زجاج

 

عُرف
الزجاج منذ أقدم العصور، وقد زعم بليني -المؤرخ- أن صناعة الزجاج جاءت وليدة الصدف
إذ حدث أن مركباً محملاً بالنطرون (نترات الصوديوم) رسا بمكان بالقرب من حيفا،
ونزل منه البحارة الفينيقيون لتجهز طعامهم، وأسندوا أواني الطبخ علي كتل من
النطرون، فانصهر من قوة النيران واختلط بالرمل (أكسيد السيليكون) وتفاعل معه في
درجة حرارة عالية مكوناً الزجاج.

 ولكن الحقيقة أن صناعة الزجاج أقدم من ذلك بكثير، ولكن نسبها اليونان
والرومان للفينيقيين لأنهم أخذوها عن الفينيقيين، ولكن الآثار المصرية تدل علي أن
صناعة الزجاج عُرفت في مصر منذ الدولة القديمة حيث اكتشفت أواني فخارية عليها طبقة
من الزجاج. وهناك قطعة من الزجاج الأزرق منقوش عليها اسم "انتف الثالث"
من الأسرة الحادية عشرة أي منذ أكثر من ألفي عام قبل الميلاد. كما يحمل أقدم إناء
زجاجي اسم "تحتمس الثالث" أي أنه يرجع إلي ما قبل 1.500 سنة قبل الميلاد.
والعلاقات الوثيقة بين مصر وسورية منذ عهد تحتمس الثالث وفتوحاته فيها، لابد
انتقلت معها صناعة الزحاج من مصر إلي سورية، وأدرك الفينيقيون ما لهذه الصناعة من
أهمية تجارية فبرعوا فيها.

 والأواني الزجاجية القديمة غير كاملة الشفافية، بل إن بعضها غير شفاف
بالمرة، حيث أنهم لم يعرفوا تنقية المواد المستخدمة من الشوائب، فأغلبها يميل لونه
إلي الخضرة والحمرة، كما أن منها الأزرق والأحمر والأصفر مما يدل علي البراعة في
تلوين الزجاج.

 وقد برع المصريين القدماء والفينيقيون في صناعة الزجاج وتلوينه حتي
استطاعوا به تقليد الأحجار الكريمة بصورة يصعب معها التمييز بينها علي غير خبير.
وقد صنع المصريون الزجاج المنقوش منذ الأسرة الثامنة عشرة، وزخرفوه بقطع من الماس،
فكانوا يحفرون الزجاج اللدن قبل أن يبرد ويطعمونه بالأحجار الكريمة والرسومات
المختلفة، ثم يدخلونه النار مرة أخرى ليصبح كتلة واحدة ثم يصقل السطح، وهكذا
وصلتنا أوان وأساور وقلائد وأحراز وغيرها، من الزجاج المنقوش (إش 3: 18, 19) في
غاية الروعة.

هل تبحث عن  الكتاب المقدس الكتاب الشريف عهد قديم سفر الأمثال 25

 والزجاج بمعناه الدقيق لا يذكر كثيراً في الكتاب المقدس، ولكنه كان ولا
شك، معروفاً للعبرانيين. ويقول أيوب عن الحكمة: "لا يعادلها الذهب ولا
الزجاج" (أي 28: 17) مما يدل علي ارتفاع قيمة الزجاج حيث جمع بينه وبين الذهب.
والأرجح أن الكأس التي كانت توضع فيها الخمر (أم 23: 31) والزقاق التي كانت تحفظ
فيها الدموع (مز 56: 8) كانت من الزجاج.

 وقد وجدت كميات كبيرة من الأواني الزجاجية الصغيرة في المقابر القديمة
في فلسطين، كان يحتفظ فيها النائحون بالدموع التي زرفوها حزناً علي الميت، وكلما
زاد عدد الأواني، كان ذلك دليلاً علي قدر الميت عند أهله وصحبه. كما وجدت أيضاً
آنية أكبر حجماً كانت تحفظ فيها الأطياب والحنوط ومواد الزينة للمرآة. ويدل تحليل
الأواني الزجاجية الفينيقية علي أنها كانت مصنوعة من السيليكا والرصاص وأملاح
البوتاسيوم أو الصوديوم وغير ذلك من المواد. كما كان يستخدم في تكوينها أملاح
المنجنيز لإخفاء اللون الأرجواني أو البنفسجي وأملاح الكوبالت للحصول علي اللون
الأزرق وأملاح النحاس للحصول علي اللون الأحمر، وهكذا.

 ويذكر الزجاج في العهد الجديد في سفر الرؤيا حيث يوصف الذهب النقي في
سور المدينة السماوية وأسسها بأنه "كزجاج نقي" أو زجاج شفاف (رؤ 21: 18,
21). كما يذكر أن "قدام العرش بحر زجاج شبة البلور" (رؤ 4: 6). كما يقول:
"ورأيت كبحر من زجاج مختلط بنار والغالبين علي الوحش وصورته… واقفين علي
البحر الزجاجي معهم قيثارات الله" (رؤ 15: 2
).

 أما المرايا المذكورة في الكتاب المقدس (خر 38: 8، 1 كو 13: 12، يع 1: 23)،
فلم تكن مصنوعة من الزجاج بل من صفائح من المعادن المصقولة جيدا مثل النحاس
والبرونز والفضة.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس قاموس الكنيسة طيب ب

 

 

 

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي