دَيْن
– دائن

 

ويذكر
في العهد القديم كثيراً وبخاصة في سفري الخروج واللاويين، حيث نجد الكثير من
القوانين والقيود بخصوص الديون والأرباح والصكوك. وكان الخروج على هذه القواعد
الكتابية موضوع شجب وتوبيخ من الأنبياء. وكان الهدف من القواعد التي وردت في
الشريعة، هو حماية كل من الدائن والمدين بسياج من النظم والضمانات.

ولم
تكن الديون في العهد القديم لأغراض أو مشروعات تجارية ضخمة، بل لمساعدة إنسان فقير
محتاج. فلم يكن الغنى ليستدين، بل الفقير. وكان الاضطرار للاستدانة، يعتبر نكبة أو
عاراً، لأنه كان يضع المدين تحت رحمة الدائن. وكان لابد أن تحمي الشريعة الفقير
والمسكين من الظلم. ويعالج العهد القديم موضوع الربح والربا بما يتفق مع الرحمة
والعدل وكانت غالبية الشعب في إسرائيل قديماً من الفقراء، لزيادة النسل وضعف
الموارد، وفداحة الضرائب، والحروب.

وقد
أمر الرب في الشريعة، أن يقرض القادر أخاه المحتاج: "أن كان فيك فقير .. فلا
تقسِ قلبك ولاتقبض يدك عن أخيك الفقير، بل افتح يدك له، واقرضه مقدار مايحتاج
اٍليه" (تث 7: 15و8). وكانت هذه الفرصة للمقرض ليظهر المحبة لأخيه المحتاج،
ويرفع عنه عبثاً ثقيلاً، وهو ما تعنيه الكلمة في العبرية. فكان أقراض الفقير يعتبر
عملاً طيباً، فالصديق: " اليوم كله يترأف ويقرض ونسله للبركة (مز21: 37)،
و"سعيد هو الرجل الذي يترأف ويقرض" (مز 5: 112). وقد نهت الشريعة أن
يأخذ اليهودي أرباحاً أو ربا من أخيه الإسرائيلي، بل كان الاقراض بدافع المساعدة
الأخوية وليس للربح، والأساس لذلك هو أنه لولا تدخل الله لظل كل الإسرائيليين
عبيداً لفرعون: "إذا افتقر أخوك وقصرت يده عندك فأعضده غريبًا أو مستوطناً
فيعيش معك. فضتك لا تعطه بالربا. وطعامك لا تعط بالمرابحة. أنا الرب إلهكم الذي
أخرجكم من أرض مصر ليعطيكم أرض كنعان، فيكون لكم إلهاً" (لا 35: 25-38، خر25:
22)، ولكن كان مسموحاً للإسرائيلي أن يُقرض الأجنبي بربا: "لا تقرض أخاك بربا،
ربا فضة أو ربا طعام أو ربا شيء ما مما يقرض بربا. للأجنبي تقرض بربا ولكن لأخيك
لاتقرض بربا لكي يباركك الرب إلهك في كل ما تمتد إليه يد …" (تث 19: 23و20
).

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ر رأس ابن هاني ي

وكانت
هناك قواعد لحماية الفقير الذي يضطر للاٍستدانة فلم يكن مسموحاً باسترهان ضرورات
الحياة، فلم يكن الدائن يستطيع أن يأخذ ثور أرملة رهناً لقرضه (أيوب 3: 24)، وٍاٍن
ارتهن ثوب المدين، فكان عليه أن يرده قبل غروب الشمس "لأنه وحده غطاؤه، هو
ثوبه لجلده. في ماذا ينام؟ فيكون إذا صرخ إليَّ إني اسمع لأني رؤوف" (خر26: 22و27،
تث12: 24و13)، "ولا يسترهن أحد رحى أو مرداتها لأنه إنما يسترهن حياة"
(تث 6: 24
).

كما
أن الشريعة لم تهمل حماية الدائن، فكان يستطيع أن يسترهن مايضمن به سداد الدين،
سواء من ممتلكات منقولة، أو ثياب أو أدوات أو غير ذلك، وتكون تحت يد الدائن. ولم
يكن شرطاً أن يكون الرهن معادلاً للدين، بل كان يكفي أن يكون مجرد دليل على أن
المدين سيوفي دينه بناء على كلمة الشرف التي قطعها على نفسه (أنظر قضية يهوذا
وثامار في سفر التكوين 12: 38-26). وكان يمكن للدائن أن يرتهن ابن أو ابنة المدين،
و يستوفي ماله من أجرة عمله أو عملها (أنظر 2مل 1: 4-7). كما كان يمكن للمدين أن
يرهن نفسه أو أن يضمنه آخر (أنظر أيوب 3: 17، أم 1: 6). وقد حذر الحكيم من ذلك (أم
26: 22و27، 13: 27
).

ولكن
في سنة الإبراء، أي في السنه السابعة، كان يسقط كل الدين ويصبح المدين خالصا تماما
(تث 1: 15-6)، كما كان يسترد كل ما سبق أن باعه أو رهنه (لا 28: 25)
.

ولكن
رغم كل هذه الشرائع، لم يسلك بنو إسرائيل بمقتضاها، وندرك من أقوال الأنبياء أنهم
أساءوا استخدام هذه الحقوق، وجعلوا من الرهائن والضمانات سوطاً على ظهور الشعب.
ففي أيام نحميا، اضطر بعض الإسرائيليين إلى رهن أبناءهم و بناتهم لإسترداد كرومهم
أو ليأخذوا قمحاً في الجوع (نح 1: 5-13). فقد أصبح الربا فاحشاً بل وباءً
إجتماعياً، مما أرهق الفقراء، كما كان الحال في الأمم المحيطة بهم. وكلمة
"أقرض" وهى في العبرية
"ناشاك" تحمل (كما هي في
العربية) معنى "يقرض أو يقضم أو يعض"، وكأنها ثعبان يقرضه بنابه، بل إن
كلمة " ربا " في العبرية وهي "نِشك" تعني فعلاً "يعض أو
يقضم" وفيها ما يغني عن كل تعليق على موقف الشريعة من الديون والقروض والربا.
وكان الدائن يقتطع ماله من المدين قبل أن يحصل المدين على رغيف واحد من المحصول،
فأصبح نظام الربا – حسب الأسلوب التجاري – من الظلم والفظاعة حتى صار الدائن
والمدين، يلعن أحدهما الآخر (إرميا 10: 15) بل كان المدين يصبح طريد العدالة كما
حدث مع الرجال الذين أتوا إلى داود في مغارة عدلام (1صم
2: 22) .

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس القس أنطونيوس فكرى عهد قديم سفر صموئيل الأول 28

وقد
بلغ من طمع اليهود وجشعهم أنه جاء في التلمود: "لو أن موسى عرف ما يمكن أن
يدره الربا لَمَا فكَّر في النهى عنه
".

لم
يسلك بنو إسرائيل حسب كلمة الله، فيقول لهم الحكيم: "المكثر ماله بالربا
والمرابحة، فلمن يرحم الفقراء يجمعه" (أم 8: 28، أنظر أيضاً حزقيال 8: 18 و13
و17، 12: 22). فبينما كان الهدف من القروض معاونة الفقير على اجتياز ظروف الاحتياج،
فإن الروح التجارية قضت على كل معاني المحبة والرحمة.

وكانت
القوانين اليونانية والرومانية بالغة القسوة على المدين، فكانت تسمح للدائن أن
يقبض على المدين ويلقيه في السجن حتى يوفي الدين، وهو ما لن يستطيعه المدين طالما
هو في السجن (انظر مثل المدينين في مت 23: 18 – 35، لو 57: 12 -59
).

ومع
أن المسيح لم يدن الربا مباشرة، بالرغم من التلميحات إليه في مثل الوزنات (مت 14: 25-30)
ومثل الأمناء (لو 11: 19 – 27)، وقوله للعبد الثالث: "كان ينبغى أن تضع فضتي
عند الصيارفة. فعند مجيئي كنت آخذ الذي لي مع ربا" (مت 27: 25)، وقد كان
الصيارفة في ذلك العهد بمثابة البنوك الآن. ولكن لا يجب اعتبار هذا موافقة من الرب
على ذلك فإننا نعلم مدى احتقاره لجمع الأموال (مت 19: 6- 21)، فالجرى وراء المال
هو عبادة له، "ولا يقدر أحد أن يخدم سيدين" (مت24: 6). كما ذكر أن
"الغني" ذهب إلى الجحيم، مكان العذاب، بينما ذهب لعازر إلى حضن إبراهيم
(لو 19: 16 -31). فقد كان المسيح صارماً في حكمه على الجري وراء المال والاتكال
على الثروة وظلم الفقراء بل كما يغفر الله لنا، هكذا يجب أن يغفر الدائن للمدين (مت12:
6
) .

هل تبحث عن  الكتاب المقدس كتاب الحياة عهد قديم سفر اللاويين 15

 ويأمر العهد الجديد: "لا تكونوا مديونين لأحد بشيء إلا بأن يحب
بعضكم بعضاً" (رو8: 13)، وأن نكون رحماء كرماء: "من سألك فأعطه ومن أراد
أن يقترض منك فلا ترده" (مت42: 5)، و"أقرضوا وأنتم لاترجون شيئاً فيكون
أجركم عظيماً وتكونون بنى العلي … فكونوا رحماء كما أن أباكم أيضاً رحيم"
(لو35: 6و36
).

 وتستخدم كلمة "دين " مجازيا في التعبير على الخطية وغفرانها
فمن يخطئ إلى أخيه إنما يخطئ إلى الله، فالطلبة "واغفر لنا ذنوبنا كما نغفر
نحن أيضاً للمذنبين إلينا" (مت 12: 6)، هي في حقيقتها: "واغفر لنا
ديوننا كما نغفر نحن أيضا للمدينين لنا"، لنا لأن كلمة "ذنوب" هنا
هي في الأصل اليوناني "أوفيليتس
"(Opheiletes) ومعناها "ديون". فالخطية ذنب أو
"دين" يجب التعويض عنه أو تغطيته كما أنها عبودية لعدم قدرتنا على
التعويض، ويلزم لنا الفداء والتحرير منها وقد تحرر المؤمن من كل دين الخطية
"بالفداء الذي بيسوع المسيح" (رو 24: 3) الذي "صار ضامناً لعهد
أفضل" (عب
22: 7)، كما أن الروح القدس هو "عربون الميراث" أو ضامن
الميراث (أف 14: 1
).

ويقول
الرسول بولس عن نفسه: "إني مديون لليونانيين والبرابرة، للحكماء والجهلاء
" (رو 14: 1). لتبشيرهم بالإنجيل. كما يقول أيضاً إننا – كمؤمنين –
"مديونون ليس للجسد لنعيش حسب الجسد" (رو 12: 8)، وأن المؤمنين من الأمم
"مديونون" "للمؤمنين في أورشليم" إذ قد شاركوهم في الروحيات،
فأصبحوا بدورهم مديونين للذين حملوا إليهم الإنجيل (رو 27: 15)، كما أن كل إنسان
مختتن " ملتزم (مديون) أن يعمل بكل الناموس " (غل 3: 5
) .

 

 

 

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي