عمون – عمونيون

 

(1)             
الاسم
:  
نعرف من سفر التكوين (19 : 38) أن ابنة لوط الصغرى ولدت من أبيها ابناً دعت اسمه
”  
بن عمَّي ، وهو أبوبني عمُّون ” . ويرى البعض أن اسم ” بني عمي ” يعني ” ابن عمي ” ويرى آخرون – بناء على ما جاء في سفر التكوين (19 : 36-38) أنه قد يعنى ” إبن أبى ” . ويرجح آخرون أنه بناء على ما جاء في هوشع (1 : 9) أن الاسم يعني ” ابن شعبي ” لأن ” لوعمي ” تعني ” لستم شعبي
” .

وكان ابن لوط من ابنته الكبرى هو” موآب ” أبو الموآبيين فكان الموآبيون والعمونيون كلاهما من نسل لوط ، ومن ثم كانت تربطهم صلة قرابة ببني إسرائيل ، حيث كان لوط ابن أخي إبراهيم (تك 11 : 31 ، 12 : 5
) .

   
وكانت بلاد العمونيين تقع إلى الشمال الشرقي من البحر الميت إلى الجنوب من نهر اليبوق

(2)
أصلهم وموطنهم

          
كما رأينا آنفاً مما جاء في الأصحاح التاسع عشر من سفر التكوين ، نشأ العمونيون والموآبيون في الجزء الجنوبي من شرقي الأردن في بداية الألف الثانية قبل الميلاد . وكان العمونيون والموآبيون يتكلمون لغات قريبة جَّداً من العبرية
.

وكثيراً ما كان يحدث التزاوج بين العبرانيين والموآبيين (كما في حالة راعوث الموآبية – راعوث 4 : 5 و 13) ، وكذلك بين العبرانيين والعمونيين (كما في حالة نعمة العمونية أم الملك رحبعام بن سليمان – 2 أخ 12 : 13 ، انظر أيضاً 2 أخ 24 : 26) ، مما يدل على أن التواصل بين الأمم الثلاث كان ميسوراً . وعندما زحف بنو إسرائيل على أرض كنعان بقيادة موسى ، كان يستوطن شرقي الأردن ثلاثة شعوب ، وهم : العمونيون في المنطقة المحيطة ” بربة عمون ” التي أصبحت عاصمتهم ، ولعلهم لم يتقدموا غرباً إلى ما وراء جازر . ثم مملكة حشبون الأمورية التي كانت تقع بين عمون وموآب . ثم الموآبيون الذين يبدو أن حدهم الشمالي كان في ذلك الوقت نهر أنون . وكانت مملكة عوج ملك باشان تقع إلى الشمال من بني عمون . وقد تجاوز بنو إسرائيل الموآبيين والعمونيين ، فلم يمسوا حدودهم بناء على أمر الرب (تث 2 : 5 و 19 و 37) ، بينما غزوا مملكتي حشبون وباشان ، فأصبحت عمون شبه جزيرة في وسط محيط من الأموريين في الشمال والغرب والجنوب ، الذين غزاهم بنو إسرائيل (تث 2 : 32-36 ، 3 : 1-4) قبل عبورهم الأردن في أيام يشوع
.  

 

(3)
تاريخ بني عمون
:

(
أ ) التاريخ المبكر (حوالي 1250-1100 ق . م . ) : في العقود الوسطى من القرن الثالث عشر قبل الميلاد ، عندما كان بنو إسرائيل بقيادة موسى ويشوع يجتازون بلاد شرقي الأردن في طريقهم إلى أرض كنعان ، كانت للعمونيين مملكة منظمة سياسياً ، كما يشهد بذلك العهد القديم (عد 21 : 24 ، تث 2 : 19-21 و 37 ، 3 : 16) .وقد نهي الله بني إسرائيل عن مهاجمتها (تث 2 : 19 و 37) . وكان يسكن هذه الأرض قبلاً الرفائيون الذين كان العمونيون يدعونهم ” زمزميين ” ، فطردهم العمونيون منها وسكنوا مكانهم (تث 3 : 20 و 21
) .

  
ولكن لم تكد أسباط إسرائيل تستقر في أرض كنعان ، حتى تحالف بنو عمون مع عجلون ملك موآب ومع عماليق ، وضربوا بني إسرائيل ، و ” امتلكوا مدينة النخل ” – أريحا (قض 3 : 13
) .

(
ب) الحرب بين بني عمون وبني إسرائيل بقيادة يفتاح الجلعادي (حوالي 1100-1020 ق.م.) . تدل الكشوف الأثرية على أنه في القرن الحادى عشر قبل الميلاد ، حصَّن العمونيون تخومهم بأسوار من الأحجار الضخمة . ونعلم من سفر القضاة أن بني عمون ” حطموا ورضضوا بني إسرائيل في تلك السنة . ثماني عشرة سنة . جميع بني إسرائيل الذين في عبرالأردن ، في أرض الأموريين الذين في جلعاد . وعبر بنو عمون الأردن ليحاربوا أيضاً يهوذا وبنيامين وبيت أفرايم . فتضايق إسرائيل جداً ” (قض 10 : 8 و 9
) .

ووجد سكان حلعاد قائداً مقتدراً في يفتاح – وهو ابن غير شرعي لجلعاد من امرأة زانية . وبعد أن عقد يفتاح عهداً مع شيوخ جلعاد ، جمع جيشاً هزم به العمونيين (قض 11 : 32 و 33) . ولأن المعركة كانت فاصلة ، لم يجد يفتاح داعياً للهجوم على مستوطنات العمونيين في غربي الأردن . ومما يستلفت النظر أن ملك بني عمون – الذي لا يذكر اسمه – ادَّعى أن بني إسرائيل – عند صعودهم من أرض مصر – قد استولوا على أرض بني عمون من أرنون إلى إلىبوق (قض 11 : 13
) .

(
جـ) العمونيون في أيام الملك شاول (نحو 1020-1000 ق.م.) : تولى عرش بني عمون ملك جديد اسمه ” ناحاش ” في نحو 1020 ق.م. فأراد أن يستعيد سلطانه على المستوطنات الإسرائيلية في شرقى الأردن ، فنزل على يابيش جلعاد . فطلب أهلها من ناحاش أن يقطع لهم عهداً فيستعبدوا له ، لكنه أبى أن يقطع لهم عهداً إلا على شروط بالغة القسوة ، وهي تقوير العين اليمنى لكل مواطن (1 صم 11 : 1 و 2) . فإستمهلوه سبعة أيام ، وأرسلوه إلى جبعة شاول ، ملتمسين نجدة عسكرية منه (1 صم 11 : 4) . فاهتم شاول بدعوتهم ، وأرسل رسلاً إلى كل تخوم إسرائيل طالباً متطوعين للحرب ، فأجتمع إليه في بازق (إلى الشمال من شكيم) 330.000 رجل من إسرائيل ويهوذا (1 صم 11 : 7 و 8) . فجعل شاول الشعب ثلاث فرق ، وهجموا على العمونيين وضربوهم ضربة عظيمة حتى أن فلولهم تشتتت حتى لم يبق منهم إثنان معاً (1 صم 11 : 11) . ثم حارب شاول ” جميع أعدائه حوإليه : موآب وبنى عمون وأدوم وملوك صوبة والفلسطنيين ، وحيثما توجه غلب ” (1 صم 14 : 47 و 48
) .

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ف فشحور 1

  (
د) العمونيون تحت حكم داود وسليمان (نحو 1000-922 ق.م.) : في أثناء مطاردة شاول الملك لداود ، انضم – على الأقل – رجل عموني إلى جماعة داود ، هو ” صالق العموني ” (2 صم 23 : 37) . وكان ناحاش الملك بنى عمون – الذي حاربه شاول – صديقاً لداود ، قبل وبعد توليه عرش إسرائيل . ولما مات ناحاش ملك بني عمون ، وملك ” حانون ” ابنه عوضاً عنه ، أرسل داود إليه وفداً ليعزيه عن أبيه ، ولكن رؤساء بني عمون أساءوا فهم مقاصد داود ،وإعتبروا أنه إنما أرسل هذا الوفد ليتجسس البلاد توطئة للهجوم عليها (2 صم 10 : 1-3 ، 1 أخ 19 :1-3). فأمر حانون بحلق أنصاف لحاهم ، وقص ثيابهم من الوسط إلى أستاهم ، ثم أطلقهم ، معرضاً إياهم للخزي والسخرية (2 صم 10 : 4 و 5 ، 1 أخ 19 : 4 و 5) . وكانت هذه إهانة بالغة ودعوة صريحة للحرب . وأرسل بنو عمون في طلب نجدات عسكرية من الدويلات الأرامية : بيت رحوب وأرام صوبة ومعكة وطوب ، مقابل ألف وزنة من الفضة (1 أخ 19 : 6) . واستطاع ” حانون ” أن يجمع جيشاً من ثلاثة وثلاثين ألف محارب (2 صم 10 : 6) ، اثنين وثلاثين ألف مركبة (1 أخ 19 : 7) . واصطف رحال بنى عمون عند مدخل باب مدينتهم ” ربة ” (2 صم 10 : 8 ، 1 أخ 19 : 9) . أما الجيوش الأرامية المستأجرة ، فقد نزلت مقابل ” ميديا ” (1 أخ 19 : 7) إلى الجنوب من العاصمة . ورسم يوآب قائد جيش داود خطته للهجوم ، فاختار أفضل جنوده ليكونوا تحت قيادته لملاقاة الأراميين ، وسلم بقية الجيش ليد أبيشاي أخيه للقاء بني عمون ، وهرب الأراميون من أمام يوآب . ولما رأى بنو عمون ذلك ، هربوا هم أيضاً من أمام أبيشاي ودخلوا المدينة ، واستنجد الأراميون بهدد عزر ملك أرام الذي في عبر النهر ، ورئيس جيشه شوبك (2 صم 10 : 15-19 ، 1 أخ 19 : 16-19) . واستطاع داود أن يجمع جيشاً أكبر ، وعبر الأردن وهجم على الأراميين في حيلام فهربوا من أمامه مدحورين ، فاضطرهدد عزر وجميع الملوك الخاضعين له ، إلى مصالحة داود والخضوع له (2 صم 10 :19
) .

وفي السنة التالية ، أرسل داود يوآب على رأس جيش جرار ، فأخربوا بلاد بني عمون ، وحاصروا العاصمة ” ربة ” (2 صم 11 : 1 ، 1 أخ 20 : 1) . وبعد أن حاصر يوآب المدينة بضعة شهور ، واستولى على ينابيع المياه (” مدينة المياه “- 2 صم 12 :27) ، وأصبحت المدينة على وشك التسليم ، وأرسل يوآب إلى داود لكى يأتي ليتولى قيادة الجيش عند الاستيلاء على المدينة (2 صم 12 : 28) . فجاء داود واستولى على المدينة ، وأخذ تاج ملكهم عن رأسه – وكان وزنه وزنة من الذهب مع حجر كريم – ووضعه داود على رأسه ، وأخذ من المدينة غنيمة كثيرة جداً ، وأصبحت عمون تابعة لإسرائيل
.

وظل العمونيون باقى أيام داود وفي أيام سليمان ابنه ، يحكمهم حاكم من عائلتهم المالكة نائباً عن ملك إسرائيل . وعندما لجأ داود – عند هروبه من وجه أبشالوم ابنه – إلى محنايم في شرقي الأردن ، وأتى إليه شوبي بن ناحاش من ربة بني عمون مع آخرين بأطعمة وفرش وآنية (2 صم 17 : 27-29) .وكانت إحدى زوجات سليمان نعمة العمونية التي ولدت له رحبعام ولى عهده ، وهكذا اختلط دم النسل الملكي في إسرائيل بالدم العموني (1 مل 14 : 21 و 31 ، 2 أخ 12 : 13) ، كما سبق أن اختلط بالدم الموآبي عن طريق راعوث الموآبية (راعوث 4 : 13-22
) .  

 

(
هـ) العمونيون في عهد مملكتى إسرائيل ويهوذا (نحو 900 إلى 580 ق.م.) : بعد انقسام مملكة سليمان بقليل في 925 ق.م. ، واحتياج شيشق فرعون مصر لفلسطين (1 مل 14 : 25 ، 2 أخ 12 : 1-4) ، إنتهز العمونيون هذه الفرصة وأعلنوا استقلالهم عن إسرائيل ويهوذا . وفي 835 ق.م. قام في عمون ملك باسم ” بعشا ” (على اسم ثالث ملوك المملكة الشمالية) ، وانضم إلى الحلف المكون من اثني عشر ملكاً بزعامة أخاب ملك إسرائيل ، وهدد عزر ملك دمشق للوقوف في وجه زحف شلمنأسر الثالث ملك أشور في 835 ق.م. ، وأمد الحلف ببضعة آلاف من الجنود المشاة . وقد نجح الحلف في صد زحف شلمناسر في
موقعة قرقر (835 ق.م.) . ثم انفض الحلف ، وبدأوا يتقاتلون فيما بينهم على الزعامة المحلية . ثم تحالف العمونيون مع غيرهم من شعوب شرقي الأردن (الموآبيين وربما المعونيين – فالأرجح أن هذا هو المقصود بالعمونيين في 2 أخ 20 : 1) ، ضد يهوشافط ملك يهوذا . ولا يذكر الكتاب المقدس سبب حربهم ليهوشافط قد حارب إلى جانب أخآب ملك إسرائيل ، ضد الممالك الواقعة في شرقي الأردن في معركة راموت جلعاد (1 مل 20 : 1-34 ، 22 : 1-43 ، 2 أخ 18 : 1-34) ، مما أكسبه عداوة العمونيين والموآبيين . كما أن يهوشافط دعم سلطته على أدوم في الجنوب ، وحاول استعادة تجارته البحرية في عصيون جابر (1 مل 22 : 46-49 ، 2 أخ 20 : 35-37) . ويبدو أن كلا العملين كانا يعنيان تهديداً لسيادة الموآبيين والعمونيين على الطرق التجارية إلى شرقي الأردن . وقد عمل ذلك – بدون ريب – على زيادة العداء بين ملوك شرقي الأردن وبين ملك يهوذا
.

هل تبحث عن  الكتاب المقدس الكتاب الشريف عهد قديم سفر التكوين 33

وعندما وصلت أنباء هجومهم إلى يهوشافاط ، خاف وطلب وجه الرب (2 أخ 20 : 3-13) ، فأرسل له الرب يحزئيل بن زكريا من بني آساف ، فشددهم ووعدهم بالنصر الحاسم . فخرج يهوشافاط مع جيشه وساروا من أورشليم جنوباً مروراً ببيت لحم وتقوع حتى جاءوا إلى برية تقوع . وكان الأعداء يصعدون عقبة صيص إلى برية يروئيل ، فهجمت عليهم أكمنة يهوذا فانكسروا وأخذهم الرعب حتى إن العمونيين والموآبيين انقلبوا على حلفائهم المعونيين من جبل سعير (2 أخ 20 : 20-23) فكانت هزيمتهم منكرة
.

وعندما تولى يربعام الثاني عرش إسرائيل ، وتولى عزيا عرش يهوذا في 785 ق.م. بأ عصر جديد من الازدهار والتوسع في المملكتين ، فقد كسر الأشوريون شوكة الأراميين في دمشق وانصرفوا إلى الشرق ، تاركين بلاد شرقي الأردن للدفاع عن نفسها ضد سادتها في غربى الأردن ، فاستطاع عزيا ملك يهوذا أن يستعيد السلطة على ” العرب الساكنين في جوربعل والمعونيين ” وأعطاه العمونيون هدايا (2 أخ 26 : 6و7
) .

وقد تنبأ عاموس النبي – في تلك الأيام – بقول الرب : ” من أجل ذنوب بني عمون الثلاثة والأربعة لا أرجع عنه ، لأنهم شقوا حوامل جلعاد لكي يوسعوا تخوهم . فأضرم ناراً على سور فتأكل قصورها . بجلبة في يوم القتال ، بنوء في يوم الزوبعة ، ويمضي ملكهم إلى السبي هو ورؤساؤه جميعاً قال الرب ” (عا 1 : 13-15
) .

وبعد موت عزيا (حوالي 741 ق.م.) كان على يوثام إبنه وخليفته على العرش أن يقمع تمرد ملك بني عمون ، فأعطاه بنو عمون في تلك السنة مئة وزنة من الفضة وعشرة آلاف كر قمح وعشرة آلاف من الشعير … كذلك في السنة الثانية والثالثة ” (2 أخ 27 : 5
) .

وفي 732 ق.م. خلع تغلث فلاسر الثالث ملك
 

أشور ، فقح بن رمليا ملك إسرائيل ، وأقام هوشع بن أيلة ملكاً مكانه . وفي نفس السنة فتح تغلث فلاسر دمشق وقتل ملكها رصين ، فخضعت لملك أشور كل دول سورية وفلسطين ، ودفعت له الجزية ، بما في ذلك آحاز ملك يهوذا (2 مل 16 : 7 و 8 ، 2 أخ 28: 16 و21) . كما دفعت الجزية لملك أشور كل دول شرقى الأردن (شانيب ملك عمون ، وشلمان ملك موآب ، وكواس ملك أدوم
) .

وبعد موت سرجون الثاني ملك أشور (حوالى 705 ق . م . )، اضطر خليفته سنحاريب إلى الزحف نحو غربي الأردن للقضاء على الموقف الخطير هناك (حوإلى 701 ق. م .) . وفي ذلك الوقت ، دفع الجزية لسنحاريب كل ملوك شرقى الأردن وولاتهم بما فيهم ” بودويلى ” ملك بني عمون ، و ” كاموش ناداب ” ملك موآب ، و ” وأيارامو ” ملك أدوم . كما يُذكر اسم ” بودويلي ” في حوليات أشور آسر حدون (681-669 ق . م .) ، وحتى سنة 667 ق . م . من حكم أشور بانيبال (668-633 ق . م .) فقد جاء في أحد النقوش على مبني من عهد آسرحدون بالمواد اللازمة للقصر الملكي في نينوي . وجاء في خطاب مرسل إلى آسر حدون نفسه
 
أن العمونيين دفعوا جزية كبيرة (وزنتين من الذهب) أكثر مما دفع موآب أو يهوذا ، مما يدل على أن العمونيين كانوا قد استعادوا سيطرتهم على طرق التجارة في شرقي الأردن ، مما جعلهم يتفوقون على جيرانهم في الثراء . وفي نحو 667 ق . م . مات ” بودويلي ” وخلفه “عميناداب”، الذي يظهر اسمه على أسطوانة من عهد أشوربانيبال ، بين اسماء اثنين وعشرين ملكاً من ملوك الساحل الذين دفعوا الجزية لملك أشور في أثناء زحفه إلى مصر في 667 ق . م
.

وتدل الكشوف الأثرية عن هذه الفترة من القرن السابع قبل الميلاد ، على أن حكام بني عمون كان مستواهم المعيشي أعلى من مستوى حكام يهوذا في عصور منسى وآمون ، والسنوات الأولى من حكم يوشيا
.

وعندما بدأ نجم أشور في الأقوال في نهاية القرن السابع الميلادى (حوإلى 630-615 ق.م) بدأت القبائل العربية المتمردة في صحراء سورية تهاجم تخوم بني عمون . وبعد سقوط نينوي عاصمة بني عمون . وبعد سقوط نينوى – عاصمة أشور – في 612 ق . م . ، يبدو أن العمونيين تحركوا إلى مناطق كانت قبلاً في قبضة إسرائيل (انظر إرميا 49 : 1-6 ، صف 2 : 8 –11) ، وبخاصة مدن كانت قبلا من نصيب سبط جاد ، مثل ميفعة ، وحشبون وبيت بصور ، وبيت يشموت ، وقريتايم، ووميدبا ، وربما أيضاً كل المدن الواقعة شمإلى نهر أرنون ولكن من غير المحتمل أن يكون العمونيون قد استولوا في ذلك الوقت على كل جلعاد، أو على ذلك الشريط الضيق من الأرض بين جازور نهر الأردن . بل يبدو أن يوشيا ملك يهوذا قد إستولى على هذه المنطقة التي كانت قبلاً خاضعة لأشور. (ويذكر التاريخ البابلى أنه في 599 ق . م . زحف نبوخذ نصر الثاني (حوإلى 605-562 ق . م .) بجيوشه على سورية، ومن هناك أرسل بعض كتائبه إلى الصحراء لمهاجمة القبائل العربية هناك . وفي أيام يهوياقيم ملك يهوذا (609-598 ق . م .) أرسل نبوخذ نصر غزاة من الأراميين والموآبيين والعمونيين على يهوذا (2 مل 24 : 2) وبخاصة المناطق إلىهودية الواقعة في شرقي الأردن
 
وهكذا قام العمونيون بدور في مضايقة يهوذا
.

هل تبحث عن  الكتاب المقدس أخبار سارة عربية مشتركة عهد قديم سفر إرميا 06

وفي 593ق . م . جاء الرسل من أدوم وملك موآب وملك بني عمون وملك صور وملك صيدون إلى صدقيا ملك يهوذا ليتحد معهم في التآمر ضد ملك بابل (إرميا 27 : 3) ، ولكن إرميا النبي أنذر المتآمرين بأن الله سيحبط مؤامراتهم (إرميا 27 :4-11) . ولكن المتآمرين استندوا على وعد من فرعون مصر بمساعدتهم ، وهو ما لم يتحقق ، ففشلت المؤامرة ، واكتسح نبوخذ نصر أورشليم ، وسبى الآلاف من قادتها . ولكن عمون لم يتلق مثل هذه الضربة الساحقة في ذلك الوقت ، بل بالحرى لجأ بعض بني يهوذا إلى أرض عمون، بما فيهم اسماعيل بن نثينا (إرميا 41 : 1) ، الذي وقع تحت تأثير بعلىس ملك بني عمون ، فتأمر معه على اغتيال جدليا بن أخيقام الذي أقامه ملك بابل حاكماً على يهوذا (إرميا 40 : 14)، ونجحت المؤامرة في إغتيال جدليا (إرميا 41 :2 و 3 و 15) . ولكن فشلت خطة بعلىس في السيطرة على يهوذا ، لأن نبوخذ نصر أرسل حملة تأديبية فاكتسحت ربة ، وأجُلت عدداً كبيراً من العمونيين ،فحل محلهم غزاة من العرب الذين كانوا يسمون ” ابناء الشرق ” . وبذلك انتهت دولة بني عمون المستقلة ، وظلت تحت سيطرة القبائل العربية حتى 530 ق . م. حين استولى الفرس على الولايات البابلية في الغرب
.

وفي زمن نحميا (حوالى 445-433 ق . م .) ، كان من أكبر مقاوميه شخص يدعى ” طوبيا العبد العموني ” (نح 2 : 19 – الرجا الرجوع إلى مادة ” طوبيا “. كما حدث تزاوج كثير بين بني إسرائيل وبنات عمون (نح 13 : 23-31 ، عزرا 9 : 1 و 2
).

(
و) العمونيون في العصر الهيليني : وقع العمونيون في العصر الهيلينى تحت حكم البطالمة – ملوك مصر في ذلك العهد – وفي أيام يهوذا المكابى ، في نحو 165 ق . م . عبر إلى بني عمون فصادف عسكراً قوياً وشعباً كثيراً تحت قيادة تيموتاوس ، فواقعهم في حروب كثيرة ، فانكسروا أمامه ، فأوقع بهم وفتح يعزير وتوابعها ثم عاد إلى إلىهودية (1 مك 5 : 6-8
) .

وفي القرن الأول قبل الميلاد ، دخلت عمون تحت سيطرة مملكة النباطيين ، وبعدها بقليل أصبحت جزءاً من الإمبراطورية الرومانية
.

(4)
الكشوف الأثرية
:

تدل الكشوف الأثرية في عمان (عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية ، وهي ربة بني عمون ” قديماً) أنها كانت مأهولة بالسكان منذ عصر مبكر ، منذ حوإلى 1800 ق . م . ويعكس المعبد المتسع – الذي أسفرت الحفريات عنه – والذي يرجع إلى العصر البرونزى المتأخر (1600-1200ق . م .) وجود مجتمع جديد أكثر تحضراً (انظر تث 2 : 20 و 21). ومما يدل على قوة الدولة العمونية في العصر الحديدى ، وجود سلسلة من القلاع الحصينة – لا تقل عن تسع عشرة قلعة – على الحدود (انظر عد 21 : 24
) .

ويرجع أكبر قدر من الكشوف الأثرية إلى القرنين السابع والسادس قبل الميلاد ، ويتضح منها أنه كان العصر الذهبي للحضارة العمونية ، ويدل على أن العمونيين في تلك الفترة ، كانوا أكثر تقدماً من الدول المحيطة بهم في تلك يهوذا وإسرائيل
.

كما تدل النقوش العمونية على أن اللغة العمونية كانت قريبة جداُ من اللغة العبرية، وتدل على أنه كانت لهم كتابة قومية مميزة بعد القرن الثامن ق . م . ويسجل لوح – اكتشف في قلعة عمان، ويرجع إلى القرن التاسع ق . م . – إقامة هيكل لكبير آلهة بني عمون ، وهو ” ملكوم ” (كما يرد اسمه على خاتمين أيضاً) . ويذكر نقش من القرن الخامس قبل الميلاد على إناء من البرونز ، اكتشف في تل سيران ، ملكاً باسم ” عميناداب ” ، كما اكتشف خاتم من القرن السابع قبل الميلاد علىه اسم الملك ” حنانيل ” (انظر اسم ” حانون ” في 2 صم 10 : 2-4) . وتبين اسماء الأشخاص على خواتم أخرى ، تأثير العرب علىهم منذ القرن السادس قبل الميلاد . كما أن النقوش إلىونانية واللاتينية التي اكتشفت في ” عمان ” تدل على سيادة العرب على المنطقة منذ القرن الثاني قبل الميلاد
.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي