عزّة (النفس
)

Fierte

مقدمة

العهد القديم

1.
عزة الشعب المختار
:

2.
عزة وغرور
:

3.
عزة عبد الله
:

العهد الجديد

1.
عزة المسيح
:

2.
عزة المؤمن وحريته
:

3.
عزة ومجد
:

 

 

مقدمة

كان اليونانيون، في سبيل التخلص من الشعور بالنقص، كثيراً ما يستعينون بحكمة بشرية صرف. وأما الكتاب فيقيم أساساً عزة الإنسان على وصفه بأنه خليقة الله وابن له. فإذا لم يكن عبدا ً” للخطيئة” لا يمكن لإنسان أن يحسّ نجزي، لا أمام الله، ولا أمام البشر
.

فعزة النفس الصحيحة لا علاقة لها إطلاقاً بالكبرياء”، التي ليست سوى صورة مشوهة لها. فهي تتلاءم تماماً مع التواضع”. فمريم العذراء، وهي ترنم ترنيمة تعظم نفسي الرب “…، تعي تماماً حق قدرها، والله وحده أوجد هذا القدر، فكل تعلنه تجاه جميع الأجيال (لوقا 1: 46- 50
).

ليس في الكتاب لفظ خاص يعبر عن العزة، ولكنه يبين حالة العزة اعتماداً على موقفين: الأول، وهو دائماً موقف نبيل، يتصل بالحرية، ويسميه المترجمون اليونانيون
parresia “.
وأما العبرانيون فيصفون العزة بكناية عن الوقوف بانتصاب القامة،: رفع الرأس (الوجه) عالياً، مع التعبير بصراحة. فتظهر العزة في حرية كاملة في التعبير والتصرّف
.

وأما الموقف الثاني أو القريب من الثقة، التي هي بمثابة إشعاع للعزة، وسمىّ المترجمون اليونانيون هذا الموقف
hauchesis.
ويكون الافتخار بشيء أو باتخاذه كسند، للظهور بالوقار، إثباتاً لوجود الشخص تجاه ذاته، وتجاه الآخرين، وتجاه الله نفسه. وقد يكون داعي الافتخار هذا شريفاً أو باطلاً، تبعاً لاستناده إلى الله أو إلى الإنسان
.

العهد القديم

1.
عزة الشعب المختار
:

عندما انتُشل إسرائيل من العبودية وعاد إلى حريته، كانت قضبان نيره قد حطمت، فاستطاع أن يسير رافع الرأس ” لاويين 26: 13
)
،
parresia (
بحسب الترجمة السبعينية). وهذه العزة الناشئة عن تكريس نهائي، لهذه الأصالة، تلزم الشعب بأن يحيا في قداسة الله ذاتها (لاويين 19: 2). و إن كان هذا الشعور قد انحدر، فيما بعد، بسهولة إلى احتقار (مثل سيراخ 50: 25- 28)، إلا أنه يبرر بالنسبة لإسرائيل الاهتمام بالانفصال عن الشعوب الأخرى الوثنية (تثنية 7: 1- 6
).

غير أن العزة قد تصمد في خلال الذلّ ذاته، على أنها تصبح إذ ذاك خزياً، كما في وضع إسرائيل وهو “يزحف ببطنه على الأرض “، لأن الله يخلق وجهه (مزمور 44: 26). ولكن يكتفي أن يتواضع، حتى يستطيع من جديد “أن يرفع وجهه نحو الله ” (أيوب 23: 26). لأن هذا الشعب، سواء أكان منسحقاً بالأرض، أم محدقاً بناظريه إلى السماء، يحتفظ في قلبه بعزة اختياره (باروك 4: 2- 4، راجع 2: 15، مزمور 119: 46
).

هل تبحث عن  الكتاب المقدس كينج جيمس إنجليزى KJV عهد قديم سفر القضاة Judges 04

2.
عزة وغرور
:

ليس من العزة إلى الكبرياء سوى ثمة خطوة (تثنية 8: 17)، إن قطعت تتحوّل العزة غروراً، لاستنادها إلى مجرد وهم. وإن تطوَر الانحدار هذا ملحوظ أيضاً عند الأم “، التي بوصفها مخلوقات، ينبغي أن ترفع مجداً لله وحده، وألا تنتفخ بجمالها وقدرها وغناها (إشعيا 23: 47، حزقيال 26- 32
).

وعلى النقيض، فالعزة الصحيحة هي الإشعاع بالثقة في الله وحده، والانشراح بالأمانة لعهده. وإنه لمجد باطل امتلاك هيكل يسكنه الله، إذا ما اعتقد الشعب أن هذا يعفيه من عبادة الله عبادة روحية (إرميا 47- 11
).


لا يفتخر الحكيم بحكمته، ولا يفتخر الجبار بجبروته، ولا يفتخر الغني بغناه، بل بهذا فليفتخر المفتخر، بأنه يفهم ويعرفني” (22: 9- 23
).

أخيراً، أنّ الحكماء يكررون القول بكل ارتياح، بأنّ السبب الوحيد للعزة إنما هو مخافة الله (سيراخ 1: 11، 9: 16 )، وليس الغنى أو الفقر (10: 22). فالمجد الحق هو أن يكون الإنسان ابناً للرب (حكمة 2: 13)، وأن يكون الله له أباً (2: 16). إلا أن عزة البار ليست باطنية فقط، بل إشعاعها للخارج يحمل إدانة لتصرفات الشرير، أو يقابلها باضطهاد البار. وعزة البار المضطهد يكون التعبير عنها في الصلاة التي يوجهها باسم ما يمتلك من حق، إلى من يحفظها في الوجود: “إلهي، عليك توكلت فلا أخزَ” (مزمور 25: 2، 40: 15 – 17
) .

3.
عزة عبد الله
:

ينتظر المتضرعون، في المزامير، تدخلاً مباشراً من قبل الله لوضع حد لخزيهم، ويبتهلون بالشكر لأن الخزي قد انقلب على أعدائهم. “إنك تراني فوق كلّ المعتدين عليّ” (مزمور 19: 49)، “وبرضاك ترفع قرننا” (89: 18). إلا أنّ إسرائيل خلال السبي يحس مسبقاً بأنّ البار يمكن أن يستعيد عزته بحسب سبل الذل المقبول من أجل الجميع. هذا وما من شك في أن الله سيمضي في معاضدة عبده والأخذ بيده (إشعيا 42: 1 و 6). حتى إذا ما اضطهد، فهو يعرف أنه لن يخزى (50: 7- 8). إلا أنّ النبي يعلن بأن الجموع قد روَعت بخصوصه. حيث لم يعد له منظر إنسان، بسبب ما حلّ به من تشويه (52: 14). “إنهم في مواجهته كانوا يديرون وجوههم ناحية أخرى، لأنه صار مزدراً ومخذولاً (53: 2- 3
).

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس تفاسير أخرى عهد جديد إنجيل يوحنا إبراهيم سعيد 13

على أنه إن كان العبد قد افتضح وجهه في نظر الناس، إلا أن الله يتكفل بدعواه، ويبّرر عزته الباطنية، فلا تتزعزع، ” ممجداً” إياه قدام الشعوب: هوذا عبدي يتعالى ويرتفع ويتسامى جداً، ويعمل بالحزم ” (52: 13)، و”يقتحم الغنيمة مع الأعزاء” (53: 12
).

إن كل بار على خطى العبد، يمكنه أن يلتمس عوناً في دينونة الله. هذا الذي كانوا يظنون أنه معتوه وبائع، ها هو في اليوم الأخير “يقف على قدميه، مملؤاً جرأة ويقيناً” (حكمة 5: 1- 5
).

العهد الجديد

1.
عزة المسيح
:

إن يسوع الذي يعرف من أين أتى وإلى أين يذهب، يظهر عزته عندما يعلن أنّه ابن الله. ويقدّم الإنجيل الرابع هذا التصرف على أنه بمثابة
parresia
وإذ لم يطالب يسوع بكرامة شخصية ما، بل يطلب مجد الآب وحده (يوحنا 8: 49 ه)، فلأنه كان يخاطب العالم ” علانية ” (18: 20- 21)، حتى إن الشعب أخذ يتساءل إن كان الرؤساء قد اعترفوا، به أنه المسيح (7: 26- 27). ولكن إن لم تكن ثمة علاقة بين هذا الكلام بصراحة، وبين أسلوب دعاية العالم الطنانة (7: 3- 10)، فهم لا يفهمونه، ولا بدّ له أن يتوقف (11: 54). ولذا يترك يسوع المجال للبارقليط الذي سيقول في ذلك اليوم “، كل شيء بوضوح (16: 13 و 25). ولو أنّ هذا اللفظ لم يرد إلا بصدد الأنباء عن الآلام (مرقس 8: 32)، إلا أنّ الأناجيل الإزائية تصف بعض تصرفات يسوع، وكأنّها تعبر عن عزته في الكلام والتصرف
parraesia.
هكذا حاله عندما يطالب بحقوق ابن الله أو بحقوق أبيه أمام أية سلطة”: أمام الأبوّة (لوقا 2: 49)، أمام تعديات الأشرار (متى 21: 12- 14//)، أمام السلطات القائمة (متى 23)، وعدما صفع على وجهه وهو بدار حنان (يوحنا 18: 23
).

2.
عزة المؤمن وحريته
:

إن المؤمن بالمسيح قد نال بإيمانه عزة أصلية (عبرانيين 3: 14)، ينبغي أن يحافظ عليها حتى النهاية، بمثابة عزة فرحة مصدرها الرجاء (3: 6). ففي الواقع، بفضل دم يسوع،، يمتلئ ثقة بالنفس (10: 19- 20)، فيستطيع أن يتقدم إلى عرش النعمة” (4: 16). ولا يمكن أن يفقد هذه الثقة، حتى في الاضطهاد (10: 34- 35)، وإلا لشاهد يسوع يستحي منه (لوقا 9: 26//) يوم الدينونة. ولكنه يستطيع طمأنة قلبه إن لبث أميناً، لأن الله أعظم من قلبنا (1 يوحنا 2: 28، 3: 21 23، 4: 17
).

هل تبحث عن  بدع وهرطقات بدع قديمة الطوطمية ة

إن عزة المسيحي تظهر هنا على الأرض، في الحرية التي بها يشهد للمسيح القائم من الأموات. هكذا كان الرسل، أي أولئك الأميين (أعمال 4: 13)، منذ الأيام الأولى للكنيسة، يبشرون بالكلمة بجرأة (4: 29 و 31، 9: 27 28، 18: 25- 26)، أمام جمهور مناوئ أو محتقر
.

ويعرّف بولس هذا الموقف بأنه رفع الحجاب عن وجه المؤمن، فيشع ذو المجد الخاص بالرب القائمً من بين الأموات (2 كورنتس 3: 11- 12). ذلك هو أساس العزة الرسولية ” “نحن نومن، ولذلك نتكلّم ” (4: 13
).

3.
عزة ومجد
:

على نحو إرميا الذي كان قد أنكر على كل إنسان حق ” الافتخار”، فيما عدا الافتخار بمعرفة الرب، كذلك فعل بولس أيضاً (1 كورنتس 1: 31
hauchesis).
غير أن بولس يدرك ما هي الوسيلة الحاسمة التي اختارها الله لينزع من الإنسان كل إغواء بالافتخار الباطل: إنه الإيمان. فمنذ الآن ليس هناك امتياز بعد، يستطاع الاستناد إليه، لا الاسم اليهودي، ولا الشريعة، ولا الختان (رومة 2: 17- 29
).

إن إبراهيم نفسه لم يستطع أن يفتخر بأي عمل (4: 2)، فكم بالحري نحن الخطأة (3: 19- 20 و 27). ولكن بفضل يسوع يستطيع المؤمن وقد وفر له يسوع المصالحة، أن يفتخر بالرب (5: 11)، و برجاء المجد (5: 2)، ثمر البرِّ بالإيمان
.

وكل ما عدا ذلك هو جدير بالاحتقار (فيلبي 3: 3- 9). إن صليب يسوع هو وحده مصدر الافتخار (غلاطية 6- 14)، وليس الوَعظ بهذا الصليب (1 كورنتس 3: 21
).

أخيراَ يستطيع المسيحي أن يكون فخوراَ بشدائده (رومة 5: 3) ” فكم بالحري الرسول من خلال ضعفه (1 كورنتس 4: 13- 20 كورنتس 11: 30، 12: 9- 10). فإكليل مجده هو الكنائس التي أسسّها (1 تسالونيكيِ 2: 19، 2 تسالونيكي 1: 4 )، كما يستطيع أن يكون فخوراًَ برعيته حتى من خلال المصاعب التي تُثارُ (2 كورنتس 7: 14: 4، 8: 24
).

إن سرّ العزة المسيحية والرسوبية هو السر الفصحي، سر المجد الذي ينفذ من خلال الظلمات، فيحس بالعزة من بموجب إيمانه ينظر إلى الموت وجهاً لوجه، فيكتثسف فيه الحياة
.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي