حمد

Louange

مقدمة

أولاً:
إله الحمد

ثانياً:
مقومات الحمد

1. حمد واعتراف:

2. حمد وترانيم:

3. الحمد وآخر الأزمنة:

ثالثاً:
حمد وعبادة

رابعاً:
الحمد المسيحي

 

 

مقدمة

نميز
في الصلاة عادة بين الحمد، والطلب، والشكر. والواقع أن الحمد والشكر يتواردان في
الكتاب المقدس غالباً من حركة واحدة للنفس، ومن الناحية الأدبية، في النصوص نفسها.
ذلك لأن الله يبدو جديراً بالحمد على النعم التي يغدقها على الإنسان. عندئذٍ يصبح
الحمد بصفة عادية عرفاناً بالجميل وبركة. وحالات التقابل عديدة (مزمور 35: 18، 69:
31، 109: 30، عزرا 3: 11). فالحمد والشكر يدفعان إلى ذات المظاهر الخارجية من
الفرح، وبخاصة في طقوس العبادات، فكلاهما يبديان مجداً لله (إشعيا 42: 12، مزمور
22: 24، 50: 23، أيام 16: 40، لوقا 17: 15- 18،، أعمال 11: 18، فيلبي 1: 11، أفسس
1: 6 و 12 و 14)، بينما يعتَرف بعظمته.

على
أنه بقدر ما تدعو النصوص والمفردات إلى شيء من التمييز، يمكن القول بأن الحمد
ينوّه بشخصية الله أكثر منه بعطاياه: فإنه يركز بالأكثر على الله بل يذوب فيه وهو
أقرب إلى السجود، متحولاً شيئاً فشيئاً إلى انخطاف. و أناشيد الحمد لا ترتبط عادة
بإطار محدد، وتتغنى بالله لأنه الله وحسب
.

أولاً:
إله الحمد

إن
ترانيم الحمد النابعة من الحماسة المتدفقة، تكثر من الألفاظ، في محاولة لوصف الله
وعظمته. إنها تتغنى بطبية يهوه وعدالته (مزمور 145: 6- 7)، وبخلاصه (مزمور 71: 15)،
وبنجدته (1 صموئيل 2: 1)، وبحبه وأمانته (مزمور 89: 2، 117: 2)، وبمجده (خروج 15: 21)،
وبقوته (مزمور 29:)، وبعجيب تدبيره (إشعيا 25: 1)، وبأحكامه التي تحرر (مزمور 146:
7)، وكل ذلك يتجلى بهاؤه في عجائب يهوه (مزمور 96: 3)، وفي أفعاله السامية
والبطولية (مزمور 105: 1- 3، 106: 2)، وفي جميع أعماله (مزمور 92: 5- 6)، بما فيها
معجزات المسيح (لوقا 19: 37
).

ويرتقي
الإنسان من الأعمال إلى صاحبها: "الرب عظيم، وجدير بكل تسبيح، وليس لعظمته
استقصاء" (مزمور 145: 3)، "أيها الرب الهي لقد عظمت جداً، جلالاً وبهاء
لبست" (مزمور 104: 1، راجع 2 صموئيل 7: 22، يهوديت 16: 13). وتتزنم الأناشيد
باسمِّ الرب العظيم (مزمور 34: 4، 145: 2، إشعيا 25: 1). وحمدنا لله إنما يعني
تعظيمنا إياه (لوقا: 46، أعمال 10: 46)، والإعتراف بسموه الذي لا يدانى، ما دام هو
الساكن في أعلى السموات (لوقا 2: 14)، وما دام هو القدوس. وينطلق الحمد من الشعور
بقدسية الله، الذي يملأ النفس بهجة (مزمور 30: 5، 97: 12، 99: 5، 105: 3، را جع
إشعيا 6: 3)، وهذا الإبتهاج الصافي في الورع يحمل على الاتحاد العميق بالله
.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ى يتيت 2

ثانياً:
مقومات الحمد

1. حمد واعتراف:

الحمد
قبل كل شيء هو الاعتراف بعظائم الله.. ويتقدمه دائماً إعلان احتفالي، في صور
متنوعة وجديدة (راجع إشعيا 12: 4- 5، إرميا 31: 7، مزمور 89: 2، 96: 1- 3، 105: 1-
2، 145: 6، راجع 79: 13). وهذا الإعلان يفترض جمهوراً يكون على أهبة للتجاوب
والأتحاد: إنها جماعة الأبرار (مزمور 22: 23 و 26، راجع 33: 1)، إنها القلوب
المستقيمة، إنهم المتواضعون الذين يستطيعون إدراك عظمة الله وإنشاد الحمد له
(مزمور 30: 5، 34: 3، 66: 16- 17) لا الأغبياء (مزمور 92: 7
).

وينطلق
الحمد من الاتصال بالله الحي، فيوقظ الإنسان كله (مزمور 57: 8، 108: 2- 6) ويقوده
نحو تجديد حياته. وفي سبيل تسبيح الله يلتزم الإنسان التزاماً كلياً، فإذا كان
التسبيح حقيقياً ولا ينقطع (مزمور 145: 1- 2، 146: 2، أعمال 4: 8). فهو بمثابة
تفجّر حياة: فليس الموتى الذين هبطوا إلى مقر الأموات، وإنما الأحياء وحدهم
يستطيعون أن يحمدوا الله (مزمور 6: 6، 30: 10، 88: 1- 13، 15 1: 17- 18، إشعيا 38:
18، باروك 17: 2، سيراخ 27: 17 28
).

لقد
حفظ العهد الجديد لمشاعر الاعتراف بعظمة الله هذه المكانة السائدة في الحمد. فحمد
الله على الدوام يكمن أولاً في إعلان عظائمه حولنا بحفاوة وعلى نطاق واسع (متى 9: 31،
لوقا 2: 38، رومة 15: 9، مزمور 18: 50، عبرانيين 13: 15، راجع فيلبي 2: 11
).

2. حمد وترانيم:

الحمد
ينبع من التعجب والإنبهار في حضرة الله. فهو يفترض في النفس أن تكون منبسطة
ومأخوذة: وقد تعبر عن شعورها بصرخة أو هتاف فرح (مزمور 46: 2 و 6،8: 2، 89: 16- 17،
95: 1…، 98: 4). ومن حيث إنه يجب أن يكون في العادة مفهوماً من الجماعة، فهو
يتحول بيسر وهو ينمو، إلى ترنيم ونشيد مصحوبين بالموسيقى في أغلب الأحيان وحتى
بالرقص (مزمور 33: 2- 3، راجعٍ مزمور 98: 6، 1 أيام 23: 5). إن الدعوة إلى الغناء
كثيراً ما ترد في بداية الحمد (خروج 15: 21 إشعيا 42: 10، مزمور 105: 1…، راجع
إرميا 20: 13
).

ومن
بين الألفاظ المميزة والغنية الواردة في مفردات الحمد، نجد كلمة
hillel العبرية،
التي ترجمتها بالفرنسية
louer وقد وردت في المزامير باللاتينية
لفظة

laudate (
مثلاً في مزامير 113، 117، 13). وفي أغلب الحالات يكون موضوع الحمد
أو سببه واضحاً صريحاً، وأحياناً لا يكون كذلك، إذ لا يستند التسبيح إلا على ذاته:
تلك هي الحال خاصة في الهتاف "هللويا أي "هللوا- ياه"، ومعناه
" سبحوا يهوه

"
.

هل تبحث عن  الكتاب المقدس الكتاب الشريف عهد قديم سفر العدد 16

عرف
العهد الجديد ذاته ألفاظاً جديدة للتعبير عن الحمد المرنّم، مع التركيز تارةً على
الترنيم (في اليونانية
aido: رؤيا 5: 9، 14: 3، 15: 3)، وتارة على مضمون النشيد (في اليونانية hymneo متى 26: 30،
أعمال 16: 25)، أو على العزف على الموسيقى (باليونانية
pssallo: رومة 15: 9، مزمور 18: 50، 1 كورنتس 14: 15). غير أنه في نص
كالوارد في أفسس5: 19، يبدو أن هذه الألفاظ المختلفة تتوارد متوازية. ومن جهة أخرى
في الترجمة السبعينية لفظة
hillel مترجمة في أغلب الأحيان aineo، التي نصادفها في العهد الجديد و بخاصة عند لوقا (لوقا 2: 13 و20،
19: 37، 24: 53، أعمال 2: 47، 3: 8- 9
).

3. الحمد وآخر الأزمنة:

يخص
الكتاب المقدس إسرائيل أولاً بمهمة الحمد. وهي نتيجة طبيعية لكون الشعب المختار هو
المستفيد من الوحي، وبالتالي هو الوحيد الذي يعرف الله الحق. ما فيما بعد فالحمد
أخذ شيئاً فشيئاً يصطبغ بالعالمة. فالوثنيون أيضاً يشاهدون مجد يهوه وقدرته، وهم
مدعوون إلى أن يضموا أصواتهم إلى صوت إسرائيل (مزمور 117)0 إن مزامير الملكوت لها
معنى خاص في هذا الصدد (مزمور 96: 3 و 7- 8، 97: 1، 98: 3- 4). وليس فقط شعوب
الأرض باسمها مدعوة إلى الانتباه لانتصارات الله، كما في العودة من السبي، بل
الطبيعة ذاتها تشارك في هذه الملحمة "إشعيا 42: 10، مزمور 98: 8، 148، دانيال
3: 51 – 90
.

فالطابع
العالمي يُعدَ عدته للأزمنة الأخيرة. فهذا الحمد الذي أنشدته جميع الشعوب بعد
الرجوع من السبي، ما هو إلا فاتحة للحمد العظيم المقبل الذي سينمو "على مدى
الأجيال ". إن أناشيد العهد القديم ترمز مقدماً

إلى
النشيد الأبدي يوم يهوه الذي يبدأ إنشاده الآن مع أنه دائماً مرتقباً. وإن "
الأناشيد الجديدة " في كتاب المزامير لا بد وأن تجد صداها الأخير في "
النشيد الجديد " بكتاب الرؤيا (رؤيا 5: 9، 14: 3
).

ثالثاً:
حمد وعبادة

يبدو
التسبيح في إسرائيل مرتبطاً دائماً بطقوس العبادة. غير أن هذه العلاقة تظهر
حقيقتها بوضوح أكثر، مع بناء الهيكل، حيث تكون شئون العبادة قائمة على تنظيم أقوى.
إن مشاركة الشعب في مراسيم العبادة في الهيكل أصبحت أكثر حيوية وبهجة. وعندئذٍ
بالأخص بمناسبة الأعياد" السنوية أو لدى الساعات الكبرى من حياة الشعب (تتويج
الملك، احتفال بنصر، تدشين الهيكل، الخ…) كانت تتوافر كل عناصر الحمد: الجماعة
الملتئمة، الحماسة التي تحاول الهتافات التعبير عنها: آمين، هلليلويا (1 أيام 16: 36،
نحميا 8: 6، راجع 5: 13)، اللازمات: " لأن حبه يدوم إلى الأبد… "
(مزمور 136: … عزرا 3: )، عطر، البخور، الموسيقى، والأغاني… لذلك فعلى الأرجح
لمواجهة احتياجات حمد العبادة فقد وضع العدد الكبير من المزامير والأغاني الموزعة
الآن في مجموعة مزاميرنا، ولكننا نجدها بصورة أكثر تمييزاً في المجموعات التقليدية
الثلاث: "الهلل الصغير" (مزمور 113 إلى 118)، و"الهلل الكبير"
(مزمور 136)، و"الهلل الأخير" (مزمور 146 إلى 150). وفي الهيكل يصاحب
نشيد المزامير خاصة

todah "
ذبيحة الحمد " (راجع لاويين 7: 12 000 22: 29- 30، 2 أيام 33: 16)،
وهي ذبيحة سلاميه تتبعها وجبة" مقدسة مشمولة بالفرح الكبير، يجري تناولها في
ملحقات الهيكل.

هل تبحث عن  الكتاب المقدس كتاب الحياة عهد قديم سفر المزامير 91

وفي
الأوساط المسيحية يكون الحمد أيضآ حمداً ظاهراً. والرجوع إلى مقاطع أعمال الرسل و
الرسائل (أعمال2: 46 47، 1 كورنتس 14: 26. أفسس 5: 19) يذكّر بمحافل المراسيم
الطقسية لدى المسيحيين الأوليين. وكذلك الحال في وصف العبادة والحمد السرمدي مما
يرد في كتاب الرؤيا.

رابعاً:
الحمد المسيحي

يظل
التسبيح في تداوله الأساسي كما هو بينما ينتقل من العهد القديم إلى العهد الجديد.
فيِ أنه يتميز بالطابع المسيحي أولاً لأن، ما يحركِه هو عطية المسيح. بمناسبة ظهور
القدرة الخلاصية في المسيح. هذا هو المعنى في تسبيح الملائكة والرعاة في الميلاد
(لوقا 2: 13 – 14 و 20) كما في تسبيح الجموع بعد إتمام المعجزات (مرقس 7: 36- 37،
لوقا 18: 43، 19: 37). بل هذا هو المعنى الأساسي لعبارة "هوشعنا" في يوم
الشعانين (راجع متى 21:
16 – 17، مزمور 8: 32)، وكذلك فيما يتعلق بنشيد الحمام في كتاب الرؤيا
(راجع رؤيا 15: 3
).

إن
بعض أجزاء من الأناشيد الأولية. المحفوظة في الرسائل، تردد صدى هذا الحمد المسيحي
الموجه إلى الله الآب الذي سبق وكشف عن سر التقوى (1 تيموتاوس 3: 16) والذي سيبعث
عودة المسيح (1 تيموتاوس 6: 15- 16). إله حمد يعترف بسر المسيح (فيلبي 2: 5…
كولسي 1: 15…)، أو سر الخلاص (2 تيموتاوس 2: 11- 13)، ويصبح هكذا أحياناً
إعترافاً حقيقياً بالإيمان وبالحياة المسيحية (أفسس 5: 14
).

إن
حمد العهد الجديد القائم على عطية المسيح، هو مسيحي أيضاً بمعنى أنه يصعد إلى الله
مع المسيح وفي المسيح (راجع أفسس3: 21)، إنه حمد بنوي في أثر صلاة المسيح ذاتها
(راجع متى 11: 25)، حمد موجه مباشرة إلى المسيح شخصياً (متى 21: 9، أعمال 19: 17،
عبرانيين 13: 21، أعمال 5: 9). وعلى كل فمن الحق أن نؤكد أنه منذ الآن يكون الرب
يسوع هو حمدنا.

فالحمد
الذي ينمو انطلاقاً من الكتاب المقدس كان ينبغي أن يظل دائماً فعلاً أساسياً في
المسيحية، كفيلاً بالتناغم مع الصلاة الطقسية، وانطلاقات لفظة " هلليلويا
"، وابتهالات " المجد للآب " مما يلهب النفوس خلال صلواتها، إلى حد
الاستحواذ عليها واصطفائها " للتسبيح بمجد الله، (راجع أفسس1: 12
).

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي