مصر

 

أولاً – الاسم : كان قدماء المصريين يطلقون على بلادهم اسم ” كيمي : أي ” الأرض السوداء ” وذلك بالنسبة لتربة الأرض الطينية ، التي غطى بها نهر النيل ضفتيه ، بالمقارنة بالرمال الذهبية التي تغطي الصحراء الشاسعة التي تكتنف وادي النيل من الجانبين
.

كما كانوا يسمونها ” توا ” أي ” الأرضين ” أي مصر العليا ( الوجه القبلي ) ، ومصر السفلى ( الوجه البحري ). أما اليونانيون فقد أطلقوا عليها اسم ” إيجيبتس
” (Aigyptos)
ومنها كلمة ” قبط ” منذ أيام هوميروس ، تحريفاً للاسم الفرعوني ” ها – كو – بتاح ” أي ” بيت روح بتاح ” الذي كان يطلق على مدينة ” منف ” عاصمة البلاد. أما العبرانيون فقد أطلقوا عليها اسم ” مصرايم “وهي كلمة في صيغة المثنى أي ” المصْريْن ” وهو على الأرجح إشارة أيضاً إلى مصر العليا ومصر السفلى ، ومنه جاء اسم ” مصر ” في العربية
.

ثانياً :مصر في الكتاب المقدس : يرد اسم مصر كثيراً في الكتاب المقدس ، فإليها نزل إبراهيم عندما حدث جوع شديد في أرض كنعان ( تك 12: 10-20، 13: 1). وإليها جاء يوسف بعد أن باعه إخوته عبداً ، لقافلة من المديانيين النازلين إلى مصر ، فباعوه في مصر لفوطيفار رئيس شرطة فرعون(تك 37: 28و36). وفي مصر كان الرب مع يوسف فأصبح الوزير الأول لفرعون ملك مصر (تك 41: 37-46). واستدعى يوسف أباه يعقوب وأسرته للإقامة في أرض جاسان في شرقي الدلتا ( تك 46: 1-47: 5). وظل بنو إسرائيل في مصر نحو أربعمائة سنة ، إلى أن خرجوا منها بقيادة موسى بعد الضربات العشر التي أجراها الرب على أرض مصر . ولما طاردهم فرعون بجيوشه ، شق الرب أمامهم البحر الأحمر ، فعبروه على أرض يابسة إلى برية سيناء ( خر 13: 17-14: 31
).

وأخذ سليمان بنت فرعون مصر زوجة له ( 1مل 3: 1). وهرب يربعام بن ناباط من وجه سليمان الملك إلى مصر (1مل 11: 40، 42: 2). وبعد ذلك صعد شيشق ملك مصر إلى أورشليم ، وأخذ أتراس الذهب التي عملها سليمان ( 1مل 14: 25و26
).

وأراد هوشع ملك إسرائيل أن يتحالف مع سوا ملك مصر ضد أشور ( 2مل 17: 3و4) . وفي أيام يوشيا ملك يهوذا ، صعد فرعون ” نخو ” ملك مصر على ملك أشور ، إلى نهر الفرات ، فلما اعترض يوشيا طريقه ، قتله في مجدو ( 2مل 23: 29و30). كما كانت مصر موضوع الكثير من نبوات الأنبياء ( انظر مثلاً إش 7، 11، 19، 23، 27، إرميا 44، 46، حز 30: 32، دانيال 11
).

وبعد استيلاء نبوخذ نصر على أورشليم وتدميرها في 586 ق.م. نزل بعض رؤساء يهوذا آخذين معهم إرميا النبي ، إلى مصر ( إرميا 43: 4-7). وفي مصر تكاثروا . وترجم بعض اليهود في الإسكندرية ، العهد القديم من العبرية إلى اليونانية فيما بين 250-150 ق.م. وهي الترجمة المعروفة باسم ” السبعينية ” ، والتي استخدمها الرسل ، واستخدمتها الكنيسة في القرون الأولى في الكرازة للأمم
.

وعندما أراد هيرودس الكبير أن يقتل الطفل يسوع أمر الملاك يوسف أن يأخذ الصبي وأمه ويهرب إلى مصر ، حيث مكثوا في مصر إلى أن مات هيرودس الكبير ( مت 2: 13-23). وفي يوم الخمسين كان بين من سمعوا خطاب بطرس يهود من ” مصر ” ممن جاءوا ليعيدوا في أورشليم( أع 2: 10
).

ثالثاً – جغرافية مصر : مصر – كما قال هيرودوت – ” هبة النيل ” ، فلولا النيل ، ما كانت مصر . فمنذ عصور جيولوجية قديمة ، ظل النيل يترك عند انحسار فيضانه ، طبقة رقيقة من الطمي على ضفتيه ، وهكذا تكوَّن هذا الشريط شديد الخصوبة الذي قامت عليه حضارة مصر الشهيرة ، والذي تحف به الصحراء على الجانبين . كما أن النيل هو مصدر المياه لري هذه الأراضي الخصبة ، فعلى مياهه تتوقف الزراعة في مصر ، حيث لا يزيد معدل سقوط الأمطار عن 6-8 بوصات سنوياً على سواحل البحر المتوسط ، وبمعدل بوصتين أو أقل على القاهرة ، وأقل من ذلك على الصعيد
.

وتعترض مجرى النيل في جنوبي مصر وشمالي السودان ستة جنادل تعوق الملاحة في هذا الجزاء . وهي أساساً أكوام غير منتظمة من الحجارة التي لم يستطع النهر أن يجرفها في طريقه . ويبلغ عرض وادي النيل بين سلستي التلال الغربية والشرقية ، ما بين عشرة أميال إلى واحد وثلاثين ميلاً فيما بين القاهرة وأسوان . وتبلغ مساحة هذا الشريط المنزرع نحو 000,5 ميل مربع
.

ولكن مصر لا تتكون من هذا الشريط فقط ، إذ هناك الدلتا إلى الشمال من القاهرة ، وقد تكونت من طمي النيل ، ويبلغ متوسط طولها من الشمال إلى الجنوب نحو 125 ميلاً ، كما يبلغ متوسط عرضها من الشرق إلى الغرب نحو 115 ميلاً ، وتمتاز بخصوبتها العالية ، وتبلغ مساحتها نحو 000,5 ميل مربع، مما يجعل المساحة القابلة للزراعة نحو 10.000 ميل مربع ، أي نحو ستة ملايين من الأفدنة في كلا الوجهين
.

وتوجد إلى الغرب من الوادي ، سلسلة من الواحات أكبرها الفيوم التي تبعد إلى الجنوب الغربي من القاهرة بنحو سبعين ميلاً ، وفي وسطها بحيرة قارون التى تبلغ مساحتها الحالية نحو 90 ميلاً مربعاً ، وعمقها نحو 17 قدماً ، ويحيط بها نحو نصف مليون فدان من الأرض الخصبة
.

وتمتد مصر السفلى نحو 125 ميلاً ( كما سبق القول ) من البحر المتوسط إلى القاهرة ، ثم تمتد مصر العليا نحو 600 ميل من القاهرة إلى أسوان . وقد امتد حكم مصر قديماً إلى الجندل الرابع في بلاد النوبة ، أي أن حكمها امتد نحو 1.100 ميل جنوبي البحر المتوسط
.

وكان أهم موارد مصر هي تربتها الخصبة على ضفتي النيل ، فكان الفلاحون، عند انحسار مياه الفيضان ، يزرعون الشعير والقمح ، والبصل والكرات ، والفول والعدس وغيرها . وكان أشهر الفاكهة عندهم البلح والتين والعنب . وكانوا يستخرجون الزيت من بذور الخروع والسمسم أكثر مما من الزيتون ، كما في سائر بلاد البحر المتوسط . وكانوا ينسجون ألياف الكتان لصناعة الثياب ، ويربون الماشية التي كان أهمها البقر والثيران والغنم والماعز والخنازير والحمير والخيل
.

كما تملك مصر ثروة من الأحجار ، فتقوم جبال الجرانيت بين البحر الأحمر والنيل ، كما توجد بصحراء مصر رواسب من المرمر وغيره من الأحجار الثمينة . وإلى الجنوب من أسوان توجد جبال الجرانيت النوبية ، وتشتهر محاجر أسوان بأجود أنواع الجرانيت الأحمر . كما كان يكثر الذهب في عروق الكوارتز في جبال النوبة ” شرقي النيل ” ، كما استغل قدماء المصرين مناجم النحاس والفيروز في سيناء على مدى عصورهم التاريخية الهامة . كما كان يوجد في العصور القديمة ، بعض الأخشاب في النوبة ، استخدمت في بناء القناطر التي تحملت الحجارة الثقيلة التي استخدمت في بناء الأهرامات و المعابد وغيرها من المباني الرائعة التي خلفها قدماء المصريين
.

وكان النيل نفسه صالحاً للملاحة في معظم أجزائه ، فكانت السفن تسير شمالاً مع التيار ، وتسير جنوباً ضد التيار ( بسرعة 3ميل/ساعة ) بفعل الرياح الشمالية السائدة . وفي الواقع كان النيل هو طريق المواصلات في مصر القديمة . فكانت الدواب تحمل البضائع حتى شاطئ النيل ، ثم تحملها السفن بعد ذلك .و بالإضافة إلى السفن التي كانت تقطع النهر شمالاً وجنوباً ، وكانت هناك قوارب للتعدية ، للانتقال بين ضفتي النهر
.

وكان ينمو على جوانب النهر ، نبات البردي الذي كانت تصنع منه الصحائف للكتابة عليها. كما كانت تقوم علي ضفتي النهر صناعة الفخار والطوب اللبن الذي كانت تبنى به بيوت الفقراء
.

ولقد عاش قدماء المصريين في شبه عزلة وسلام نسبي داخل واديهم ، فكانت الجنادل في الجنوب ، والصحاري وتلالها في الشرق والغرب ، والبحر المتوسط في الشمال ، تحمي مصر من الغزو الخارجي ، مما أتاح للمصريين التفرغ لإبداع حضارتهم الرائعة. وكانت التأثيرات الخارجية يمكن أن تتسلل من خلال الطرفين الشماليين للدلتا، فكان هناك غزو حضاري سامي من الشرق ، وغزو ليبي- الأرجح أنه أوربي الأصل – من الغرب . وقد بُنيت الحصون والقلاع في الجهتين . وكانت هذه الحواجز الطبيعية ، وسطوع الشمس في أغلب أيام السنة، ووفاء النيل ، مما يبعث الأمان والثقة في قلوب المصريين ، والاطمئنان إلى موارد الرزق ، وهو ما لم يكن يتوافر بهذه الصورة لسائر شعوب الشرق الأوسط القديم
.

رابعاً – التاريخ : (أ) كان قدماء المصريين حاميين أصلاً ( تك 10: 6) ، ولكن منذ العصور القديمة جاء إليهم أقوام من بابل من أصل سامي ، وتركوا طابعهم على اللغة والحضارة . كما هاجرت إليهم عناصر من النوبة ، وامتزجت كل هذه الدماء ليخرج منها الشعب المصري القديم . فإن كانت مصر حامية أساساً، إلا أن الأصح هو القول بأنها كانت حامية سامية . ثم تحركت بعض العناصر الزنجية من النوبة ، كما جاء الآسيويون عن طريق برزخ السويس إلى الدلتا ، كما هاجرت إليها عناصر من شعوب البحر المتوسط منذ عصور مبكرة . ولكن رغم هذا التنوع في أصولهم ، كان قدماء المصريين يحسون بأنهم أمة واحدة وشعباً واحداً متميزاً ، وكانوا متوسطي القامة، أميل إلى النحافة ، ولكن أقوياء البنية، لهم رؤوس مستديرة ووجوه بيضاوية . وكانوا يحلقون لحاهم بينما كان الأسيويون يربونها
.

(
ب) أقدم الحضارات : كشف الأثريون سلسلة من الحضارات التي سبقت عصر الأسرات ، فهناك حضارات حلوان وتاسا والبداري ومرمدة بني سلامة ونقادة والعُمرة والفيوم ودرزة والمعادي وغيرها، ويرجع أغلبها إلى نحو 5000 سنة قبل الميلاد. وقد أتقنوا المهارات الفنية الأساسية ، وتعلموا كيف يبدعون حضارة بأقل الموارد. لقد أنشأوا نظاماً دقيقاً للري للمحافظة على برنامج زراعي ناجح . ومنذ عصور مبكرة جداً ، اكتشفوا كيف يصنعون الثياب من ألياف الكتان . كما صنعوا القوارب من عيدان البردي وأغصان الأشجار التي كانت تنمو على شواطئ النيل . وصنعوا الطوب من الطمي وجففوه في الشمس ، واستخدموه في البناء . كما صنعوا الأواني الفخارية ، وكانت في البداية صناعة يدوية ، ثم ظهر الدولاب في عهد الأسرات الأولى
.

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس تفاسير أخرى عهد جديد سفر رؤيا يوحنا اللاهوتى نظرة إجمالية إلى قلب الرؤيا ا

وظهرت الكتابة في مصر في أواخر عصر ما قبل الأسرات . وكانوا يسمون كتابتهم ” الهيروغليفية ” ( أي العلاقات المقدسة أو ” كلمات الله ” ، إذ كانوا يعتقدون أنها من مصدر إلهي وينسبونها إلى ” توت ” إله الحكمة.وحوالي 2700ق.م. تعلموا صناعة ورق الكتابة من عيدان البردي ، بوضع شرائط من لب نبات البردي على طبقتين ، متعامدتين ، ولصقهما ببعضهما. وحوالي نفس الوقت، تعلموا قطع الحجارة من المحاجر، وكان يتم ذلك عادة ، بعمل شق حول القطعة التي يراد فصلها ، ويدقون في هذا الشق أسافين من الخشب الجاف ، ثم يبللونها بالماء ، فتنتفخ ، وتفصل قطعة الحجر عن الجبل. كما كانوا – أحياناً – يوقدون النار في ذلك الشق لتسخين الحجر ، ثم يصبون ماء عليه لفصله عن الكتلة الأصلية
.

(
ج) توحيد البلاد : فيما قبل نحو عام 3100ق.م. كانت مصر تتكون من قطرين منفصلين ، هما : مصر العليا ومصر السفلى. وفي نحو عام 3100ق.م.غزا ملك مصر العليا، مصر السفلى ووحد القطرين تحت حكمه. ورغم ذلك ظل هذا الانقسام يلقي بظله أمداً طويلاً ، فكان يطلق على البلاد اسم ” الأرضين ” ، وكان الفراعنة يلبسون تاجاً مزدوجاً يجمع بين تاجي الوجهين القبلي والبحري . وكان قصر الملك في منف يسمى ” القصر المزدوج
“.

وينسب توحيد القطرين إلى الملك نرمر ( نعرمر أو مينا ) الذي يعتبر مؤسساً للأسرة الفرعونية الأولى لمصر الموحدة ، كما سجله الكاهن المصري


مانيثون ” ( من منتصف القرن الثالث قبل الميلاد) ، وقسم حكم الفراعنة إلى ثلاثين أسرة، من بدء توحيد القطرين إلى نهاية حكمهم باستيلاء الاسكندر الأكبر على البلاد في 332 ق.م. ويقسم المؤرخون هذا التاريخ من بدء الأسرة الأولى ، إلى
:

(1)
عصر الأسرات الأولى ( 3100-2700 ق.م.) ، وهي فترة حكم الأسرتين الأولى والثانية ، في الكاب ( أمام هيراقونبوليس وهي الكوم الأحمر بالقرب من ادفو ) على بعد نحو 300 ميل إلى الجنوب من القاهرة ، وقد اكتشف فيها لوح


نرمر ” وعليه صورة الملك ممسكاً بشعر أحد الأعداء ، وبيده الأخرى دبوس لتحطيم رأسه ، ويلبس الملك على رأسه تاج الوجه القبلي ، وتبدو على منطقته الآلاهة ” هاتور”. وقد أسس مدينة منف لتكون عاصمة إدارية أخرى للبلاد . وقد أطبقوا قبضتهم على البلاد وأقروا نظرية أن الملك ينتمي إلى الآلهة . وبدأت الاتصالات بالعالم الخارجي ، وبخاصة ببلاد بين النهرين .وقد اكتشف مدافنهم في الصحراء بالقرب من أبيدوس ( العرابة المدفونة) غربي البلينا
.

(2)
الدولة القديمة : ( 2700-2200 ق.م. ) ، وتشمل الأسرات من الثالثة إلى السادسة , وتشتهر هذه الفترة من تاريخ مصر القديم ببناء الأهرامات .وكانت عاصمتهم في منف ( المذكورة في الكتاب المقدس باسم ” نوف ” –انظر مثلاً إش 19: 13، إرميا 2: 16..إلخ ) إلى الجنوب الغربي من القاهرة . وكانت لهم علاقات قوية بفينيقية . وفي عهدهم ارتفع مستوى الفنون
.

وكان أول ملوك الأسرة الثالثة هو ” زوسر ” الذي بنى هرم سقارة المدرج الذي يتكون من ست مصاطب ، وهو أول بناء حجري ضخم في التاريخ، ويبلغ ارتفاعه 190 قدماً،وكان مهندسه هو ” إيمحتب ” وزيره الأول ، الذي رفعوه بعد ذلك إلى مرتبة الألوهية ، ونسبوا إليه بدايات علوم المعمار والآداب والطب ، وهو عند اليونانيين إله الطب ” أسكليبيوس
” (asklepios).

وكان فراعنة الأسرة الرابعة بناة أهرام الجيزة الثلاثة فيما بين 2600- 2500 ق.م. والهرم الأكبر الذي بناه الملك خوفو يشغل مساحة 13 فداناً ، وكان ارتفاعه أصلاً 481 قدماً ويتكون جسم الهرم من 2.300000 كتلة من الحجر الجيري ، ويبلغ متوسط وزن الحجر الواحد طنين ونصف الطن ويبلغ ارتفاع الهرم الثاني ( الذي بناه ابنه الملك خفرع ) 447.5 من الأقدام . فهو لا يقل كثيراً عن الهرم الأكبر . ويتبع هرم خفرع تمثال أبي الهول الذي يقع إلى الشرق منه، والأرجح أن وجهه يمثل وجه الملك خفرع ، وجسمه على صورة أسد رابض. ويبلغ ارتفاع الهرم الثالث الذي بناه الملك ” منكاورع ” ( منقرع ) 204 أقدام
.

وتوجد تسع مناطق الأهرامات تمتد على طول الشط الغربي للنيل ، من منطقة الجيزة إلى جنوبي منطقة منف والفيوم . وفي عهد الأسرتين الخامسة والسادسة ، ظهرت ” نصوص الأهرامات ” ، وهي نقوش محفورة وملونة ، تحتوي على تعاويذ سحرية ، ترانيم . وكانوا يفترضون أنها تساعد الميت في الحياة الأخرى
.

وقد ازدهر الفن المصري القديم في عهد أسرات الدولة القديم ، وكان الملك والآلهة يُرسمون في أشكال رائعة، إذ كان الفن يجنح إلى الخيال أكثر مما للمنظور والواقع . كما كانت أهمية الشخص هي التي تحدد حجم صورته. ففي تصوير معركة مثلاً ، كانت صورة الملك هي أكبر صورة ، وتبدأ الصور تتصاغر بحسب الأهمية من ضباط فجنود ، وكان الأعداء هم الأصغر حجماً
.

كما كان الفن يميل إلى رسم قصة متحركة أكثر منه لقطعة ثابتة . فمثلاً لتصوير صناعة النبيذ ، كان المنظر يشمل قطف عناقيد العنب ، ثم دوسها بالأقدام لاستخراج العصير منها ، ثم تخزين العصير في الجرار
.

ومن الواضح أيضاً تقدم علوم الطب في الدولة القديمة. ومع أن مصدر معلوماتنا عن الطب المصري القديم ، هي برديات الدولة الوسطى ، فإن هناك بعض الدلائل على أنه يرجع إلى ما قبل ذلك بكثير . ويبدو أن قدماء المصريين عرفوا شيئاً عن الدورة الدموية ، فذكروا سمع ” ضربات القلب ” . وكان ذلك الطب خليطاً من الوصفات الشعبية والرقي والتعاويذ والخبرات العلمية.وتعتبر بردية إدوين سميث دراسة رائعة في الجراحة وبخاصة في معالجة كسور العظام
.

وفي عصر الأسرة السادسة ، بدأت الدولة القديمة في الانحلال أضعف شخصية ملوكها وتمرد نبلائها ، مع متاعب مالية ، وغارات النوبيين في الجنوب ، والهجمات الأسيوية في الشمال الشرقي
.

(3)
الفترة الأولى من الحكم الإقطاعي ( الأسرات من السابعة إلى الحادية عشرة – 2200- 2050 ق.م
.).

في زمن الدولة القديمة كان هناك استقرار سياسي ، وازدهار اقتصادي . وكان النيل يوفي بفيضانه كالعهد به ، دون أن يكون كاسحاً مدمراً ، فكان هناك طعام لكل فم، وكان كل شيء يسير على ما يرام لتحقيق التوافق والتناغم في الحياة
.

ولكن في أواخر أيام الأسرة السادسة بدأت السلطة المركزية في الانهيار، وضعفت سلطة الملك ، فتدهورت الأحوال وتفشى النهب والسلب ، واستقل الأشراف كل واحد بمنطقته ، واتخذ كل منهم لنفسه لقب ” ملك ” ، رغم وجود ملك في ” منف ” في أيام الأسرة السابعة ، وفي ” أبيدوس ” في أيام الأسرة الثامنة ، وفي ” أهناسيا

(
هراقليوبوليس ) في أيام الأسرتين التاسعة والعاشرة . وفي أيام الأسرة العاشرة الأهناسية ، ظهرت في طيبة أسرة قوية ، كان أعضاؤها يرون في أنفسهم أنهم أحق بالملك من الأسرة الأهناسية ،فأعلنوا عدم خضوعهم لأهناسيا ، واستطاعوا أن يوحدوا البلاد تحت سلطانهم ، و يؤسسوا الأسرة الحادية عشرة ، و كان مؤسس هذه الأسرة هو ” أنيوتف الأول” ، وكان من أشهر ملوكها ” منتوحوتب الثاني ” (2061 –2010 ق.م.) الذي سقطت في يده أهناسيا نفسها . وهكذا كان أول ملك من ملوك طيبة ,يصبح ملكاً للوجهين القبلي و البحري , ويعيد للحكومة هيبتها ، فيستتب فيها الأمن و السلام . و بذلك يعتبر مؤسس الدولة الوسطي وبداية عصر جديد
.

(4)
الدولة الوسطى (2050- 1780 ق.م.الأسرة الثانية عشرة ). وكان لمنتوحوتب الرابع آخر ملوك الأسرة الحادية عشرة , وزير قوي اسمه ” أمنمحات ” استطاع أن يستولي على العرش ويؤسس الأسرة الثانية عشر ، وأن يضع حداً لعدم الاستقرار ، فاستتب له الحكم ،ونشر الأمن في ربوع البلاد ، ونقل العاصمة إلى اللشت في منطقة الفيوم . وطال حكمه حتى بلغ ثلاثين عاماً ( 1991 – 1961 ق. م. ) ، إلى أن قتل اغتيالاً في أثناء غياب ابنه وولي عهده ” سنوسرت ” في حملة على ليبيا
.

خلفه على العرش ابنه سنوسرت الأول بعد القضاء على قتلة أبيه ، وقد تابع سياسة أبيه. وهو الذي شيد معبداً لرع في منطقة هليوبوليس ( عين شمس – أون ) ، وأقام أمام المعبد مسلتين من الجرانيت ، ومازالت إحداهما قائمة في مكانها إلى الآن
.

وكان ملوك هذه الأسرة يشركون أبنائهم معهم في الحكم للعمل على استقرار الأمور ، وبخاصة أنهم نشروا العدل بين الناس ، وأصبح يُنظر إلى الملك على أساس أنه الراعي لشعبه ، والحامل لأثقالهم . ومن أشهر ملوك هذه الأسرة أمنمحات الثالث الذي بنى قصر اللابرنت ( التيه) في الفيوم وهرماً في دهشور ، وشيد القناطر وجعل من بحيرة موريس ( قارون ) خزاناً لمياه الفيضان
.

وقد امتاز ملوك هذه الأسرة بالاعتدال فلم يسرفوا في استنزاف موارد الدولة في تشييد أهرامات ضخمة لهم ، وانصرفوا إلى الاهتمام بزيادة الرقعة المنزرعة وبخاصة في الفيوم . كما بنوا حصوناً ضخمة في شبه جزيرة سيناء لحماية حدود مصر الشرقية ، واستخرجوا النحاس وغيره من مناجم سيناء ، واتسعت التجارة مع كريت ولبنان وسورية وبلاد بونت في الجنوب . ومن المؤرخين من يقول إنهم حكموا فلسطين وسورية أو أجزاء منها ، ولكن لا شك في أنهم فتحوا بلاد النوبة إلى ما وراء الجندل الثاني ، كما أوصلوا النيل بقناة إلى البحر الأحمر ، وتركوا الكثير من الحلي رائعة الجمال
.

هل تبحث عن  م الأباء كتب دراسات فى علم الآباء 04

وفي عصر الدولة الوسطى برز آمون وأصبح كبير آلهة مصر ، وأدمج مع إله الشمس فأصبح ” أمون رع ” سيد آلهة طيبة ، وبعد أن كانت النقوش والكتابات الدينية تسجل على حوائط الأهرامات في أيام الدولة القديمة ، أصبحت في أيام الدولة الوسطى ، تُسجل على النواويس سواء للملوك أو للأشراف أيضاً
.

وقد خلفت الدولة الوسطى الكثير من الكتابات الأدبية . بل والعلمية ، كما تدل على ذلك بردية رند
(Rhind )
للحساب ، وبردية سميث عن الجراحة ، وبردية إيبرس الطبية . كما أن نصائح مريكارع تحتوي على الكثير من روائع أدب الحكمة . وقصة الرحَّالة ” سنوهي ” من أدب الرحلات ، فيروى لنا مشاهداته في سورية وفلسطين
.

وفي مقبرة خنوم حتب الثاني ، أحد كبار الأشراف في عهد سنوسرت الثاني ، في بني حسن ( على بعد 169 ميلاً إلى الجنوب من القاهرة ) رسم لسبعة وثلاثين شخصاً أسيوياً في زيارة لمصر وذلك في نحو 1900 ق.م. ومكتوب تحتها : ” وصول 37 أسيوياً يحملون الكحل “. وكان زعيمهم يسمى ” شيخ بلاح إبشي
“.

وإذا أخذنا بالتاريخ المبكر لخروج بني إسرائيل لخروج بني إسرائيل من مصر ( أي نحو 1446 ق.م. ) ، وأضفنا إليه 430 سنة ، مدة إقامتهم في مصر ( خر 12: 40) فيكون معنى ذلك أن بني إسرائيل نزلوا إلى مصر في نحو 1876 ق.م. أي في أيام سنوسرت الثالث ( 1878 – 1840 ق.م. ) ، وكان ملكاً قوياً مد حدود مصر الجنوبية إلى الجندل الثاني ، كما قضى على كل أثر للإقطاع في مصر ، وعلى كل نفوذ الأشراف وحكام الأقاليم ، وعيَّن مكانهم موظفين حكوميين . ولعله كان النظام الذي وضعه يوسف للبلاد في أيام المجاعة، كان مساعداً على ذلك ( تك 37: 13-26
).

(5)
فترة الاضمحلال الثانية : ( 1780- 1570 ق.م. – الأسرات 13: 17) . بانتهاء عصر الأسرة الثانية عشرة القوية ، ودخلت مصر في فترة أخرى من الضعف والتفكك، فتسلل إلى مناطق الدلتا الهكسوس ( حكام البلاد الأجنبية ) والأسيويون من سورية وفلسطين ، واستولوا على الحكم في نحو 1730 ق.م. وجعلوا عاصمتهم في تانيس وأفاريس في شرقي الدلتا . وفي نفس الوقت كان أمراء طيبة يحكمون الصعيد كنواب للهكسوس
.

ولشدة بغضة المصريين للهكسوس ، وجهودهم العنيفة لمحو ذكرهم ، لم يبق من أثارهم ما يكفي لمعرفة تاريخهم بالتفصيل . والمفروض أنهم هم الذين أدخلوا أنواعاً من السيوف والحناجر المصنوعة من البرونز ،والأقواس المركبة. وأهم كل شيء أنهم أدخلوا الخيل والمركبات الحربية التي تجرها الخيل . وقد أحسن المصريون استخدامها في طرد الهكسوس أنفسهم ، ثم بناء امبراطورية مصرية في فلسطين وسورية. وكان الصراع ضد الهكسوس قد استمر زمناً طويلاً ، وأنها منذ منتصف القرن السادس عشر قبل الميلاد ، وأنهاه أحمس الأول ( 1570 – 1546 ق.م
. ).

(6)
فترة الامبراطورية : ( 1570 – 1090 – الأسرات من 18-20): أسس ” أحمس ” أمير طيبة الأسرة الثامنة عشرة بعد أن طرد الهكسوس من مصر ، كما قام بغزوات ناجحة على بلاد النوبة امتدت بها حدود مصر إلى الجندل الرابع ، وعلى جنوبي فلسطين . كما أخضع الأمراء الذين كانوا قد استقلوا عن الحكومة المركزية في عصر الهكسوس ، ومات في نحو الأربعين من عمره ، وخلفه على العرش ابنه ” أمنحوتب ” الأول ” ( 1546 – 1525 ق.م.) الذي اضطر لمحاربة النوبيين في الجنوب ، والليبيين في الغرب ، ومات أمنحوتب الأول دون أن يترك ولداً يخلفه على العرش ، ولكن ابنته ” أحمس ” تزوجت من شخص اسمه ” تحوتمس ” من أمراء البيت المالك ، فأصبح له الحق في إعادة إخضاع النوبيين الثائرين ، في أول سنة من حكمه ، فقام بعدة غزوات وطد فيها حكم مصر هناك، كما قمع ثورة في سورية ، وهكذا كوَّن أول امبراطورية امتدت من الفرات إلى الجندل الرابع .ولعل موسى ولد في أوائل حكم تحوتمس الأول ، الذي كان أول من أنشأ له مقبرة ملكية في وادي الملوك غربي طيبة

(
وقد ملك من 1525 – 1495 ق.م
. ).

ولم تلد الأميرة أحمس للملك تحوتمس الأول إلا ابنة واحدة هي ” حتشبسوت ” التي تزوجت تحوتمس الثاني ، وكان ابناً لتحوتمس الأول من زوجة أخرى اسمها ” موت نفرت

،

وهكذا تولى ” تحوتمس الثاني ” العرش ( 1495 – 1490 ق.م. ) مع زوجته وأخته لأبيه ، ” حتشبسوت “. وكانت ” حتشبسوت ” قوية الشخصية شديدة المراس ، فدب الخلاف بين الاثنين ، وكان عليه أن يقمع ثورة في بلاد النوبة . ولم ينجب من زوجته حتشبسوت سوى ابنتين ، ولم يستمر حكمه سوى خمس سنوات ، وبموته بدا الصراع بين ابنه تحتمس الثالث – من زوجة أخرى – وحتشبسوت الملكة الشرعية ، وكان قد تزوجها بدوره ، وكان أصغر منها سناً ، فظلت في يدها السلطة الكاملة ، وادعت أنها ابنة الإله ” أمون رع ” من أمها الملكة ” أحمس ” ، وسجلت ذلك على حائط معبد الدير البحري في غربي طيبة ، وأرسلت البعثات البحرية إلى بلاد بونت ( حول بوغاز باب المندب ) ، كما أقامت مسلتين عظيمتين في معبد الكرنك ، والباقية منهما ترتفع نحو 96.5 من القدم ، وتزن نحو 700.000 رطل . ويظن بعض العلماء أنها ابنة فرعون التي أنقذت موسى وتبنته ( خر 2: 5). ولا نعلم كيف انتهت حياتها في 1482 ق.م. فقد أزال تحوتمس الثالث اسمها من كل أثر . وفي خلال 75 يوماً من موتها ، كان تحوتمس قد جمع جيشاً وزحف به شمالاٍ إلى فلسطين وسورية ليخمد تمرد الأمراء الثائرين هناك ، فانتصر انتصاراً حاسماً في موقعة ” مجدو ” واستولى على المدينة بعد أن حاصرها لمدة سبعة أشهر ، ثم اتجه شمالاً وفتح عدة مدن بغير عناء ،وجمع الكثير من الغنائم . وقد سجل ذلك على معبد الكرنك. وقد بلغ عدد حملاته على بلاد الشام ست عشرة حملة ، كان يقوم بها في أوائل الصيف ويعود إلى مصر في أوائل الشتاء ، فيوجه أنظاره إلى إصلاح أحوال البلاد الداخلية ، وتشييد المعابد والآثار . وقد بنى أسطولاً بحرياً عاونه في فتح مواني الشام وجزر البحر المتوسط ، وامتاز حكمه بالعدل والسماحة فاستتب الأمن وعم الرخاء ، فأصبحت طيبة عاصمة عالمية ، تتدفق إليها خيرات أفريقية وآسيا وجزر البحر المتوسط. وكل ذلك مسجل على جدران مقابر كبار رجال عهده في طيبة. وقد تزوج ” مريت رع ” ابنه الملكة حتشبسوت من تحوتمس الثاني ، فولدت له ابنه أمنحوتب الذي خلفه على العرش. ومات تحوتمس الثالث بعد أن حكم أربعة وخمسين عاماً في مقبرته في وادي الملوك
.

وملك بعده ابنه أمنحوتب الثاني ، وهو في الثامنة عشرة من عمره ، وكان أبوه قد رباه تربية عسكرية منذ صغره ليحافظ على الامبراطورية الواسعة الأطراف التي أنشأها أبوه تحوتمس الثالث . وقد حكم أمنحوتب الثاني من 1452 – 1425 ق.م. ويظن البعض أنه كان فرعون الخروج ، فقد اشترك زمناً قصيراً مع أبيه في الحكم ، ثم انتقل إليه العرش في يسر فأصبح الحاكم الوحيد للامبراطورية . ولكنه اضطر للقيام بحملات حربية في سورية وفلسطين لإخضاع بعض المدن التي تمردت.ولكن يبدو أن فترة حكمه تميزت – بشكل عام – بالسلام
.

وتولى بعده تحوتمس الرابع ( 1425 – 1412 ق.م. ) أحد أبنائه الخمسة ، عقب نزاع دب بينه وبين إخوته ، كما يستفاد من ” لوحة الحلم ” التي أقامها بين ذراعي أبي الهول في الجيزة من العام الأول من حكمه تخليداً لحلمه الذي حلمه وهو نائم في ظل أبي الهول ، بأنه سيصبح ملكاً على مصر . وقد أثبت جدرانه بذهابه إلى سورية على رأس جيشه لقمع تمرد بعض المدن السورية . وقد تزوج ابنه ملك ” الميتاني

(
في شمالي بلاد النهرين) ، والتي ولدت له ابنه أمنحوتب الثالث بالثراء والرخاء ، فقام بتشييد عدة معابد وأقام ” تمثالي ممنون ” اللذين يمثلان الملك جالساً . ويبدو أنه لم يقم بحملات حربية إلا لإخماد ثورة بلاد النوبة ، ولكنه لم يقم بأي حملات في بلاد الشام
.

وفي أواخر أيامه – ولاعتلال صحته – أشرك ابنه امنحوتب الرابع

( 1387 – 1366
ق.م. ) في الحكم في 1387 ق.م. ولكن أمنحوتب– بنزعته الفلسفية– انصرف إلى الاهتمام بعبادة ” أتون ” ( قرص الشمس ) ، في عاصمة جديدة أنشأها في تل العمارنة ( شرقي النيل على بعد نحو خمسين كيلومتراً إلى الجنوب من المنيا ) ليبتعد عن طيبة مقر عبادة آمون وكهنته ، وسماها ” أخت آتون ” أي ” مشرق أتون “. كما غير اسمه من أمنحوتب إلى ” أخناتون ” أي “روح أتون ” أو ” النافع لأتون”، فقد حاول بذلك توحيد العبادة ” لأتون ” ، وهكذا قام بثورة دينية شاملة ، امتدت إلى الفن ، فتخلص من كثير من قيوده ، فأصبح أكثر تحرراً ، وأقرب إلى فن ” الكاريكاتير
“.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ع عين الهر 1

ولم يلتفت أخناتون إلى رسائل الاستنجاد العديدة ( المعروفة باسم تل العمارنة) التي أرسلها إليه أمراء فلسطين وسورية الموالون لمصر ، طالبين النجدة لدفع الغزاة والمتمردين ، وللحفاظ على الامبراطور وهكذا بدأت الامبراطورية في الانحلال
.

وإذا أخذنا بالتاريخ المبكر للخروج ، فيكون غزو بني إسرائيل لأرض كنعان واستقرارهم فيها ، قد بدأ في عهد امنحوتب الثالث وابنه أمنحوتب الرابع ، عندما ارتخت قبضة مصر على تلك البلاد ، رغم أن ” الخابيرو ” – الذين ورد ذكرهم في بعض رسائل تل العمارنة – لا يمكن أن يكون المقصود بهم هم العبرانيون
.

وعندما مات أمنحوتب الرابع ( أخناتون ) تولى العرش ” توت عنخ آمون

( 1366 – 1357
ق.م. ) بالاشتراك مع ” آي ” أحد الرجال المقربين من أخناتون. وعندما مات توت عنخ آمون بعد تسع سنوات ، استقل ” آي ” بالحكم حتى 1353 ق.م. وقد ملأ صيت توت عنخ آمون العالم عندما اكتشف قبره في 1922م ، وانبهر العالم بما وجده في قبره من آلاف الآثار التي تخلب العقول وتخطف الأبصار ، وتدل على ما بلغته الحضارة المصرية القديمة من روعة وجمال.وتبين قوة ما نقرأه عن موسى ، وكيف أعطى ظهره لكل هذا الثراء والجمال والمجد ( عب 11: 26
).

وعندما مات ” آي ” تولى العرش ” حور محب ” قائد الجيش

(1353- 1319
ق.م.) ، واستطاع أن يعيد الأمن والنظام . ومات دون أن يعقب ولداً وكان قد عيَّن ” رمسيس الأول ” قائد الجيش ووزيره الأول ، خليفة له ( 1319- 1318ق.م. ) وقد بذل رمسيس الأول وخليفته سيتي الأول ( 1318 – 1299 ق.م. ) جهوداً جبارة لاستعادة الامبراطورية في آسيا ، التي ضاعت في أيام أخناتون. ونقلوا العاصمة إلى ” تانيس ” ( صان الحجر ) في الدلتا لتكون قريبة من أملاك مصر
في آسيا
.

وتولى العرش بعد الأول ابنه رمسيس الثاني ( 1299 – 1232 ق.م.) الذي واصل الجهود لتأكيد قبضة مصر على فلسطين . وفي السنة الخامسة من حكمه ، تقابل مع الحيثيين في موقعة قادش على نهر الأورنت في سورية ، ونجا هو وجيوشه بأعجوبة ، وواصل المعارك على طول البلاد من جنوبي فلسطين إلى شمالي سورية. ولو كان الإسرائيليون موجودين في البلاد – بناء على التاريخ المبكر للخروج – فالأرجح أنهم لم يحتكوا إطلاقاً بالمصريين ، لأنهم كانوا رعاة وكرامين على تلال فلسطين ، بينما كان رمسيس يتبع الطريق الساحلي . وأخيراً في السنة الحادية والعشرين من حكمه ، عقد رمسيس الثاني معاهدة صلح مع الحيثيين ، ظلت سارية إلى نهاية أيامه
.

وقد شيد رمسيس الثاني الكثير من المعابد والآثار وبخاصة في عاصمته تانيس وفي طيبة وفي أبي سمبل ( إلى الجنوب من أسوان) وفي منف. ويعتقد كثيرون أنه هو فرعون الخروج
.

وتولى بعده مرنبتاح ( 1232 – 1222 ق.م. ) ، الابن الثالث عشر من أبناء رمسيس الثاني ، وهو الفرعون الوحيد الذي يدعى أنه هزم العبرانيين في معركة، وإن كان بعض العلماء يرون أنه لم يحارب أبداً في آسيا ، إن ما سجله عن ذلك على جدران معبد الكرنك ، إنما هو تفاخر كاذب بالانتصار على كل البلاد المجاورة . وقد صد مرنبتاح ( منفتاح ) غزواً ليبياً في السنة الخامسة من حكمه
.

كما صد رمسيس الثالث ( 1198 – 1164 ق.م. ) في السنة الخامسة وفي السنة الحادية عشرة من حكمه غزوات ليبية على الدلتا . وفي سنته الثامنة صد غزو شعوب البحر وكان من بينهم الفلسطينيون. وكان رمسيس الثالث هو

آخر الفراعنة الذين قاموا بحملات لتدعيم حكم مصر في فلسطين وسورية . ولكن في أواخر أيامه تدهورت أحوال مصر الاقتصادية ، وأفلست موارد الدولة ، مما أدى إلى قيام مظاهرات شعبية عديدة نتيجة لانتشار المجاعة
.

وظلت الأمور في الانحدار في عصور رمسيس الرابع حتى رمسيس الحادي عشر ( 1167 – 1085 ق.م.) ، وتزايد التضخم والضيق . وفي عهد رمسيس التاسع ( 1138 – 1119 ق.م.) عاث الجنود المرتزقة نهباً وسلباً في الدلتا ، وانتشر لصوص المقابر ، وامتدت أياديهم إلى قبور الملوك ، إلى أن قبض على زمام المُلك حريحور كبير كهنة آمون ونائب الملك في النوبة وقائد الجيش في الجنوب ، وفي نفس الوقت كان هناك ملك آخر في ” تانيس ” في شرقي الدلتا اسمه ” سمندس ” كان متزوجاً بإحدى أميرات العائلة المالكة القديمة . وكان حريحور طاعناً في السن ، فلم يملك إلا سنوات قليلة ، بموته خلفه في طيبة ابنه بعنخي الذي اعترف بالبيت المالك في تانيس واكتفى بمنصب رئيس كهنة آمون . وخلف سمندس على العرش بسوسينس الأول الذي زوَّج ابنته لبينزم أكبر أبناء بعنخي . والأرجح أن بسوسينس هذا هو فرعون الذي تزوج سليمان بن داود الملك ابنته ( 1مل 3: 1، 9: 16). فلما مات بسوسينس أعلن ابنه ” بينزم ” نفسه . وظل الأمر سجالاً بين أمراء طيبة وأمراء تانيس إلى أن انتهت أيام الأسرة الحادية والعشرين
.

ثم أسس ” شيشق الأول” ( 950 – 929 ق.م. ) وهو من الأسرة الثانية والعشرين ، واستطاع أن يوطد سلطانه على الجنوب والشمال ، وهو الذي زحف على يهوذا في السنة الخامسة لملك رحبعام بن سليمان ، وأخذ خزائن بيت الرب وخزائن بيت الملك وجميع أتراس الذهب التي عملها سليمان ( 1مل 14: 25-27). وفي عهد خلفائه سادت المنازعات على الحكم وعمت الفوضى وانقسمت البلاد طوال عهد الأسرتين الثالثة والعشرين والرابعة والعشرين ( 817 – 715 ق.م.) وكان من ملوكها ترهاقة ( 1مل 19: 9 إش 37: 9) . ولما ساءت الأحوال زحف بعنخي ملك النوبة شمالاً واستطاع توحيد البلاد وجمع السلطة في يده ، وأسس الأسرة الخامسة والعشرين ( الأثيوبية – 751 – 670ق.م. ) . وبعد فترة قصيرة من الحكم الأشوري ( 670 – 663 ق.م.) ظهرت أسرة وطنية في ” سايس ” بزعامة ” بسماتيك الأول ” الذي أسس الأسرة السادسة والعشرين ( 663 – 525 ق.م.) فاستعادت البلاد استقلالها واستتب الأمن فيها . ومن أهم ملوك هذه الأسرة ” نخو الثاني ” ( 2مل 23: 29- 34، 2أخ 35: 20، 36: 3و4
).

وفي 525 ق.م. في عهد بسماتيك الثالث ، غزا قمبيز ملك الفرس مصر وأسس الأسرة السابعة والعشرين . ثم أسس حكام وطنيون الأسرتين الثامنة والعشرين في سايس ” صا الحجر ” والتاسعة والعشرين في ” مندس “. وفي نهاية الأسرة الثلاثين، وفي عهد ” نخنبو الثاني ” عاود الفرس فتح مصر ( 341 – 332 ق.م. ) إلى أن جاءها الاسكندر الأكبر في 332 ق.م. فرحب به المصريون إذ رأوا فيه منقذاً لهم من الحكم الفارسي
.

وبعد موت الاسكندر ، حكم مصر البطالمة ( 323 – 30ق.م.) وقد ازدهرت مصر في أوائل عهدهم ، وبمرور الزمن تخلقوا بأخلاق المصريين ، واعتنقوا ديانتهم ، وأصبحت مصر هي وطنهم . وعن طريق حجر رشيد – الذي يرجع إلى عصر بطليموس الخامس ( 203 – 181 ق.م.) والذي اكتشفه أحد رجال حملة نابليون بونابرت على مصر ، أمكن للعالم الفرنسي ” شامبليون ” في 1822 ق.م. أن يفك رموز اللغة الهيروغليفية ، فكان ذلك مفتاحاً لمعرفة تاريخ مصر القديم المسجل على الآثار وفي البرديات العديدة التي تم العثور عليها
.

وانتهى حكم البطالمة بكليوباترا في 30م. بفتح الرومان لها . وفي أيام حكم الرومان، جاءت العذراء مريم ويوسف والصبي يسوع إلى مصر هرباً من هيرودس الملك. وفي عهود اليونان والرومان اصطبغت مصر بالثقافة الهيلينية
.

وفي السنين التي أعقبت انحلال الامبراطورية المصرية ، وعندما كانت الثقافة المصرية الفرعونية هي السائدة في البلاد ، ترد أسماء عدد من ملوك مصر الكتاب المقدس ( العهد القديم ). فكما سبقت الإشارة ، في السنة الخامسة لرحبعام ملك يهوذا ( المرجح أن ذلك كان في 926 ق.م. ) غزا شيشق الأول ملك مصر يهوذا ونهب خزائنها ( 1مل 14: 25و26) ، بل وتقدم داخل مملكة إسرائيل ، كما تدل على ذلك الكشوف الأركيولوجية . وفي نحو 700ق.م. في أيام الملك حزقيا ملك يهوذا ، والنبي إشعياء ، قاد ” ترهاقة ” الكوشي ملك مصر جيشه إلى فلسطين لمساعدة اليهود ضد الغزاة الأشوريين ( 2مل 19: 9
).

وفي أيام هوشع آخر ملوك مملكة إسرائيل ( المملكة الشمالية أرسل رسلاً إلى” سوا ” ملك مصر يستنجد به ، ولم يؤد جزية لملك أشور حسب كل سنة ، فقبض عليه ملك أشور وأوثقه في السجن ( الرجاء الرجوع إلى مادة ” سوا

وفي أواخر القرن السابع قبل الميلاد زحف نخو الثاني ملك مصر بجيشه إلى يهوذا لمقابلة جيش أشور عند نهر الفرات ، فاعترض يوشيا ملك يهوذا طريقه ، فقتله

( 2
مل 23: 28 – 30) . وأخذ فرعون نخو ملك مصر يهوآحاز بن يوشيا الذي أقاموه ملكاً عوضاً عن أبيه ، أسيراً إلى مصر حيث مات هناك ، ووضع ” نخو ” على عرش يهوذا ” ألياقيم ” بن يوشيا ، وغيَّر اسمه إلى ” يهوياقيم ” ، وفرض عليه جزية ضخمة

( 2
مل 23: 29-35
).

وفي أواخر مملكة يهوذا ، عندما كان نبوخذ نصر يحاصر أورشليم( 588 -586 ق.م.) ، حاول الفرعون حفرع أن يغزو فلسطين لمساعدة اليهود ضد البابليين ، ولكنه لم يفلح كما تنبأ إرميا النبي ( إرميا 37: 5-11، 44: 3 ، حز 17: 11-21
).

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي