هيكل هيرودس

 

(3)
هيكل هيرودس

 

لم يكن الهيكل الــذي بُني بعد العودة من السبي البابلي ، من الفخامة بالصورة التى ترضى طموح رجل مغرم بالمظاهر مثل هيرودس الكبير ، وبناء على ذلك شرع في إعادة بناء الهيكل على صورة أفخم ، ويبدو أن ما دفعه إلى ذلك كان محاولة منه لكسب رضاء اليهود على ملكهم الأدومي . وما قام به هيروددس كان إعادة بناء للهيكل ، فليس من السهل أن يقال عنه إنه ” هيكل ثالث ” ، لأن هيرودس نفسه قال إنه إنما أراد أن يوسِّع هيكل زربابل ويجمِّله . وبعد أن قام بالتجهيزات اللازمة ، شرع في البناء في السنة العشرين من حكمه ( 19 ق.م. ) في وجه معارضه شديدة . ولكي يرضي اليهود ، أمر بتدريب ألفاً من الكهنة على أعمال قطع الأحجار والنجارة وأعمال الديكور ، حتى لا تمتد يد غير طاهرة إلى البناء المقدس . وأكمل العمل فى المقدس الرئيسى فى خلال 18 شهراً ، أما باقي الأبنية فقد ظل العمل جاريا فيها في زمن الرب يسوع المسيح ( ارجع إلى يوحنا 2 : 20 ) ، ولم تكمل تماماً الإ في عام 64 م. فى عهد أغريباس الثاني ، أي قبل تدميره نهائيا بست سنوات فقط
.

وقد قام بتسوية المساحة اللازمة لإقامة الهيكل فوقها ، وبلغ طولها من الشمال للجنوب 054 متراً ، ومن الشرق إلى الغرب 300 متر ، وأحاط هذه المساحة بسور من حجارة ضخمة ، طول الحجر الواحد خمسة أمتار وارتفاعه متر ( ارجع إلى مرقس 13 : 1 ) . وفي الركن الجنوبي الشرقي الذي يطل على وادي قدرون ، كان الفناء الداخلى يرتفع نحو 45 متراً فوق الصخر . ولعل المتراس فوق هذا الركن كان هو المعروف بجناح الهيكل ( مت 4 : 5 ) . ومازالت بعض أجزاء من هذا الحائط قائمة . وكان يخترق السور الشمالي بوابة واحدة ، ولكن يبدو أنها لم تكن تستخدم ، كما توجد بوابة أخرى في السور الشرقي . ومازالت تُرى بقايا هاتين البوابتين ، وكانت ترتفع من هاتين البوابتين منحدرات مائلة تؤدى إلى الفناء الأعلى . وكانت هناك أربع بوابات في الجهة الغربية ، كان يصل إليها القادم عبر جسور فوق وادي التيروبيون . وفي الركن الشمالي الغربي كانت تقوم قلعة أنطونيا تطل على الفناء . وكانت هذه القلعة هي مقر الوالي فى أثناء إقامته في أورشليم ، وكانت الحامية العسكرية المقيمة فيها ، على استعداد دائم لقمع أي شغب فى الهيكل ( ارجع إلى لو 13 : 1 ، أع 21 : 31 – 35 ) . وكانت ملابس رئيس الكهنة تخزن فيها أيضاً ضماناً للخضوع
.

وكان الفناء الخارجي للهيكل محاطا برواق داخل الأسوار . وكما يصفه يوسيفوس : كان في الرواق الجنوبي أربعة صفوف من الأعمدة ، وكان يسمى الرواق الملكى . أما الأورقة في الجوانب الأخرى فكان بكل منها صفان فقط . وكان رواق سليمان يمتد على الجانب الشرقي ( يو 10 : 23 ، أع 3 : 11 ، 5 : 12 ) . وكان الكتبة يلقون دروسهم ويعقدون محاوراتهم في أبهاء الأعمدة ( لو 2 : 46 ، 19 : 47 ، مر 11 : 27 ) . أما الباعة والصيارفة فكانت لهم موائدهم ( يو 2:11-16) لو 19 : 45 و 46 ) . وكانت المنطقة الداخلية ترتفع قليلا عن فناء الأمم ويحيط بها درابزين
.

وكانت هناك لوحات مكتوب عليها باليونانية واللاتينية لتحذير الأمم من اختراق هذا السياج ، إذ كانت عقوبة ذلك الموت . وقد اكتشفت اثنتان من هذه اللوحات . وكانت هناك أربعة أبواب في كل من الجانبين الشمالي والجنوبي ، وواحد في الشرق ، وكان لهذا الباب مصاريع مزخرفة من نحاس كورنثوس ، ولعله هو الباب الذي كان يطلق عليه ” الباب الجميل ” ( أع 3 : 2
) .

وكان في الفناء الداخلي ( فناء النساء ) صناديق للعطاء اللازم لخدمات الهيكل ( مر 21 : 14 – 44 ) . أما الرجال فكان مسموحاً لهم بالدخول إلى فناء إسرائيل الذي كان يرتفع عن مستوي فناء النساء . وفي أيام عيد المظال كان يمكنهم الدخول إلى الفناء الداخلى ( فناء الكهنة ) للاقتراب من المذبح الذي كان مبنيـا من حجارة غير منحوتة ، وعلى بعد 22 ذراعاً من الرواق ( ارجع إلى مت 23: 35
) .

وكان الرواق مربعاً طول ضلعه 100 ذراع ، وارتفاعه 100 ذراع ، والمدخل باتساع عشرين ذراعاً ، وارتفاعه أربعون ذرعاً . وكان الباب المؤدي إلى المقدس أربعين ذراعاً طولاً ، وعشرين ذراعاً عرضا ، وكان يفصل بين القدس وقدس الأقداس الحجاب ( ( مت 27 : 51 ، مرقس 15 : 38 مع 2 أخ 3 : 14 ) . وكان قدس الأقداس مربعا ، طوله عشرون ذراعاً وعرضه عشرون ذراعاً ، وارتفاعه أربعون ذراعاً . وكانت هناك حجرة خالية فوق القدس وقدس الأقداس ترتفع إلى ارتفاع الرواق ، أي إلى مائة ذراع . وكانت تحيط بالجوانب الشمالية والجنوبية والغربية حجرات من ثلاثة طوابق لارتفاع أربعين ذراعاً . وكانت هناك شبكة من الأشواك الذهبية لمنع الطيور من أن تحط على سطح الهيكل
.

وقد دمر تيطس القائد الروماني هذا الصرح الفخم في 70 م، وأخذ معه المنارة الذهبية ، ومائدة خبز الوجوه وغيرها غنيمة معه إلى روما ، كما هو مبين على قوس تيطس بروما
.

 

 

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي