هيرودس أغريباس الثانى

 

(6)
هيرودس أغريباس الثانى ( 50 – 70 م
)

 

كثيراً ما يحدث الخلط بين أغريباس الأول وأغريباس الثانى ، أي بين الأب وابنه إذ لهما نفس الاسم ، ولكنهما يعرفان في التاريخ باسم ” هيرودس أغريباس الأول ” ، و” هيرودس أغريباس الثانى ” . أما فى العهد الجديد فان الأب يطلق عليه ” هيرودس ” فقط ( أع 12:6و11و12-21) ، أو هيرودس الملك (أع 21:1 ) ، بينما يطلق على الابن ” أغريباس ” ( أع 25: 22 و 23 ، 26: 28و32) أو ” الملك أغريباس ” ( أع 25 : 13و14و19و26و26:27و30
) .

وعندما مات هيرودس أغريباس الأول فى 44 م ، ترك هذا الابن وثلاث بنات : برنيكى وماريامنه ودورسلا . وقد ولد أغريباس الثانى فى 27 م . فكان في السابعة عشرة عندما مات أبوه ، وكان يقيم فى روما لتحصيل العلم تحت إشراف الإمبراطور . ويكتب يوسيفوس : كان ابن الملك المتوفى في روما ، حيث تربى مع كلوديوس قيصر . وقد فكر هذا الإمبراطور فى وضع أغريباس على عرش أبيه ليحكم فلسطين ، لكنه بعد المشاورة ، وجد أنه من المخاطرة أن يحكم مملكة كبيرة شاب صغير مثل زغريباس ، ولذلك حوَّل كلوديوس فلسطين إلى ولاية رومانية ، وأرسل ” كاسبيوس فادوس
” ( Cuspius Fadus )
واليا على اليهودية وكل المملكة ( كما يذكر يوسيفوس فى تاريخه
) .

وعندما مات عمه هيرودس ملك خالكيس فى 84 م ، كان أغريباس في الحادية والعشرين من عمره ، فعينه كلوديوس حاكما على خالكيس . وفي نفس الوقت عيَّنه مشرفا أعلى على الهيكل اليهودي في أورشليم ، ومديراً لخزانته مع منحه السلطة المطلقة فى نقل رؤساء الكهنة من مواقعهم كما يشاء ، وهي سلطة كثيراً ما استخدمها كما فعل عمه من قبل ( كما يذكر يوسيفوس ) . والتنقلات الكثيرة التى أجراها فى مواقع رؤساء الكهنة لأسباب سياسية ، جعلته غير محبوب تماماً عند اليهود
.

وليس من الواضح تماماً ما اذا كان قد منح لقب ملك عند تعيينه فى الموضع الذي خلا بوفاة عمه ، ولكن من المؤكد أنه مُنح هذا اللقب عندما نقل إلى مملكة أكبر ، واتخذ مقراً له في قيصرية فيلبس إلى الجنوب الغربى من جبل حرمون عندد المنابع الرئيسية لنهر الأردن
.

ويقول يوسيفوس إنه ” بعد مـوت هيرودس ملك خالكيس ، عيَّن كلوديوس قيصر أغريباس بن أغريباس على مملكة عمه ، بينما شغل ” كومانوس ” مركز الحاكم على باقي المنطقة التى أصبحت ولاية رومانية . ” كما يذكر أيضاً أنه في نحو عام 35 م . عندما أكمل كلوديوس السنة العشرين من حكمه ، منح أغريباس الثانى الرُبعين اللذين كان يحكمهما فيلبس وليسانيوس ( أى إيطورية والأبلية – لو 3 : 1 ) ، ولكنه أخذ منه خالكيس التى ظل يحكمها لمدة أربع سنوات ” ونقله إلى مملكة اكبر فأصبحت مملكته تقع إلى الشمال والشمال الشرقي من فلسطين . ولكن المناطق المعروفة باسم بيرية واليهودية والسامرة والجليل التى كانت من مملكة أبيه ، لم تنضم مطلقاً لمملكة هيردوس أغريباس الثانى . وهناك قطعة من النقود تم سكها بأمر أغريباس الثانى فى قيصرية فيلبس عاصمة مملكته الجديدة ، فى عهد الإمبراطور نيرون ، مكتوب على أحد وجهيها : “نيرون قيصر ” ، وعلى الوجه الآخر ” الملك أغريباس، نيرونياس ” ، لأنه كان قد أطلق اسم ” نيرونياس ” على مدينة قيصرية فيلبس تكريما للإمبراطور نيرون الذي كان يحكم الإمبراطورية فى ذلك الوقت
.

ولم يكن هيرودس أغريباس الثانى محبوبا أبداً – مثل أبيه – من رعاياه . ويبدو أنه كان من أهداف الوالى ” فلورس
” ( Flows )
أن يدفع اليهود إلى الثورة والحرب ضد الإمبراطورية الرومانية ، بتصرفاته السيئة معهم . وقد طالب الكثيرون من اليهود من الملك أغريباس الثانى ورؤساء الكهنة أن يسمح لهم بإرسال سفراء إلى نيرون ضد ” فلورس ” ، ولكن أغريباس ، حاول فى خطاب عام – أن يثنى اليهود عن ذلك ، مما أثار الشعب ، فانضمت قواته إلى القوات الرومانية فى القضاء على ثورة الشعب . وجُرح أغريباس فى موقعة أمام مدينة ” جمالاً ” ، فى مرفعة من ضربة حجر ، ولكنه ظل على رأس قواته إلى أن قضى الرومان على مملكته وعلى القوات اليهودية ، فاستسلمت أورشليم فى 70 م . فلجأ أغريباس ( إلى روما حيث مات أخيراً فى 100 م ، وهو فى الثالثة والسبعين من عمره ، وفى السنة الثالثة للإمبراطور تراجان
.

 

 

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي