ألسنة
من نار

 

"ولما حضر يوم الخمسين، كان الجميع معاً بنفس
واحدة . وصار بغتة من السماء صوت كما من هبوب ريح عاصفة، وملأ كل البيت حيث كانوا
جالسين . وظهرت لهم ألسنة منقسمة كأنها من نار واستقرت على كل واحد منهم . وامتلأ
الجميع من الروح القدس، وابتدأوا يتكلمون بألسنة أخرى كما أعطاهم الروح أن
ينطقوا" (أع 2: 1-4)
.

لقد
وعد الرب تلاميذه بعد القيامة قائلاً لهم: "ها أنا أرسل إليكم موعد أبي،
فأقيموا في مدينة أورشليم إلى أن تلبسوا قوة من الأعالي (لو 24: 49)، وكرر لهم هذا
الوعد الكريم قبيل صعوده، قائلاً لهم: "لكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس
عليكم، وتكونون لي شهوداً في أورشليم وفي كل اليهودية والسامرة وإلى أقصى
الأرض" (أع 1: 8)
.

وفي
اليوم الخمسين بعد عيد الفصح، أي في اليوم الأول من الأسبوع، حل الروح القدس على
التلاميذ المجتمعين بنفس واحدة، بقوة . وقد "صاحب ذلك بعض الظواهر الخارقة
للطبيعة، وهي ثلاث ظواهر: فقد صار بغتة صوت من السماء "مندفعاً" كما من
هبوب ريح عاصفة" دون أن تكون هناك ريح . فالذي "ملأ كل البيت" هو
الصوت وليس الريح . وكان الصوت شيئاً غير مرئي، ولكنه كان مسموعاً للجميع . ثم رأت
العيون "ألسنة منقسمة

(أي متفرقة) كأنها من نار، واستقرت على كل واحد
منهم"، فكان كل واحد منهم نصيبه مثل الآخرين تماماً . "وكأنها من
نار" تشير إلى مظهر الألسنة، وليس إلى أنها كانت من نار مشتعلة فعلاً، ولكنها
تصور الموهبة العجيبة التي مُنحت للتلاميذ المجتمعين في ذلك اليوم، فأضرمت فيهم
القوة والغيرة والشجاعة للكرازة بالإنجيل بكل مجاهرة.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس م محبرة دواة الكاتب ب

ويرى
البعض بعض وجوه الشبه بين ما حدث عند ظهور الرب على جبل سيناء، عند إعطاء الناموس،
وبين ما حدث عند حلول الروح القدس على التلاميذ في يوم الخمسين، ولكن وجوه
الاختلاف أكثر وضوحاً، إذ نقرأ في الرسالة إلى العبرانيين أن إعطاء الناموس صاحبته
نار "وضباب وظلام وزوبعة وهتاف بوق، وصوت كلمات استعفى الذين سمعوه من أن
تزاد لهم كلمة" (عب 12: 18 و 19)، كما أنه في جبل سيناء حدثت "رعود
وبروق وسحاب ثقيل على الجبل .. .. فأرتعد كل الشعب .. وكان جبل سيناء كله يدخن، من
أجل أن الرب نزل عليه بالنار . وصعد دخانه كدخان الأتون، وارتجف كل الجبل جدّاً (خر
19: 16-18) . ولم يحدث شيء من هذا في يوم الخمسين، فقد حل الروح القدس على
التلاميذ بنعمته الكاملة وقوته الإلهية معلناً الغفران للجميع بدم المسيح . وفي
سيناء تكلم الله بلغة واحدة، أما في يوم الخمسين، فقد تكلم الروح القدس (من خلال
التلاميذ) بلغات كثيرة

(أكثر من خمس عشرة لغة، حسب الشعوب المذكورة في
أع 2: 9-11)، فقد كان الناموس لشعب واحد، أما الإنجيل فلجميع الشعوب، لكل الجنس
البشري.

 

 

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي