هيكل زربابل

 

(3)
هيكل زربابل

 

بعد ثمانية وأربعين عاماً من تدمير نبوخذ نصر لهيكل سليمان ، انتهت الإمبراطورية البابلية ( 538 ق.م.) وحلت محلها الإمبراطورية الفارسية بانتصار كورش ملك فارس . وفي السنة التالية اصدر كورش الملك أمراً بعودة اليهود المسبيين ، إلى بلادهم وإعادة بناء الهيكل فى أورشليم ( 2 أخ 36 : 23 ، عز 1 : 1 – 4 ) ولم يقتصر الأمر علىأن يأمر كورش بإعادة أوانى الهيكل المقدسة ( عز 1 : 1 – 11 ) ، بل أمر داريوس الملك أيضاً بأن تُغطى النفقـــــــــة ( التكاليف ) من بيت الملك وأمر حكام الولايات الواقعة غربى الفرات بأن يقدموا لليهود كل ما يلزم لبناء الهيكل وتقديم الذبائح أيضاً ( عز 6 : 3 – 12
) .

عادت الجماعة الأولى من المسببين – ولم يتجاوز عددهم أربعين ألفا – بقيادة ” شيشبعر رئيس يهوذا ” ( عز 1 : 8 و 11 ) ، والذى يرجح الكثيرون أنه الاسم البابلى لزربابل الذى يسمى ” والى يهوذا” ( حج 1 : 1 ) وكان معهم أيضاً يشوع أو يهوشع الكاهن العظيم ( عزه : 5 ، زك 3 : 3
) .

وكان أول عمل قاب به يشوع وزربابل هو بناء المذبح فى موقعه القديم ، في الشهر السابع من عودتهم من السبي ، وقدموا عليه الذبائح ( عز 3 : 3 ) ، وطلبوا من الصيدونيين والصوريين فأمدوهم بخشب أرز من لبنان لبناء بيت الله ( عز 3 : 7 ) . ووضعوا أساس الهيكل فى السنة الثانية باحتفال عظيم وسط بكاء الرجال المسنين الذين رأوا البيت السابق الذي بناه سليمان ( عز 3 : 8 – 13
) .

ولكنهم قوبلوا بمعارضة شديدة من السامريين وغيرهم ، الذين أرادوا أن يشاركوهم فى بناء البيت ، ولكن زربابل ويشوع وبقية رؤوس الآباء رفضوا هذا العرض . فأرسلوا شكوى لملك فارس ، كان من نتيجتها أن توقف العمل في بناء الهيكل مدة خمسة عشر عاماً إلى السنة الثانية من ملك ” داريوس هستاسبس “( 250 ق.م . – عز 4
) .

وجاء النبيان حجي وزكريا وأيقظا حماسة الشعب – التى كانت قد فترت ، فاستصدروا إذنا جديداً من الملك ، واستأنفوا البناء بسرعة حتى تم في 516 ق.م . واحتفلوا بتدشينه بفرح عظيم ( عز 5 ، 6
) .

وليس لدينا سوى القليل من المعلومات عن هذا الهيكل . لقدبُني على نفي الموقع القديم . وعدم مضاهاته هيكل سليمان في العظمة والفخامة ( عز 3 : 12 ، حج 2 : 3 ) لا علاقة له بحجم الهيكل وأبعاده ، فإن مجد البيت الأول – المشار إليه – إنما يشير إلى فخامة المبنى وما كان يزدان به هيكل سليمان من ذهب وفضة وحجارة كريمة ، ووجود تابوت العهد به ، الذى لم يكن فى هيكل زربابل . وتذكر المشنا ( أحد كتب التلمود اليهودي ) أن هذا الهيكل كانت تنقصه خمسة أشياء : التابوت ، والنار المقدسة ، وسحابة المجد ، والروح القدس ، والأوريم ،التميم
.

وكان الهيكل مقسما مِثل سابقه – إلى القدس وقدس الأقداس بنفس النسب بلا شك . ونجد إشارة إلى الحجاب الذي كان يفصل بين القسمين فى 1 مل 1 : 22 . ولم يكن في قدس الأقداس شىء سوى حجر كان يضع عليه رئيس الكهنة المنجرة في يوم الكفارة
.

أما القدس فكان ، أدواته : المذبح الذهبي ( أي مذبح النجور ) ، ومائدة واحدة لخبز الوجوه ، ومنارة ذات سبع شعب . وقد أخذ هذه جميعها أنطيوكس إبيفانس ( 1 مك 1 : 21 و 22 ) . ولكن جددها بعد ذلك يهوذا المكابي الذي قام بتطهير الهيكل مما دنسه به أنطيوكس ، كما هدم يهوذا المذبح المدنس وبنى مذبحاً جديداً ( 1 مك 4 : 41 – 50 ) وأصبح ذلك اليوم أساساً للاحتفال ” بعيد التجديد ” ( يو 10 : 22
) .

وما جرى لهذا الهيكل بعد ذلك نجده مفصلا فى سفر المكابيين الأول وفي تاريخ يوسيفوس ، وفي الإصحاح الخمسين من سفر يشوع ابن سيراخ ( الأبوكريفي ) حيث نقرأ أن سمعان بن أونيا الكاهن العظيم رمم البيت وبنى سوراً شامخا حول الهيكل ( 50 : 1 ر 2
)

كما قام يوناثان المكابي بعمل المزيد من التحصينات ، وكذلك يوحنا هركانس ( 134 – 103 ق.م. ) الذي كان أول ملك أسموني يشغل مركز رئيس الكهنة أيضا . ومن المعروف أن هركانس هو الذي بنى القنطرة الكبيرة فوق وادى التيروبيون ، والتى ربطته بفناء الأمم . كما أن ” الكسندريانيوس ” ( 101 – 75 ق.م.) هو الذي بنى الدوايزين الذي يفصل فناء الكهنة عن فناء إسرائيل . وقد تعرض الهيكل للتخريب عند استيلاء بومبي – القائد الروماني – على أورشليــــــم ، واقتحانه للهيكل في يوم الكفارة ، بعد حصار دام ثلاثة أشهر . وكذلك عند اقتحام هيرودس لأورشليم ( 37 ق.م
. ) .

 

 

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي