زنا
– زني

 

 الزنا هو الاتصال الجنسي غير الشرعي، ولم تكن الحضارات الوثنية القديمة
تؤثمه وبخاصة بالنسبة للرجل، إلا إذا عاشر زوجة رجل آخر أو مخطوبته. وهو محظور
تماماً، فالوصية السابعة من الوصايا العشر تقول: "لا تزن" (خر 20: 14،
تث 5: 18)، وبتحديد أكثر: "لا تجعل مع امرأة صاحبك مضجعك لزرع فتتنجس
بها" (لا 18: 20
).

(1) عقوبة الزنا: وكانت العقوبة الموت لكلا الطرفين:
"إذا زني رجل مع امرأة، فإذا زني مع امرأة قريبه، فإنه يقتل الزاني
والزانية" (لا 20: 10). ولم تنص الشريعة علي طريقة تنفيذ الحكم بالموت في هذه
العقوبة، ولكنها – كما يقول المعلمون اليهود – كانت تتم بالشنق. ولكن يبدو أنه في
أيام وجود الرب يسوع بالجسد علي الأرض، كانت طريقة تنفيذ عقوبة الموت هي الرجم.
فحين قدم الكتبة والفريسيون إلي يسوع امرأة أمسكت في زنا، قالوا له: "وموسي
في الناموس أوصانا أن مثل هذه ترجم
"

(يو 8: 5)، ولكن لعل تلك المرأة كانت عذراء مخطوبة لرجل، فقد نص
الناموس علي أنه في مثل هذه الحالة ترجم هي والرجل الذي اضطجع معها (تث 22: 23 و24).
ولكن في حالة المرأة المتزوجة التي تزني، كانت تقتل هي وشريكها، ولكن دون تحديد
لطريقة تنفيذ العقوبة (تث 22: 21). ويذكر حزقيال أن الرجم كان عقوبة الزانية (حز
16: 40، 23: 47)، إلا انه هنا يقرن الزنا بخطية أخري هي سفك الدم (حز 16: 38)، ومن
ثم فليس في تفسير المعلمين اليهود ما يتعارض مع قول النبي. ويمكن بالطبع أن نفترض
اختلاف العرف والعادة بتغير الأزمنة، وأنه مع ما طرأ – بمرور الوقت- من تساهل، كان
الشنق يعتبر صورة أكثر إنسانية من تنفيذ العقوبة بالرجم.

(2) المحاكمة بالتعذيب: كان الأشخاص المذنبون يتعرضون
لعقوبة الموت في حالة واحدة هي متي
"أمسكو في ذات الفعل" (يو 8: 4).
وقد أثار الربيون (المعلمون اليهود) مسألة صعوبة الحصول علي دليل شرعي مباشر علي
الجريمة. وفي حالة مجرد الشك من جانب الزوج في زوجته – بغير دليل شرعي ثابت- كانت
الزوجة تجبر بحكم الشريعة (عد 5: 11- 30) علي الخضوع- للكشف عن الخطيئة- لنوع من
التعذيب- أو ما كانوا يطلقون عليه: "حكم الله"- وهو أن تشرب المرأة ماء
اللعنة المر، وكان ماء مقدساً يوضع في إناء خزفي، ويمزج بالغبار الذي في أرض
المسكن المقدس، وبالماء الذي محيت به اللعنات التي رددها الكاهن ثم كتبها في كتاب.
وكان يطلق علي هذا الماء اسم "ماء اللعنة المر" إشارة إلي النتائج التي
تحدث للمرأة متي كانت مذنبة. ومن جهة أخري، إذا لم تظهر أعراض اللعنة علي المرأة،
كان ذلك دليلاً علي براءتها، وأن غيرة زوجها لم تكن في محلها. وتقول
"المشنا" إن هذا الحكم بتعذيب المرأة لإثبات براءتها أو إدانتها، قد
ألغاه يوحنا بن زكّاي بعد عام 70م، علي أساس أن الرجال في جيله لم يكونوا فوق
مستوي الشك في طهارتهم.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس م ماكيريون ن

(3) جريمة شنعاء: يعتبر الزنا جريمة شنعاء "لأن
هذه رذيلة، وهي إثم يعرض للقضاء" (أي 31: 11). وكان الأنبياء والمعلمون في
إسرائيل، يوبخون دائماً الرجال والنساء في أجيالهم، لانحلال الأخلاق، الذي أدي إلي
العلاقات غير الشرعية. ومن الطبيعي أنه عندما يطلق العنان لدواعي الترف واللهو،
وبخاصة في المدن الكبري، فإنها تسفر عن التسيب والإباحية. ففي ظلام المساء كان
الزاني يكمن علي باب قريبه واضعاً ستراً علي وجهه (أي 24: 15، 31: 29، أم 7: 1-
27)، وكذلك كانت تفعل "المرأة التاركة أليف صباها والناسية عهد إلهها"
(أم 2: 17). وقد واجه ناثان النبي الملك داود بخطيته مع بثشبع امرأة أوريا الحثي
ووبخة بشدة قائلاً له: "أنت هو الرجل" (2 صم 12: 7). وترنم بعدها داود
بمزمور التوبة (مز 51) نادماً متذللاً أمام الله. ويذكر إرميا أن الأنبياء الكذبة
في أيامه قد فسقوا وزنوا بنساء أصحابهم (إرميا 23: 10 و14، 29: 23
).

(4) القانون الأدبي: بينما يعالج القانون الجنائي علاقات
الزنا الثابتة فحسب، فإن القانون الأدبي يرفض رفضاً باتاً كل حالات النجاسة في
الرجل والمرأة. وبينما تعني "زنا ويزني" – في الأسفار المقدسة -أي خيانة
لعهد الزواج، فإن كتابات المعلمين اليهود تميز- من الجانب القانوني- بين الزنا
والدعارة، حيث تدين الدعارة بشدة بعبارات أكيدة. وتشمل الوصية السابعة "لا
تزن" كل حالات الدعارة. ويعتبر القلب والعين وسيليتن للخطية (التلمود
الفلسطيني). كما يعتبر فكر الخطية علي نفس القدر من الشر كفعل الخطية. ويقول أيوب:
"عهداً قطعت لعيني فكيف أتطلع في عذراء؟" (أي 31: 1). ويقول الرب يسوع: "لاتظنوا
أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء، ما جئت لأنقض بل لأكمل" (مت 5: 17)، وهو
بذلك يتفق مع التعليم الأدبي والديني عند اليهود، موضحاً القصد من الوصية السابعة
من الناموس، بقوله: "قد سمعتم أنه قيل للقدماء. لا تزن. وأما انا فأقول لكم
إن كل من ينظر إلي امرأة ليشتهيها فقد زني بها في قلبه" (مت 5: 27, 28). وكما
فعل هوشع (هو 4: 15)، سخر الرب يسوع ممن كانوا علي استعداد لإدانة المرأة، مع أنهم
هم أنفسهم يكونوا بلا خطية، لذلك قال لهم: "من كان منكم بلا خطية، فليرمها
أولاً بحجر" (يو 8: 7
).

هل تبحث عن  الكتاب المقدس تشكيل فاندايك وسميث عهد قديم سفر أخبار الأيام الأول 02

 ويتساءل البعض عن موقف الرب يسوع من هذه المرأة الخاطئة (يو 8: 1- 11).
وهو لم يتجاهل الخطية في المرأة، كما أنه لم يحكم بالموت رجماً كما كان يريد الذين
اتهموها، ولكن "الحق فيه وبخ الكذب في الكتبة والفريسيين، والطهارة فيه أدانت
الشهوة فيها" (كما يقول س . ج. رايت). كما أنه أمرها قائلاً: "اذهبي ولا
تخطئي أيضاً
".

 وكان تعدد الزوجات شائعاً في العهد القديم، ولم يكن ذلك يعد زني. أما
العهد الجديد فينهي عنه، إذ قال الرب يسوع: إن الله "من البدء خلقهما ذكراً
وأنثي. وقال من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكون الاثنان جسداً
واحداً. إذ ليس بعد اثنين بل جسداً واحداً. إذ ليس بعد اثنين بل جسداً واحدا"
(مت 19: 4- 6- انظر أيضاً 1 تس 4: 4- 6، 1 تي 3: 2 و12
).

 ورغم كل الوصايا الواضحة، فقد انتشر الزنا في العصور المختلفة، فكانت
ممارسة الدعارة جزءاً من عبادة البعل عند الكنعانيين، وكان في الكثير من المعابد
الوثنية عاهرات يمارسن البغاء "المقدس"!! كما توجد دلائل علي شيوع
الانحلال الأدبي في العهد القديم (انظر أيوب 24: 15، 31: 9، أم 2: 16- 19، 7: 5-
22، إرميا 23: 10- 14) بل كان هذا الانحلال شائعاً أيضاً في زمن العهد الجديد (انظر
مرقس 8: 38، لو 18: 11، 1 كو 6: 9، غل 5: 19، عب 13: 4… الخ
).

(5) الزنا كأساس للطلاق: لما كانت عبارة "لأنه
وجد فيها عيب شيء وكتب لها كتاب طلاق" (تث 24: 1) غير محددة، فقد اختلف الرأي
بين الربيين (معلمي اليهود) اختلافاً كبيراً حول أسباب طلاق الرجل للمرأة، فبينما
كانت مدرسة "هليل" تبيح الطلاق شرعاً لأتفه الأسباب، كانت مدرسة شمعي
تقصر الطلاق علي علة الزنا فقط وهو ما قاله الرب يسوع تماماً (مت 5: 32، 19: 9).
ومن الوجهة الأدبية كان الربيون لا يحبذون الطلاق إلا للسبب الوحيد الذي يجعل
استمرار العلاقة بين الرجل وزوجته – من الناحية الأدبية – مستحيلاً.

هل تبحث عن  كتب أبوكريفا عهد قديم أخنوخ الثانى 37

(6) الاستخدام المجازي: يستخدم الكتاب المقدس،
بعهديه، "الزنا" مجازياً للدلالة علي عبادة الأوثان والانحراف عن الحق
(انظر إرميا 3: 8 و9، حز 23: 27 و43، هو 2: 2- 13، مت 12: 39، يع 4: 4) وذلك علي
أساس أن علاقة الله بشعبه تٌشَّبه بعلاقة الزوج بزوجته (إرميا 2: 2، 3: 14 و27،
هوشع 8: 9، يو 3: 29، رؤ 19: 8 و9، 21: 2 و9). كما أن الزواج- الذي يتضمن عهداً
شرعياً ورابطة محبة- يعتبر رمزاً جميلاً لعلاقة المسيح بكنيسته (أف 5: 25 – 27
).

 

 

 

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي