دوثان

 

اسم
موضع معناه "البئران أو العيدان" وهو حالياً" تل دوثان" الذي
يقع إلى الشمال من شكيم، وعلى بعد نحو ستين ميلاً إلى الشمال من أورشليم، ونحو
كيلو متر من طريق حديث يمتد من السامرة إلى جنين. ويقول يوسابيوس إنها كانت تقع
على بعد اثنى عشر ميلاً إلى الشمال من السامرة . وتبلغ مساحة قمة التل نحو عشرة
فدادين، وتشرف على سهل فسيح خصيب يرتفع نحو ألف قدم فوق مستوى سطح البحر. ومن يقف
على قمة التل يرى مناظر رائعة تمتد جنوباً وغرباً في أرض منبسطة خصبة تغطيها
المزروعات وقطعان الماشية. وما زال هناك نبع غزير المياه وأحواض كبيرة لتشرب منها
القطعان الكبيرة من الأغنام والماشية في تلك المنطقة.

وتدخل
دوثان إلى مسرح التاريخ الكتابي، بقصة يوسف فقد ذهب أولاد يعقوب لرعي مواشيهم،
وذهب يوسف بناء على طلب أبيه ليفتقد سلامة اخوته،"فوجدهم في دوثان"،
فتآمروا عليه وطرحوه في أحد الآبار، ثم أصعدوه من البئر وباعوه لقافلة من
الاسماعيليين بعشرين من الفضة (تك 37: 1 34). وما زالت منطقة دوثان من أصلح
المراعي.

وقد
شاهدت دوثان بعد ذلك غزوات تحتمس الثالث فرعون مصر العظيم (1504 1450 ق.م.) حيث
يذكرها تحتمس بين المدن التي غزاها. ولكن لا تذكر دوثان في الكتاب المقدس،بعد قصة
يوسف, إلا في سفر الملوك الثاني.

ففي
القرن التاسع قبل الميلاد، كان أليشع النبي يخبر ملك اسرائيل بتحركات جيوش
الأراميين، فشك بنهدد ملك أرام في أن بعض رجاله يتجسسون عليه لحساب ملك اسرائيل،
ولكنهم أخبروه بحقيقة أن أليشع النبي هو الذي "يخبر ملك إسرائيل بالأمور التي
تتكلم بها في مخدع مضطجعك" (2مل6: 12). وإذ سمع بنهدد ذلك أرسل"خيلاً
ومركبات وجيشاً ثقيلاً،وجاءوا ليلاً وأحاطوا بدوثان، فخاف غلام أليشع، ولكن أليشع
صلى للرب، ففتح الرب عيني الغلام فأبصر وإذا الجبل مملوء خيلاً ومركبات نار حول
أليشع". ثم صلى أليشع فضربهم الرب بالعمى. فسار بهم أليشع إلى السامرة، وأمر
الملك أن يقدم لهم خبزاً وماء، "فأولم لهم وليمة عظيمة، فأكلوا وشربوا ثم
أطلقهم فانطلقوا إلى سيدهم " (2مل6: 8 23
).

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس تفاسير أخرى عهد جديد إنجيل يوحنا إبراهيم سعيد 20

ويرد
اسم دوثان بضع مرات في قصة يهوديت الاسطورية (يهوديت4: 5، 7: 3). ولكن يبدو أن
المؤلف المجهول للقصة، كان يجهل جغرافية فلسطين، إذ وضع دوثان بالقرب من سهل
اسدرالون (يزرعيل) وسلسلة جبال الكرمل وجبل جلبوع. ولكن تكرار ذكره لدوثان، يدل
على أنها كانت مدينة بارزة في أيامه (حوالي 100ق.م.
).

ولأن
دوثان كانت تقع قرب الحدود التي تفصل سبط منسي عن سهل مجدو، فكانت قريبة من طريق
القوافل الرئيسي، كما أنها كانت قريبة من مواقع الصراع على الحدود. ولوقوعها بالقرب
من جنين والحدود بين شرقي الأردن والأرض المحتلة فقد شاهدت بعض معارك 1967.

وقد
قامت تسع بعثات في الفترة من 1953 1964م بالتنقيب في موقع دوثان، تحت اشراف
"جوزيف فري
"
(Joseph P.Free)
،
وبمعاونة فريق من كلية هويتون
(Wheaton) بولاية إلينوا الأمريكية، وقد كشف
التنقيب عن نحو عشرين طبقة من عهود تاريخية مختلفة.

ففي
الفصل الأول من أعمال التنقيب تم الكشف عن إحدى عشرة طبقة من العصر الحجري المتأخر
(3000ق0م0) إلى العصر الحديدي الأول (1200 900 ق0م0). فكشف عن سور من أوائل العصر
البرونزي، يبلغ سمكه 11 قدماً عند القاعدة وتسع أقدام عند القمة، وارتفاعه ست عشرة
قدماً، وينتصب من الخارج عمودياً، ولكنه منحدر من الداخل. كما كشف عن سلالم يبلغ
عرضها ثلاث عشرة قدماً،وتتكون من ثماني عشرة درجة خارج سور المدينة، ويظن أنها
كانت تؤدي إلى الينابيع والآبار.

ووجد
في الطبقة التي ترجع إلى منتصف العصر البرونزي، هيكل عظمي لطفل عمره سنتان، دفن مع
جرتين صغيرتين وابريقين صغيرين. وهي صورة نموذجية لمنتصف العصر البرونزي. وحيث أنه
وجد موضوعاً في خندق الأساس تحت زاوية سور كبير، فالأرجح أن الطفل دفن تحت الأساس
ذبيحة للآلهة عند تدشين السور (انظر يش6: 26، 1 مل16: 34). كما أسفر التنقيب في
الفصل الأول عن نحو أربعمائة قطعة أثرية تشمل أسلحة من الصوان، وسرجاً، وطواحين
يدوية، وأثقالاً للنول، وأسلحة برونزية، ويد جرة عليها ختم "جعران"من
عصر الهكسوس، وعدداً من الجرار السليمة. والأواني والطاسات.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ن نيتي ي

وركَّز
التنقيب في الفصلين الثاني والثالث على قمة التل، فوجد في منطقة القلعة مصابيح
وعملات اغريقية، وأيادي جرار رودسية منقوش عليها باليونانية كما أن طبقة العصر
الحديدي قرب الحافة، كشفت عن "دن" أو"طست" من العصر الحديدي
الأول له أربع عشرة يداً، وكذلك عن إناء أشوري كبير من العصر الحديدي الثاني، وهو
دليل صامت على الغزوات الأشورية في القرن الثامن قبل الميلاد.

وفي
1955م. أسفر التنقيب عن جزء من سوق من العصر الحديدي الثاني عبارة عن شارع متوسط
عرضه أربعة أقدام، ويمتد طويلاً، حيث وصل التنقيب في 1956م إلى الكشف عن أكثر من
مائة قدم من امتداده. ولا تزال البيوت التي تحف به من الجانبين قائمة بارتفاع سبع
أقدام في بعض الأماكن. كما وجدت علبة للمجوهرات بها خمس عشرة قطعة معدنية، أغلبها
من الخواتم والأقراط الفضية والأساور وغيرها من الحلي.

وفي
1956م. أسفر التنقيب عن مدينة من العصر الحديدي، والدلائل فيها كثيرة عن تدميرها
بحدوث حريق كبير،وقد كشف اختبار الكربون المشع لقطعة خشب متفحمة علي انها ترجع الي
885 – 725 ق . م، كما قرر علماء جامعة كولومبيا، أي الي الوقت الذي عاش فيه النبي
اليشع. كما كشف في قمة التل عن قصر عربي مكون من 25 (خمس وعشرين) غرفة تحيط بفناء
واسع، ويرجع هذا القصر الي 1200 – 1400 م . وهناك خمس مساحات اخري منخفضة مجاورة،
كل مساحة تمثل فناء مما يحمل علي الظن بأن القصر كان يشتمل علي مائة وخمسين غرفة
.

وفي
1958 م كشف التنقيب عن مبني من طابقين، وأرضيته مغطاه بالواح حجرية .، وله مداخل من
حجارة منحوتة جيداً، وبه حجرة تملؤها ست وتسعين جرة مكسورة، من طراز واحد، وقد
وجدت بقايا العشرات منها في غرف أخري . وكان ببعض هذه الجرار حنطة ونوى زيتون .
كما كشف التنقيب في السنوات التالية عن مبنى آخر به حوض حجري كبير للماء لاستخدام
الخدم او الحراس، وأحواض حجرية يبلغ قطر الواحد منها نحو أربع عشرة قدماً، وقد
وضعت بها جرار مملوءة بالقمح. وكل هذه الدلائل تدفع الي الظن بأن المبني كان مبني
إدارياً من عهد سليمان الملك أصلاً، ثم أعيد بناؤه في 800ق.م كما كشف التنقيب عن
مبان من عهود انقسام الملكة وبعد الغزو الأشوري في 725 – 722 ق.م . حيث وجدت أواني
فخارية وجرار أشورية.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ش شكيم 1

وفي
نهاية 1959م كشف التنقيب تحت سور المدينة – ويرجع الي أوائل العهد البرونزي – في
المنحدر الغربي للتل، عن نفق ينحدر إلي مدخل كهف كبير، كما يستخدم مقبرة، يرجع إلى
عصر القضاه، وقد انهار سقفه علي أكثر من 2300 آنية فخارية، منها مصابيح ذات سبع
شعلات علي الاقل، واكثر من خمسين أداة من البرونز، منها خناجر ورؤس حراب، وخواتم
وطاسات ومصباح. وتتكون المقبرة من اربع طوابق من عصور مختلفة ما بين 1400 – 1100 ق.م.
وهي أغنى مقبرة بالمخلفات الاثرية وجدت في فلسطين حتى الآن.

 

 

 

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي