هيرودس أنتيباس

 

(3)
هيرودس أنتيباس ( 6 – 39م
)

 

(1)
كان هيرودس أنتيباس شقيق أرخيلاوس الأصغر ، ويقول عنه ” سكورر ” فى تاريخه عن الشعب اليهودى ، أنه كان ماكراً طموحاً مترفها ، ولكنه لم يكن فى قدرة أبيه ، وقد قال عنه الرب يسوع : ” امضوا وقولوا لهذا الثعلب : ها أنا أخرج شياطين وأشفي اليوم وغداً وفي اليوم الثالث أكمِّل ” ( لو 13 : 32 ) . فقد كانت أدارته للأمور تتميز على الدوام بالدهاء والأجرام
.

(2)
كان أبوه يفكر فى أن يعينه ملكا يحكم المنطقة التى كان يحكمها أرخيلاوس والتى كانت تتكون من نصف مملكته ، لكنه غير وصيته واكتفى بأن عينه رئيس ربع على الجليل وبيرية ، أى علي ربع المملكة ، ثم بعد ذلك صادق قيصر على الوصية وعين أنتيباس رئيس ربع ( لو3 : 1 ) . وقد عُثر على قطعة من النقود باسم ” هيرودس أنتيباس ” ، سُكت فى عام 33 م ، منقوش على أحد وجهيها : ” هيرودس رئيس الربع ” ، وعلى وجهها الآخر ” طبرية ” باعتبارها العاصمة
.

(3)
زوجاته : تزوج هيرودس أنتيباس أولاً من ابنة أريتاس ( الحارث ) ملك النبطيين ، ولكنه كان على علاقة بهيروديا امرأة أخيه غير الشقيق ، فيلبس الأول رئيس الربع ، وكان أنتيباس ضيفا عليه فى روما ، ورغم أن أنتيباس وهيروديا كانا كلاهما متزوجين ، إلا أنهما تنكرا لالتزاماتهما ، وعاشا معاً كزوج وزوجة ، وكانت هيروديا حفيدة لهيرودس الكبير وبنت أخ هيرودس أغريباس الأول وزوجة لعمها غير الشقيق فيلبس الأول ( الرجا الرجوع إلى شجرة أسرة هيرودس ) وقد أصرت هيروديا على أن يطلق أنتيباس زوجته الأولى ابنة الحارث ، فطلقها
.

(4)
أنتيباس ويوحنا المعمدان : نجد شيئاً عن السلوك الفاضح لهيرودس أنتيباس وهيروديا في الأناجيل الثلاثة الأولى ، وذلك عن توبيخ يوحنا المعمدان لهيرودس أنتيباس ( مت 14 ، مرقص 6 ، لو 3 ) . وقد كتب يوسيفوس عن ذلك بأكثر تفصيل . وقد ظل يوحنا يقول لهيرودس : ” لا يحل أن تكون لك امرأة أخيك ” ( مرقس 6 : 18 ) . ويقول لوقا البشير : ” أما هيرودس رئيس الربع ، فإذ توبخ منه لسبب هيروديا امرأة فيلبس أخيه ، ولسبب جميع الشرور التي كان هيرودس يفعلها ، زاد هذا أيضاً على الجميع أنه حبس يوحنا فى السجن” ( لو 3 : 19 و 20
) .

ويذكر متى ومرقس ابنة هيروديا ، ولكنهما لا يذكران اسمها ، ولكن يوسيفوس يذكر أن اسمها كان ” سالومى ” . وكان الحفل الذي رقصت فيه سالومي ابنة هيروديا هو حفل عيد ميلاد هيرودس . ولأن هيروديا كانت قد أنجبت سالومي من عمها هيرودس فيلبس ، كان ذلك مانعا شرعيا من أن تتزوج هيروديا زوجا آخر ، حسب الشريعة اليهودية طالما كان زوجها الأول حيا . وكان زواج هيرودس أنتيباس منها زواجا لا تقره الشريعة اليهودية . ولأنها كانت يهودية من البيت الملكي ، وكان هيرودس أنتيباس ملكا لليهود ، كان من العار أن يتزوجا زواجا مخالفا تماماً للشريعة اليهودية ( لا 20 : 21
) .

وإذ رقصت سالومي فى حفل عيد ميلاد هيرودس رقصا أرضاه ، ” وعد بقسم أنه مهما طلبت يعطيها . فهي إذ كانت قد تلقنت من أمها ، قالت : أعطنى ها هنا على طبق رأس يوحنا المعمدان … فأرسل وقطع رأس يوحنا فى السجن . فأُحضر رأسه على طبق ودُفع إلى الصبية ، فجاءت به إلى أمها ” ( مت 14: 6 – 12 ) . وهكذا ثأرت هيروديا من يوحنا ، الرجل الذي قال عنه الرب إنه : ” لم يقم بين المولودين من النساء أعظم من يوحنا المعمـــدان ” ( مت 11 : 11 ، لو 7 : 28 ) . وهكذا أخرس العدو ” صوت الصارخ فى البرية ” ، ” وجاء تلاميذه ورفعوا الجسد ودفنوه ، ثم أتوا وأخبروا يسوع ” (مت 14 : 12
) .

(5)
خيانات أنتيباس : فى 39 م ، كان يجلس على عرش روما الإمبراطور كايوس كاليجولا ( منذ سنتين ) ، وسرعان ما اكتشف حقيقة أخلاق هيرودس أنتيباس ، فقد نما إلى علمه أن أنتيباس يتآمر مع ضابط رومانى اسمه ” سيجانوس ” ، بالتعاون مع ملك فرتيا ، ضد الإمبراطورية الرومانية ، وقد جمع سلاحاً يكفى لتسليح سبعين ألف جندي ، فاستدعى ” كاليجولا ” ” أنتيباس ” لمحاكمته ، وفى تلك الأثناء كانت هيروديا تدفع هيرودس أنتيباس للذهاب إلى روما للمطالبة بمنحه لقب ملك ، كما كان أنتيباس يغار من ابن أخيه هيرودس أغريباس الأول الذي منحته روما لقب ملك . وكان دائماً يعيِّرأغريباس بفقره قبل أن يصبح ملكا . وكان أغريباس على علاقة وثيقة بالإمبراطور ، ونقل إليه تحركات عمه أنتيباس . وأخيراً اضطر أنتيباس للذهاب إلى روما – على غير رغبة منه – ليطلب من الإمبراطور أن ينفذ وصية أبيه ( هيرودس الكبير ) الأولى . وفى نفس الوقت أرسل هيرودس أغريباس الأول أحد رجاله المدعو ” فرتوناتس ” إلى روما يحمل وثائق الاتهام ضد عمه ، ثم لحق به أغريباس نفسه فى خلال أيام قلائل لمواجهة أنتيباس بالاتهامات والأدلة . وفى المقابلة الأولى لانتيباس مع الإمبراطور ، دخل فرتوناتس وسلَّم الرسائل للإمبراطور ، وهنا وصل أغريباس ، وعرف الامبراطور كل الاتهامات ، وواجه بها أنتيباس ، فلم يستطع أن ينكرها واعترف بذنبه
.

(6)
خلع أنتيباس : وإذ أقر انتيباس بخيانته ، خلعه كاليجولا من رئاسة الربع ، وأضافه إلى أغريباس الملك ، وصادر أمواله ونفاه هو وزوجته إلى ليون في فرنسا ثم إلى أسبانيا حيث وافته المنية
.

(7)
الرب يسوع وأنتيباس : حدثت أول مقابلة للرب يسوع مع هيرودس أنتيباس في أسبوع الآلام ، قبل خلع أنتيباس ونفيه بست سنوات . كان ضمير هيرودس أنتيباس يعذبه منذ أن قتل يوحنا المعمدان ، فلما سمع بما كان الرب يسوع يعمله من معجزات ، ” ارتاب ( أو بالحرى تحيَّر ) لأن قوما كانوا يقولون إن يوحنا قد قام من الأموات … فقال هيرودس : يوحنا أنا قطعت رأسه ، فمن هو هذا الذي أسمع عنه مثل هذا ؟ ” ( لو 9 : 7 و 9 ) ، وقال : ” هذا يوحنا المعمدان قد قام من الأموات ، ولذلك تُعمل به القوات ” ( مت 14 : 2
) .

وعندما وقف الربع يسوع أمام بيلاطس ، كان هيرودس أنتيباس في أورشليم . وعندما علم بيلاطس أن الرب يسوع من الجليل ، أرسله إلى هيرودس باعتباره من رعاياه ، ” وأما هيرودس فلما رأى يسوع فرح جدَّاً لأنه كان يريد من زمان طويل أن يــراه لسماعه عنه أشياء كثيرة ، وترجَّى أن يرى آية تُصنع منه ” . ولكن لما لم يستجب الرب له ، غضب ” واحتقره هيرودس مع عسكره واستهزأوا به ، وألبسه لباساً لامعاً ورده إلى بيلاطس . فصار بيلاطس وهيرودس صديقين مع بعضهما فى ذلك اليوم ، لأنهما كانا من قبل في عداوة بينهما” ( لو 23 : 6 – 12
) .

 

 

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي