، وعن الأمانة اللائقة بالله الذي يحدثنا
(مزمور 15، 24). وإلا لكان قلبنا بعيداً عن الله (إرميا 12: 2). وفي مثل هذه الحال،
يهجر الله الهيكل منبئاً بتدميره، لأن الناس قد جعلوا منه مغارة للصوص (إرميا 7: 1-
15، حزقيال 11
).

هل تبحث عن  الكتاب المقدس يسوعية كاثوليكية عهد جديد رسالة بولس الرسول إلى أهل غلاطية 03

وبعكس
ذلك،، فالله قريب من الذين يسيرون معه، مثل رؤساء الآباء (تكوين 5: 22، 6: 9، 48: 15)،
ويقومون أمامه مثل إيليا (1 ملوك 17: 1) ويحيون بثقة تحت نظره (صموئيل 16: 8، 23: 4،
19 1: 168)، الذين يستغيثون به في مضايقهم (مزمور 34: 18 -20)، ويطلبون الخير
(عاموس 5: 4 و 14). بقلب متواضع ومنسحق (أشعيا 57: 15)، ويكسرون خبزهم للجياع
(إشعيا 58: 7): هؤلاء هم الأمناء الذين سوف يعيشون بدون فساد لدى الرب إلى الأبد
(حكمة 3: 9، 6: 19
).

2. عطية الله:

ولكننا
نتساءل: هل يستطيع الإنسان أن يبلغ هذه الأمانة؟ في حضور الإله القدوس، يشعر
الإنسان أنه خاطئ (إشعيا 6: 1- 5)، ويدرك عمق الفساد الذي يستطيع الله وحده أن
يشفيه منه (ارميا 17: 1، 14). فالله وحده يستطيع أن يغيّر قلب الإنسان، ويضع فيه
شريعته وروحه (إرميا 31: 33، حزقيال 36: 26- 28). ويبشر الأنبياء بهذا التجديد
الروحي، ثمرة لعهد جديد سوف يجعل من الشعب المقدس مسكناً لله (حزقيال 37: 26- 28).
وتعلن كتب الحكمة أيضاً أن الله سوف يرسل آلي الناس حكمته وروحه القدوس، حتى
يعرفوا مشيئته، ويصبحوا أصدقاءه، إذا قبلوا في أنفسهم هذه الحكمة، التي يقوم
نعيمها في السكنى مع بني البشر (أمثال 8: 31، حكمة 9: 17- 19، 7: 27- 28
).

العهد
الجديد

أولاً:
عطية حضور الله في شخص يسوع المسيح

إن
الروح القدس بحلوله في العذراء مريم يحقق الهبة التي وعد الله بها إسرائيل، وهي أن
الرب صار معها، والله صار معنا: عمانوئيل (لوقا 1: 28 و 35، متى 1: 1 2-23).
فالواقع أن يسوع ابن داود، هو أيضاً الرب (متى 22: 43- 44)، ابن الله الحي (متى 16:
16) الذي كشف عن حضوره للأطفال (11: 25- 27). هو كلمة الله الذي حلّ في الجسد
ليسكن بيننا (يوحنا 1: 14)، ويجعل مجد أبيه حاضراً في جسده الذي هو الهيكل الحقيقي
لله (يوحنا 2: 21
)
.

وأن
يسوع على مثال أبيه الذي يلازمه دائماً، يسمي نفسه: "أنا هو" (يوحنا 8: 28
29، 16: 32)، وهكذا تحقق الوعد بالحضور الدائم الذي كان يتضمنه هذا الاسم. وفيه
حقاً يحل كمال الألوهية (كولسي 2: 9). وعندما أتم رسالته، أكد لتلاميذه أنه، رغم
وداعه لهم، سيكون معهم طوال الأيام (متى 28: 20، راجع لوقا 22: 30، 23: 42- 43
).

هل تبحث عن  م التاريخ كنيسة الأقباط الأرثوذكس تاريخ الكنيسة الأم 17

ثانياً:
سرّ الحضور في الروح القدس

لئن
تراءى يسوع بعد قيامته من بين الأموات لتلاميذه، فليس ليرجع إليهم حضوره الجسمي،
الذي يحسن أن يحرموا منه من الآن فصاعداً (يوحنا 16: 7)، ولكن ليحثهم على أن
يبحثوا عنه بالإيمان حيث يحيا: وهو يحيا مع أبيه (20: 17)، وهو حاضر أيضاً في كل
البائسين الذين يريد أن نخدمه فيهم (متى 25: 40)، وحاضر في جميع من يحملون كلمته،
الذين يريد أن نسمع له عندما يتكلم على لسانهم (لوقا 10: 16)، وهو في وسط من يجتمعون
للصلاة باسمه (متى 18: 20
).

ولكنّ
المسيح ليس قائماً فقط ما بين المؤمنين، بل هو فيهم، كما أوحى بذلك إلى بولس
الرسول في نفس الوقت الذي كشف له مجده: "أنا يسوع الذي تضطهده" (أعمال 9:
5). فهو يحيا في الذين قبلوه بالإيمان (غلاطية 2: 20، أفسس 3: 17)، والذين يغذيهم
بجسده (1 كورنتس 10: 16- 17). إن روحه يحل فيهم، ويحييهم (رومة 8: 9، 14)، ويجعل
منهم هيكل الله (1 كورنتس 3: 16- 17، 6: 19، أفسس 2: 21- 22) وأعضاء المسيح (1
كورنتس 12: 12- 13، 27
).

وبواسطة
هذا الروح عينه، يحيا يسوع في الذين يأكلون جسده ويشربون دمه (يوحنا 6: 56- 57 و
63). هو فيهم كما أن الآب فيه (يوحنا 14: 19- 20). تفترض هذه الشركة أن يسوع قد
عاد إلى أبيه وأرسل روحه (يوحنا 16: 28، 14: 16- 18). لهذا السبب، من الخير لهم أن
يتغيّب عنهم بالجسد (يوحنا 16: 7)، وهذا الغياب هو شرط لحضور باطني يتحقق بعطية الروح.
بفضل هذه العطية، ينال التلاميذ المحبة التي تجمع بين الآب والابن (يوحنا 17: 26).
ولذلك يقيم الله فيهم (1 يوحنا 4: 12
).

ثالثاً:
كمال الحضور في مجد الآب

إن
حضور الرب هذا، الذي يتمناه بولس للجميع (2تسالونيكي 3: 16، 2 كورنتس 13: 11) لن
يتحقّق كاملاً، إلا بعد هجر أجسادنا الفانية (2 كورنتس 5: 8). حينذاك، إذ أقامنا
الروح الحالّ فينا (رومة 8: 11)، سوف نرى الله الذي سيكون كل شيء في كل شيء (1
كورنتس 13: 12، 15: 28). وفي المكان الذي أعده يسوع لنا بالقرب منه، سوف نشاهد
مجده (يوحنا 14: 2- 3، 17: 24). فنور أورشليم الجديدة التي فيها يسكن الله مع
البشر (رؤيا 21: 2- 3، 21- 23) في ذلك الحين، يكمل فينا حضور الآب والإبن بفضل
عطية الروح القدس (1 يوحنا 1: 3، 3: 24
).

هذا
هو الحضور الذي يقدمه الرب لكل مؤمن. "ها أنذا واقف على الباب أقرعه"
(رؤيا 3: 20) لكنّه ليس حضوراً يسهل على الخليقة البلوغ إليه (متى 16: 17)، ولا
مدّخراً لشعب معيّن (كولسي 3: 11) ولا مرتبطاً بمكان ما (يوحنا 4: 21)، إنّما هو
عطية من الروح (رومة 5: 5، يوحنا 6: 63)، مقدمة للجميع في جسد المسيح حيث هي
بكمالها (كولسي 2: 9)، وهي تعمل في قلب المؤمن الذي يمتلئ إلى كل ملء الله (أفسس 3:
17- 19). ويهب الرب هذه العطية لمن يجيبه مع العروس بقوة الروح: تعال!، أيها الرب
يسوع (رؤيا 22: 17- 20
).

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي