أرض
جلعاد

 

(1) يطلق هذا الاسم على الكتلة الجبلية الواقعة بين اليرموك شمالا، ووادي
حشبون جنوبا والاردن غربا، بينما تمتد إلي الصحراء شرقا. وما زال اسم جبل جلعاد
يطلق على الجبل الواقع إلي الجنوب من نهر الزرقا وشمالي السلط، الا ان هذا الموقع
لا يطابق المواصفات المذكورة عنه في الكتاب. ومن الواضح ان " جبل جلعاد
" (تث 3: 12) يشير إلي المنطقة باسرها، وهو ما ينطبق ايضا على ما جاء في نشيد
الانشاد (4: 1). ويستخدم اسم " جلعاد " احيانا للدلالة على كل منطقة
شرقي الاردن (تك 37: 25، يش 22: 9، 2 صم 2: 9.. الخ
).

(ب) تشكل ارض بإشان مع ارض جلعاد المنطقة الواقعة شرقي الاردن تمييزا
لها عن هضبة مواب (تث 3:
10، يش 13: 11، 2 مل 10: 33). وتتاخم جلعاد فى الشمال الجشوريين
والمعكيين (يش 13: 11 13). وتتكون الحدود الطبيعية هنا من غور نهر اليرموك ووادي
الشلالة. وفي عصر ما قبل الاسرائيليين، كان نهر يبوق (نهر الزرقا حاليا) والذي
يقسم المنطقة إلي قسمين، فاصلا بين مملكة " سيحون " ومملكة " عوج
" (تث 3: 16، يش 12: 1). وليس من الميسور لنا تعيين الحدود التي كانت تفصل بين
اسباط راوبين وجاد ونصف سبط منسى، ولعلها كانت تتغير بين وقت واخر (يش 13: 24 33،
ا أخ 5: 8 و 9 و 11 و 16) ومما يزيد الصعوبة ان الكثير من المدن التي نعرف اسماءها،
لم يمكن تحديد مواقعها حتى الان. على أي حال، كان الجزء الاكبر من جلعاد من نصيب
سبط جاد حتى ان " جلعاد " كانت تعني " جادا " (قض 5: 17).
وكانت تقع في ارض جلعاد " حووت يائير " او قرى يائير (قض 10: 4). اما
التقسيم الحديث للبلاد فانه يتبع الظواهر الطبيعية، فمن اليرموك إلي نهر الزرقا
تسمى مقاطعة " عجلون "، ومن الزرقا إلي ارنون تسمى " البلقع
".

 

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس د درقون ن

(ج) جيولوجيا المنطقة: ان التكوين الجيولوجى لارض جلعاد، يماثل
التكوين الجيولوجى لغربي فلسطين، الا ان طبقة الحجر الرملى التحيتة والتى لا تظهر
على السطح في غربي الاردن، تكون السفوح المنخفضة لسلسلة جبال مواب وجلعاد وتمتد
حتى اليبوق. وتغطى الجبال جزئيا طبقات من " المرل " او الطمي الغني
بكربونات الكلسيوم. وتشكل هذه الطبقات القمم الغربية للتلول المنخفضة والواقعة فوق
وادي الاردن مبإشرة، ولكنها قد تصل في الجنوب إلي ارتفاع الف قدم فوق سطح البحر
المتوسط، كما تكون قاع حوض البقيع في اقصى الشرق.

وتوجد
طبقة " المرل "، طبقة من حجر الدولوميت الصلد (حجر الرخام المتحول عن
حجر جيري) تظهر في المنطقة الوعرة المحيطة باليبوق، وفي جبل عجلون إلي ارتفاع نحو
الف وخمسمائة قدم فوق طبقة الحجر الرملي، وتكون قيعان ينابيع المياه الغزيرة، كما
تنحدر إلي وادي الاردن. كما تتسرب المياه الاتية من سطح الهضبة إلي سطح تلك الطبقة
الصماء، فتنفجر من سفوح التلال الغربية، الغدران والجداول دائمة الجريان. ولعل
المنطقة اكتسبت اسم " جلعاد " من خشونة وصلابة صخورها.

وتعلو
طبقة الدولوميت طبقة من الطبإشير الابيض الذي يتوافر في هضبة الصحراء مثلما يوجد
في السامرة والجليل الاسفل مع عروق من الصوان في طبقات ملتوية، او في شكل حصباء
متناثرة على السطح. وحيثما يكون هذا التكوين عميقا، تصبح الارض جرداء بلقعا،
ترويها بعض الابار العميقة، وهكذا تصبح الهضبة صحراء، بينما تفيض سفوح التلال
بالينابيع والجداول، ولذلك فان غربى جلعاد منطقة خصبة، اما شرقيها فمنطقة صحراوية.

(د) الجبال: يمكن ان يقال ان مرتفعات جلعاد هى حافة الهضبة الشرقية
العظيمة قبل ان تنحدر إلي الغور. ومتوسط ارتفاع هذه السلسلة هو 4.000 قدم عن وادي
الاردن، او 3.000 قدم فوق سطح البحر المتوسط، ويبلغ اقصى ارتفاع في الجنوب اذ يصل
في جبل " يوشع " إلي 3.597 قدما شمالي السلط، وهذا الجبل يشرف على منظر
رائع، فإلي الشرق منه يقع تجويف او وادي " البقيع " (وهو اصلا قاع بحيرة
عميقة) الذي ينخفض إلي عمق نحو 1.500 قدم. وإلي الشمال يوجد جبل " حكارت
" (3.408 قدم)، وإلي الغرب جبل " ريمون ". ويصل ارتفاع جبل "
الكفكافة " إلي نحو 3.430 قدما، إلي الشمال الشرقي بنحو اثني عشر ميلا. وتقبع
قلعة " الرياض " فوق قمة ارتفاعها 2.700 قدم إلي الشمال الغربي من عجلون،
حيث تشرف على مناظر شاسعة رائعة.

هل تبحث عن  الكتاب المقدس كتاب الحياة عهد قديم سفر إشعياء 27

(ه) المجاري المائية والمحصولات: يعتبر نهر اليرموك ونهر الزرقا (اليبوق)
اهم نهرين، الا انه في معظم الاودية توجد انهار مستديمة. ورغم ان تربة جلعاد ليست
غنية بالطمي البركاني مثل تربة الاراضي الشمالية او الجنوبية، الا ان الزراعة فيها
تعوض الفلاح عن تعبه، فمن الزهور ينبت الفلوكس والنرجس، كما تكثر إشجار المصطكا
والزعرور البري والخولنجان، بينما تظلل غابات البلوط الاودية المنعزلة والسفوح،
كما تظلل إشجار الصنوبر قمم الجبال. وتزدان مجاري المياه بنباتات " الدفلي
" (الاولياندر)، كما تقطع تجمعات نبات " الرتم " الابيض الصلد
رتابة الهضبة الحجرية. وفي الارض المنخفضة نجد نبات الطرفاء واللوتس واجمات
الخيزران المتموجة. فالمناظر الطبيعية في المنطقة تفوق في جمالها وفتنتها سائر
مناطق فلسطين. اما حاليا فلا تزرع الارض بدرجة كبيرة، لكنها تمد الرعاة بمراع غنية
لقطعان المإشية والغنم (نش 6: 5)
.

وقد
كان الاسماعيليون القادمون من جلعاد يحملون " كثيراء وبلسانا ولاذنا " (تك
37: 25)، فقد إشتهرت جلعاد من قديم الزمان " بالبلسان "، كما ان اللاذان
(المر) المذكور هنا هو الصمغ الناتج من شجرة تسمى باللاتينية " سيستوس
لادانيفرس

" (Cistus Iadaniferus)
والتى ما زالت تنمو بوفرة في جلعاد.

(و) تاريخ جلعاد: وقعت جلعاد بصفة رئيسية في نصيب الجاديين، بعد
انتصار الاسرائيليين عليها، وقد نجح يفتاح في صد العمونيين عنها (قض 12: 1 6). وقد
ناصرت جلعاد اولا ايشبوشث بن شاول ليكون ملكا على اسرائيل، ولكن بعد مقتله، جاء
الجلعاديون مع سائر اسباط اسرائيل إلي داود (2 صم 2: 9، 5: 1). وبعد الاستيلاء على
قلعة ربة بني عمون التي ظل العمونيون متحصنين فيها، وقعت البلاد نهائيا في يد داود
(2 صم 12: 26 31). وعندما هرب داود من وجه ابشالوم لجا إلي
" محنايم "، كما ان ذلك الامير الثائر قتل في
احدى غابات جلعاد (2 صم 17: 24، 18: 6 14)
.

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس تفاسير أخرى عهد قديم سفر المزامير بروس أنيستى 44

وامتد
التعداد الذي اجراه يواب إلي منطقة جلعاد (2 صم 24: 6). وكان لسليمان وكيلان في
منطقة جلعاد (1 مل 4: 13 19)
.

وقد
لقي اخاب حتفه مثخنا بالجراج امام " راموت جلعاد " التي سعى لاستردادها
من الاراميين (1 مل 22: 29 35). وقد اثبت الاراميون تقوقهم على اسرائيل في جلعاد (2
مل 10: 32 و 33). واخيرا اكتسح تغلث فلاسر ملك إشور البلاد وسبى كثيرين من سكانها (2
مل 15:

29) ويبدو ان هذا الامر قد ادي إلي عودة البلاد
ثانية إلي الوثنية ثم كان الوعد لاسرائيل بالعودة إلي جلعاد (زك 10: 10)
.

وفي
زمن لاحق، تعرض اليهود المقيمون في جلعاد للخطر من جيرانهم الوثنيين، فاستنجدوا
بيهوذا المكابي فغزا البلاد بعد انتصار ساحق (مكابيين الاول 5: 9 36)
.

وقد
تمتعت البلاد برخاء عميم خلال فترة حكم الرومان، وبخاصة في القرنين الثاني والثالث
بعد الميلاد، وقد تم بناء بعض المدن مثل جدرة وجرزا، وهى ما زالت تحتفظ في اطلالها
بدلائل عظمتها.

وعند
الفتح العربي تعرضت جلعاد للتدمير، وقد بذل بلدوين الاول (1118م) وبلدوين الثاني (1121م)
محاولات لاستعادة البلاد، وقد ترك الصليبيون بصماتهم في بعض القلاع الحصينة مثل
قلعتي الرباض والسلط.

وبعد
ان اعاد العرب الاستيلاء عليها، اسدل الستار على تاريخ تلك المنطقة، وفى وقت حديث
نسبيا بدا السياح يرتادونها. اما الاستكشافات الاثرية التي قام بها " صندوق
استكشاف فلسطين " فكانت قليلة القيمة.

وتوجد
إلي الشمال من اليبوق عدة قرى، وكمية لا باس بها من الزراعة. واهم القرى هي قرية
" السلط " في الجنوب، وتشتهر بالزبيب، كما ان مرتفعاتها الشاسعة
واوديتها التي تغطيها الغابات، وتتوفر فيها المياه، كانت على مدى القرون عديدة ارض
رعي للبدو.

 

 

 

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي