مسئولية

Responsabilite

مقدمة

1. “
على يد إنسان دخلت الخطيئة في العالم” (رومة 5: 12
):

2. “
ولكني لم أعرف الخطيئة إلا بالشريعة” (رومة 7: 7
):

3. “
اعرفي ما صنعت” (إرميا 2: 23
):

4. “
إليك وحدك خطئت” (مزمور 51: 6
):

5.
الإنجيل
:

 

 

مقدمة

إن ما يعيه إنسان بلغ من العمر سن الرشد، أو مجتمع بشري يحمل على رفع مستواه الثقافي، هو الإحاطة بمسئولياتهم، لمشكلة إنسانية هي من الأهمية بمكان، وليست بغريبة عن مجال الكتاب المقدس. ولكن ليس بوسعنا أن نعالجها هنا إلا على الهامش، لأن بحثنا هذا يتركز على مسئولية الإنسان تجاه الله، ننظر إليها من بعض جوانبها الرئيسية
.

1. “
على يد إنسان دخلت الخطيئة في العالم” (رومة 5: 12
):

إن قصة خطيئة آدم (تكوين 2- 3) قد وردت ردأً على تساؤل أساسي: مَن المسئول عن الشدة في الحياة، وعن الموت إن بولس يصيغ الرد هكذا: ليس الله هو المسئول، بل هو عمل إنساني أتاح بسط سلطان الخطيئة الذي هو فوق المستوى الإنساني. وهذا العمل هر جزئياً ولكن حقيقيّاً مسئول عن الشر في العالم
.

على أنّ هذا الرد يدعو إلى النفور، وغريب لم نأنس مثله. فبالنسبة للديانات الكبرى التي كانت قائمة في الدائرة المحيطة بإسرائيل، الشرَ قديم قدم العالم والآلهة، ومن الآلهة انتقل إلى الإنسان. فيكون الجميعٍ إذن في نفس الوقت مسئولين وغير مسئولين. فهم جميعا على ما هم عليه، مزيج متفاوت القدر من الخير والشر. وعلى نقيض ذلك، يقدمٍ الكتاب المقدس إلهاً طيِّباً، وخليقة طيبة، وشراً يأتي لاحقاً للخلق، فيؤسس المسئولية عن الشر على الحريات التي خلقت
.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ب بعل 3

وهذه المسئولية ليست على مستوى قدرة الإنسان. والعرض الوارد في الكتاب يتنبه لذلك، فيجعل الخطيئة تصدر من المجرب. ولكنه يعلم أيضاً أنه إن كان الإنسان في وضعه كخاطئ، دون مستوى تحمل المسئولية، إلا أنه لا يستطيع مع ذلك أن يدفعها عن نفسه. فكل خاطئ يمكنه أن يجد في صفحات الكتاب، على السواء القدريّة التي نولد من خطاياه شراً ثم يرده، وكذلك الصورة الدقيقة لأخطائه، أي خليطاً من الضعف (راجع جسد)، ومن الخبث والرياء. ويمكنه أن يكتشف خلال ذلك نصيبه الشخصي من المسئولية في الشر المنتشر في العالم
.

2. “
ولكني لم أعرف الخطيئة إلا بالشريعة” (رومة 7: 7
):

فالشريعة كانت لإسرائيل مؤدّباً أعطاه الرب (غلاطية 3: 24). وتولت الشريعة تكوينه تكويناً عميقاً بتوعيته بالمسئولية. وبقولها “افعل هذا ولا تفعل ذاك “، كانت نضع كل إسرائيلي أمام مسئولياته، وثبت له أن في مقدوره تحمّلها. وإذ أدخلت في اعتبارها مختلف الظروف، وأثر النوايا، فقد تولت صقل ضميره. وبإظهارها له أن الله يريد الخير ويستنكر الشر، إنما أضفت على حركاته ثمناً لامتناهياً. وربطت الناموس بالعهد، فجعلت من الوجود كله اختباراً، إما مع الله، وإما ضده. حقاً إنه حتى “بدون الشريعة” يكون الوثنيون قادرين على التعرف “في قلوبهم على مسئولياتهم” (رومة 2: 15). إلا أن الشريعة قد جعلت من إسرائيل “شعباً حكيماً فهيماً” ما بين سائر الشعوب (تثنية 4: 6)، واعياً بما هو جدي ضمن أعمال الإنسان
.

3. “
اعرفي ما صنعت” (إرميا 2: 23
):

وما كانت الشريعة تعلنه على وجه العموم، أخذ الأنبياء يبرزون توضيحه بشكل ملموس إزاء أمير لا ضمير له، أو إزاء الشعب المخدوع في توهمه، حق يواجهوا الجميع بمسئولياتهم. وفي معظم الأحيان ابتداء من صموئيل وناتان (1 صموئيل 13:3-14، 2 صموئيل 10:12- 12)، حتى آخر ورثة إشعيا (إشعيا 59: 8- 10)، يتدخل الأنبياء انطلاقاً من الآلام الحاضرة أو المتوقعة: “لأنكم تصنعون هذا الشر، فهذا الشر يلحقكم… ” فكل كارثة قوية تكون بالنسبة لهم فرصه لإيقاع نظرة حادة حول مسئوليات الشعب
.

هل تبحث عن  الكتاب المقدس أخبار سارة عربية مشتركة عهد قديم سفر أيوب 21

فالكارثة الكبرى، أي السبي، هي بالنسبة لحزقيال اكتشاف حاسم. فقد انهار إسرائيل لأنه قصّر نحو مسئولياته، ولكن بالنسبة لكل إسرائيلي لا يزال كل شيء جاهزاً. وعلى كل واحد أن يتحمل مسئولياته، وأن يختار بين الحياة والموت: “برّ البار عليه يعود، ونفاق المنافق عليه يعود ” (حزقيال 18: 20
).

4. “
إليك وحدك خطئت” (مزمور 51: 6
):

إن الاعتراف بالخطايا بالصورة التي يبدو بها في الكتاب المقدس، بمثابة صدى للشريعة والأنبياء، ليعبر عن شعور الضمير بالمسئولية. أي لا يعني إقامة حساب بالذنوب، وبسرد أكبر عدد من الخطايا، اطمئناناً على عدم إغفال شيء، وإنما يضع وجهاً لوجه بر الله أمام فساد الإنسان وظلمه (إشعيا 59: 9 و14، دانيال 3: 27- 31، مزمور51 : 6…) وذلك لا لأجل الاعتراف فقط بأن العقاب الواقع مستحق، ولكن في نظرة أعمق تضاهي رفع الشكر،. حتى يكون ثقل الخطيئة واقعاً على الخاطئ، فيكون الله بريئاً منه، “للرب إلهنا العدل ولنا خزي الوجوه” (دانيال 9: 7، باروك 1: 15…). وهكذا فإنّ صلاة التوبة تعود فتلتق بالإحساس بالقضية الأصلية: الله طيب، وأما الخاطئ فهو المسئول عن الشر
.

5.
الإنجيل
:

هو بالنسبة لبولس الوحي النهائي بعدالة الله وبمسئولة الخاطئ. والفصول الثلاثة الأولى من رسالته إلى أهل رومة تظهر. جسامة الخطيئة في التدمير، وثقل الاختبارات القاطعة. كما نفسّر في الوقت نفسه هذا المصير الذي يتجاوز القدر الإنساني. فإذا كان غضب الله يحمل الإنسان وزر أعماله، ويجعل مسئوليته تجاوز كل ما يمكنه أن يتوقعه أو يريده، فإن هذا المصير الغريب هو بمثابة الوجه المقابل لحب يتسع وسع أبعاد الله. “لأن الله أغلق على جميع الناس في العصيان ليرحمهم جميعاً”(رومة 11: 32
).

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس تفاسير أخرى عهد جديد رسالة يوحنا الرسول الثالثة توفيق فرج نخلة ة

وهذا المقصد يتجلى بآلام المسيح. فإن المسئوليات المختلفة التي تآلفت فانتهت إلى موت ابن الله، ليست متساوية (راجع يوحنا 19: 11، أعمال 3: 13- 14)، ولا كاملة (أعمال 3: 17)، ولكنها حقيقية، وهي قد تسببت مجتمعة في إنتاج هذه الجريمة الشنعاء. لذلك فان البشارة بالإنجيل في الكنيسة الناشئة، أخذت تذكَر دوماً أورشليم، باعتبارها وحدة جامعة، بمسئوليتها إجمالاً: ” ذلك الرجل قتلتموه” (أعمال 2: 23، 3: 14، 4: 10، 5:.3…). فالخاطئ لا يرقى إلى عتبة الإيمان إلا بالندامة وبوعي ضميره
.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي