رسل

Apotres

مقدمة

أولاً:
الاثنا عشر والرسالة

1. الرسل الاثنا عشر:

2. رسالة الكنيسة الناشئة:

ثانياً:
بولس رسول الأمم

1. سفير المسيح:

2. وضع بولس الفريد:

3. رسول الأمم:

4. فهم بولس سرّ المسيح:

ثالثاً:
رسالة المؤمنين

 

 

مقدمة

يعطي
العهد الجديد لقب "رسول" لعديد من الشخصيات: أولاً للتلاميذ الاثني عشر
الذين اختارهم يسوع لتأسيس كنيسته (متى 10: 2، أعمال 21: 14)، ثم لبولس رسول الأمم
(رومة 11: 13). ولكن يعتاد بولس أن يعطي لكل من سلوانس، وتيموتاوس (1 تسالونيكي 2:
7) وبرنابا (1كورنتس 9: 6) اللقب نفسه الذي يحمله هو. فبجانب بطرس والاثني عشر،
نرى "يعقوب وجميع الرسل" (1 كورنتس 15: 5- 7، راجع غلاطية 1: 19)، ولندع
جانباً الكلام عن عطية الرسالة (1 كورنتس 12: 28، أفسس 4: 11)، أو عن الرسل
الكذابين، أو "الرسل الأكابر" الذين يندّد بهم بولس (2 كورنتس 11: 5 و
13، 12: 11). فاستخدام هذا اللقب بهذا القدر من التوسع، من شأنه أن يشير مشكلة: ما
هي الصلة التي تربط بين هؤلاء "الرسل" المتنوعين؟ ولحل هذه المشكلة، حيث
إننا لا نجد تعريفاً واضحاً في العهد الجديد للعمل الرسولي يناسبهم جميعاً، ينبغي
أن ندرس كل الشخصيات المختلفة على حدة، بعد أن نكون قد جمعنا البيانات المتعلقة
بهذا اللفظ وبهذه الوظيفة في المجالات غير المسيحية.

فالاسم (apostolos) لا يفيد،
في التيونانية الفصحى، المعنى الذي نعطيه إياه (فيما عدا هيرودتس ويوسيفوس اللذين،فيما
يبدو، ينقلان الآسلوب المسيحي)،ولكنَ الفعل الذي يشتقّ منه
(apostello)، "يرسل
"، يعبر عن مضمونه تماماً، ونستطيع توضيحه بما يقابله في العهد القديم
والعادات الجارية في التيهودية. فالعهد القديم يتضمن إشارات إلى السفراء الذين
ينبغي احترامهم قدر احترام الملك الذي يوفدهم (2 صموئيل 10)، و يمارس الأنبياء
ارسالتيات " من النوع نفسه (راجع إشعيا 6: 8، إرميا 1: 7، إشعيا 61: 31)، ولو
أنه لم يطلق عليهم لقب رسول. إلا أن يهود مدرسة الربانيين، بعد عام 70، ألفوا نظام
المرسلين الرسميين (شليحين)، ويبدو أن هذا النظام كان مستخدماً من قبل هذه الفترة.
وتشهد بذلك نصوص العهد الجديد ذاتها. فبولس "يلتمس رسائل إلى مجامع دمشق
"، حتى يضطهد أتباع ملّة يسوع (أعمال 9: 2//): فهو مندرب شرير يحمل رسائل
رسمية (راجع أعماد 28: 21 22). وتقتبس الكنيسة هذا العرف، عندما ترسل من أنطاكيا
وأورشليم، برنابا وسيلا ومعهما رسائلهما الرسمية (15: 22)، أو عندما تجعل من
برنابا وبولس مندوبيهما (أعمال 11: 30، 13: 3، 14: 26، 15: 2). ويرسل بولس نفسه
أخوين هما رسولا

apostoloi
إلىالكنائس (2 كورنتس 8: 23). وبحسب كلمة يسوع التي لها ما يماثلها
من قبل في الأدب التيهودي، يمثل الرسول من يرسله: "ماكان عبد أعظم من سيده،
ولاكان رسول أعظم من مرسله " (يوحنا 13: 16
).

لذلك،
فإذا قدرنا الأمور بما جرى عليه العرف في تلك الحقبة، لا يكون الرسول أولاً مرسلاً،
ولا رجلاً بدفعه الروح، بل ولا حتى شاهداً: إنما هو مبعوث ومندوب، ومفوض بمطلق
الصلاحية، وسفير.

أولاً:
الاثنا عشر والرسالة

قبل
أن نعطي "الرسالة" حقاً في لقب، فهي أساساً عمل ووظيفة. إذ (نه في
الواقع، لم يطلق لقب "رسول " بصورة متميزة على الاثني عشر (متى 10: 2)،
إلا بعد مرور فترة من التطور البطيء، كما أنه لم يوضح على لسان يسوع إلا بعد فترة
متأخرة (لوقا 6: 13). ورغم هذا اللقب السامي لا يؤول إلا إلى الاثني عشر، فإننا
نرى أيضأ أن آخرين غيرهم يمارسون معهم وظيفة جديرة بأن توصف "بالرسولية
".

1. الرسل الاثنا عشر:

منذ
مطلع حياته العامة، أراد يسوع أن يتضاعف حضوره وأن ينشر رسالته بواسطة رجال يكونون
مسحاء آخرين. فهو يدعو التلاميذ الأربعة الاوّل، لكي يصبحوا صيادي بشر (متى 4: 18-
22//). وقد اختار اثني عثسر ليكونوا "معه "، ولكي، على مثاله، يبشروا
بلإنجيل ويطردوا الشياطين (مرقس 3: 14 //) ويوفدهم في إرسالتية" خاصة لكي
يتكلموا باسمه (مرقس6: 6- 13)، مزوداً اياهم بسلطانه: "من قبلكم قبلني، ومن
قبلني، قبل الذي أرسلني" (متى 4/10//)، وهو يكلفهم بتوزيع الخبز في البرية
(متى 14-19//)، ويوليهم سلطة خاصة على الجماعة التي ينبغي أن يدبروها (متى 16: 18،
18: 18). و باحتصار، يشكّل الاثنا عشر ر أسسه إسرائيل الجديد الذي سوف يدينونه في
التيوم الأخير (متى 19: 28//)، وهذا ما يرمز التيه عدد12 في الجماعة الرسولية.
وإياهم يكلف القائم من بين الأموات والحاضر معهم إلى منتهى الدهر،.كلمة إيجاد
تلاميذ له وتعميد جميع الأمم (متى 28: 2018). لذلك يظهر أنه لا بد من اختيار رسول
في محل يهوذا، حتى تعود صورة إسرائيل الجديد في الكنيسة الناشئه (أعمال 1: 15-16).
فيجب أن يكونوا شهوداً للمسيح، أي أن يشهدوا أن المسيح الذي قام من بين الأموات هو
يسوع نفسه الذي صاحبوه وعايشوه (1: 8 وا2)، وهذه هي الشهادة الوحيدة التي تضفي إلى
عملهم الرسولي- بالمعنى الأقوى- للفظ طابعه الفريد. وهكذا يصبح الاثنا عشر أساس
الكنيسة إلى الأبد: "يقوم سور المدينة على اثني عشر أساساً، على كل منها اسم
من أسماء رسل الحمل الاثني عشر" (رؤيا 21: 14
).

2. رسالة الكنيسة الناشئة:

وإن
كان الاثنا عشر هم الرسل بالمعنى الأمثل وهذا ما يجعلنا أن نقول بأن الكنيسة
" رسولية " إلا أن رسالة الكنيسة بالمعنى الأعم لا تنحصر في نشاط الاثني
عشر. فكما أن المسيح " الرسول
" apostolos "في
(عبرانيين 3: 1)، قد أراد أن يؤسس هيئة. خاصة تنشر حضوره وكلامه، فكذلك ينقل
الاثنا عشر إلى آخرين، لا امتيازهم كهيئة شهود للقيامة وهو غيرقابل للنقل وإنما
كممارسة التكليف الرسولي. ومن قبل، رأينا موسى في العهد القديم، يسلم كامل سلطاته
إلى يشوع (عدد 27: 18)، وكذلك، أراد يسوع أن يستمر التكليف الرعائي المسلم إلى
الاثني عشر خلال الأجيال: فمع احتفاظه برابطة خاصة تربطه بهم، فإن حضوره وهو قائم
من بين الأموات سوف يتجاوز بما لا نهاية، دائرتهم الضيّقة.

فمنذ
حيانه العامة، قد مهّد يسوع نفسه الطريق أمام هذا الامتداد في التكليف الرسولي.
فعلى جانب التقليد السائد الذي كان يذكر رسالة الاثني عشر، قد حفظ لوقا تقليداً
آخر، بموجبه "أقام يسوع اثنين وسبعين (تلميذاً) آخرين ثم أرسلهم…
يتقدمونه" (لوقا 10: 1). وتتضمن هذه الإرسالتية الموضوع نفسه الخاص بالاثني
عشر، والطابع الرسمي نفسه: "من سمعكم سمعني، ومن أعرض عنكم أعرض عني، ومن
أعرض عني، أعرض عن الذي أرسلني" (لوقا 10: 16، راجع متى 40: 10). ففي فكر
يسوع، لا يقتصر التكليف الرسولي إذن على الاثني عشر.

ويعمل
الاثنا عشر أنفسهم بهذه الروح، فمنذ اختيارهم متيّا، يعرفون أن عدداً كبيرأ من
التلاميذ يمكنههم توفير الشروط اللازمة: فالذي يعينه الله ليس رسولاً بالمعنى
الحصري، إنما هو شاهد يكمل الانني عشر (أعمال 1: 21- 22). وهناك رسول يستمتع بشهرة
بولس نفسه (14: 4و14)، وهناك أيضاً السبعة شمامسة الذين اختارهم الاثنا عشر،
كمعاونين لهم، فإنهم لا يسمون رسلاً (6: 61)، إلا أنهم يستطيعون مع ذلك تأسيس
كنيسة جديدة: مثل فيلبس في السامرة، رغم أن سلطته محددة من قبل الاثني عشر (8: 14-
25). فالنشاط الرسولي باعتباره تمثيلاً رسمياً للمسيح القائم من بين الأموات، ببقى
إلى الأبد مؤسساً على جماعة الاثني عشر، ولكن يمارسه جميع الناس الذين يكلفونهم
ويمنحونهم السلطة.

ثانياً:
بولس رسول الأمم

يؤيد
اختيار بولس، بطريقته الخاصة، ما ألمح التيه يسوع على الأرض، عندما أرسل الاثنين
والسبعين فضلاً عن الاثني عشر. فمن السماء، يرسل القائم من بين الأموات، بولس
بالإضافة إلى الاثني عشر، وخلال هذا التكليف الرسولي، نستطيع أن نوضح طبيعة العمل
الرسولي.

1. سفير المسيح:

عندما
يؤكد بولس مراراً أنه "دعي" ليكون رسولاً (رومة 1: 1، غلاطية 1: 15)،
حيث تراءى له القائم من بين الأموات (غلاطية 1: 16، 1 كورنتس 9: 1، 15: 8، راجع
أعمال 9: 5 و 27)، فإنه يبيَن أن أصل رسالته راجع إلى دعوة خاصة. فلم
"يرسَل" من قبل البشر (حتى وإن كان هؤلاء هم الرسل) وإنما من قبل يسوع
شخصياً. وهو يذكّر بهذا الأمر خاصة عندما يتمسك بسلطانه الرسولي: "فنحن سفراء
المسيح، وكأن الله يعظ بألسنتنا" (2 كورنتس 5: 20)، "ما أسمعناكم… لم
تتقبلوه على أنه كلام بشر، بل على أنه كلام الله" (1 تسالونيكي 2: 13).
فالغبطة لمن "قبلوه كأنه ملاك الله، بل المسيح يسوع" (غلاطية 4: 14).
فالرسل "عاملون مع الله" (1 كورنتس 3: 9، 1 تسالونيكي 3: 2). وأكثر من
ذلك، تتم خلالهم خدمة المجد الخالد (2 كورنتس 3: 117). وحتى لا يحول السفير هذا
السلطان، وهذا المجد، لصالحه الخاص، يتعرض الرسول لبغض العالم، وها هو ذا يضطهد من
أعدائه، ويسلم للموت حتى يعطي الحياة للبشر (2 كورنتس 4: 7، 6: 10، راجع 1 كورنتس
4: 9- 13
).

ومن
الناحية العملية، يمارس الرسول السلطة من حيث تعليم العقيدة، والحدمة والتدبير.
وكثيراً ما يستعين بولس بسلطته التعليمية التي تؤهله، في رأيه، لإلقاء الحرم
"على كل من عساه يبشر بإنجيل" خلاف إنجيله (غلاطية 1: 8- 9). ويعلم بولس
أنه قادر على تفويض سلطاته الخاصة إلى غيره، كما هو الحال عندما يرسم تيموتاوس
بوضع يديه عليه (1 تيموتاوس 4: 14، 2 تيموتاوس 1: 6)، الأمر الذي يستطيع هذا
التلميذ أن يقوم به بدوره (1 تيموتاوس 5: 22). وأخيراً،
يباشر الرسول بولس هذه
السلطة بمقتضىسلطان حقيقي على الكنائس التي أسسها، أو تلك التي كلف بها: فهو يحكم
ويفرض جزاءات (1كورنتس5: 53، 1تيموتاوس 1: 20) ويسوي كل الأمور أثناء مروره
مرحلياً (1 كورنتس 11: 34، 2 كورنتس 10: 13- 16، 2 تسالونيكي 3: 4)، ويعلم كيف
توجب الطاعة على الجماعة (رومة 15: 8 1، 1 كورنتس 14: 37، 2 كورنتس 13: 3)، في
سبيل الإبقاء على وحدة الشركة (1 كورنتس 5: 4). ولكنّ هذه السلطة ليست طاغية (2
كورنتس 1: 24)، و إنما هي خدمة (1 كورنتس 9: 19)، يتولاها راع " (أعمال 0 2: 28،
1 بطرس 5: 2- 5)، يعلم عند الاقتضاء كيف يتنازل عن حقوقه (1 كورنتس 9: 12). فبدلاً
من أن يثقل على المؤمنين، يعاملهم معاملة الأب، ويعطف عليهم عطف الأم (1 تسالونيكي
2: 7- 12)، ويقدم لهم قدوة في الإيمان (1 تسالونيكي 1: 6، 2 تسالونيكي 3: 9، 1
كورنتس 4: 16
).

2. وضع بولس الفريد:

في
هذا الوصف الأمثل لعمل الرسول، قد يرى بولس عن طيب خاطر، ماكان ينتظره من معاونيه،
من تيموتاوس (راجع 1 تسالونيكي 3: 2) وسلوا نس اللذين يصفهما بأنهما رسولان (2: 75)،
أو ايضاً من ستنيس وأبلس (1 كورنتس 4: 9). ولكن قد كان لبولس مكانة فريدة في نشاط
الكنيسة الرسولية، فهو رسول الأمم، وله فهم خاص لسر المسيحٍ، وإذا كان هذا الدور
الفريد في التدبير المسيحي مرتبطا بشخصه، ومن قبيل المواهب الروحية، فلا يمكن
تسليمه إلى غيره.

3. رسول الأمم:

لم
يكن بولس الأول في حمل الإنجيل إلى الوثنيين. فمن قبل، قد بشر به فيلبس السامريين
(أعمال 8)، وقد نزل الروح القدس على الوثنيين في قيصرية (أعمال 10). ولكن قد أراد
الله، أن يعين، عند نشأة كنيسته، رسولاً مكلّفاً خصيصاً ببشارة الوثنيين، بجانب
بشارة التيهود. وهذا ما طلبه بولس من بطرس أن يعترف به. لا لأنه كان يريد بذلك أن
يكون مرسلاً من بطرس: فإنه ظلّ المرسل من المسيح مباشرةً، ولكنه حرص أن يرجع إلى
رئيس الاثني عشر، حتى "لا يسعى عبثاً"، ولا يتسبب في انقسام الكنيسة
(غلاطية 1، 2
).

4. فهم بولس سرّ المسيح:

ألا
وهو "المسيح في الأمم" (كولسي 1: 27). وقد سبق وتيقن بطرس في رؤيا أنه
ليس هناك طعام نجس، أي لا يوجد شيء يفصل بين التيهود والأمم (أعمال 10: 10- 11
و18). ولكن نال بولس، بنعمة من الله، معرفة "خاصة لهذا السر" (أفسس 3: 4)،
وهو مكلف بأن يعلنه إلى الناس. وفي سبيل إتمام هذا السر، يتحمل الاضطهاد، ويعاني
الآلام ويلقى في السجن (كولسي 1: 24- 29، أفسس 3: 1- 21
).

هذه
هي النعمة الخاصة ببولس، هي غير قابلة للنقل إلى غيره. أما مهمة السفارة عن المسيح،
وحتى الوعي الروحي للعمل الرسولي، فيمكن أن يهبهما الروح لجميع الرسل (1 كورنتس 2:
6-16
).

ثالثاً:
رسالة المؤمنين

لا
نجد في العهد الجديد تعليماً صريحاً عن رسالة المؤمنين، ولكن نجد بعض وقائع تعتبر
أساساً لهذه الرسالة الخاصة. فمع أنها وظيفة الاثني عشر وبولس، فقد كانت الكنيسة
كلها تمارسها منذ أول عهدها. فعلى سبيل المثال كانت الكنيسة قائمة في أنطاكيا
ورومة قبل أن يصل التيهما أحد الرسل. وبمعنى أوسع، يشمل العمل الرسولي كل أتباع
المسيح، "وهم نور العالم وملح الأرض" (متى 5: 13- 14). ويجب عليهم
جميعاً، كل في مستواه، أن يشتركوا في نشاط الكنيسة الرسولي مقتديين ببولس والاثني
عشر، والرسل الأوّلين، في غيرتهم الرسولية.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي