هيرابوليس

 

أى ” المدينة المقدسة ” ، وقد أطلق عليها هذا الاسم لأن الأساطير تنسب إليها أنها كانت موطن ” هيرا ” ملكة الأمازونيات ، وكانت تقع على بعد ستة زميال من لاودكية ، وعلى بعد اثني عشر ميلاً من كولوسي ، على الطريق الممتد من ساردس إلى أباميا ، تطل علي وادى نهر ليكوس فى جنوبي غربي أسيا الصغرى . ومع أننا لا نعلم تاريخها القديم تماماً ، إلا أنه يبدو أنها ترجع إلى أصل ليدي من عهد مملكة برغامس ، وكان اسمها قديماً ” كيدرارا
” ( kydrara ) .
وكان يُعبد فيها ” سبازيون ” آلإله الفريجي باسم ” إكدما
” ( Echidma )
، وكان يمثله الثعبان . كما كان يُعبد بها أيضاً بعض الآلهة المحليين ، مثل ” ليتو
” ( Leto )
وابنها ” ليربنوس
” ( Lairbenos ) .
ورغم أن اسمها يعنى ” المدينة المقدسة ” ، فانها كانت تعتبر حصناً للشيطان ، إذ كان يوجد بها بئر عميقة فى الأرض ” بلوتونيوم ” ( أى المدخل إلى الهادز ) ، يخرج منها بخار يقتل الطيور التى تحوم حولها . وكانوا يعتقدون أنه يجلس فى أعماق البئر كاهن أو كاهنة ، فتصعــــد منه ( أو منها ) مع تلك الأبخرة نبوات لها أهميتها عند من يطلبونها . ورغم أنها كانت حصناً للشيطان ، إلا أنه تأسست فيها كنيسة مسيحية منذ القرن الأول ، عن طريق كرازة الرسول بولس ، وهو فى أفسس ، ولعل أبغراس واصل هذه الخدمة هناك
.

ولا تذكر هيرابوليس ، فى الكتاب المقدس إلاّ مرة واحدة ( كو 4 : 12 ) بالارتباط مع كنيستى كولوسي ولاودكية
.

وتذكر بعض التقاليد أن فيلبس المبشر كان أول من كرز فيها ، وأنه هو وابنتيه البتول دفنوا فيها ، بينما دفنت ابنة ثالثة كانت متزوجة في أفسس . وقد استشهد عدد كبير من المسيحيين في هيرابوليس فى أيام الاضطهاد الروماني . وكان بالمدينة جالية يهودية كبيرة ، ومع ذلك ازدهرت المسيحية فيها ، وتأسست فيها عدة كنائس . وفى غضون القرن الرابع قام المسيحيون بطم البئر(بلوتونيوم) بالحجارة ، وهكذا أثبتوا أن الكنيسة قد استأصلت الوثنية وحلت محلها . وقد جعل منها الإمبراطور جستنيان مدينة عاصمة للمنطقة ، وظلت قائمة إلى العصور الوسطى وفى 1190 حارب فريدريك بارباروس البيزنطيين هناك
.

وتسمى المدينة حاليا ” بامبوك كالسي ” أى ” قلعة القطن ” ، ليس لأن القطن ينمو هناك ، بل لوجود الرواسب الكلسية البيضاء المتخلفة عن مياه الينابيع الكثيرة التى كانت توجد بالمنطقة ، والتى كانت تشتهر فى العصور القديمة بأن بها قوى إلهية ، فقد كانت مياهها فاترة بها كمية من الشب ، ولكنها حلوة المذاق ، وكان يستخدمها القدماء للصباغة وللآغراض الطبية . وقد تكدست الرواسب المتخلفة عن مياه الينابيع على المبانى المجاورة والمرتفعات ، حتى تكاد تدفنها تحتها . كما تكونت ” الاستالاكتيت ” ( الهوابط ) فى شكل أعمدة مدلاة فى وسط الأطلال التى تنتشر على هضبة شاسعة ، والتى تغطي الرواسب بعض أجزائها
.

وفى 1887 م . قام ” كارك هومان ” على رأس بعثة ألمانية بالتنقيب عن الآثار فى الموقع . ثم قامت بعثة طليانية تحت إشراف ” باولو فيرزون ” بالتنقيب فى الموقع فى 1957 ، 1958 و 1961 ، 1962 . وقد أنشئ الشارع الرئيسي الذي يزيد طوله عن الميل ، فى أيام الإمبراطور دومتيان ، في نهاية القرن الأول بعد الميلاد . ومازال هناك قوس لدومتيان ، وبوابة بيزنطية ، قائمتين على الطريق . وتقوم إلى الشمال من المدينة أطلال حمام من القرن الثاني ، تحول إلى كنيسة فى القرن الخامس الميلادي . ووراء ذلك توجد جبانة ترجع قبورها إلى العصرين الهيليني والمسيحى . وفى الطرف الجنوبى من المدينة ، توجد أطلال مبنى حمامات ضخمة ترجع إلى القرن الثانى الميلادي ، ومسرح مازال يحتفظ بمعالمه ، من نفس القرن . كما يوجد معبد ” لأبولو ” من القرن الثالث . وكنيسة مسيحية من القرن السادس
.

 

 

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي