سراكوسا
كانت مدينة هامة أسسها المستعمرون الكورنثيون فى 734ق.م وتبرز
سراكوسا في التاريخ فى حكم "جلون" الطاغية (Gelon – 540 – 478 ق.م) . وقرب نهاية حكمه ،
استطاع "جلعون" أن يهزم القرطاجنيين في "همرا" (في 480 ق.م) ،
وهي نفس السنة التي حدثت فيها معركة سلاميس الشهيرة) . وبذلك أصبحت سراكوسا أهم
مدينة – بعد قرطاجنة -في القسم الغربي من البحر المتوسط ، وبدأت عصرها الذهبي . وخلف
"هيرون الأول" (Hieron) "جلون" وحكم
عشر سنوات ، امتد في أثنائها نفوذ سراكوسا إلى أيطاليا نفسها . وعندما فشلت الحملة
الأثينية على سراكوسا (415 – 413 ق.م) ارتفعت سراكوسا إلى ذروة قوتها العسكرية
ومجدها.
وفي حكم ديونيسيوس الأول (430 – 367 ق.م) بدأت سراكوسا تفقد هيبتها ،
وأصبحت تعاني من حكم دكتاتوري سافر . وعجز ديونيسيوس عن تحقيق مطامعه في طرد
القرطاجنيين من الجزيرة ، إذ تعرض للهزيمة على أيديهم بضع مرات ، مما اضطره لعقد
بضع معاهدات ليتجنب انقضاض القرطاجنيين عليه.
وأصبح ضعفها واضحاً في حكم ديونيسيوس الثاني ، الذي كان أفلاطون
العظيم ، قد حاول عبثاً أن يعلّمه أصول الحكم . ثم جاء "تيمولون" (Timoleon) الذي استعاد للمدينة نوعاً
من الحكم الدستوري ، ورد المهاجمين القرطاجنيين على أعقابهم . ولكن المدعو "أغاثوكليس" (Agathocles) قضى على ما كان قد عمله
تيمولون ، ونصب من نفسه ملكاً ، ومات في 289 ق.م وكان موته بداية النهاية لعظمة
المدينة.
وبدأ الرومان يهتمون بجزيرة صقلية بعد منتصف القرن الثالث قبل
الميلاد ، فقد كانت الجزيرة بالغة الأهمية كقاعدة حربية لكلا الطرفين في الحرب بين
روما وقرطاجنة . ونشب الصراع بين المشايعين لروما والمشايعين لقرطاجنة في المدينة .
وهكذا أصبحت سراكوسا ، بل كل الجزيرة ، ميداناً للمعركة . وبعد حصار رهيب للمدينة –
التي كان يشارك في الدفاع عنها عالم الطبيعة الشهير "أرشميدس" ويمد
المدافعين باخترعاته المتعددة – استطاع القائد الروماني "مارسيليوس" (Marcellus) أن يستولى على المدينة في 212
ق.م وهكذا أصبحت سراكوسا مدينة رومانية . ولكنها ظلت أعظم مدن الجزيرة ومقر حاكمها
. وقد أرسل إليها أوغسطس قيصر في 21ق.م بعض المستعمرين ، وجعل من المدينة مستعمرة
رومانية . وكان شيشرون يقول عنها : "إنها أعظم المدن اليونانية وأجملها"
. وفي 280م اجتاحها الغزاة من الفرنجة ونهبوها . ولا نعرف كيف دخلتها المسيحية ،
ولكن يوجد بها مجموعة كبيرة من السراديب التي تشهد على دخول المسيحية إليها في وقت
مبكر . وقد قضى الرسول بولس بالجزيرة ثلاثة أيام عندما حملته إليها من مالطة سفينة
اسكندرية موسومة بعلامة الجوزاء . ومن هناك سافر إلى ريغيون ومنها إلى بوطيولي (أع28:
12).