حمل الله

Agneau de Dieu

مقدمة

1. عبد الرب:

2. حمل الفصح:

3. الحمل السماوي:

 

 

مقدمة

تجد في كثير من كتب العهد الجديد أن المسيح يمثل بالجمل (يوحنا،
أعمال، 1 بطرس وخاصة الرؤيا) ويأتي هذا التصوير من العهد القديم على اتجاهين
مختلفين
.

1. عبد الرب:

عندما كان إرميا النبي يعاني اضطهاد أعدائه، أخذ يشبه نفسه "بحمل
يساق إلى الذبح" (إرميا 11: 19). وطبقت هذه الصورة فيما بعد على عبد الرب
الذي، إذ كان مزمعاً أن يموت ليكفر عن خطايا شعبه، يظهر "كشاة سيق إلى الذبح،
وكحمل صامت أمام الذين يجزونه- ولم يفتح فاه " (إشعيا 53: 7). وهذا النص إذ
يبين تواضع العبد وخضوعه، كان ينبئ على أحسن وجه عن مصير المسيح، على نحو ما قام
فيلبّس بتفسيره إلى خصي ملكة الحبش (أعمال 8: 31- 35). ويرجع أصحاب الأناجيل إلى
هذا النص عندما يوضحون أن المسيح "ظل صامتاً " أمام المجلس (متى 26: 63)،
وأنه لم يجب بيلاطس بشيء (يوحنّا 19: 9). ومن المحتمل أن يكون يوحنا المعمدان
أيضاً ينوّه بذلك، عندما يشير، بحسب الإنجيل الرابع، إلى يسوع قائلاً: " هوذا
حمل الله الذي يحمل خطيئة العالم " (1: 29، راجع اٍشعيا 53: 7 و 12، عبرانيين
9: 28
).

2. حمل الفصح:

عندما قرر الله أن يخلص شعبه الأسير لدى المصريين، أمر العبرانيين
بأن تذبح كل أسرة منهم حملاً صحيحاً، ذكراً، حولياً (خروج 12: 5)، وتأكله ليلاً،
وتنضح بدمه عضادتي بابها. بفضل هذه العلامة يفتديهم ملاك الهلاك عندما يأتي ليضرب
كل أبكار المصرّيين. وأثرى التقليد اليهودي هذا التقليد الأول، وأضفى قيمة فدائيّة
على دم الحمل "بسبب دم عهد الختان، وبسبب دم الفصح، قد خلصتكم من مصر" (بيركيه
ر. أليعازر 29، راجع ميخيلته، مفسراً خروج 12). إنه بفضل دم حمل الفصح قد افتدى
الله العبرانيين من عبودية مصر، فأمكنهم أن يصبحوا " شعباً مقدّساً " و"
مملكة أحبار " (خروج 19: 6) يربطهم بالله ميثاق عهد وتحكمهم شريعة موسى
.

هل تبحث عن  م الأباء كتب بستان الرهبان تدبيرات الرهبنة تدبير الروح حياة التوبة ة

إن التقليد المسيحي قد رأى في المسيح "حمل الفصح الحقيقي "
(أنافورة قدّاس الفصح في الطقس اللاتيني)، ودوره الفدائي يوضحه التعليم الخاص
بالموعوظين، وهذا ما نستشفه من رسالة بطرس الأولى التي يتردّد صداها في كتابات
القدّيس يوحنا وفي الرسالة إلى العبراييين. إن المسيح هو الحمل (1 بطرس 1: 19،
يوحنّا 1: 29، رؤيا 5: 6) الصحيح (خروج 12: 5)، أي بلا عيب ولا دنس (1 بطرس 1: 19،
يوحنا 8: 46، 1 يوحنا 3: 5، عبرانيين 9: 14) الذي يفدي البشر بثمن دمه (1 بطرس1: 18-
19، رؤيا 5: 9- 10، عبرانيّين 9: 12 – 15)0 إنه قد افتداهم هكذا من " الأرض "
(رؤيا 14: 3)، ومن العالم " الشرير المستسلم للفساد نتيجة عبادته للأصنام (1
بطرس 1: 14 و 18، 4: 2- 3) ويمكنهم من الآن فصاعداً تجنب الخطيئة (1 بطرس 1: 5 1-16،
يوحنا 1: 29، 1 يوحنا 3: 5- 9) ليكوّنوا "مملكة الأحبار " الجديدة و"الأمة
المقدسة" الحق (1 بطرس 2: 9 و10، رؤيا 5: 9- 10، راجع خروج 19: 6)، مقدمين
إلى الله عبادة روحية، نابعة من حياة لاعيب فيها (1 بطرس 2: 5، عبرانيبن 9: 14). قد
ترك المؤمنون ظلمات الوثنية ليسيروا في شر ملكوت الله (1 بطرس 2: 9) وذلك يعتبر
بمثابة خروج من الناحية الروحية. و بما أنهم، بفضل دم الحمل (رؤيا 12: 11) قد
قهروا الشيطان الذي كان يمثّله فرعون، فيمكنهم أن يرتلوا "نشيد موسى ونشيد
الحمل " (رؤيا 15: 3، 7: 109 و 14-17، 1 راجع خروج 15) هذا النشيد الذي يعظَم
أمر خلاصهم
.

يرجع التقليد الذي يرى في المسيح حمل الفصح الحقيقي، إلى بدء
المسيحيّة ذاتها. فيحث بولس الرسول مؤمني كنيسة كورنتس على أن يعيشوا كفطير في
الطهارة والحق، بما أنه "قد ذبح حمل فصحنا وهو المسيح" (1 كورنتس 5: 7).
ولا يعرض الرسول هنا تعليماً جديدا عن المسيح- الحمل، ولكنه يستند إلى تقاليد
طقسيّة خاصة بالفصح المسيحي ترجع إلى ما قبل تحرير رسالته أي قبل سنة 57. فإذا
أخذنا بعين الاعتبار الترتيب الزمني الذي يتبعه يوحنا نرى أن حادث موت المسيح ذاته
هو أساس هذا التقليد. قد أسلم يسوع للموت عشية عيد الفطر (يوحنا 18: 28، 19: 14 و31)
أي يوم تهيئة الفصح، بعد الظهر (19: 14)، في الساعة ذاتها التي تفرض الشريعة ذبح
الحملان في الهيكل. وبعد موته، لم يكسر الجنود ساقيه مثلما كسروا ساقي المصلوبين
الآخرين (19: 33). ويرى الإنجيلي في هذه الواقعة تطبيقاً لشريعة طقسية بشأن الحمل
الفصحي (19: 36، راجع خروج 12: 46
).

هل تبحث عن  م التاريخ كنيسة أنطاكية تاريخ كنيسة أنطاكية 18

3. الحمل السماوي:

وإذا احتفظت الرؤيا أساسيّاً بموضوع المسيح، الحمل الفصحي (رؤيا 5: 9-
10)، فقد أقامت تعارضاً أخّاذاً بين ضعف الحمل المذبوح والقدرة التي يقلده إياها
ارتفاعه إلى السماء. إن المسيح حمل الله في موته الفدائي، ولكنه في نفس الوقت أسد
حرّر بانتصاره شعب الله، أسير قوات الشر (5: 5- 6، 12: 11). وإذ هو يشارك الله
حالياً في عرشه (22: 1 و 3) وفي تقبل عبادة الكائنات السماوية (5: 8 و 13، 7: 10)،
ها هوذا قد تقلد سلطة إلهية. فهو الذي ينفذ أحكام الله ضد الكفار (6: 1…) و
يوقعهم غضبه في الرعب (6: 16) وهو الذي يقود الحرب " الإسكاتولوجية ضدّ قوّات
الشر المتحالفة، و ينصّبه نصره " ملك الملوك ورب الأرباب " (17: 14، 19:
16…). ولن يعود إلى وداعته الأولى، إلا عندما يحتفل بعرسه مع أورشليم السماوية،
التي ترمز إلى الكنيسة (19: 7 و 9، 21: 9) فيتحوَل الحمل حينذاك إلى راع ليقود
المؤمنين نحو ينابيع ماء الحياة التي تمنح السعادة السماوية (7: 17، راجع- 14: 4
).

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي