هيرودس فيلبس الثانى

 

(4)
هيرودس فيلبس الثانى : (4ق.م – 34 م
)

 

وهو فيلبس رئيس الربع ، وكان أبناً لهيرودس الكبير من زوجته كليوبترا من أورشليم . ويجب عدم الخلط بينه وبين فيلبس الأول ، أخيه غير الشقيق من ماريامنة ابنة سمعان رئيس الكهنة . وقد استبعد هيرودس الكبير من وصيته فيلبس الأول من أن يكون له نصيب فى الحكم على أساس أن أمه تآمرت ضد زوجها ( كما يذكر يوسيفوس ) . وقد تزوج فيلبس الأول من ابنة أخيه ” هيروديا ” التى هربت منه وتزوجت أخاه غير الشقيق هيرودس أنتيباس ، بعد أن كانت قد أنجبت منه ابنة اسمها ” سالومى ” ، التى لعبت دوراً رئيسيا فى استشهاد يوحنا المعمدان ، برقصها فى حفل عيد ميلاد هيرودس أنتيباس . وقد تزوجت سالومى هذه من فيلبس الثانى رئيس الربع ، ويذكر يوسيفوس تاريخه بالتفصيل بما يتفق تماماً مع ما ذكره البشير لوقا ( 3 : 1 ) الذي يسميه ” فيلبس ” فقط ( بدون اللقب العائلى ” هيرودس ” ) . ويذكر يوسيفوس كيف أن هيرودس الكبير أوصى أن تقسم مملكته بين ابنائه الثلاثة ، فيأخذ ارخيلاوس نصف ممتلكاته ، وأن يقسم النصف الباقى على قسمين ( كل قسم هو ربع ممتلكات هيرودس الكبير ، ومن هنا جاءت كلمة ” ربع ” ) أحدهما لفيلبس ، والآخر لأنتيباس . وكان ” ربع ” فيلبس يشمل باتانيا وتراخونيتس وأسطورية ( أى جولاينتس وجزء من ياميا ) . أما ربع انتيباس فكان يشمل بيرية والجليل ، وهى مناطق تقع إلى الشمال الشرقى من فلسطين . وتوجد قطعة عملة سكت بزمر فيلبس الثانى فى عهد الإمبراطور طيباريوس تحمل على أحد وجهيها : ” طيباريوس أوغسطس قيصر ” ، وعلى وجهها الآخر ” فيلبس رئيس الربع ” . وكانت غالبية رعايا فيلبس من الســــريان واليونان ، وحكم في سلام لمدة سبعة وثلاثنين عاماً
.

كان هذا الحاكم أفضل أفراد عائلة هيرودس . ويقول يوسيفوس عنه إنه شخص هادئ معتدل سواء فى حياته الشخصية أو فى حكمه . وكان يرعى خير رعيته تماماً . وعندما كان يتفقد أحوال الرعية ، كان يتبعه في رحلاته رجال بلاطه للنظر في شئون الرعية . وعندما كان يطلب منه أحد المعونة لم يكن يتأخر عن تلبية الطلب ، بل كان يعقد محكمته فوراً ويستمع لشكواه . كما زنه ترك آثاراً تليق باسمه وما صنعه من خير لشعبه . فقد بنى فى بانياس ، عند قاعدة جبل حرمون فى الشمال ، عند منابع نهر الأردن الرئيسية مدينة هى قيصرية فيلبس ( مت 16 : 13 ) ، لم يبق منها الآن سوى الأطلال ، وهي غير قيصرية التى على ساحل البحر المتوسط . كما بنى بيت صيدا ، وجعل منها مدينة ، وكانت تقع إلى الشمال قليلا من بحر الجليل ، فى الزردن الأعلى ، ودعاها ” جولياس ” على اسم ” جوليا ” ابنة القيصر
.

وبعد أن حكم طويلا حكماً اتسم بالعدل والهدوء ، مات فى 34 م . أى في السنة الثلاثين من حكم طيباريوس قيصر ، وكان محبوباً جدَّاً من شعبه . وقد تزوج من سالومى ابنة هيروديا ولكنهما لم يخلفا نسلا ، وعند موته أضيفت ممتلكاته إلى ولاية سورية الرومانية . ويقول يوسيفوس إنه شُيِّع إلى مثواه الأخير فى مقبرة كان قد بناها لنفسه ، في جنازة مهيبة
.

ويذكر البشير لوقا ” فيلبس رئيس الربع ” ( 3 : 1 ) . وعندما جاء المسيح إلى تلك الكور ة ، سأل تلاميذه قائلاً : ” من يقول الناس إنى أنا ابن الإنسان ؟ ” فأجابه سمعان بطرس وقال : ” أنت هو المسيح ابن الله الحي ” . فأب يسوع وقال له : ” طوبى لك ياسمعان بن يونا . إن لحماً ودماً لم يُعلن لك ، لكن أبي الذي في السموات ” ( مت 16 : 13- 17 ، مرقس 8 : 27 – 30
) .

وفي تلك الكورة بدأ يسوع يقول هم : ” إنه ينبغى أن ابن الإنسان يتألم كثيراً ويُرفض من الشيوخ ورؤساء الكهنة ، ويُقتل وفي اليوم الثالث يقوم ” ( لو 9 : 22 ) . ” أما هم فلم يفهموا القول وخـافوا أن يسألوه ” ( مر 9 : 32
) .

 

 

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي