هيرودس الكبير

 

(1)
هيرودس الكبير ( 37 – 4 ق.م
. )

 

(
أ) تاريخه : كان والد هيرودس الكبير هو أنتيباتر الأدومى ، وكان الأدوميون من نسل عيسو ، وكانوا يقطنون المنطقة الواقعة إلى الجنوب من فلسطين وتمتد جنوبا إلى شمالى الجزيرة العربية ، وقد غزا بلادهم يوحنا هركانس المكابي وأجبرهم على إعتناق الديانة اليهودية وممارسة الختان . ورغم هذا كان اليهود ينظرون إلى الأدوميين بعين الشك ، ويطلقون عليهم وصف ” أنصاف يهود
” .

وهيرودس الكبير هو أشهر أفراد العائلة الهيرودسية ، ومع أن اسمه لا يذكر فى الكتاب المقدس إلا بالارتباط بولادة يوحنا المعمدان ( لو 1 : 5 ) وبقصة مجئ المجوس إلى أورشليم ( مت 2 ) ، إلا أن نفوذه على فلسطين فى مدة حكمه الطويلة كان بالغا ، مما يستدعى الإلمام بتاريخه لمعرفة الأوضاع الحقيقية في فلسطين فى أيام العهد الجديد . ولأن يوسيفوس يكرس له هذا الحيز الكبير من كتابيه : ” التاريخ اليهودى ” ، و ” الحرب اليهودية ” ، فهذا دليل على الأهمية البالغة لهيرودس كما رآها هذا المؤرخ الشهير
.

(
ب) عائلته وخلفيته : كان هيرودس – كما سبق القول – أدوميا . ويبدو أن أباه أنتيباتر كان على رأس الأمة الأدومية – وإن كان يوسيفوس لا يذكر موقعه الرسمي – وتزوج امرأة عربية أنجب منها خمسة أبناء ، وكان هيرودس هو الوحيد بينهم الذي حمل اسما يونانيا . والأرجح أنه ولد فى نحو 73 ق.م
.

وقبل مولده بكثير ، كان أباه أنتيباتر – الرجل الغنى الطموح – قد زج بنفسه فى الشئون السياسية لليهود . ففى ذلك الوقت كان أخوان من العائلة اليهودية الحاكمة ، هما أرستوبولس وهركانس يتنازعان على السلطة . وكانت لأرستوبولس الغلبة ، فتدخل أنتيباتر إلى جانب هركانس . وكانت اليد العليا فى ذلك الوقت للرومان ، الذين فصلوا فى النزاع لصالح هركانس ، لكنهم قضوا فى الواقع على استقلال اليهود
.

فعندما وصل بومبى إلى فلسطين ، كان هيرودس فى نحو العاشرة من عمره . وقد أدرك ، وهو صبي ، شيئاً عن عظمة روما العسكرية ، وعن حنكة أبيه أنتيباتر فى تعضيده للحكم الروماني ، ونتيجة لذلك أصبح لأنتيباتر نفوذ فى الشئون اليهودية . وكان أنتيباتر يفخر بالأفضال الكريمة التى أضفاها يوليوس قيصر على ذمة اليهود ، والتى جاءت نتيجة للمساعدة التى قدمها للقيصر فى حملته على مصر
.

ومع أن هيركانس ظل ملكاً بالاسم على الأمــــة اليهودية ، كما كان يشغل مركز رئيس الكهنة ، فإن السلطة الحقيقية انتقلت إلى يد أنتيباتر ، لأنه كان يعرف اليهود أفضل مما يعرفهم الرومان ، كما كان يمكن الاعتماد عليه فى أن يظل مواليا لسادته ( الرومان ) . وقد أصبح هذا هو أساس السياسة التى اتبعها هيرودس . ورغم كفاءته البارزة واهتمامه بخير اليهود ، فإنه كأدومى ، لم يكن ممكنا أن يفوز بمحبة الشعب اليهودي واعتباره شخصا منهم ، بل كانوا يعتبرونه عميلاً فى خدمة الدولة الغريبة التى غزت بلادهم ، فقد حاصر بومبي أورشليم وقتل الآلاف من سكانها ، بل وتجرأ على الدخول إلى قدس الأقداس فى الهيكل
.

(
جـ ) هيرودس فى شبابه : فى السادسة والعشرين من عمره عينه أبوه حاكما على الجليل ( فى 47 ق.م. ) ، وسرعان ما أظهر جدارته بتدميره أوكار عصابات اللصوص من قاطعى الطريق ، والقضاء عليهم ، مما أدى إلى اعتراف الأهالى بفضله ، ولكن آخرين فى الأمة نقموا عليه نجاحه وما حازه من شهرة ، فأوعزوا صدر هركانس ، فاستدعاه لمساءلته عن قتله لأناس ، مما يتعارض مع الشريعة اليهودية ، فمثل هيرودس أمام السنهدريم ، وما أن ظهر هذا الشاب الفارع الوسيم فى ثيابه الفاخره ، وحوله حرسه ، حتى خشي أعضاء السنهدريم من اتخاذ إجراء ضده . ولم ينس هيرودس هذه الاهانة ، فما أن أصبح ملكا حتى أخذ بثأره وقتل كل أولئك المعارضين
.

ولم تكن الأمور فى الدولة الرومانية على ما يرام في الأيام الأخيرة من الجمهورية ، فقد شكل قيصر وبومبى وكراسيوس أول حكومة ثلاثية فى 60 ق. م. ولكن كراسيوس لقى حتفه على الحدود الشرقية ، وتنازع الاثنان الآخران على السلطة . وقد استفاد اليهود من دكتاتورية القيصر . وبعد اغتيال يوليوس قيصر ، تشكلت حكومة ثلاثية أخرى من مارك أنطونيوس وأوكتافيوس ( ابن زخت قيصر ) ولبيدوس . وكان هدفهم الأول هو معاقبة بروتس وكاسيوس لمقتل يوليوس قيصر ، وكان هيرودس للجانبين ، حيث أن كاسيوس كان صديقاً له وقد وعده بتعيينه ملكا على اليهودية ، بينما كان أنطونيوس صديقاً أقرب ، فلم يكن هيرودس ينتظر منه أقل من ذلك في حالة انتصاره . وقد قُتل أنتيباتر غدراً ، وكان هيرودس هو الشخص التالى بعده
.

ولكن طالما كان هناك أمير من سلالة الأشمــــــــــونيين ( المكابيين ) حياً ، كان فى الإمكان إثارة روح الثورة بسهولة بين اليهود ، ولم يكن هناك منهم سوى أمير واحد هو أنتجونس بن أرستوبولس . وفكر هيرودس فى زنه لو أمكنه التغلب على مشكلة أصله الأدومى بالزواج من أميرة من دم يهودى ، فإنه يحطى بالقبول عند الأمة اليهودية ، وبناء على ذلك خطب ” ماريامنه ” الأميرة المكابية ، رغم أنه كان متزوجا من قبل
.

في ذلك الوقت كان أوكتافيوس وأنطونيوس قد أحرزا الانتصار على بروتس ، مما جاء بأنطونيوس إلى سورية وفلسطين للإشراف على الأمور هناك . وقد ظل هركانس فى موقعه حاكما لأمته ورئيسا للكهنة ، بينما تعين كل من هيرودس وأخيه فسائيل ” رئيسى ربع ” ، ولكنهما فى الواقع أمسكا بزمام السلطة ، وأصبحا هما المسؤلين أمام السلطات الرومانية
.

وانشغل أنتجونس باخماد التمرد ، ووقع أنطونيوس أسيراً أمام فتنة كليوبترا ملكة مصر ، وسرعان ما وجد هيرودس نفسه فى موقف محفوف بالمخاطر ، وبخاصة عندما استطاع أنتجونس أن يحظى بمســــــــاعدة الفرتيين ( رجال الحرب ) الذين شقوا طريقهم إلى أورشليم ، ووقع فسائيل وهركانس فى الشرك وأخذا أسيرين ، وبعدها بقليل انتحر فسائيل ، ولجأ هيرودس إلى الهرب بعد أن أودع أسرته فى قلعة ماسادا على الشاطئ الغربى للبحر الميت ، وارتحل إلى روما على أمل الحصول على معونتها. ولم يخب رجاؤه ، فقد عينه أنطونيوس ملكاً على اليهود ، كما حظى بموافقة أوكتافيوس ، الذى قدمه إلى مجلس الشيوخ ( السناتو ) باعتباره الشخص الذي يستطيع أن يحافظ على مصالح روما ضد أنتجونس والفرتيين أعداء روما الألداء . وبدون اعتراض أحد ، أعلن مجلس الشيوخ الرومانى ” هيرودس ” ملكا على اليهودية ( فى 40 ق . م
.) .

(
د) هيرودس ملكاً : يبدو أن هيرودس كان فى نفس الوضع الذي ذكره الرب يسوع فى مثل الإنسان شريف الجنس الذي ذهب إلى كورة بعيدة ليأخذ لنفسه ملكا ويرجع ( لو 19 : 12 ) ، ولو أن المثل أكثر انطباقاً على أرخيلاوس مما على أبيه هيرودس . فلقد حصل على اللقب ولكن ليس على المملكة . وإذ نزل فى بطلمايس ، جمع حوله قوات واستدعى أسرته من ماسادا ، وشرع في مهمته الشاقة فى إخضاع الاقليم . وكان الجليل على استعداد للثورة حالما يعطيه هيرودس ظهره ، وكان القواد الرومانيون الذين أمرهم القيصر بمساعدة هيرودس ، قد استطاع أنتجونس زن يرشوهم ، فلم يقوموا بواجبهم فى مساعدة هيرودس ، ولكنه استطاع أخيراً الحصول على معونة روما له بفرقتين أرسلهما له أنطونيوس بقيادة ” سوسيوس
” ( Sossiws )
فحوصر أنتجونس في أورشليم ، وإذ شعر هيرودس أن سقوط المدينة أصبح وشيكا ، انتهز الفرصة وتزوج من ماريامنة من السامرة . وبعد حصار دام خمسة أشهر ، سقطت أورشليم فى يده ، وقُتل أنتجونس ، وبمقتله ضاع كل أمل لليهود فى استقالهم القومي
.

ولكن هذا الانتصار لم يحل كل مشكلات هيرودس ، فقد ظهر خطر جديد فى أطماع كليوباترا ملكة مصر ، وكان أنطونيوس الذى جعل من أسيا منطقة لنفوذه ، قد وقع أسيراً مثلما وقع يوليوس قيصر من قبل – أسيراً لجمالها وفتنتها ، واستطاعت بدهائها أن تقنع أنطونيوس بأن يمنحها العديد من مدن هيرودس ، والإصرار على أن يعلن هيرودس الحرب على العرب ، على أمل اضعاف الجانبين ، حتى تستطيع هي أن تلتهم ممتلكاتهم . ولكن هيردوس استطاع أن يخرج من هذه الحربب ظافراً
.

كان هدف كليوبترا الحقيقي هو أن تقيم في الشرق دولة تنافس قوة روما فى الغرب . وعندما وضح أن أنطونيوس قد ألقى قرعته معها ، أصبحت الحرب مع روما أمراً محتوماً . وباعتبار هيرودس صديقا لأنطونيوس كان يريد أن يساعده ، وكان يود لو يذهب معه إلى القتال ، ولكن كليوبترا التى كانت تغار دائما من هيرودس ، لم تسمح بذلك . وفى معركة اكتيوم البحرية ( 31 ق.م. ) انتصر أوكتافيوس ، واضطر جيش أنطونيوس للاستسلام ، وأبحرت كليوبترا إلى مصر ، وتبعها أنطونيوس ، وأخيراً انتحر كلاهما
.

ولاء هيرودس لأنطونيوس ، جعله فى موقف خطير بالنسبة للمنتصر ، ولكنه بدلاً من التماس العفو ، أعلن جهاراً صداقته لأنطونيوس ، معطيا الانطباع بأنه يمكن أن يكون نافعا لأوكتافيوس ، كما كان نافعا لأنطونيوس . وكان هذا تكتيكاً بارعاً ، فلم يكتف أوكتافيوس بالصفح عنه ، بل أيضا رد له المدن التى كانت كليوباترا قد استقطعتها من أملاكه ، وبذلك وسَّع من أملاكه باضافــــــة

مناطق عديدة فى الشرق والشمال الشـــرقى من بحر الجليل
.

وإذ تخلص من هذا المأزق ، حكم حكماً طويلاً ناجحاً ، لأن انتصار أوكتافيوس ( الذي أصبح أوغسطس قيصر ) حقق السلام الرومانى ، فقد انتهى الصراع الذي شوه الأيام الأخيرة للجمهورية . ولكن كارثة حاقت بأسرة ملك اليهود ، فقد حدث نفور بينه وبين زوجته ماريا منه بسبب مضايقات أمها – ألكسندرة المستمرة . وفوق هذا استطاعت أخته سالومي – التي كانت تغار بشدة مــــــــــن

ماريامنة المكابية – تبذر بذور الشك فى عقل هيرودس من جهة أمانة ماريامنة . ومع أن اتهاماتها كانت على غير أساس ، فإن هيرودس بدأ يصدقها ، وأخيراً أمر بإعدام زوجته ، ولكنه ندم بعد ذلك ندماً شديداً ومرض من الحزن ، وظن أطباؤه أنه سيموت . ومع أنه شفي من مرضه بمرور الوقت ، فإنه لم يعد أبداً إلى ما كان عليه أولا ، لأن الجانب المشرق من طبيعته كان قد اختفى ، وأصبح رجلاً معكر المزاج ، كثير الشك ، مما كان سبباً فى تفاقم النزاع بين نسائه وداخل أسرته
.

(
هـ) أعماله : وقد وجد هيرودس متنفسا للضغوط الواقعة عليه ، فى توجيه اهتمامه إلى الأشغال العامة التى تضفى عليه هالة من العظمة . وكان أعظم هذه الأعمال اعادة بناء الهيكل فى أورشليم وتوسيعته مستخدما فى ذلك ألف كاهن ممن سبق تدريبهم على أعمال البناء . بالإضافة إلى الآلاف من العمال الآخرين . وقد بدأ العمل فيه فى 20 ق.م. ولم يكن قد انتهى العمل فيه فى أيام الرب يسوع المسيح . وكانت تقوم فى الركن الشمالى الغربى منه قلعة أنطونيا التى أسماها على اسم أنطونيوس صديقه القديم . وأقام قصره هو خارج الهيكل على مساحة رحبة ، وزخرفه زخرفة رائعة ، وأطلق على جناحيه اسم ” أوغسطس قيصر ووزيره أغريباس . كما أعاد تشييد السامرة وحصنها وأطلق عليها اسم ” سيبسطة ” ( وهو اللفظ اليونانى ” لأوغسطس ” ) . وفى برج ستراتو على ساحل البحر المتوسط بنى حاجزاً للأمواج ، وهكذا جعل منها ميناء ، كان ساحل فلسطين الغربى فى حاجة إليها ، وأطلق عليها اسم ” قيصرية ” . وكانت المدينة تحتوى على ميدان للألعاب تجرى فيه المسابقات دوريا. وعلى بعد بضعة أميال إلى الجنوب منها بنى هيرودس مدينة ” أنتيباتريس ” تخليداً لاسم أبيه ، وكانت محطة على الطريق إلى أورشليم ( أع 23 : 31 ) . وإلى الشمال بعيداً ، شيد معبداً لروما والإمبراطور فى ” بانيون ” وهى المعروفة باسم ” قيصرية فيلبس ” فى الأناجيل . وشيد حصوناً عديدة فى مواقع مختلفة لمنع قيام ثورات ، كان أحدها بالقرب من أريحا ، وأطلق عليه اسم ” سيبروس
” .

وإظهاراً لكرمة وسخائه ، أقام هيرودس – ملك اليهود – معابد فى مجتمعات خارج حدود مملكته ، إذ رغم ما أبداه من ولاء لإله اليهود ، كان فى داخله وثنيا ، ولكى يرضى شعبه من اليهود ، أكـد لهم أنه كملك فى خدمة روما ، عليه أن يسايرهم فى ممارساتهم . كما أعان ماليا الألعاب الأوليمبية التى كانت فى حاجة إلى ذلك . وكان سخاؤه للمجتمعات الأجنبية التى امتـدت إلى أثينا واسبرطة ، إنما لاثبات ولائه الشديد للحضارة الهيلينية ، ولمعاونة اليهود فى الشتات ، مما كان موضع شكر ، لم ينل مثله من رعاياه
.

وقد حكم هيرودس رعاياه بيد من حديد . ويقول يوسيفوس إن هيرودس كان فى بعض الأوقات يلبس ثياب مواطن عادي ، ويختلط بالجماهير ليعلم ما يقولون عنه . وأي مؤامرة كانت تقابل بسرعة وبشدة بالغة . وفي الناحية الأخرى ، ففى سنة القحط والتهديد بمجاعة كان الملك – بتضحية بالغة منه – يستورد القمح من مصر لإنقاذ حياة الكثيرين من الناس
.

ويلخص يوسيفوس الأمرين ، بالقول : ” لقد ضمن خضوع الشعب بطريقين : الخوف إذ كان عنيفاً فى عقابه ، واظهار العطف الشديد فى حالة الأزمات
.

ولكن هذا المجد الخارجى لحكم هيرودس كانت تعكره المتاعب العائلية التى ظلت تحاصره . فبعد أن تخلصت سالومى – أخته – من ماريامنة ، بدأت تتآمر على ولديه من ماريامنة : أرستوبولس وألكسندر ، مدعية لهيرودس أنهما يتآمران ضده . وللخلاص من مؤامراتهما المزعومة ، جاء بأنتيباتر – ابنه من زوجته الأولى دوريس – وجعله فى مكان الحظوة والصدارة . فازدادت المؤمرات من الجانبين . وشكا هيرودس ابنيه من ماريامنة فى محضر أوغسطس قيصر ، الذي عقد صلحا مؤقتاً بينهم ، انتهى أخيراً باعدام الشابين . وقد جعل السخط العام على معاملة هيرودس لابنيه ، حياته بائسة وأقل أمنا مما كانت قبلاً
.

وفى العقد الأخير من حياته ، أصبح أكثر توتراً ، ومن الصعب جدَّا التعامل معه ، وفترت علاقة أوغسطس قيصر به ، مما أضر به فى العديد من النواحي . وبالرغم من كل جهوده ، عجز عن استرضاء الفريسيين وكسب تأييدهم . وفوق الكل ازداد جوه العائلى سوءاً ، فقد كان لهيرودس عشر زوجات ، وكانت أخته سالومى لا تكف عن نسج المؤامرات على زعم مساعدة هيرودس . كما كان أنتيباتر أيضاً يلعب نفس اللعبة لصالحه ، كما تورط فيروراس – أخو هيرودس فى مؤامرة مع أنتيباتر لقتل هيرودس بالسم ، وكان هذا تصرفاً غبيا من أنتيباتر ، إذ كان هيرودس قد كتب وصيته بأن يخلفه أنتيباتر ، ولكن أنتيباتر نفد صبره إذ طال عمر هيرودس
.

وكان من أعمال هيرودس الأخيره ، أنه أمر بقتل ابنه أنتيباتر وتغيير وصيته لصالح ابن آخر هو أرخيلاوس
.

ومذبحة أطفال بيت لحم ، التى أمر بها هيرودس في الأيام الأخيرة من حكمه ( مت 2 : 16 ) تتفق تماماً مع حقائق حياته ، فقد اشتهر بتعطشه لسفك الدماء ، الذي ظهر فى مواقف عديدة ، كما كان شديد الخوف من أي مؤامرة على عرشه . وقد جعلته تصرفاته المتهورة – فى أيامه الأخيرة ، وقد قارب السبعين من العمر – يبدو مجنونا. وقد ظهر هذا على أقوى صورة ( كما يذكر يوسيفوس ) فى استدعائه وجهاء الأمة لمقابلته فى أريحا – عندما أحس بدنو أجله – فلما جاءوا ، أمر بحبسهم فى ميدان السباق ، وأصدر الأمر بقتلهم جميعاً فى لحظة وفاته ، ليكون هناك نوح عام عند موته . ولكن هذا الأمر الفظيع – من رجل محبط مر النفس – لم ينفذ . ومات هيرودس الكبير فى 4 ق.م
.

 

 

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي