هوشع النبى

ومعنى اسمه ” خلاص ” ، وهو هوشع بن بئيرى ، وقد تنبأ فى ” أيام عزيا ويوثام وآحاز وحزقيا ملوك يهوذا ، وفى أيام يربعام بن يوآش ملك إسرائيل ” ( هو 1 : 1 ) ، أى فى القرن الثامن قبل الميلاد . وهو على الأرجح النبى الوحيد الذى عاش فى المملكة الشمالية ( ربما باستثناء يونان ) ، ويؤيد ذلك ليس فقط لأن كلامه فى غالبيته موجه إلى افرايم ( المملكة الشمالية ) بل أيضاً أسلوبه المميز ولغته التى تحمل صبغة آرامية ، وكذلك معرفته الوثيقة بمواقع وظروف تلك المملكة ( هو 5 : 1 ، 6 : 8 و 9 12 : 12 ) ، بل ما هو أكثر من ذلك أنه يدعو مملكة إسرائيل ” الأرض ” ( 1 : 2 ) ، وملكها ” ملكنا ” ( 7 : 5
) .

وقد بدأت خدمة هوشع قبل موت الملك بريعام ( فى 732 ق . م ) . ولا نعلم على وجه اليقين المدة التى واصل فيها خدمته ، فاعتراضه على التحالف مع مصر ( هو 7 : 11 ، 12 : 1 ) قد يكون إشارة إلى ارسال هوشع آخر ملوك إسرائيل رسلاً إلى ” سوا ” ملك مصر ( 2 مل 17 : 4 ) ، الذي يرجح أنه فرعون ” نفنخت ” ( 726 – 716 ق. م . ) ، فإذا كان هذا هو ما يشير إليه النبى ، فيكون قد خدم حتى السنوات الزخيرة للمملكة الشمالية . وقد يكون ذكره للملك حزقيا والملوك الثلاثة قبله ، ولمملكة يهوذا ، دليلاً على إلتجائه لمملكة يهوذا لمواصلة خدمته ، بعد زن رفضت إسرائيل الاستجابة لدعوته ( هو 1 : 1 مع 1 : 7 و 11 ، 4 : 15 ، 5 : 5 و 10 ، 12 – 14 ، 6 : 4 و 11 ، 8 : 14 ، 10 : 11 ، 11 : 12 ، 12 : 2
) .

وتتوقف معرفتنا للكثير عن حياته ، على مفهومنا لما جاء عنه فى الإصحاحين الأول والثالث من نبوته ، فقد كان هذان الإصحاحان – على الدوام موضع جدل كثير ، ويمكن تقسيم الآراء المختلفة حولها إلى قسمين أساسيين
:

(1)
الرأى المجازى : وقد نادى به كثيرون من المفسرين من اليهود ومن المسيحيين ، الذين يرون أن كل الأقوال المتعلقة بزواج هوشع وحياته العائلية ، مثل أمر الرب له بأن يزخذ لنفسه : امرأة زنى وأولاد زنى ” ( 1 : 2 ) ، يجب أخذها على محمل مجازى ، إذ يرون أن إله إسرائيل لا يمكن أن يطلب من هوشع أن يتزوج امرأة فاسدة ، ويستخدم ذلك لالقاء درس عن الأمانة
.

(2)
الرأى الحرفى : وبناء على هذا الرأى يجب زخذ الأصحاحين الأول والثالث معاً بمنطوقهما الحرفى ، وأنهما يشيران إلى نفس المرأة ، وهى ” جومر بنت دبلايم ” التى ولدت له ولدين وبنتا . ولكن بمرور الأيام ثبت زنها امرأة خائنة ، فتركت زوجها . ثم بعد ذلك امره الرب أن يستعيدها من عشيقها ، فاشتراها بخمسة عشرة شاقل فضة وبحومرولئك شعير ( هو 3 : 1 و 2 ) . وبالرغم ما يحف بهذا الرأى من صعاب ، إلا زنه يلقى قبولاً من الكثيرين من المفسرين إذ يرون أن هناك تفصيلاً لبعض الأحداث ، مثل تحديد الثمن الذى دفعه لاستعــــادة زوجته ( 3 : 2 ) ، فهذا لا يحتمل تفسيراً مجازيا ، علاوة على أن هذه الأحداث تذكر على زنها وقائع تاريخية
.

ومهما يكن الرأى الصحيح ، فإن معاناة هوشع ، وما لقيه من خيبة أمل فى حبه لزوجته ، لاشك فى أنه كان لهما أثر قوى فى ما تتسم به رسالته من رقة وحنان ، فقد أصبح اختباره الشخصى قناة لتوصيل الرسالة الإلهية بقوة
.

 

 

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي