خصوبة

Fecondite

مقدمة

أولاً:
الدعوة إلى الخصوبة

1. الأمر والبركة:

2. حماية منابع الحياة:

3. شرائع وأناشيد:

ثانياً:
بحثاً عن ذرية

ثالثاً:
الخصوبة في المسيح

1. يسوع المسيح والأجيال البشرية:

2. حياة إيمان وخصوبة بتولية:

3. خصوبة الكنيسة:

 

 

مقدمة

إن
الله، الذي يفيض امتلاؤه خصوبة تتَجاوز كل حد، قد خلق آدم على صورته، على صورة
ابنه الواحد، الذي مع ذلك يستنفد هو وحده الخصوبة الإلهية والأبدية.

وتحقيقاً
لهذا السر، فالإنسان وهو يتولى نقل الحياة، إنما ينقل عبر الزمان، صورته الخاصة،
فيبقى على هذا النحو حياً على مدى الأجيال
".

أولاً:
الدعوة إلى الخصوبة

منذ
بدء الأزمنة يتردد دون انقطاع نداء الخالق: "إنموا واكثروا! "،
فبالخليقة تملأ الأرض.

1. الأمر والبركة:

إن
الله إذ يدعو، يمد بالوسيلة الإستجابة. وذلك هو معنى البركةِّ، التي بعد أن تغلغلت
في الأشجار والحيوانات، تؤهل الرجل والمرأة "لخلق" كائنات على صورتهما.
ولذا فإن فرح الخصوبة يجعل حواء، أم الأحياء، تهلل ساعة ولدت ولادتها الأولى،
فتقول: "لقد رزقت ولداً من لدن يهوه" (تكوين 4: 1
).

إن
كتاب التكوين هو تاريخ أجيال بني الإنسان: أنساب، حكايات، مواليد مشتهاة وأخرى
صعبة أو غير ممكنة، مشاريع زواج، مسابقة حقيقية في الولادة، أشبه بسمفونية تضاعف
الإئتلاف الأساسي الذي وضعه الرب في فجر الزمان.

إن
الرب تدخّل في هذا التاريخ بالبركات، التي فضلاً عن أرض الميعاد. تنبئ بذرية تعادل
كثرتها نجوم السماء، والرمل الذي على شاطئ البحر" (تكوين 22: 17
).

ويكون
الأمر على هذا النحو بالنسبة أيضاً إلى أورشليم ما بعد السبي، التي ترى أبناءها
يأتون نحوها من بعيد (إشعيا 49: 21، 54: 31، 60: 4 و 15، 62: 4
).

2. حماية منابع الحياة:

ثمة
روايتان تبينان، ضمن تعاليم أخرى، الاحترام الواجب أن تحاط به مصادر الحياة. لا
بجوز للمرء أن ينظر إلى عورة أبيه وإن كان سكران، تحت طائلة العقاب باللعنة (تكوين
9: 20- 27) والله بنفسه يتدخّل عندما يهدد حجر نساء الآباء. لأن سارة ورفقة هما
جدتا الشعب المختار إسرائيل: كيف يتجرأ فرعون (تكوين 12: 12- 20) أو أبيملك (تكوين
20، 26: 7- 13) على خلط أعمالهما البشرية بعمل الله؟ وإن كان أونان، في أنانيته،
يُحول مجرى زرعه ويمنعه من دفع الحياة، فهو الذي يفقد الحياة (تكوين 38: 8- 10
).

هل تبحث عن  الكتاب المقدس كينج جيمس إنجليزى KJV عهد جديد إنجيل لوقا Luke 10

3. شرائع وأناشيد:

وتأتي
الشريعة بدورها لتحمي الخصوبة البشرية بإعلان بعض المحرّمات: قواعد خاصة بمفرزات
حيض المرأة (لاويين 20: 18)؛ حماية الشابات والمخطوبات (تثنيه 22: 23- 29)، جزاءات
خاصة عن بعض الأفعال (مثل تثنية 25: 11- 12
).

حتى
ولو كانت هذه القواعد، وهي على الأرجح سابقة لموسى، قد استمدت من محرمات بحكم
الغريزة، إلا أنه يؤخذ بها مجدداً وتُوجه تبعا لحماية خصوبة الشعب المحتار. وتقرر
الشريعة: "إذا أطعت أمر الرب إلهك، يُبارَك ثمرة بطنك" (تثنية 28: 4
).

وتردد
المزامير بدورها جماعياً: "إن البنين ميراث من الرب، وثمرة البطن ثواب منه
" (مزمور 127: 3، راجع مزمور 28 1: 3، أمثال 17: 6
).

من
ذلك التحية التقليدية التي تُوجه لعروس شابة: "أنت أختنا، كوني ألوف
ربوات!" (تكوين 24: 60، راجع راعوت 4: 11_ 12
).

ثانياً:
بحثاً عن ذرية

إن
حلم كل امرئ، وقد حدته البركة الإلهة، واشتهته أمنية البشر، هو أن يُخلد اسمه بعد
الموت.

1. تعبّر عن رغبة الطبيعة رواية هي أدعى إلى
التشكيك، إلا أنها أثارت إعجاب التقليد الرباني المتأخر (تكوين 19: 30-38): إن
ابنتي لوط، وقد انفردتا مع أبيهما في مكان موحش، عرضة لأن تذبلا وتذويا دون أن
تأتيا بثمر، سولت لهما النفس بأن ينجبالهما من أبيهما نسلاً دون أن يعلم وقصة زنا
الأقارب هذا، الذي تشجبه الشريعة دون ما شك (راجع لاويين 18: 186)، يهدف إلى هجو
الموآبيين، مع شيء من التقدير لمكر بنات حواء اللواتي أتممن على هذا النحو رغبة
الخالق.

2. وشريعة زواج السلفة (تثنية 25: 5-10) تحمي ذاك
الذي مات دون ذرية (راعوت 4: 5 و 10): . فعلى أخي زوج أرملة لم تنجب ذرية، أن
يُقيم له ذرية، بشروط وقد كتبت قصة راعون لتمجيد الخصوبة، التي تكفل النسل رغم
الموت أو السبي، وهي امتداد لتاريخ تامار التي لا تتردد في أن تبدو كبنات الهوى في
سبيل أن تحقق الخصوبة، بالرغم من أنانية أخي زوجها أونان، وظلم حميها يهوذا (تكوين
38: 26، راجع راعوت 4: 12، متى 3: 1
).

3. ولمحاربة العقم كانوا يلجأون إلى التبني عن طريق
الحيلة، المقبولة شرعاً إذ ذاك، القائمة على جعل الجارية تلد على ركبتي سيدتها
بحيث تعتبر هذه الأخيرة ابناً خاصاً لها مولوداً لزوجها (تكوين 2: 16، 3: 30 …) أو
مولوداً لابنته (راعوت 4: 16- 17
).

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس تفاسير أخرى عهد قديم سفر المزامير بولس فغالى 10

ولا
تهتم جداول الأنساب كثيراً بتتبع سلسلة الأجيال " من أب إلى ابنه، ولو كانت
هبة الحياة بالطبيعة تقوم أساساً على الأبوّة، إلا أنهالا تستنفد معنى الأبوة، لأن
البركة الإلهية لا تنتقل برباط الدم فقط.

فعندما
يقص علينا كتاب التكوين كيف انتشر الناس على الأرض، فقد يجعل سلاسل الأنساب من رجل
واحد أبالمدينة أو أمة: فيرمي المؤلف إلى الشعور أنه عند منشأ الشعوب، لم يكن ثمة
تكاثر من ذرية واحدة فقط، بل وكان هناك أيضاً هجرات وزيجات وتحالفات وغزوات. ولذا
يمكن التوسع في مفهوم سلالة العنصر بإضفاء الروحية عليها: ففي ذرية إبراهيم سيأتي
بعض المهتدين فينضمون إلى صفوف السبط صاحب الامتياز.

وعلى
هذا النحو، التاريخ الكتابي هو أولاً سلالة أنساب، وطبقا لهذه النظرة في الوجود،
يكون توجيه الإنسان كله نحو المستقبل، نحو "مَن " ينبغي أن يأتي. ذلك هو
معنى الدافع الذي غرسه الخالق فيه: ليس فقط حتى يمتد شقاؤه، ولكن لكي يشاهد يوماً
في "ابنه الإنسان"، صورة الله الكاملة.

ثالثاً:
الخصوبة في المسيح

ولقد
ظهرت هذه الصورة في يسوع المسيح، الذي لا يبطل الرغبة في الخصوبة، بل يكملها
بإعطائها معناها الكامل.

1. يسوع المسيح والأجيال البشرية:

بحسب
العهد القديم، يكمل تاريخ الإنسان في ذريته (راجع تكوين 5: 1، 11: 10، 25: 19…)،
ويتجه التاريخ بأسره في قلق نحو المستقبل الذي فيه سيتحقق الموعد. فيسوع ليس له
نسل بحسب الجسد، ولكن له جدود وذرية روحية.

أ)
يأتي المسيح في ختام التاريخ المقدسس، في ملء الأزمنة (غلاطية 4: 4). وطبقالحساب
رؤيوي بكتاب أخنوخ، يفتتح يسوع الأسبوع السابع، أسبوع المسيِا، منذ بدء دعوة
ابراهيم. فربما قصد متى هذا التصور في سرده 3× 14 جيلاً يتشكل منها نسب المسيح
(متى 1: 1- 17) . ويجيء يسوع بصفته الوارث النهائي، الذي كانت الأجيال تنتظره منذ
عصور طويلة.

ب)
يحقق المسيح الشمولية العالمية، التي شرع العهد القديم في رسم خطوطها الأولى،
فيتخلل نسب المسيح، أسماء لأربع نساء لسن زوجات لآباء، بل غريبات، أو أمهات قد
أصبن في ظروف غير شرعية: تامار (تكوين 38). وراحاب (يشوع 2: 11). وراعوت (راعوت 1.
16، 12: 12) وبتشاج (2 صموئيل 11: 3). فالمسيح زهرة إسرائيل، له بين أسلافه جدود
يربطونه بأصل غير يهودي، وغير بار مما يجعله وريثاً في الوقت نفسه لمجد البشر و
خطيئتهم. إن في ذلك تناقضاً بين الخصوبة بحسب الجسد، وبين أمومة كلية الطهارة،
إلهية، هي العذراء التي تلد بقوة الروح القدس.

هل تبحث عن  شبهات الكتاب المقدس عهد جديد إنجيل متى حدوث ظلمة على كل الأرض ض

ج)
المسيح هو غاية التاريخ، لأنه آدم، الجديد، الذي يروي متى "عناصر أصله "
(متى 1: 1، وتكوين 5: 1). فقد تحقق المستقبل، من الآن فصاعدأ، في ذاك الذي كان
عتيداً أن يأتي. والماضي يجد فيه معناه. فيسوع يحقق في ولادة روحية، نقلاً أرضي
البركات الله. فيما إسرائيل ينمو بولادة أبناء بشر، كان جسد المسيح ينمو بالولادة
الروحية لأبناء الله.

2. حياة إيمان وخصوبة بتولية:

لم
يرَ يسوع من المناسب أن يجدد وصية كتاب التكوين بشأن واجب الخصوبة. وهو إذ ينفصل
عن التقليد اليهودي، الذي يباهر: "بأن عدم الإنجاب يؤول إلى إراقة دم بشري
"، سيشجع على العقم الاختياري (متى 19: 12)، بل بما هو أعمق من ذلك، مما كشف
عن معنى الخصوبة ذاتها.

لقد
كشف يسوع ذلك أولاً بالنسبة لمريم "، أنه لا ينكر جمال دعوتها للأمومة. إلا
أنه يخاطب المرأة التي تعجب لسعادة مريم بولادته، فيكشف لها معنى الخصوبة العميق: "بل
طوبى لمن يسمع كلام الله ويحفظه!" (لوقا 11 و 27
) .

إن
مريم تستحق هذه الطوبى لأنها آمنت؟ إنها بأمومتها العذراوية تكون مثالا لجميع الذين
بإيمانهم يتّحدون بالله وحده دون تحفظ.

بل
يوضح يسوع بأي معنى يكون الإيمان خصوبة روحية، إنه يبدي تجاهلاً نحو أقاربه بحسب
الجسد، فيعلن: "مَن أمي؟ ومَن هم إخوتي؟ إن كل من يعمل ومشيئة الله، فذاك هو
أخي، وأختي، وأمّي " (متى 12. 50.48//). إن الله بولادته ابنه يتمم كل قول
وكل فعل. ولذا فإن المؤمن الذي يتحد بالله يشترك في ولادة ابن الله. إن الخصوبة
الروحية تفترض بتولية الإيمان.

3. خصوبة الكنيسة:

إن
المؤمنين بتأمينهم على خصوبتهم الروحية، يشتركون في الواقع في خصوبة كل الكنيسة
بأسرها. وإن عملهم لهو عمل المرأة التي تلد، أم " الطفل الذكر (رؤ يا 12
).

ذلك
هو بادئ ذي بدء دور الرسول، كما عاشه وعلمه بولس على وجه ممتاز. إنه كأم، يلد
مجدداً في الألم(غلاطية 4: 19) ويُغذي صغاره، ويعتني بهم (1 تسالونيكي 2: 7، 1
كورنتس 3: 2)، وهو كأب وحيد، قد ولدهم في المسيح (1 كورنتس 4: 15)، ويرشدهم في حزم
(1 تسالونيكي 2: 11
).

هذه
الصور ليست مجرد استعارات، إنها تُعبّر عن اختبار حق في العمل الرسولي في الكنيسة.

إنّ
على كل مؤمن كذلك، في الكنيسة، باعتباره غصناً حقيقياً في الكرمة الحقيقية (بوحنا
15: 2 و 8)، أن يأتي بثمر"، إنه بهذه الأعمال يمجّد ينبوع كل خصوبة، الآب
" الذي في السموات (متى 5: 16
).

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي