سنة
كان لدى قدماء العبرانيين – كسائر الشعوب القديمة – نظام لحساب مرور الزمن رغم أنه لم تكن تتوفر لديهم الوسائل العلمية الدقيقة المتاحة الآن . ومع أنه لا يوجد لدينا بيان كامل بالتقويم الإسرائيلي ، إلا أننا نجد فى الكتاب المقدس وفى سجلات بلاد الشرق الأوسط القديمة ، فكرة عامة عن هذا التقويم ، علما بأنه كان تقويماً مرناً تعرض للتغيير المستمر
.
كان التقويم فى إسرائيل – كما فى سائر بلاد الشرق الأوسط قديماً – يقوم – إلى حد بعيد – على أساس حركة الأجرام السماوية من شمس وقمر ونجوم . كما كان يتأثر – إلى حد أقل – بعوامل أخرى مثل الفصول الزراعية والأعياد الدينية ، كما بأعمال الله فى التاريخ . ففي دولة كهنوتية ، كإسرائيل ، لم يكن للاعتبارات السياسية أهمية كبيرة . وكانت وحدة الزمن فى التقويم الأساسي ، هي السنة وإن اختلفت طرق قياسها
.
كانت أهم الطرق لقياس السنة بالنسبة لحركة الأجرام السماوية ، هي السنة الشمسية والسنة القمرية. وفى السنة الشمسية كانت نقطة البداية هي الاعتدال الربيعي أو الاعتدال الخريفي . وكان عدد أيام السنة الشمسية 365 يوما ، ولعلهم نقلوها عن مصر، فهكذا كانت السنة المصرية عند الفراعنة ، كما يذكر هيرودوت . وكانت تتكون من اثني عشر شهراً ، كل منها ثلاثون يوما ، مع إضافة يوم كل ثلاثة شهور ، أو إضافة الفرق عند بداية العام . ونجد فى سفري اليوبيل وأخنوخ الأول (من أسفار الأبوكريفا) وكذلك فى مخطوطات قمران كيفية حساب السنة الشمسية بدقة
.
أما فى الحساب القمري ، فقد كانت الوحدة الأساسية هي الشهر الذى يبدأ بظهور الهلال عند غروب الشمس ، فكان اليوم الذي يعقب ظهور الهلال هو “رأس الشهر” ، وكان يعتبر يوماً مقدساً (عد 10 : 10 ، 28 : 11 ، مز 81 : 3 ، إش 66 : 23 ، هو 2 : 11 ، عاموس 8 : 3 ، وانظر أيضا كو 2 : 16
).
وكان عيد الفصح يقع فى منتصف الشهر القمري عندما يكون القمر بدراً (خر 12 : 6 ، لا 23 : 5) ، وبه كان يبدأ عيد الفطير (لا 23 : 6) . وكانت السنة القمرية تتكون من اثني عشر شهراً أيضاً ، وكان الشهر يتكون من 29 أو 30 يوماً (إذ أن الشهر القمري تسعة وعشرون يوما ونصف يوم تقريبا). فكان مجموع أيام السنة القمرية هو 354 يوماً ، أي أنها كانت تقل عن السنة الشمسية بنحو أحد عشر يوماً . لذلك كان يلزم إضافة شهر ثالث عشر بين وقت وآخر لإعادة التوافق بين التقويمين القمري والشمسي . وكان هذا التصويب يختلف من عصر لآخر . ففي العصور المتأخرة من العهد القديم ، كان يضاف شهر “اذار الثاني” لسبع سنوات من كل تسع عشرة سنة قمرية ، بترتيب معين حتى لا تتسع الشقة بين التقويمين
.
وهكذا تداخل التقويمان الشمسي والقمري فى حساب الزمن عند الإسرائيليين ، ونلمح ذلك فى بعض المواضع (انظر خر 23 : 14-17 ، 34: 18-26) . فالإشارة إلى الأعياد تمثل السنة الشمسية التي ترتبط بالاعتدالين ، بينما نجد أن الشهور نفسها قمرية . وهكذا كان التقويم العبري تقويما شمسياً قمرياً . فكانت الشهور تحسب على أساس دورة القمر ، على أن يصوب التقويم فى فترات محددة ليتمشى مع السنة الشمسية . ويبدو أن العبرانيين أخذوا أسماء الشهور فى البداية عن الكنعانيين . ولا يذكر منها فى الكتاب المقدس سوى أربعة شهور هي : أبيب (خر 13 : 4) ، وزيو (1مل 6 : 1و37) ، أيثانيم (1مل 8 : 2) ، وبول (1مل 6 : 38) . ولكن فى كل العهود ، كانت الشهور تذكر بحسب موقعها من السنة ، فالشهر الأول وهو شهر أبيب (خر 12 : 2) ، والشهر الثاني وهو شهر زيو (1مل 6 : 1) ، والثالث (خر 19 : 1) ، والرابع (1أخ 27 : 7) ، والخامس (عد 33 : 38) ، والسادس (1أخ 27 : 9) ، والسابع وهو أيثانيم (1مل 8 : 2) ، والثامن وهو بول (1مل 6 : 38) ، والتاسع (عزرا 10 : 9) ، والعاشر (2مل 25 : 1) ، والحادي عشر (تث 1 : 3) ، والثاني عشر (أس 3 : 7
).
وفيما بعد السبي دخلت أسماء الشهور البابلية إلى التقويم العبري ، وإليك جدولاً بأسماء الشهور فيما قبل السبي وبعده ، وما يقابلها من الشهور الآن ، والأعياد التي كانت تقع فى كل شهر
:
م
قبـــل السبـــــي
بعـــد السبــــــي
ما يقابلــــــه الآن
الفصــــــــــــــل
الأعيـاد وتواريخـها
1
أبيب خر13: 4،23: 15،34: 18،تث16: 1
نيسان أس3: 7،نح2: 1
مارس / أبريل
الربيع المطر المتأخر حصاد الشعير والكتان
14-
عيد الفصح (خر12: 18،لا 23: 5
)
15-21
عيد الفطير (لا23: 6
)
16-
عيد الباكورات (لا23: 11.10
)
2
زيو1مل6: 1و37
إيار
أبريل / مايو
فصل الجفاف
14-
الفصح المتأخر (عد9: 10و11
)
3
سيوان أس8: 9
مايو/ يونيو
نضج التين المبكر
6-
عيد الخمسين (لا23: 15-21) أو عيد الأسابيع – الحصاد (خر34: 22،تث16: 16
)
4
تموز
يونيو / يوليو
جمع العنب
5
آب
يوليو / أغسطس
جمع الزيتون
6
أيلول نح 6: 15
أغسطس / سبتمبر
البلح والتين الصيفي
7
أيثانيم 1مل8: 2
تشري
سبتمبر / أكتوبر
المطر المبكر
1-
عيد الأبواق (عد29: 1،لا23: 24
)
10-
يوم الكفارة (لا16: 29-34،23: 27-32
)
15-21
عيد المظال (لا23: 34-43
)
22-
اليوم الثامن من عيد المظال – اعتكاف (لا23: 36
)
8
بول 1مل6: 38
مرشيزوان
أكتوبر / نوفمبر
الحرث والتين الشتوي
9
كسلو نح 1:1 زك7: 1
البذر
25-
عيد التجديد (1مك4: 52،يو10: 22
)
10
طيب أس 2: 16
ديسمبر / يناير
المطر والثلج على المرتفعات
11
شباط زك 1: 7
يناير / فبراير
تزهير اللوز
12
آذار أس 3 : 7
فبراير / مارس
جمع الموالح
وتذكر ثلاثة فصول بأسمائها فى الكتاب المقدس هي : الصيف (تك 8 : 22 ، مز 74 : 17 ، أم 6 : 8 … إلخ) ، والخريف (زك 14 : 8 ، انظر أيوب 29 : 4 ، يه 12) ، والشتاء (تك 8 : 22 ، مز 74 : 7 ، أم 20 : 4 … إلخ
).
ومع أن أغلب الإشارات فى الكتاب المقدس تدل على أن السنة كانت تبدأ فى الربيع ، فإن هناك بعض الإشارات الأخرى التي تدل على أنها كانت تبدأ أو تنتهي فى الخريف (انظر مثلاً خر 34 : 22 ، لا 25 : 9) . ويبدو من ذلك أنه كانت هناك سنة دينية تبدأ فى الربيع ، بشهر أبيب (حز 12 : 2 ، 13 : 4) ، وسنة زراعية تبدأ فى الخريف
.
وفى العهد الجديد كانت السنين تحسب من بداية حكم الحاكم الروماني أو اليهودي (انظر لو 2 : 1و2 ، 3 : 1و2) ، وعلى الأغلب بالرجوع إلى الأعياد اليهودية (يو 2 : 13 ، 7 : 2 ، أع 2 : 10 ، 1كو 16 : 8
).
ويتضح مما جاء فى إنجيل يوحنا (18 : 28) أن قادة اليهود كانوا يستعدون لأكل الفصح فى اليوم الذى جاءوا فيه بالرب يسوع إلى أمام بيلاطس ، بينما عمل الرب يسوع الفصح مع تلاميذه فى اليوم السابق ، مما يحتمل معه أن الرب يسوع كان يتبع تقويما غير التقويم الذى كان يتبعه القادة ، ونجد هذا الخلاف فى تحديد الفصح واضحا فى مخطوطات قمران (وكذلك فى سفر اليوبيل الأبوكريفي
)