حمَّام
– استحمام

 

(1) الحمَّام المألوف: نادراً ما ورد في الكتاب
المقدس ذكر الاستحمام بالمعنى المألوف، أى الاستحمام لغير الطقوس الدينية، سواء في
مكان عام أو خاص، ولكن هناك حالتين تسترعيان النظر:

(أ) نزول ابنة فرعون إلى النيل لتغتسل أو
بالحري لتستحم (خر 2: 5
).

(ب) استحمام بثشبع امرأة أوريا الحثي في مكان
مكشوف حتى استطاع داود أن يراها من على السطح وهي تستحم (2صم11: 2
).

 ونظراً لتربة فلسطين الجيرية المتربة، والأحذية المفتوحة التي كان
يرتديها الشرقيون بدون جوارب، كان يجب غسل الأرجل مراراً (تك 24: 32، 43: 24، قض19:
24، 1صم25: 41، 2صم11: 8، نش5: 3… إلخ). كما كانت الحاجة الشديدة أيضاً للاستحمام
لتنشيط الجسم وبخاصة في الفصول الحارة.

ولكن
كان موضع اهتمام كتَّاب الوحي، استحمام أو اغتسال من نوع آخر، فقد كان الاستحمام
جزءاً من الطقوس الدينية، مثله مثل غسل الأيدي قبل الأكل(تك 18: 4، 19: 2، لو7: 44
).

(2) أماكن الاستحمام: كانت الأنهار والأحواض التي تتجمع
فيها مياه الينابيع هي الأماكن المألوفة للاستحمام (خر 2: 5، 2مل5: 10 … إلخ).
كما كانت في المدن الكبيرة موارد مياه مخزونة في أحواض أو بحيرات صناعية، كانت
مياهها تستخدم أحياناً الاستحمام (2صم 11: 2). ومع ذلك كما يقول بزنجر لم يكتشف أي
أثر للحمامات في البيوت العبرية القديمة بما فيها القصور الملكية. ويبدو لنا من
قصة سوسنة (في الجزء الأبوكريفي من نبوة دانيال – 13: 15) أنه كانت توجد أحواض
للاستحمام في الحدائق في بابل، وإن كانت الإشارة هنا في الغالب الى الاستحمام في
الهواء الطلق.

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس القس أنطونيوس فكرى عهد قديم سفر المزامير 27

ومن
المؤكد أن الحمامات العمومية المعروفة لدينا الآن، وكذلك أحواض الغطس من الطراز
اليوناني، لم تكن معروفة لدى العبرانيين إلى حين اتصالهم بالحضارة اليونانية . وقد
ظهرت هذه الحمامات للمرة الأولى في عصر الحضارة اليونانية الرومانية، حيث كانت
توجد دائماً في "ساحات التدريبات الرياضية". وتوجد بقايا منها إلى وقتنا
الحاضر، تدل على درجات متفاوتة من الثراء والكمال المعماري، في أماكن متفرقة من
الشرق، كما في مدن ديكابوليس وبخاصة "جرش"و "عمان"، ففيهما
أفضل الأمثلة لذلك، كما توجد أيضاً في بومبي في إيطاليا. وقد اكتشف مستر "ر.أ.س.
مكاليستر" سلسلة من غرف الاستحمام في"جازر" بفلسطين متصلة بأحد
المباني الذي يحتمل أنه كان قصر سمعان المكابي.

(3) الاستحمام عند اليونان وعند الساميين: إذا أخذنا
في الاعتبار عدم سقوط الأمطار في فلسطين، سبعة أشهر في السنة، وندرة الماء الذي لا
يقدر بثمن، والحاجة الماسة إليه في معظم أيام السنة، بل طيلة العام في بعض المناطق،
وقد نذكر كيف ينظر البدو في أيامنا هذه إلى استخدام الماء للتطهير في مثل تلك
الأمكنة والأزمنة على أنه ترف و إسراف، ومع ذلك كانت هناك ضرورة استخدامه للأغراض
الطقسية في ناموس موسى. ومن المؤكد وجود اختلاف ملحوظ في نظرة اليونانيين
للاستحمام، ونظرة العبرانيين والأسيويين بعامة إليه. ولكن بعد غزو الحضارة
اليونانية لفلسطين في عصر أنطيوكس إبيفانس، دخلت معها الأفكار والعادات اليونانية،
وبناء الحمامات التي شاعت بكثرة في عصر هيرودس الكبير(40 4 ق.م.
).

(4) التطهير الطقسي: يشير الاغتسال أو الاستحمام في
الكتاب المقدس، في غالبيته إلى الفرائض الطقسية، إلى التطهير من ملامسة الجثث أو
الأشخاص أو الأشياء النجسة، أو ملامسة الأشياء المحرمة أي المكرسة للرب بناء على
أوامره. وكان العبرانيون في العهد القديم لا يفرقون بين الاستحمام الكلي أو الجزئي،
فكلاهما كان يعبر عنه بكلمة " راهاك " وهي تشير إلى الاغتسال كما إلى
الاستحمام. ويقول " كيندي " إن " الحمّام " أصبح عند عامة
الشعب " عاملاً هاماً في العبادات الإسرائيلية ".ونقرأ عن استحمام
الأسينيين يومياً (يوسيفوس). ثم نجد يوحنا المعمدان يعمد بالغطس وكذلك فعل الرسل
أيضاً (انظر مت 3: 16، أ ع 8: 38، ر و 6: 3
).

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس القمص تادرس يعقوب عهد قديم سفر إرميا 37

(5) الاستحمام للاستشفاء: ونجد مثالاً لذلك في إنجيل
يوحنا (5: 2-7). وهناك بقايا لحمامات قديمة في "جدرة " وغيرها من
الأماكن في شرقي الأردن، كان يقصدها الكثيرون للاستشفاء. وهناك حمامات ساخنة ما
زالت قائمة بالقرب من طبرية على الساحل الجنوبي الغربي لبحر الجليل استخدمت لغرض
الاستشفاء منذ زمن بعيد جداً. ويقول أحدهم: "إن الجماهير بعامة في أزمنة
العهد القديم، بل والجديد، لم يكونوا ميالين إلى الاستحمام كثيراً، كما أنهم لم
يلتزموا بالقيام بذلك في أماكن منعزلة
".

 

 

 

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي