طَاهر ونجس
:

أولاً الحيوانات النجسة – فرقت الشعوب القديمة بين الطعنة الطاهرة والأطعمة النجسة ورأت أن بعض الحيوانات صالحة للطعام والذبيحة وسواها غير صالح وبيَن هذا التمييز جزئياً على العادات والافتراس وجزئياً على اشمئزاز طبيعي من بعض الحيوانات. وقد نظر الشرع الموسوي إلى عرف الناس في عهده فضم إلى الشرع التمييز بين الطاهر والنجس. وأضيفت حيوانات أخرى إلى قائمة الحيوانات غير الطاهرة وذلك لاعتبارات خاصة في ديانة بني اسرائيل. وصنفت الحيوانات النجسة على الوجه الآتي
:

(1)
البهائم التي تجتر ولا تشق الظلف وتقسمه ظلفين (لا 11: 3 و 4). وكل ما يمشي على كفوفه الربع (عدد 27). وعلى هذا سمحت الشريعة بالبقر والضأن والمعز والايل والظبي (تث 14: 4 و 5). وحركت كل الحيوانات الآكلة للحوم فإنها كانت مقيتة لأنها تأكل الدم أو الجيفة
.

(2)
الطيور الآكلة للّحوم وعدَ منها 20 أو 21 بينها الخفاش. وقد عُدّ بين الطيور واعتبرت هذه نجسة لأنها تأكل الدم أو الجيفة
.

(3)
الحشرات المجنحة التي تدب على أربع إلا ما له كراعان فوق رجليه يثب بهما على الأرض (لا 11: 20 – 23). فحرمت الحشرات كلها ما عدا الجراد وما شاكله
.

(4)
كل ما في المياه وليس له زعانف وحرشف (عدد 9 و 10). وقد أباح هذا التحريم أكل خير اصناف السمك الموجودة في المياه الفلسطينية. ونهى عن الانقليس والحيوانات المائية كالسرطان. وحرَم نوعاً على الرومان أن يقدموا السمك الذي بغير حرشف ذبيحة (بليني التاريخ الطبيعي 32: 10). ويقال أن المصريين المحدثين يذهبون إلى أن هذا السمك رديء. وكانت بعض هذه الكائنات المجردة من الزعانف والحرشف شبيهة بالحيات وتذكر بالخطيئة الأولى ولعنتها
.

(5)
الدبيب (لا 11: 29 و 30). كل ما يمشي منه على بطنه أو على أربع وما كثرت أرجله (عدد 41 و 42). وكان بعضها مؤذياً وبعضها يدب في التراب أو في الطين وكان غيرها شبيهاً بالحيات. وكان الدبيب جملة كريهاً عندهم لأن الدب يذكرهم بالحية ولعنة المجرب
.

وكانت هذه الحيوانات نجسة في كل حال. ولكن لحم الحيوانات الطاهرة كان قابلاً للتنجس فنهت الشريعة عن أكل ما قدم ذبيحة للأوثان والمخنوق أي ما مات بنفسه أو افترسته حيوان أو طير ضار. أما الدم وشحم الطير والحيوان فكان مقدساً للرب وما أُجيز لأحد ولا للغريب النازل بين بني اسرائيل أن يأكل الدم (لا:17 10-14). ومن أكل من الدم يقطع من شعبه (ص 7: 27 و 17: 10و 14). وكان من تعدي الشرائع المتعلقة بالحيوانات النجسة صار نجساً إلى المساء (ص 11: 24 و 40 و 17: 15) أما الحيوانات التي ماتت من نفسها فأجبر بيعها للاجنبي وأن يأكلها (تث 14: 21
).

ثانياً النجاسة: ميّز الشرع بين الطاهر والمقدس (لا 10: 10)، مثلاً الحيوانات طاهرة أو نجسة لا مقدسة أو محللة. والنجاسة طقسية وليست دنساً خلقياً. كانت تخرج الناس من الهيكل (ص 7: 20 و21)، ومن شركته مع الشعب ولكنها لم تكن تقطع الاتحاد الروحي مع الله بالصلاة. وكانت النواميس التي تحدد النجاسة في بعض الأحوال يؤيدها الأمر (( كونوا قديسين لأني أنا قدوس )) (ص 11: 44 و45). وأن يحفظ الإنسان نفسه من النجاسة هو أن يعتبر أنه مفروز لخدمة خاصة وأنه بوصفه رجلاً لله هو قدوس للرب ويجب أن يبقى منفصلاً ولا يمس نجساً. وفضلاً عن ذلك النجاسة الطقسية كانت مثال الخطيئة. ثم النظافة الطبيعية كانت غير الطهارة الطقسية ولم تكونا مرادفتين مع أنهما كانتا تتطابقان أحياناً. وكان رغد العيش ومتطلبات المجتمع تفرض النظافة على العبرانيين. وكان الخاشعون إذا اقتربوا من الله يسلكون بالفطرة حسب قواعد النظافة التي يتبعها الناس بعلائقهم المتبادلة وعبّر عن هذه القواعد بوصايا وفرائض (خر 19: 12 و 14 و 30: 18 – 21 ويش 3: 5) فالدنس الطقسي الذي من أجله وجد التطهير كان ينقل إلى الإنسان بطريقة خاصة وكان منحضراً في بعض الأعمال والظواهر. فكان يكتسب على الأوجه الآتية
:

(1)
بمس جثة إنسان (عد 19: 11 – 22). وكان هذا أثقل دنس لأن أثر الخطيئة يظهر باجلى بيان في موت الإنسان وانحلال جسمه. والنجاسة الناتجة عن هذا السبب تبقى سبعة أيام والإنسان يطهر منها برش ماء النجاسة عليه. وأيضاً استعمال رماد البقرة الحمراء الذي كان يطهر من الدنس الناتج عن مس الميت الذي كان ينجس (عدد 7 – 10). والظاهر إذا مس شخصاً نجساً يتنجس إلى المساء (عدد 22
).

(2)
الرص إذا ضرب إنساناً أو ثوباً أو بيتاً (لاص 13 و 14). كان الأبرص يقيم خارج المجتمع البشري يحتاج لتطهيره غسلاً وذبيحة
.

(3)
السيلان الطبيعي والمرضي من أعضاء التناسل (لا 15)، بما في ذلك نجاسة الوضع (لا 12). لم يكن التناسل والولادة خطيئتين في حد ذاتهما فقد أوصى الله بهما (تك 1: 27 و 28). ومع ذلك فتدنس السيلانات الجسدية المتعلقة بهما في الرجل أو المرأة، طوعية كانت أو كرهية. إن تشابه الإنسان مع الحيوانات السفلى ظاهر في التناسل، وإن كان الزواج صالحاً إلا أنهم في السماء لا يزوجون ولا يتزوجون. وأغلب الظن أن الحكم الإلهي الذي صدر على حواء بسبب الخطيئة كان يذكر بالنسبة لولادة الأولاد
.

(4)
أكل لحم حيوان نجس أو مس جثته أو جثة حيوان طاهر غير مذبوح للطعام والذي صار بذلك خاضعاً لفساد الموت
.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي