سالع

 

كلمة عبرية معناها " صخرة " ، وقد ترجمت كذلك فى العدد
الثالث من نبوة عوبديا : " تكبر قلبك قد خدعك أيها الساكن فى محاجئ الصخر "
( انظر إرميا 49: 16) . والأرجح أنها حيثما تذكر فى الكتاب المقدس ، فإنها تشير
إلى عاصمة أدوم ، المدينة الحصينة فى وادى موسى التى اشتهرت باسم " البتراء "
( وهو معنى " صخرة " فى اللغة اليونانية
Petra)

وهى تقع فى شق صخرى ضيق على الطريق من وادى الملح إلى أدوم الذى يمر
بعقبة عقربيم ، وهو موقع استراتيجى يكوِّن حصناً منيعاً ( قض1: 36- والأرجح أن
المقصود " بالأموريين " هنا هم " الأدوميون " ) . وقد انتصر
أمصيا ملك يهوذا على أدوم فى وادى الملح ، وكان من المنطقى أن يتحول بجيشه إلى تلك
القلعة الحصينة (2مل 14: 7) . ومن رأس سالع ألقى بالأسرى ( العشرة الآلاف ) الذين
أخذهم من أدوم ، فماتوا جميعاً ( 2أخ 25: 12) ، " ودعا اسمها يقتئيل" ( 2مل
14: 7- ولعلها هي نفس كلمة " يقوثيئيل " 1أخ 4: 18 التى قد تعنى " وقاية
الله
" ) 

والعبارة الواردة فى نبوة عوبديا : " الساكن فى محاجئ الصخر "
، وليست إلا تصويراً حياً لجبل أدوم ، ذلك الجبل الذى يتميز بلونه الأرجواني حيث
سكن بنو عيسو ، ويمتد نحو مائة ميل بعرض عشرين ، من الحجر الرخامي والحجر الجيري
الأحمر ، ويعتبر أجمل الصخور منظراً فى كل العالم
.

والأرجح أيضا أن " سالع " فى نبوة إشعياء ( 16: 1 ، 42: 11)
تشير إلى مدينة "البتراء " العظيمة. ويقول يوسابيوس : إن " البتراء
" مدينة فى العربية فى أرض أدوم وتسمى أيضا " يقتئيل " ، اما
السوريون فيسمونها " ركيم " على اسم أحد ملوك مديان، الذى أسسها قبل عصر
موسى كما يذكر يوسيفوس . وكان الوصول إلى " البتراء " عسيراً والمحاولة
محفوفة بالمخاطر، ولكن الكثيرين من السائحين والمستكشفين زاروها فى السنوات
الأخيرة وسجلوا انطباعاتهم العميقة عن تلك المدينة الرائعة . وتنتشر أطلالها فى
مساحة شاسعة تحيط بها الجروف الشاهقة المنحوته فى الصخر ، والتى تنحدر إلى وادي
العربة فى الغرب . وهى قريبة من قاعدة جبل هور على بعد نحو خمسين ميلاً من البحر
الميت، وإلى الشمال تماماً من منتصف الطريق بين البحر الميت وخليج العقبة ، ويسمى
هذا الوادي الآن " بوادي موسى " لارتباطه عند العرب بموسى النبي. ويمكن
الوصول إليها من الجنوب الغربي بطريق شديد الوعورة، أو بالطريق الرئيسي من الشرق ،
والمدخل إليها عبارة عن شق ضيق عميق لا يستطيع أن يسير فيه فارسان جنباً إلى جنب
يسمى " السيق " أى الممر ، يبلغ طوله نحو الميل، ويجري فيه نحو الغرب
مجرى ينبع من " عين موسى
 
.
وإلى
الشرق من هذا الشق الصخري تقع قرية " إلجى" ، وهى التى يذكرها يوسابيوس
باسم " جايا
" ( Gaia) . وباجتياز هذه
القرية ، يشق الممر طريقه فى غور متعرج تكتنفة أسوار عالية من الصخور . وعند نهاية
الممر يؤخذ المرء بمنظر فى الغاية من الجمال والروعة ، مناظر هيكل وقبور ، ومسرح
عظيم .. جميعها منحوته في الصخر بمهارة فائقة ودقة بالغة ، استعصت علي عوامل الزمن
ايناب الدهر ، فالكثير من النقوش تبدو وكأنها حفرت بالأمس فقط . ويكفي لإدراك
ضخامة هذا العمل ، ان نعرف المسرح قطره 117 قدماً ، وكان به ثلاثة وثلاثون صفاً من
المقاعد التي كانت تتسع لأكثر من ثلاثة آلاف متفرج
.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس و ولول يولول ل

كان من المستحيل تجاهل مثل هذا الموقع الرائع ، في العصور القديمة ،
بل كان من الطبيعي أن تقوم به مدينة عظيمة . وقد برزت عظمتها في عهد النبطيين في
القرن الرابع قبل الميلاد ، وبدأت تلعب دوراً هاماً في التاريخ ، فكانت مركزاً
هاماً للقوافل التجارية من الجنوب والغرب والشمال والشرق ، فكانت تسيطر على الطرق
عبر الصحراء إلى الخليج العربي . وظلت في قبضة النبطيين حتي استولي عليها الرومان
في 106 م ، وأطلق عليها الامبراطور هادريان اسمه فدعاها " هادرياناً " ،
ولكن سرعان ما اختفي هذا الاسم وغلب عليها اسم "البتراء" (أي الصخرة) . وقد
رأت أيامها الذهبية تحت الحكم الروماني حيث استأنفت دورها التجاري البارز . ولكنها
بدأت تفقد أهميتها الاقتصادية في أواخر القرن الثالث ، ثم أفل نجمها بزوال سلطة
روما من تلك الأصقاع في منتصف القرن السابع ، حتي نُسي موقعها تماماً منذ نهاية
القرن الثالث عشر إلى أن أعاد اكتشافه "بوركهارت
" (Burchhardt)  في 1812 م .

وتقول بعض التقاليد القديمة إن الرسول بولس زار البتراء في أثناء
إقامته في "العربية" (غل 1 : 17) ، ولكن لا يوجد دليل ثابت علي ذلك . وكان
يحكم دمشق في أيامه "الحارث" أحد الملوك النبطيين . وقد دخلتها المسيحية
منذ القرن الأول عن طريق القوافل العابرة بها ، وأصبحت مقراً لأسقفية مسيحية في
القرن الرابع

.       

وقد أسفرت الحفريات الأثرية فى "رأس أم بيارة" فى البتراء
فى 1929،1933 ، 1934
  عن اكتشاف بقايا
فخارية من عهد الأدوميين، ما رجح لدى العلماء أنها هى " سالع" المذكورة
فى الكتاب المقدس . وترتفع " أم بيارة " نحو 3.700 قدم فوق سطح البحر
أعلى السهل الذى تقوم عليه مدينة " بترا" الرومانية . وتشرف على المنظر
الجميل لوادي عربة إلى الغرب . وقد كشفت الحفريات الأثرية لقمة تلك القلعة
الطبيعية فى 1960 ،1963 ،1965 ، عن أن الأدوميين قد سكنوها منذ أواخر القرن الثامن
قبل الميلاد . ومما عثر عليه بها ، خاتم باسم " قوص جابر " ملك أدوم
الذى كان معاصراً لمنسى ملك يهوذا. وتتفق بقايا مباني النبطيين مع ما ذكره المؤرخ
ديودور الصقلى، بأن النبطيين قد احتلوا القلعة وردوا عنها أنتيجونوس فى 312 ق .م
.

هل تبحث عن  ئلة مسيحية التقليد الكنسى 1

وحيث أنه لم يُعثر على بقايا ترجع إلى ما قبل القرن الثامن قبل
الميلاد فى " أم بيارة"، رأى بعض العلماء أنه يجب البحث عن موقع آخر "
لسالع " المذكورة فى الكتاب المقدس ، واقترحوا قرية صغيرة فى أدوم على بعد
ثلاثين ميلاً إلى الشمال من " البتراء " بالقرب من " بوصيرة "
( أو " بصرة " ) تسمى " سالع
وبالقرب منها مرتفع صخرى شديد الانحدار لا يمكن الصعود إليه إلا من
طريق واحد . وتدل البقايا التى التقطت من فوق سطح ذلك الموقع، على أنها ترجع إلى
تاريخ أقدم من تلك التى وجدت فى " أم بيارة " ، ويبدو هذ1 الموقع أكثر
انطباقاً – من الناحية الجغرافية – عن موقع البتراء
.

 

 

 

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي